دخل العراق منعطفا خطيرا للغاية ربما يؤدي إلى نسف العملية السياسية الجارية الآن في العراق والتي ما زالت خاضعة لغاية هذه اللحظة إلى القرارات الأمريكية . هذا المنعطف تمثل بمطلبي الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي بضرورة أن تقوم مفوضية الانتخابات بإعادة عمليتي العد والفرز يدويا بسبب وجود شكوك في عملية إدخال البيانات في حاسوب المفوضية بخصوص حصول عمليات تزوير تهدف إلى رفع مقاعد إحدى الكتل الأمر الذي عدته المفوضية بالأمر غير الممكن . وسبب هذا الانعطاف الخطير هو تحذير المالكي من أن عمليات العنف ستعود إذا لم تقم المفوضية بالخطوة التي طلبها هو والطالباني وقد بدأت بوادرهذه الانعطافة عبر سلسلة من التظاهرات الكبيرة في بعض محافظات الوسط والجنوب التي نظمها مؤيدو المالكي يوم أمس ودعوا فيها إلى إعادة عملية العد والفرز في حين وصفت القائمة الوطنية العراقية التي باتت قريبة جدا من الحصول على المركز الأول في النتائج الأولية للانتخابات التشريعية هذه المطالب بالأمر غير المقبول والناجم من شعور البعض بالهزيمة في الانتخابات . تجدر الإشارة إلى أن “العراقية” هي أول من حذرت من احتمالات تصاعد عمليات العنف في البلد إذا تم تزوير الانتخابات، كما إنها أول من شككت بعدم نزاهة الانتخابات الحالية وحذرت عبر رئيسها إياد علاوي من عملية التلاعب في مواقع العد والفرز . كما دعا علاوي وفور إغلاق صناديق الاقتراع في السابع من آذار إلى تشكيل لجنة من قبل البرلمان الجديد للتحقيق مع فريق مفوضية الانتخابات . الذي يجري الآن من اتهامات خطيرة إلى مفوضية الانتخابات التي يمكن اعتبارها “الأنموذج الأمثل” الذي افرزه العراق بعد الاحتلال يمثل حقيقة حالة “التسلط والاستحواذ” التي ما زالت تسيطر على غالبية السياسيين العراقيين الذين يدعون إلى الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة وضرورة مراعاة مصالح الشعب العراقي الذي عانى الويلات بسبب سياستهم الخاطئة طيلة السنوات الماضية حيث بات المواطن العراقي اليوم يشعر بالخيبة والخذلان بسبب فقدان الثقة بين رموز البلد في المجال السياسي، فضلا عن حالات الكذب والاتهامات والتسقيط والالتفاف حتى على نتائج الانتخابات . فإذا كان التقدم يصب في صالح ائتلاف المالكي وجدنا جميع أنصار المالكي يدعون إلى عدم التدخل في عمل المفوضية لكن عندما حصل العكس وبدأ ائتلاف علاوي يتقدم انتفض”المالكيون” وأخذوا يطعنون بعمل المفوضية ويدعون إلى إعادة عمليتي العد والفرز يدويا أما إذا تقدم علاوي فنجد الأصوات التابعة له التي كانت تنعت المفوضية بشتى النعوت تنخفض ولم تكتف بالانخفاض فقط بل إنها تعلو وتدافع هذه المرة عن المفوضية “المظلومة” . إن هكذا نوع من السياسيين لا يمكن أن يصدقوا مع الشعب العراقي ولا يمكن أن يحققوا طموحاته ما داموا يبحثون فقط عن الفوز وبكل الاعتبارات أما الخسارة فهي لا وجود لها في حساباتهم ولا في قواميسهم لذلك بات المواطن العراقي الذي يناصرهذه الكتلة وذلك الائتلاف في حيرة من أمره وهو يكشف خفايا سياسييه الذين وعدوه بوعود جميلة . لكن الشعب العراقي برمته وجد في المثل العراقي الشائع الذي يقول فاتك من الكذاب صدق كثير الحل الأمثل في التعامل مع المتغيرات في تصريحات الساسة العراقيين . إن الشارع العراقي بات اليوم يقف على حافة الخطر بسبب تداعيات اللعبة الانتخابية وقد لمس العراقيون هذا الخطر من كثرة الاغتيالات التي وقعت في بغداد وبعض المحافظات العراقية خلال اليومين الأخيرين،