"التقارير الفنية" تحليلات تعج بها أسواق المال تملك من القوة ما يجعلها عصا سحرية تصعد بسوق إلى مرتفعات قياسية وتزج بآخر للتوغل بمناطق حمراء دون مبررات منطقية، والمتتبع للتقارير الفنية يجد نفسه يتحرك بين حلقات من الخلاف على كل المستويات بدء بقدرة المستثمر على التعامل معها ومرورا بمصداقيتها وأخيرا تقييم مراقبتها. وتلعب التقارير سواء الفنية أو المالية على أوتار نفسية المتعامل مما يعطي لها أهمية خاصة بالأسواق العربية حيث تختلف سيكولوجية المستثمر العربي عنها في الأسواق العالمية فلا يزال سلوك "القطيع" يسيطر نسبيا على أداء المستثمرين خاصة الأفراد رغم ارتفاع كفاءة أسواق المنطقة بالتوازي مع نمو وعي المتعاملين. أما في البورصة المصرية فتلك رواية أخرى حيث يسيطر الأفراد قليلو الخبرة في خوض غمار التداولات على أكثر من 70 % من خريطة المستثمرين بها. وألقى بعض المحللين في مقدمتهم وائل عنبة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لإحدى شركات إدارة المحافظ المالية في تصريحات خاصة لموقع أخبار مصر www.egynews.net على كاهل تقارير صنعت من مستوى 6400 نقطة سدا في وجه الصعود بعد أن نصحت بعدم الشراء إلا بعد تجاوز تلك النقطة مسئولية توجيه السوق ناحية الهبوط ودفعه إلى مرحلة تصحيح استمرت لقرابة الشهرين منذ نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2009. وأكد أن الأسهم المصرية لم تستفد بسببها من طفرات صعودية حصدتها نظيراتها العالمية، لافتا إلى أنه مما زاد من تأثير تلك التقارير تزامنها مع عوامل أخرى في مقدمتها أزمة دبي وقرارات مجلس إدارة البورصة بوقف التعامل على عدد من الأسهم وتعديل نظام العمل بآلية البيع والشراء في ذات الجلسة الذي ضغط على الملاءة المالية لشركات السمسرة وقلص الكريدت. ومن أبرز الأمثلة وأقربها إلي ذهن المتعامل المصري ما أثاره تقرير "المجموعة المالية هيرميس" في يونيو/ حزيران 2009 عندما كان مؤشر السوق الرئيسي يتحرك حول 5500 نقطة. فبعد أن توقع تقريرها الأول مطلع الشهر تخطي مؤشر السوق 7200 نقطة بما يعني تحول الاتجاه العام للسوق إلى الصعود على المدى الطويل، أعقبته بآخر سلبي قبل تحقق الأول توقع هبوط مؤشر السوق نحو 4800 نقطة بدون تبرير مما أثار تخوف المتعاملين خاصة مع قصر الفاصل الزمني بين التقريرين ودفعهم إلى البيع وهبط السوق دون وجود أسباب منطقية. واعتبر محللو أسواق المال آنذاك هبوط السوق موجها خاصة في ظل ما تتمتع به هيرميس من ثقل وما تملكه من محافظ وصناديق استثمارية ضخمة فضلا عن حجم غير قليل من العملاء.