شهدت البورصة اقبالا كبيرا من قبل المتعاملين الأجانب علي الشراء في الأسهم المصرية خاصة الأسهم القيادية وكان ذلك واضحا في مشترياتهم المكثفة والتي ساعدت بقدر كبير في دفع البورصة نحو النشاط علي مدار أربعة جلسات متتالية. وعلي الرغم من قيام موسسة مورجان ستانلي باصدار توصيات في تقرير لها الاسبوع الماضي بشأن تقليل الوزن النسبي للمتعاملين والمستثمرين الأجانب فيما يتعلق بمحافظهم بالبورصة المصرية بل واعطت توصيات بالتوجه إلي سوق الاوراق المالية الاسرائيلية الا انهم تجاهلولها تماما ومن ثم واصل المتعاملون الاجانب مشترياتهم. والغريب في الأمر أن نفس المؤسسة المالية كانت قد أوصت قبل شهر - في تقرير ايضا عن الأسواق الناشئة - بسرعة التوجه للأسواق الناشئة وبخاصة سوق الأوراق المالية المصرية والسعودية علي وجه التحديد. وفي الوقت ذاته تناول العديد من المؤسسات والوكالات الاقتصادية العالمية الاقتصاد المصري بشكل مفصل وجاءت جميع التقارير والتوصيات مبشرة للغاية وفي صالح الاقتصاد المصري بل ونصحت الأجانب بالاستثمار في السوق المصري باعتبارها من الأسواق الواعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وبرهن الخبراء والمراقبون ذلك بالنشاط القياسي والاقبال الكبير للمتعاملين الأجانب في البورصة المصرية والتكالب علي شراء الأسهم القيادية والنشطة ذات الاوزان النسبية الثقيلة في المؤشر الرئيسي "اي جي اكس 30" مؤكدين ان مشتريات الأجانب زادت علي مبيعاتهم علي نحو لافت للنظر في الشهور القليلة الماضية مما يعطي انطباعا ايجابيا بشأن اوضاع البورصة المصرية اذا ما قورنت بمثيلاتها العربية أو الاوروبية. ويقول الخبراء ان تعاملات الاجانب في البورصة ساعدت المؤشر الرئيسي اي جي اسك 30 علي ان يربح نحو 22% منذ بداية العام الجاري 2009 وحتي تعاملات الاسبوع الماضي معوضا بذلك جزءا كبيرا من خسارته التي تكبدها علي مدار عشرة اشهر متتالية. يقول الدكتور محمد الصهرجتي العضو المنتدب بشركة سوليدير للوساطة في الاوراق المالية ان تعاملات الاجانب من المعروف انها لم تنشط في أي من البورصات الا اذا تيقنوا تماما وتأكدوا من أن اموالهم في مأمن مشيرا إلي أن المستثمر الأجنبي علي وجه التحديد دون غيره من أكثر المستثمرين خوفا علي أموالهم، ومن ثم فإن المؤشرات تؤكد وبصورة قاطعة ان هناك ثقة لدي المتعاملين الاجانب في البورصة المصرية دفعتهم نحو توسيع عملياتها الشرائية في الاسهم المصرية علي نحو كبير. واشار إلي أن هناك العديد من المؤشرات والمؤسسات الدولية العالمية الكبري مثل مؤسسة فيتش وميريل لينش وموديز وغيرها دعت المستثمرين الاجانب الي التوجه باستثماراتهم نحو السوق المصرية. وأكد أن مثل هذه التوصيات او النصائح لن تخرج من مؤسسة اقتصادية في سبيل المجاملات وبينما جاءت هذه التوصيات عن دراسة لواقع الاقتصاد المصري الذي ظهر علي ثبات كبير خلال الفترة الاخيرة واستمر في تحقيق معدلات نمو ملموسة وان قلت عن معدلات النمو المحققة في العام المالي الماضي إلا أنه انجاز في حد ذاته. ويقول عمرو ابوالفتوح المحلل المالي بإحدي شركات الوساطة ان تعاملات الأجانب لابد ان تكون عليها رقابة، مشيرا إلي أن هذه السيناريوهات تكرت كثيرا وذقنا ويلاتها مراراً وتكراراً ومن ثم لابد من وضع هذه التعاملات تحت المنظار، مشيرا إلي أن تعاملاتهم في البورصة ومشترياتهم المكثفة دعمت كثيرا من صعود البورصة في الاسبوعين الماضيين. ويري أن احجام الشراء التي نفذها المستثمرين الأجانب في بعض الأسهم المنتقاة لم تحدث منذ عدة شهور وتحديداً منذ نهاية العام الماضي، مشيرا إلي أن عودة المستثمرين الاجانب للشراء في الأسهم بهذا الشكل يؤكد أن السوق لن يرتد مرة ثانية للمستويات المخفضة السابقة. ويتفق مع الرأي السابق أحمد عبد القادر المحلل الفني بإحدي شركات تداول الأوراق المالية قائلا ان هناك اسباب كثيرة وراء اتجاه الأجانب لتنفيذ عمليات شراء قوية في البورصة المصرية منها التأكيد ان الاقتصاد المصري لم يتأثر كغيره بالأزمة المالية العالمية. ويستطرد قائلا: ان نتائج اعمال غالبية الشركات التي تم الاعلان عنها مؤخرا والمتعلقة بالربع الأول من 2009 كشفت عن تحقيق الشركات ارباحا جيدة ولم تنخفض ارباحها كثيرا عن نفس الفترة من العام الماضي. ويري عبد القادر ان الاتجاه الي بيع حصة اوراسكوم تليكوم في الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول موبينيل لصالح فرانس تليكوم سهم بشكل أو بآخر في اتجاه فئة من المستثمرين الاجانب لزيادة مشترياتهم في البورصة المصرية. ويضيف ان اسعار الأسهم المتداولة في السوق وحصلت في وقت سابق الاسعار متدنية للغاية ولكن لم يفطن كثيرون لهذه النقطة واعتقدوا انها سوف تواصل الهبوط مشيرا إلي أن المستثمرين الاجانب عادة يكونوا اول المستفيدين من هذا الأمر. ويعتقد عبد القادر ان السوق المصرية أخذت الاتجاه الصعودي علي المدي الطويل وليس القصير والمتوسط فقط، مؤكدا ان اسعار الأسهم بدأت تستعيد جزءا كبيرا من قيمتها التي كانت عليها قبل الهبوط الملحوظ العام الماضي. ويذكر ان المستثمرين الأجانب سوف يواصلون عمليات الشراء علي كثير من الأسهم المنتقاة لانهم حققوا معدلات من الربحية الجيدة خلال الايام القليلة الماضية وبالتالي تمكنوا من تعويض جزء كبير من خسارتهم في الأسواق الخارجية. ويقول ان هناك اجراءات اخري ساهمت في توجيه أموال جديدة للاستثمار في سوق الاوراق المالية يأتي علي رأسها ما فعلته لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي وقيامها باجراء خفض متتال لأسعار الفائدة وبالتالي وجد الكثيرون ان ايداع اموالهم في البنوك أصبح غير مجز وتوجهوا بها إلي البورصة. ويتوقع أحمد عبد القادر ان تتجه مشتريات المستثمرين الأجانب للزيادة اكثر خلال المرحلة القادمة لانهم "طمعوا في السوق المصرية" علي حد قوله وأصبح بالنسبة لهم الفرصة الوحيدة المتاحة حاليا لتحقيق مكاسب عالية غير متوافرة في كثير من الأسواق الأخري البديلة.