تصدرت أخبار جلسة الاستجواب السرية التي خضع لها رئيس الوزراء الشخ ناصر المحمد أمس عناوين الصحف الكويتية حيث وصفته جريدة"الرأي العام" بيوم العبور وانتصار الديمقراطية تقول: لم يحجب طلب عدم التعاون المرفوع من عشرة نواب والذي تحددت له جلسة السادس عشر من الجاري موعدا للتصويت على وهج الديموقراطية التي تجلت امس، متجسدة في صعود سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد منصة الجلسة السرية حافرا اسمه بحروف من ذهب على المشهد الديموقراطي العربي كأول رئيس وزراء عربي يواجه استجواباً، وتبادله مع مستجوبه النائب الدكتور فيصل المسلم عبارات الثناء على الحوار الراقي. وكان 40 نائبا قد صوتوا لصالح سرية الجلسة فيما عارضها 23 وامتناع النائب خالد السلطان وغياب النائب الدكتور ضيف الله بو رمية لوجوده في المستشفى، حيث عاد قبل العاشرة مساء الى المجلس معلناً جهوزيته لاستجواب نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك. وأصدر سمو الشيخ ناصر بيانا بعد انتهاء جلسة الاستجواب قال فيه: «انطلاقا من ايماني بالديموقراطية فقد وجدت من واجبي وبالرغم مما شاب الاستجواب من مخالفات دستورية وقانونية، حيث تناول تارة مصروفات ديوان رئيس مجلس الوزراء وهو أمر معروض على الجهات القضائية المعنية بما لا يجوز معه دستوريا التعرض لمجرياته، وتناول تارة اخرى تصرفات مالية من صميم الذمة المالية لشخص رئيس مجلس الوزراء وهي أمور تخرج بالقطع من الوجهة الدستورية عن نطاق أي مساءلة». وأشار: « واذا كانت دواعي المصلحة العامة قد فرضت سرية الجلسة فما كان ذلك سوى انطلاق من حرصي على ايضاح الامر من الوجهة الواقعية والسياسية رغما عن حسم الامر تماما بعدم دستورية محاور هذا الاستجواب. وفي هذا الصدد يسعدني رغم اصرار قلة على تعكير هذه الاجواء بتقديم طلب عدم امكانية التعاون ان أتوجه بالشكر والامتنان للاخوة أعضاء مجلس الامة الكرام على ذلك الوعي والنضج السياسي الذي بدا كاملا من خلال مناقشة الاستجواب. كما لا يفوتني ان اعبر عن عميق الشكر والتقدير لمعالي الاخ الفاضل رئيس مجلس الامة على حسن ادارته وما قام به من جهد كبير لمتابعة مداولات الاستجواب وضمان انسجامها في اطار الدستور واللائحة». وشدد الشيخ ناصر: «بذلك نؤكد انه بحسم هذه الجولة فاننا نطرح هذا الامر جانبا ونجتاز هذه المرحلة بما لها وما عليها انطلاقا الى مسيرتنا الوطنية متطلعين الى تعاون مثمر بين السلطتين لنحقق معاً بمشيئة الله تعالى ما يصبو اليه ابناء الكويت ترجمة للتوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب السمو الامير حفظه الله ورعاه». وكان الشيخ ناصرتحدث من على المنصة محييا المسلم :« اشد على يدك في حرصك على المال العام» مشيرا سموه الى ان القضايا الواردة في الاستجواب تمت خلال الوزارة السابقة. وقال الشيخ ناصر: « لقد أحلنا جميع الملاحظات والمخالفات الواردة من ديوان المحاسبة على النيابة وأحلنا تقرير ثامر الجابر على النيابة لذلك لم نحاسب أي مسؤول في مكتبنا»، مؤكدا سموه: « أنا لا آخذ الناس بالشبهات لاسيما اذا لم تكن هناك ادلة قاطعة في شأن تجاوزاتهم والشيك الذي ظهرت صورته تحول الى شبهة واساءة الى النواب والكويت بصورة عامة». واكد رئيس الوزراء: « لم يكن مسلكي في يوم من الأيام المشاركة في عملية رشوة أي نائب، والشيك الصادر هو من حسابي الشخصي وهو خارج عن دائرة المسؤولية والرقابة البرلمانية، ولا يجوز كشف وتتبع الحسابات الشخصية، لذلك انا أطالب النواب برفض الاستجواب والامتناع عن مناقشته حفاظا على الدستور وهيبته وحتى لا نكون شهود زور على انتهاك الدستور وعلى المستجوب أن يتريث قبل اطلاق الاتهامات». وعلق ناصر العبدلي في جريدة"القبس" على الحدث يقول: صعود سمو رئيس الوزراء منصة الاستجواب والرد على محاور استجواب د. فيصل المسلم حدث تاريخي بما تحمله الكلمة من معان، يسجل اولا للاسرة الحاكمة قبل غيرها، بسبب احترامها مواد الدستور والانصياع للمحاسبة قبل غيرها من مكونات المجتمع، كما يسجل للنائب د. المسلم، على جرأته في الحق وعدم تقاعسه عن القيام بواجبه الدستوري، مجاملة للآخرين. احترام الدستور من خلال احترام آلياته تعبير عن مرحلة جديدة في عمر الديموقراطية الكويتية، يؤكد ان الجميع تحت سقف الدستور، وليس هناك من يعتقد انه اكبر من الدستور واكبر من القانون. ولذلك، فإن المرحلة الحالية ستدفعنا الى مراحل متقدمة اخرى، سيكون لها تأثيراتها داخل البلاد وربما تمتد الى بقية دول المنطقة الخليجية. ويؤكد الكاتب على أن الشفافية في التعاملات الحكومية امر مطلوب ولم يعد من المجدي التبرير لأي افعال مالية مهما كانت مثل تلك الاجراءات، بل يجب ان يكون هناك انكشاف كامل لاي اجراءات تقوم بها الحكومة حتى يعرف المواطن اين تذهب امواله، كما ان تقديم طلب موقع من عشرة نواب بعدم التعاون بعد انتهاء مناقشة الاستجواب هو حدث تاريخي بذاته يمهد ايضا الى تطورات تاريخية كبيرة. د محمد علي الطراح تساءل في مقال بجريدة"الوطن" الكويتية ماذا بعد هذه الاستجوابات ؟ ويقول: هذا السجال الذي تشهده الساحة الكويتية ليس بسجال صحي وليس من قيم الديموقراطية وما يحدث هو خروج وتعد على الدستور وهو تهديد لمستقبل الدولة اذا ما استمر الحال على ما هو عليه. سمو الرئيس يستجوب على موضوع الشيكات وكانت المفاجأة والقنبلة المدوية هو ما فجره النائب السابق ناصر الدويلة حيث بين حيثيات الشيك الذي نعتبره ابطالاً للاستجواب . خرقنا القانون بحجة المساءلة السياسية وكسرنا الدستور بحجة حماية البلاد من الفساد ومازال البعض ينظر لما يحدث بانه ممارسة ديموقراطية، في الوقت الذي نرى فيها اننا خرجنا عن المسار ودخلنا التخبط واخترنا العبثية دون وعي لما سوف يحدث لنا في المستقبل. ويحذر الطراح في نهاية مقاله : هذا النهج سيفرض علينا العيش في نزاع ذاتي دائم لا مخرج منه، ونسميه بالجدل المجهض والطريق المسدود، ويتحول هذا السجال الى اعادة لانتاج الفشل والشقاق الشامل .