لم تكن الصورة التى كانت فى انتظار بنظير بوتو رئيسة الوزراء الباكستانية هى نفسها الصورة التى غادرت بها البلاد، بعد ان واجهت تهما بالفساد هى وزوجها آصف زرداري الذى اثار كثيرا من الجدل فى الاوساط السياسية الباكستانية،لكنها تشبه كثيرا حالة التناقض والتأرجح التى تميزت بها حياتها السياسية من قمة السلطة الى النفى منها أحيانا والسجن احيانا أحيانا أخرى،ومن الارتباط بالديمقراطية والانتقال من الحكم العسكرى،الى الاتهام بالفساد والنفى ومواجهة السجن،وهى حياة تشبه تماما الحياة السياسية فى باكستان،التى ظلت بين الحكم العسكرى والاحزاب. بنظير بوتو هى أول رئيس وزراء تنتخب ديمقراطيا في بلد إسلامي،وشغلت المنصب مرتين،الاولى من عام 1988 الى عام1990، و الثانية من عام 1993الى1997وفي المرتين أقالها رئيس البلاد من منصبها بعد اتهامها بالفساد،كما انها استقبلت فى المرتين التى غادرت فيهما البلاد بحشود،عام 86 19 عندما عادت من لندن بعد قيامها بحملة ضد الجنرال ضياء جاد الحق وتأسيسها مكتب لحزب الشعب اثناء فترات قضتها هناك للعلاج،والان بعد ان عقدت صفقة مع الجنرال مشرف لتعود مرة اخرى وتجد فى استقبالها ما يقرب من 300 الف باكستانى فى استقبالها. ولدت بنظير بوتو لأسرة باكستانية سياسية كبيرة،وهى العائلة الموازية لأسرة غاندى فى الهند البلد الشقيقة والغريمة فى الوقت نفسه،فهى ابنة- ذوالفقار علي بوتو-الذى كان رئيس وزراء باكستان فى اوائل السبعينات، وكانت حكومته إحدى الحكومات القلائل التي لم يرأسها عسكري في العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال. عاشت بوتو في إقليم السند منذ ولادتها عام 1953، وتلقت تعليمها في جامعتي أكسفورد ببريطانيا وهافارد بالولايات المتحدة، واستمدت مصداقيتها كسياسية من تراث والدها الذى كان يتسم بالعناد،بالاضافة الى كونها احد اشهر القيادات النسائية فى العالم،وغيرت صورة المرأة السياسية بشبابها وأناقتها كالنقيض الحيوي للمؤسسة السياسية التي يهيمن عليها الرجال. ويصف المحللين عودة بوتو بعد قرار العفو الذى اصدره مشرف انها الورقة الرابحة للجنرال فى استقرار حكمه،واضفاء الشرعية على حكمه الذى بدأ بأنقلاب عسكرى،على حكومة نواز الشريف الذى لم ينل العفو نفسه التى نالته المرأة القوية فى باكستان،بعد اتفاق بينها وبين الجنرال مشرف،ليضرب بها تيار الجماعات الاسلامية وتنظيماتها المسلحة،بسبب تهديدها لأستقرار حكمه وشرعية ترشيحه لرئاسة الدولة الذى مازال ينظر فيه امام المحكمة العليا الباكستانية،وبذلك اسقط الرئيس الباكستانى ما يقرب من 18 تهمة من بينها تهم بالنصب بمئات الملايين من الدولارات. ويعتبر ذلك العفو جزءاً من - مرسوم المصالحة الوطنية- الذي ينص على إسقاط ملاحقة السياسيين أمام القضاء الباكستاني، بسبب جرائم تتعلق بالفساد. ويسمح المرسوم بالعفو عن السياسيين الذين تعود التهم المنسوبة إليهم للفترة الممتدة من 1988 وحتى 1999، ولا يطبق على رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي أطاح به مشرف في انقلاب أبيض عام 1999، باعتبار أنه مدان ب - جريمة- ، ولأن القضايا المرفوعة بحقه تعود إلى العام 2000 ، كما ان المحكمة لم تستطع ادانة بوتو الا مرة واحدة بتهم عدم المثول امام المحكمة ،واسقطتها المحكمة العليا ووفقاً لهذا الاتفاق يتم انتخاب الرئيس مشرف لفترة رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات، ويتم في المقابل إسقاط كل قضايا الفساد الموجهة إلى بوتو، إضافة إلى إجراء تعديل دستوري يسمح بإعادة انتخاب بوتو رئيسة للوزراء لفترة ثالثة،وقد اطلق على هذا الاتفاق – الاتفاق التاريخى - ويعتبر الاتفاق خطوة من شأنها تعزيز الاتفاق بينهما لتقاسم السلطة في البلاد، بعد تخلي الرئيس الباكستاني عن قيادته للجيش. ولكن رغم الاتفاق الا ان الرئيس الباكستانى برويز مشرف،يخشى من شعبية بوتو وحزبها من الانقلاب عليه و الاستيلاء على السلطة،وربما تتوقع بوتو نفسها ذلك،لكنها لا تخشى السجن لأنها خاضت تجربته قبل ذلك ،عندما سجنت لمدة خمس سنوات قضت معظمها بشكل فردى،وهى فترة وصفتها هى نفسها بالقاسية. 18/10/2007 المزيد من التقارير والملفات ارشيف التقارير والملفات