لم يشأ هذا العام أن ينتهي إلا بحدث كسب تعاطف كل العالم وتأثر به حيث لقت الزعيمة الباكستانية بنظير بوتو مصرعها في نهاية مأساوية توقعها البعض وكان يخشاها البعض الآخر لتقضي بذلك علي آخر آمال غالبية الشعب الباكستاني بالإصلاح والديمقراطية ولم يكن الحادث الارهابي الذي أودي بحياتها أمرا مفاجئا للجميع حيث كانت هناك محاولتان من قبل للتخلص منها علي أيدي مجموعة من الارهابيين. ولدت بنظير بوتو في إقليم السند عام 1953 وتلقت تعليمها في جامعتي اكسفورد ببريطانيا وهارفارد بالولايات المتحدة واستمدت مصداقيتها كسياسية من تراث والدها ارتبط اسمها منذ نعومة اظافرها بالتحديث والديمقراطية رغم ارتباط اسمها أيضا بالفساد، تنحدر بوتو من عائلة سياسية شهيرة في باكستان حيث كانت النظير لعائلة نهرو وغاندي في جارتها وغريمتها الهند احتل والد بنظير ذو الفقار علي بوتو، منصب رئيس وزراء باكستان في أوائل السبعينيات فكانت حكومته احدي الحكومات القلائل التي لم يرأسها عسكري في العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال. وشغلت بنظير بوتو منصب رئيسة وزراء باكستان مرتين ما بين عام 1988 و1990 وكانت أصغر رئيسة وزراء في العالم حيث كان عمرها 35 عاما وأول امرأة مسلمة في العالم يتم انتخابها ديمقراطيا والمرة الثانية كانت ما بين عامي 1993و1996 وفي الحالتين أقالها رئيس البلاد من منصبها بعد اتهامها بالفساد والإقالتان كانتا مجرد مرحلتين في حياة بوتو السياسية التي اجتاحتها العديد من حالات المد والجزر حيث تعرضت للكثير من المصاعب لم تكن تستطيع ان تتحملها أية امرأة في الكون فقد كانت فور انتخابها لأول مرة - وفي قمة شعبيتها- إحدي أشهر القيادات النسائية في العالم وصورت نفسها -بشبابها وأناقتها- كالنقيض الحيوي للمؤسسة السياسية التي يهيمن عليها الرجال. تجلت صلابة وعناد بوتو في أول مرة عندما سجن الجنرال ضياء الحق والدها عام 1977 ثم إعدامه وقضت أغلبية السنوات الخمس من سجنها في حبس انفرادي وكانت قد وصفت تلك الفترة بشديدة القسوة أسست بوتو خلال الفترات التي قضتها خارج السجن للعلاج مكتبا لحزب الشعب الباكستاني في العاصمة البريطانية لندن وبدأت حملة ضد الجنرال ضياء الحق ثم عادت بنظير إلي باكستان عام 1986 وتجمعت في استقبالها حشود جماهيرية ضخمة لتصبح بعدها رئيسة للوزراء بعد وفاة الجنرال ضياء الحق في انفجار طائرته عام 1988. وكان آصف علي زرداري زوج بنظير بوتو بمثابة السبب الأول والرئيسي لاتهام بوتو وزوجها بالفساد حيث اتهم اثناء حكم بنظير باختلاس ملايين الدولارات من الدولة ليصل مجموع تلك التهم الي 18 تهمة وهي تهم ينكرها وكانت تنكرها أيضا زوجته. يري بعض المحللون أن آصف كان السبب الأول وراء السقوط السريع لبوتو كما اتهمت أيضا بنظير وحدها بتهم للفساد وان كانت أقل تأثيرا مما لحقه بها زوجها حيث اتهمت بتعيين 800 عامل من حزب الشعب الذي تتزعمه وكانت تتأهب لخوض الانتخابات النيابية كزعيمة للحزب في شركة الخطوط الجوية الباكستانية وهي تهم برأتها المحكمة الباكستانية منها في شهر نوفمبر الماضي في حين حوكم زوجها آصف زرداري بالسجن المشدد في عام 1996 وقد تم الافراج عنه في عام 2004 بكفالة لكي يلحق ببنظير التي غادرت باكستان عام 1996 بعد اقالتها لتقيم في الخارج في منفاها الاختياري في دبي مع أولادها الثلاثة. وكانت بنظير بوتو هي آخر الأبناء في عائلة ذو الفقار علي بوتو الذين كانوا علي قيد الحياة فشقيقها الأكبر مرتضي والذي كان يتوقع أن يلعب دورا متزايد الأهمية كزعيم للحزب فر بعد سقوط والده إلي افغانستان الشيوعية حينئذ ومن هناك ومن عواصم عديدة في الشرق الأوسط قاد جماعة مسلحة تحت اسم "ذو الفقار" ضد الحكم العسكري في باكستان وفاز مرتضي وهو في المنفي في انتخابات عام 1993 وعاد بعدها الي باكستان بوقت قصير ليقتل بالرصاص في ظروف غامضة عام 1996 اما الشقيق الآخر شاهنواز والذي كان له نشاطه السياسي لكن دون اللجوء للسلاح عثر عليه ميتا في شقته بالريفيرا الفرنسية عام 1985 ولم يبق أحد من تلك الأسرة باستثناء الاحفاد الصغار علي قيد الحياة.