مصطفى مدبولي يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    الرقابة النووية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الأيزو    مدبولي: مُتابعة خُطوات وإجراءات ضبط الأسواق وخفض أسعار السلع بصورة دورية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    تهديدات أمريكية.. لإنقاذ نتنياهو!!    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    صلاح دندش يكتب : تخاريف    مفاهيم مغلوطة    «خلاف الشارة».. مدرب بلجيكا يؤكد استبعاد كورتوا من اليورو    حالة وحيدة تقرب محمد صلاح من الدوري السعودي    15 مايو.. أولي جلسات محاكمة 4 متهمين في حريق ستوديو الأهرام    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    3 أغاني ل حميد الشاعري ضمن أفضل 50 في القرن ال 21    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    نادين لبكي: فخورة باختياري عضو لجنة تحكيم بمهرجان كان السينمائي    حسام عبد الغفار: نجاح المنظومة الصحية يعتمد على التنسيق مع القطاع الخاص    قبل شم النسيم.. جمال شعبان يحذر هؤلاء من تناول الفسيخ والرنجة    بالفيديو.. خالد الجندي: هناك عرض يومي لأعمال الناس على الله    مفاجأة بأقوال عمال مصنع الفوم المحترق في مدينة بدر.. تفاصيل    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    طرد السفير الألماني من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية    كتائب القسام تفجر جرافة إسرائيلية في بيت حانون ب شمال غزة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    آثار جُرم يندى له الجبين.. أبو الغيط يزور أطفال غزة الجرحى بمستشفيات قطر (تفاصيل)    وزير المالية: مصر قادرة على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق بين شبح الحرب وهواجس التقسيم
نشر في أخبار مصر يوم 15 - 10 - 2007

أزمة جديدة تواجه العراق بعد المخاوف التى اثارها قرارالتقسيم الى ثلاث دويلات الصادر عن مجلس الشيوخ الامريكى اواخر الشهر الماضى حيث أصبح شمال العراق فوق برميل بارود، فحدوده مع تركيا على وشك الانفجار وأرضه مرشحة لتكون ميدان حرب كردية - تركية خاصة بعد أن قصفت المدفعية التركية "السبت" الماضى قرى كردية داخل الأراضى العراقية, فى الوقت نفسه ،عقد مجلس الوزراء التركي اليوم " الاثنين " الموافق 15 اكتوبر اجتماعا برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان . وركز الاجتماع بشكل أساسي على مناقشة المذكرة المقدمة من الحكومة الى البرلمان لمنحها الصلاحية لتكليف الجيش بالقيام بعملية عسكرية لضرب مواقع منظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية فى شمال العراق، ومن المقررأن يشرع البرلمان فى التصويت عليها بعد غد " الاربعاء".فقد طلبت الحكومة التركية من البرلمان اصدار تصريح لها مدته عام واحد لتنفيذ عملية في شمال العراق حيث يقدر عديد حزب العمال الكردستاني بنحو 3500 عنصر. وقد وقعت تركيا والعراق الشهر الماضي اتفاقا لمكافحة الارهاب ومحاربة حزب العمال الكردستاني لكنه لا يعطي تركيا الحق في مطاردة المتمردين داخل الاراضي العراقية.
واعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مؤخرا استعداده لمواجهة الانتقادات الدولية في حال قررت بلاده مهاجمة قواعد للمتمردين في العراق, مؤكدا انه تم "احتساب الثمن مسبقا" لكنه قال انه من غير المقرر تنفيذ عملية عسكرية بصورة وشيكة, حيث يرغب الاتراك في البدء باستخدام سلاح الردع.
وفى هذا الاطار،أكد تقرير موسع للمخابرات وأجهزة الأمن التركية أن منظمة حزب العمال الكردستانى تثق تماما فى مساندة كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لها وأنهما لا يمكن أن يتخذا موقفا سلبيا منها حيث كشف التقرير الذى نقلت محتواه صحيفة " جمهوريت " التركية " الاثنين " أن الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة وقيادات المنظمة فى جبال قنديل بشمال العراق لا تزال سارية حتى اليوم وأن أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى لا تزال تقدم الدعم للمنظمة التى تبلغ مواردها السنوية 300 مليون دولار .
وأشارت الصحيفة الى أن وكيل الخارجية التركية عرض قائمة من المطالب على المسئولين الأمريكيين الذين يطالبون تركيا بضبط النفس حتى تعيد أنقرة النظر فى خططها الخاصة بالعملية العسكرية في شمال العراق تتضمن تسليم قياديي المنظمة في شمال العراق لتركيا واغلاق معسكرات المنظمة في شمال العراق واتخاذ إجراءات لتأمين منطقة الحدود العراقية مع تركيا ووقف الدعم العسكري المقدم للمنظمة .
وانتقد التقريرالذى أعد فى أعقاب الهجوم الذى شنته المنظمة فى شرناق بجنوب شرق تركيا , والذى أودى بحياة نحو15جنديا من قوات الكوماندوز التركية مؤخرا عدم اتخاذ الدولة اجراءات حاسمة ضد الأحزاب والمنظمات ووسائل الاعلام التى تساند المنظمة مشيرا الى أن المنظمة باتت تشعر بأنها فقدت أرضيتها السياسية , ولذلك لجأت الى تصعيد عملياتها الارهابية فى محاولة لاعادة تشكيل صفوفها وفى خطوة لانهاء التوتر على الحدود العراقية التركية ،دعت جبهة التوافق العراقية إلى تشكيل وفد حكومى وبرلمانى للتفاوض مع الحكومة التركية وحل الأزمة مع حزب العمال الكردستانى حيث أكد سليم عبدالله المتحدث باسم الجبهة ` فى تصريح لراديو "سوا" الأمريكى اليوم "الإثنين" أهمية حل الأزمة بين تركيا وحزب العمال الكردستانى بالطرق الدبلوماسية , مضيفا أن جبهته على إستعداد للاشتراك فى هذه المفاوضات. وكان نيجرفان البارزانى رئيس حكومة إقليم كردستان العراق قد دعا تركيا إلى ضرورة البحث عن حل سياسى لمشكلة حزب العمال الكردستانى , مؤكدا أنه ليس بالإمكان حل هذه المشكلة عبر الطرق العسكرية.
ومن ناحية اخرى ،فقد القت المناوشات التركية الكردية بظلالها على وحدة العراق ومدى دعمها لخطة التقسيم تحقيقا لمطامع الاكراد فى اقامة وطن مستقل شمال البلاد، وهي القضية التي تثير حساسية كبيرة وخلافات واسعة على الساحة السياسية العراقية.
وفى محاولة لرأب الصدع الموجود الآن بين الكتل السياسية أعرب صالح المطلك رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطنى عن اعتقاده بأن العاصمة بغداد هى المكان المناسب لعقد مؤتمر يجمع الاطراف السياسية لمناقشة قضية الفيدرالية وليس اربيل.مشيرا الى أن الجبهة العراقية للحوار مستعدة للمشاركة فى مثل هذه الحكومة شريطة أن تكون "حكومة تكنوقراط مستقلة ذات برنامج سياسى محدد" .
والجدير بالذكر أن مسعود بارزانى رئيس اقليم كردستان العراق دعا خلال اجتماعه مع المستشار الأول للسفير الأميركي في العراق ديفيد بيرس مؤخرا الى عقد مؤتمر فى اربيل مركز الاقليم لبحث الفيدرالية عقب رفض الكتل السياسية الشيعية والسنية والليبرالية لمشروع القرار غير الملزم والذي أقره الكونجرس الامريكي بتقسيم العراق في حين انفرد الاكراد قيادة وشعبا بالترحيب بالقرار.
وفى غضون ذلك ،أكد السيناتور ميتش ميكونال زعيم الأقلية الجمهورية فى مجلس الشيوخ الأمريكى فى تصريح لراديو "سوا" الأمريكى الاثنين إخفاق حكومة رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى فى تحقيق الإصلاحات السياسية اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية من خلال تنفيذ قرارات مهمة مثل اجتثاث البعث وتوزيع الثروات والانتخابات المحلية, وشدد على أن الإستراتيجية الراهنة للرئيس جورج بوش فى العراق بدأت تؤتى ثمارها مشيرا إلى التقدم الذى يحرز على الصعيد الميدانى لا سيما فى محافظة الأنبار حيث غيرت العشائر موقفها وانضمت إلي القوات الامريكية للتصدى لشبكة القاعدة.
ومن جانبه ،حدد السيناتور الجمهورى البارز ليندزى جراهام مهلة نهائية لحكومة المالكى مقدارها ثلاثة أشهر فقط لتحقيق المصالحة الوطنية فى العراق وأوضح أنه فى حال فشلها، فإن الإدارة الأمريكية ستتبنى إستراتيجية جديدة فى العراق, مؤكدا أن الرئيس العراقى جلال طالبانى أكد له فى واشنطن تحقيق عملية المصالحة الوطنية نهاية السنة الجارية.
فى حين جددت اليوم الاثنين نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى انتقادها للاستراتيجية التى تتبعها إدارة الرئيس الامريكى جورج بوش فى العراق وللحكومة العراقية برئاسة نورى المالكى, مشيرة إلى أنه رغم جهود القوات الامريكية وتكاليف الحرب الباهظة إلا أن حكومة المالكى لم تنفذ الإصلاحات اللازمة.
كمارسم القائد السابق للقوات الامريكية في العراق صورة قاتمة للاوضاع في العراق، ووجه انتقادات حادة لاستراتيجية الادارة الامريكية في غزو واحتلال هذا البلد..فقد أعلن الجنرال ريكاردو سانشيز، في تصريحات صحفية، أن المهمة الامريكية في العراق تعتبر "كابوسا لا نهاية واضحة له" والسبب هو الاخطاء السياسية التي ارتكبت واستمرت بعد اسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ومن ابرز هذه الاخطاء حل المؤسسة العسكرية التي كانت قائمة في عهد صدام حسين، والفشل في ترسيخ وتقوية العلاقات مع زعماء القبائل، وعدم الاسراع في اقامة حكومة مدنية عقب اسقاط نظام صدام حسين.
كما وصف سانشيز قادة سياسيين امريكيين بانهم يتسمون "بضعف الكفاءة والفساد". واعتبر سانشيز الاستراتيجات الحالي، ومن بينها خطة زيادة القوات بمعدل 30 ألف جندي والتي شرع في تطبيقها في وقت سابق من العام الحالي، انها "محاولة يائسة" لاصلاح الاخطاء التي وقعت في السنوات السابقة بفعل السياسات المضللة.
وقد اكتسبت فكرة تقسيم العراق إلى كيانات تتمتع بالحكم الذاتي زخما جديدا في واشنطن في أعقاب اقتراح تقدًّم به اثنان من أعضاء الكونجرس، وهما السناتور جوزيف بايدن من الحزب الديمقراطي والسناتور سام براونباج من الحزب الجمهوري، يقضي بإعطاء سلطة أكثر للأقاليم المقسًّمة على أساس عرقي وديني.
وكان قرار غير ملزم قد صدر في هذا السياق وحظي بموافقة مجلس الشيوخ الشهر الماضي، ولكن الجمهوريين وافقوا عليه فقط بعد تعديله ليصبح من الواضع أن الرئيس بوش سيضغط من أجل تطبيق نظام فيدرالي في العراق فقط إذا أراد العراقيون ذلك. وقد صوت للقرار 75 شيخًا من أصل مائة، وصوت ضده 23، وكان من الملفت للنظر أن يصوت 26 شيخًا من الحزب الجمهوري حزب الرئيس بوش للقرار، على الرغم من أن إدارته أبدت معارضتها العلنية له، وهو ما أظهر انقسامًا جمهوريًّا عميقًا حول سياسة الإدارة الأميركية الراهنة في العراق كان قد بدأ قبل ذلك بأشهر.
ويريد بعض المؤيدين للقرار غير الملزم تطبيق الفيدرالية مثل إدارة بوش حالياً، وآخرون يريدونها كونفدرالية ضعيفة, وهناك من يطرح منح "حق تقرير المصير" لكل من أقاليم العراق الثلاث, ويبقى الخلاف هنا حول درجات التفكيك التي تقود الواحدة منها إلى الأخرى، وتوقيت حدوثها
وكذلك يرى المراقبون أن الإدارة الأميركية لا تريد أن تفقد السيطرة فجأة على العراق لإيران، ولا أن تستثير تركيا وإيران حول الملف الكردي، ولا السعودية ودول الخليج حول احتمال تشكيل دولة شيعية في جنوب العراق، وهي لذلك تضع بعض الكوابح على اندفاع اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد وسعيهم لتحقيق هدف قديم هو تفكيك العراق، وإثارة "الفوضى " في الوطن العربي بأي ثمن، ولو على حساب التوازن الإقليمي.
ويعتبر بعض الباحثين تفكيك العراق والوطن العربي في الأساس مشروع يهودي قديم، ولعل أقدم وثيقة صهيونية تتحدث رسمياً عن تفكيك العراق والوطن العربي هي تلك المعروفة باسم "وثيقة كارينجا"، الصحفي الهندي الذي أعطاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وثيقة "هيئة الأركان الإسرائيلية" حول تفكيك المنطقة، فنشرها في كتاب يحمل عنوان "خنجر إسرائيل" عام 1957.
وهي وثيقة وضعت على خلفية العدوان الثلاثي على مصر، ونشرت بالعربية في يوليو 1967 عن "دار دمشق"، وتتحدث تلك الوثيقة عن إنشاء دولة درزية في "منطقة الصحراء وجبل تدمر"، ودولة شيعية في جبل عامل ونواحيه في لبنان، ودولة مارونية في جبل لبنان، ودولة علوية في اللاذقية حتى حدود تركيا، ودولة كردية في شمال العراق، ودولة أو منطقة ذات استقلال ذاتي للأقباط.
وكان المحلل العسكري "الإسرائيلي" زئيف شيف قد طرح فكرة تقسيم العراق في صحيفة "هآرتس" في 2/6/1982، قبل أيام من العدوان الصهيوني على لبنان ،وفي 25/11/2003، طرح الصهيوني ليزلي غلب فكرة تقسيم العراق رسمياً في مقالة بصحيفة نيويورك تايمز تحمل عنوان "حل الثلاث دول"، وبالتعاون معه تبني جوزيف بايدن صيغة مخففة منها (كونفدرالية ضعيفة)، بتأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في مقالة بنيويورك تايمز في 1/5/2006 تحمل عنوان "الوحدة من خلال الحكم الذاتي".وفي 8/10/2006 ذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن خطة بيكر هاملتون تقوم في أحد بنودها على تقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية.
وعلى صعيد ردود الافعال العربية، أدان رئيس الحكومة العراقية وسياسيون آخرون القرار،واعتبروه انتهاكا صارخا لسيادة العراق. واكدت كبرى الكتل السياسية العراقية رفضها مشروع مجلس الشيوخ الامريكي غير الملزم، بتقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم على اسس طائفية. مؤكدة ضرورة قيام البرلمان باصدار "قانون يمنع تقسيم العراق تحت اي ذريعة". كما شدد البيان المشترك لها على ان "القرار مخالف للدستور العراقي الضامن لوحدة العراق".
بينما اعتبر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن القرار سيكون مصيره الفشل.وفي إجابته على سؤال إثر كلمة ألقاها في جامعة هارفارد، قال زيباري "إذا قسمت البلاد على أسس طائفية وعرقية فإنه توجد بعض المناطق المختلطة فكيف تقسمها". وأن القرار"لم يدرك التعقيد العراقي للمدن والمناطق العراقية"، ولذلك "يجب تركه للشعب العراقي ليحسمه وليتفق على أفضل حل له".
وفي خطبة له عقب صلاة عيد الفطر بالعاصمة العراقية بغداد، دعا عمًّار الحكيم، نجل رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق عبد العزيز الحكيم، الى تطبيق النظام الفيدرالي بتشكيل إقليم جنوب بغداد. لكن عمّأر الحكيم طالب في الوقت نفسه بضرورة الحفاظ على وحدة البلاد وصيانتها وشدًّد على أنًّ "الفيدرالية هي إحدى السبل لتحقيق هذا الهدف".
وقال الحكيم إن احتكار بغداد لسلطة اتخاذ القراروللثروة الوطنية قد حوًّل الحكومة المركزية إلى هيئة "مستبدة ومهيمنة". ويطمح المجلس الإسلامي الأعلى في العراق إلى تأسيس إقليم يتمتع بنوع من الحكم الذاتي في جنوب العراق الغنى بالنفط، وذلك على غرار إقليم كردستان الذي أعلنه الأكراد شمالي البلاد منذ نحو16 عاما.ويسمح الدستور العراقي، الذي اعتُمد قبل سنتين، بإنشاء مثل تلك الأقاليم وتطبيق الفيدرالية في البلاد.
كذلك دعت صحيفة "الجزيرة" السعودية العراقيين الى العمل على ترسيخ واقامة الكيان الوطني القوي الذي يستطيع التصدي بكفاءة لتحديات الداخل والخارج ويعيد السيادة إلى العراقيين .. مشيرة إلى أن ذلك لن يتحقق سوى بإرادة عراقية تدرك بعمق المدى البعيد لتردي الأوضاع والحاجة الماسة لترتيب البيت العراقي بأيد عراقية, وليس بتصورات أو وفقا لرؤى الآخرين التي حتما لن تأخذ المصلحة العراقية في الاعتبار.
ونوهت الصحيفة - فى إفتتاحيتها اليوم "الاثنين"- إلى أن حالة التمزق التي يعيشها العراق هي التي تجعل منه ساحة مثلى لتصفية الخلافات بين مختلف الخصوم موضحة أن هذا التمزق هو الذي يحجب كافة مقومات السيادة عن العراق الذي يفتقر حقيقة إلى جيش قوي يمكنه التعامل مع التحديات الداخلية مما أتاح للعديد من الجهات والعناصر التي لها أهدافها وطموحاتها أن تغتنم فرص هذا الغياب وتنفذ ما بدا لها وأن حزب العمال الكردستاني من هؤلاء الذي استفادوا من الغياب القوي للدولة العراقية.
وسبق أن اقترح النقاد والسياسيون في الماضي أشكالاً عدة لتقسيم العراق على الرغم من المعارضة القوية لذلك من قبل القادة العراقيين وإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش ومجموعة دراسة العراق التي رأسها كل من وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر وعضو الكونجرس السابق لي هاميلتون. لكن مع جنوح البلاد أكثر ، كما يبدو، نحو حرب أهلية شاملة تقتل مئات الأشخاص شهرياً، ومع تزايد عدد الضحايا الأمريكيين، فإن فكرة التقسيم يمكنها أن تمنح إمكانية لهذا الحل الذي قد يكون الأفضل إذا استطاع أن يفصل فقط بين الخصوم ويوقف المذبحة.
وأثار الفكرة هذه المرة أكاديميان أميركيان هما مايكل أوهانلون الباحث الرفيع المستوى في معهد بروكينجز، وإدوارد جوزيف الأستاذ الزائر في المعهد نفسه، اللذان ألفا التقرير الصادر حديثاً عن "مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط" تحت عنوان "حالة التقسيم السلس في العراق" ليكون خطة بديلة من إعادة الاستقرار للبلد الذي تمزقه الحرب.
ويشير الأكاديميان إلى أن الفرق الذي يمكن أن يحدثه التقسيم السلس يكمن في أنه "يسمح للولايات المتحدة وشركائها أن يحافظوا على جوهر أهدافهم الإستراتيجية، أي عراق يعيش بسلام مع جيرانه ويعارض الإرهاب ويتقدم تدريجياً باتجاه مستقبل أكثر استقراراً". ويعبر الباحثان عن اعتقادهما بأن هذه الخطة "ستسمح بتعزيز إمكانية إعادة تأسيس عراق أكثر اندماجاً بين الخطوط الطائفية من الفصل الموجود حالياً".
وقد شكل مشروع مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن الوضع في العراق جدلا واختلافا في الآراء، بين مؤيد ورافض ومستنكر، ودافع مؤيدو القرار عن الفيدرالية التي نص عليها الدستور العراقي، باعتبارها بديلا عن النظام المركزي البائد، وباعتبار أن الفيدرالية هي خيار العراق التي ناضل من أجلها ونصت عليها النصوص الدستورية، كما دافع مؤيدو القرار عن المشروع بزعم أن المخالفين لم يقرأوا المشروع ولا تبينوا ملامحه وأسسه، بينما أكد الرافضين للمشروع على مسألتين مهمتين أولهما التدخل الذي وجدوه في المشروع في الإرادة العراقية، وثانيهما عدم تفهم المشروع للواقع العراقي.
فالفيدرالية تعني شكلا من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات، المحافظات غير الداخلة ضمن الأقاليم )، ويكون كل من المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر ويتقاسمان السيادة في الدولة، وتحدد النصوص الدستورية صلاحية كل وحدة.
كما تحافظ السلطات ألاتحادية على وحدة البلاد واستقلاله ونظامه الديمقراطي، وفي الدستور العراقي فان النظام الاتحادي في العراق يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية، ويحق لكل ثلاث محافظات أو أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، إما بطلب من ثلث أعضاء كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، أو بناء على طلب عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.
أما المشروع الأمريكي ،فينص على:
" تبنى مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار حول إنشاء وحدات فيدرالية على أساس عرقي وطائفي، لوضع حد للعنف الذي تشهده البلاد على نحو يهدد كيانها،ويحث القرار غير الملزم الحكومة الأمريكية على دعم مشروع المصالحة بين المكونات الرئيسية في العراق على أساس ما نصّ عليه الدستور العراقي في تطبيق النظام الفيدرالي، والسماح بإنشاء مناطق فيدرالية، لمنع انهيار الدولة في ظل التناحر المسلح.ويدعو القرار أيضا إلى عقد مؤتمر للعراقيين للوصول إلى اتفاق سياسي شامل يعتمد على تشكيل المناطق الفيدرالية مع بقاء العراق موحدا".
ويؤكد كذلك ضرورة أن تسرع الحكومة العراقية في تمرير قانون النفط، لضمان توزيع الثروات النفطية بالتساوي بين العراقيين، لأن هذه الخطوة من أهم مكونات النظام الفيدرالي، وفق القرار.ويدعو القرار دول العالم ولاسيما دول الجوار إلى مساعدة العراق للخروج من محنته الحالية، وللسماح للقوات الأمريكية بالعودة إلى بلادها.
وأشار القرار إلى أن الكونجرس اعتمد للوصول إلى هذا الخيار على عدة حقائق: منها أن الدستور العراقي الدائم يعلن أن “العراق دولة مستقلة واتحادية فيدرالية”، وأن النظام الفيدرالي الذي أقره الدستور العراقي يمنح العراقيين في مناطقهم الفيدرالية حق تشريع بعض القوانين من ضمنها تلك التي لها علاقة بالدين والزواج والتعليم والتوظيف، وأن البرلمان العراقي صادق على قانون الفيدرالية بتأريخ 11 أكتوبر سنة 2006.
لكن يبدو لمن يقرأ المشروع أن الدعوة ليست لفيدرالية عراقية تقوم على أساس الخيارات العراقية، إنما تنص على ضرورة أن تكون هناك فيدراليات قائمة على الأساس الطائفي، وتكريسا لهذا المعيار الطائفي الذي أعتبره المشروع أمرا واقعا وحتميا في العراق، سيتم تكريس النهج الطائفي في الإقليم تبعا لذلك، حيث سيكون برلمان الإقليم طائفيا، والحكومة المتشكلة على أساسه طائفية، سواء منها في الإقليم الشيعي أو الإقليم السني، وستكون تلك الطائفية التي طالما رفضها الجميع كمنهج في العمل السياسي، قاعدة للعمل الدستوري خلافا لنصوص الدستور، التي أكدت على مساواة العراقيين أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو القومية أو العرق أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي، كما تخالف نصوص الدستور التي تؤكد حظر الكيانات التي تتبنى الطائفية والتطهير الطائفي.
فالمشكلة لاتكمن في التطبيق الفيدرالي بشكله الدستوري والقائم على احترام إنسانية العراقي دون النظر الى دينه أو طائفته، وبهذا فأن الدفاع عن المشروع تحت غطاء الدفاع عن الفيدرالية بعيد عن الواقع، لأن الفيدرالية هي الخيار الأنجع لمشاكل العراق، ولايمكن للتكريس الطائفي أن يكون بديلا.
ولهذا يرى الخبراء أن القراءة الموضوعية للمشروع تجعل العراقي يرفضه، لا بسبب دعوته للفيدرالية والتي هي بالأساس خيارعراقي ونصوصا دستورية أجمعت عليها تلك الملايين التي قالت نعم للدستور، إنما الرفض بسبب دعوته الى تقزيم الفيدرالية الى أقاليم طائفية وما ستخلفه من كوارث أنسانية واجتماعية على المستقبل العراقي..فإذا كان الدستور العراقي ينص على أن العراق جمهورية ديمقراطية واتحادية، فهل يعدل المشروع التسمية ليلحقها بعبارة يتشكل من أقاليم طائفية؟ وهل يعتبر المشروع العراقيين من المذاهب الأخرى المقيمين في إقليم مذهب آخر رعايا أو مواطنين؟
و تزامن مع ذلك ،اعلان الشرطة العراقية اليوم الاثنين ان مهاجما انتحاريا فجر سيارة ملغومة وقتل ستة من وحدة شرطة عشائرية تقاتل القاعدة حين استهدف نقطة تفتيش تابعة لها قرب العاصمة العراقية بغداد.كما اعلنت القوات متعددة الجنسيات مقتل جنديين أمريكيين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح الاحد فى العاصمة بغداد ومدينة الموصل مركزمحافظة نينوى .
وذكر بيان للمكتب الاعلامى لقوات التحالف صدرالاثنين أن جنديا من الفرقة متعددة الجنسيات فى بغداد قتل وأصيب ثلاثة اخرون بجروح جراء انفجار عبوة ناسفة خلال عمليات قتالية جنوب العاصمة بغداد.وفى بيان منفصل أعلنت قوات التحالف مقتل جندى من قوة مهام البرق فى حادث غير قتالى فى محافظة نينوى /400 كم شمال بغداد/ .. وبمقتل هذين الجنديين ترتفع حصيلة خسائر القوات الأمريكية فى العراق منذ مارس عام 2003 إلى 3829 قتيلا بينهم 21 جنديا لقوا مصرعهم منذ بداية شهر أكتوبر.ولايزال شبح الحرب والتقسيم الى دويلات صغيرة يلوح فى افق العراق فى ظل استمرار اعمال العنف والفشل فى تحقيق المصالحة الوطنية .
15/10/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.