دخل لبنان فعلياً حلبة الصراع الرئاسي، وبدأت الاطراف السياسية تعد تنازلياً ،وهو الأمر الذى يشير الىقوة المعركة الانتخابية القادمة قياساً للخلافات المستحكمة بالساحة الداخلية. عملية انتخاب رئيس الجمهورية فى لبنان والتى تعتبر الخطوة الأساسية لإخراج البلاد من الأزمة قد تواجه مخاطر الفشل فى حال لم تتوصل المعارضة والأغلبية إلى اتفاق على مرشح توافقى، وينص الدستور على انتخاب رئيس للجمهورية خلال المهلة الدستورية التى تبدأ فى 24 سبتمبر حتى 24 نوفمبر، وقد أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برى أحد قادة المعارضة أنه سيعقد أول جلسة انتخاب الرئيس الجديد فى 25 سبتمبر . ويرى المراقبون أن جلسة مجلس النواب هذه لن تنعقد بسبب عدم توفر النصاب القانونى " ثلثا أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 نائباً " الذى لا تملكه الأكثرية منفردة ولا المعارضة وسيكون أمام الفريقين شهران للخروج من الأزمة المستمرة بينهما منذ نوفمبر عام 2006 والاتفاق على رئيس للجمهورية تجنباً لحدوث فراغ رئاسى، حيث يضع الفراغ الرئاسى لبنان أمام مخاطر كبيرة منها تلويح المعارضة بتأليف حكومة ثانية فى مواجهة الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة والتى لا تقر بشرعيتها أو انتخاب رئيس للجمهورية بالأكثرية المُطلقة المتوفرة لدى الغالبية . ويذكر أن رئيس الجمهورية فى لبنان ينتمى إلى الطائفة المارونية أحد طوائف لبنان المسيحية وفق العُرف الذى يوزع الرئاسة الثلاثة بين المسيحيين والشيعة " رئاسة البرلمان " والسُنة "رئاسة الحكومة"، وينص الدستور اللبنانى على أن يتسلم مجلس الوزراء الحُكم إذا انتهت المُهلة الدستورية من 24 سبتمبر إلى 24 نوفمبر دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد . المسيحيون وقبل نحو شهرين على بدء المهُلة الدستورية ما يزالوا منقسمين بين الغالبية النيابية المناهضة لسوريا والتى تتمتع بدعم الغرب وأهم الدول العربية ومنها السعودية ومصر، والمعارضة التى يقودها حزب الله حليف سوريا وإيران. الفريقان بدءا تحركاتهما رغم أن احتمال التوصل إلى توافق مازال بعيداً خصوصاً بعد فشل الوساطة الفرنسية وقبلها العربية فى الوصول إلى نتائج محلية، وقد بدأ القادة المسيحيون فى الغالبية بإعلان نواياهم بالترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وأعلن ثلاثة منهم النائبان بطرس حرب وروبير غانم والنائب السابق نسيب لحود عزمهم على طرح برامجهم الرئاسية قريباً مُشددين على أن ذلك لا يعنى تفتت الصف المسيحى فى الأكثرية . ومن جانبه اعتبر النائب المسيحى ميشال عون حليف حزب الله منذ عام 2006 نفسه المرشح الأوفر حظاً للرئاسة، وبالتالى من المفترض أن يكون مرشح المعارضة رغم أن حزب الله لم يعلن حتى الآن رسمياً دعمه لترشيحه، مؤكداً أنه لن يكشف موقفه حتى اللحظات الأخيرة، كما دخل اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان قائمة المرشحين، ويُذكر أن سليمان الذى تسلم منصبه عام 1998 فى عهد الوصاية السورية يطرح نفسه خارج الغالبية والمعارضة. المحللون يرون أن وصول سليمان لسدة الرئاسة يتطلب تعديلاً دستورياً باعتباره موظفاً رفيعاً فى الدولة، ولكن الأكثرية والنائب عون أعربوا مؤخراً عن رفضهم تعديل الدستور مبدئياً لمصلحة أفراد، وقد شدد أمس القادة المسيحيون فى قوى 14 آذار المناهضة لسوريا التى تمثلها الأكثرية النيابية فى اجتماعهم على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها من دون تعديل للدستور ومعربين عن استعدادهم للتحاور مع الفريق الآخر " المعارضة " بعيداً عن أى ضغوط خارجية أو محاولات التعطيل تحت أية ذريعة مثل النصاب أو اشتراط تغيير الحكومة قبل الانتخابات أو التهديد برئيسين وحكومتين . وقد أشار العماد ميشال سليمان أنه باق فى منصبه حتى انتخاب رئيس جديد للبنان الفارق منذ تسعة اشهر فى أزمة سياسية داخلية مستعصية، وذلك خلافاً لما نقل عنه سابقاً بأنه سيستقيل إذا لم تجر هذه الانتخابات وشكلت فى لبنان حكومتان . ومن ناحيته انتقد رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق الدكتور سليم الحًص الاجتماع الذى عقدته الشخصيات المسيحية فى قوى الموالاة بدعوة من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للاتفاق على آلية تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية المقبلة، واعتبر الحُص أمس أن هذا الاجتماع لم يكن موفقاً مُعرباً عن رفضه لإنفصال المسيحيين عن المسلمين لدى البحث فى استحقاقات وطنية رئيسية، كما دعا مفتى لبنان الشيخ محمد رشيد قبانى جميع النواب إلى المُشاركة فى أداء واجبهم الوطنى والدستورى بانتخاب رئيس للجمهورية مُحذراً من أن كل من لا يُشارك فى انتخاب الرئيس الجديد سيكون مسئولاً عن أى انهيار مُشدداً على معالجة قضايا البلاد فى البرلمان وليس بتعطيل مؤسسة رئاسة الجمهورية . وقد لوحت المعارضة مثل رئيس الجمهورية إميل لحود حليف سوريا بتشكيل حكومة ثانية تحل محل الحكومة الحالية التى لا يعترفون بدستوريتها لقيادة البلاد إذا انتهت المُهلة الدستورية بدون انتخاب رئيس جديد للبلاد ورفض لحود تسليم الحكومة الحالية السلطة لأنه يعتبرها غير دستورية بعد أن استقال كل وزراء الطائفة الشيعية " خمسة " بالإ ضافة إلى وزير مُقرب منه فى نوفمبر الماضى . الرئيس اللبنانى، انتقد أمس حالة التباعد السائدة بين مواقف القيادات السياسية اللبنانية وطروحاتها حول الاستحقاقات المُقبلة على البلاد، مُشيراً أنه سبق وحذر منذ عدة أشهر من الوصول إلى هذا الوضع فى ظل المستجدات المُقلقة التى تعيشها دول المنطقة وتعهد الرئيس اللبنانى بمواصلة مساعيه واتصالاته لتوفير المناخات الإيجابية المطلوبة لمواجهة الرحلة المُقبلة انطلاقاً من مسئولياته الوطنية والدستورية مراهناً فى الوقت نفسه على وعى القيادات اللبنانية وحرصها على إنقاذ بلادها . إن موعد انتخاب رئيس الجمهورية فى لبنان قد حان ومازال لبنان عاجزاً عن توقع اسم الرئيس الجديد، والمشكلة ما تزال تمثل حجر عثرة فى المشهد اللبنانى وهذا ما أشار إليه عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية بقوله " إن موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية قد حان فى المُهلة الدستورية المحددة له " فيما يقف لبنان عاجزاً عن تحقيق ذلك، ودعا موسى الزعماء اللبنانيين إلى عمل وطنى لبنانى بوضع التطورات الأخيرة بكل تداعياتها وراء ظهروهم والإنطلاق إلى تحقيق الاستحقاق الرئاسى فى موعده بدعم عربى ودولى وإقليمى، على اللبنانيين معالجة الأزمة اللبنانية الراهنة قبل حلول موعد إجراء الانتخابات الرئاسية فى 25 سبتمبر المُقبل وضرورة الأخذ فى الاعتبار عودة مختلف الأطراف السياسية إلى الحوار لمعالجة هذه الأزمة حتى يواصل لبنان دوره فى مجال ترسيخ الديمقراطية . 22/8/2007