قضية كوسوفو الشائكة والتى لم تجد لها حلاً منذ ثمانى سنوات تحتل من جديد قلب السياسة الدولية حيث ناقش مجلس الأمن الدولى على مدار الأيام الماضية هذه القضية بشأن استقلال الإقليم عن صربيا إلا أنه أخفق لثالث مرة بسبب الفيتو الروسى، ودعا أمس زعماء من أصل ألبانى فى كوسوفو الغرب إلى تقديم طريق بديل نحو استقلال الإقليم عن صربيا وكانت روسيا قد رفضت ثالث مشروع قرار للأمم المتحدة حول الإقليم يمثل نصاً مُخففاً عن المشروع الذى دعا إلى إجراء المزيد من المحادثات الصربية الألبانية لكن موسكو وصفته بأنه لا يزال مخترقاً بمفهوم استقلال كوسوفو . وهدد زعماء الأغلبية الألبانية التى تصل إلى 90 فى المائة من السكان بإعلان الاستقلال من جانب واحد لكنهم يريدون دعم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى، وأشار مسئول فى الاتحاد الأوروبى أنه من الممكن استئناف المحادثات الصربية الألبانية بدون قرار من الأممالمتحدة تحت إشراف مجموعة الاتصال السداسية المكونة من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وروسيا . وتقوم الأممالمتحدة بإدارة شئون كوسوفو منذ عام 1999 عندما قام حلف شمال الأطلسى بقصفها لإخراج القوات الصربية التى قتلت عشرة آلاف من المدنيين الألبان ووقف أعمال قتل وطرد الألبان أثناء الحرب التى استمرت عامين، ويحذر حلف الأطلسى الذى يقود قوة من 16 ألف جندى لحفظ السلام فى هذه الأراضى من حدوث قلاقل بسبب وضع الإقليم الحالى . روسيا من ناحيتها تقول إنه لا يمكن أن يكون هناك حل دون موافقة صربيا التى ترى أن كوسوفو أرض مُقدسة وأن فصلها سيطلق موجات صدمة فى أنحاء البلقان الذى لا يزال يعانى من ضعف موقفه .. وكان وسيط الأممالمتحدة الخاص بكوسوفو " مارتى اهتيسارى" قد اقترح فى أبريل الماضى استقلال كوسوفو تحت إشراف الاتحاد الأوروبى بعد 13 شهراً من المحادثات الصربية الألبانية التى انتهت إلى طريق مسدود، ودعا مشروع القرار الأخير وهو الثالث الذى يجرى طرحه منذ شهر مايو إلى إجراء محادثات إضافية لمدة 120 يوماً ونشر بعثة يقودها الاتحاد الأوروبى لفرض الأمن والنظام تتسلم مهمة الإشراف على كوسوفو من الأممالمتحدة إلا أن روسيا ترى أن مشروع القرار الأخير يبلغ حد الاستقلال عن طريق الخداع، ومن جانبها تقول واشنطن إن كوسوفو ستصبح مستقلة بطريقة أو بأخرى، حيث يرى الرئيس الأمريكى بوش أن على كوسوفو إعلان استقلالها من طرف واحد وستكون واشنطن مستعدة للاعتراف بهذا الاستقلال دون انتظار رأى الأممالمتحدة، لكن الاتحاد الأوروبى يخشى من الانقسام نتيجة القيام بأية تحركات من جانب واحد . وجاء إخفاق مجلس الأمن فى تسوية إقليم كوسوفو ومنحه حق الاستقلال بسبب الموقف الروسى الرافض لمشروع القرار الجديد الذى يهدف إلى تسوية المستقبل السياسى الخاص بإقليم كوسوفو باحتمال منحه حق الاستقلال، ويتمتع مشروع القرار بدعم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربى ولكن ترفضه صربيا وحليفتها الرئيسية روسيا، وقال دبلوماسيون إن روسيا طالبت بأن توافق بلجراد وبريشتينا على نص مشروع القرار قبل أن يصوت مجلس الأمن على مد فترة المفاوضات لمدة أربعة أشهر أخرى، ومن جانبه أعرب بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه من إقدام زعماء كوسوفو على إعلان الاستقلال عن صربيا من جانب واحد حتى إذا حرمهم ذلك من مساعدة أوروبا، مُشيراً إلى أن أى إطالة لهذه القضية غير مفيدة لا لدول البلقان فقط .. بل لكل الدول الأوروبية، ومن ناحيته أشار منسق السياسات الخارجية والأمنية فى الاتحاد الأوروبى خافيير سولانا إلى عزم الاتحاد الأوروبى سحب قضية كوسوفو من مجلس الأمن فى غضون أيام قليلة إذا لم تقبل روسيا بمشروع القرار، مُشيراً أن الجهود الدبلوماسية المكوكية بين بلجراد وبريشتينا بشأن استقلال كوسوفو ستجرى تحت سلطة مجموعة اتصال لا تملك روسيا فيها حق النقض ، مُعرباً عن ثقته فى التوصل إلى اتفاق فى إطار مجموعة الاتصال للبدء فى عملية المفاوضات، حيث يتعين التحرك لبدء المفاوضات بين الجانبين دون انتظار صدور قرار من مجلس الأمن مُطالباً مجموعة الاتصال بتبنى دبلوماسية مكوكية بين الصرب وألبان كوسوفو والتركيز على العناصر التى قد يتضمنها قرار مجلس الأمن . ويُذكر أن بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة قد أحال تقرير " مارتى اهتيسارى " مبعوثه الخاص فى كوسوفو إلى مجلس الأمن وانتعشت آمال قطاع عريض من سكان كوسوفو بإمكانية الاستقلال عن صربيا، وبرغم اعتراض روسيا على خطة " اهتيسارى " ورفض صربيا المطلق لها فإن مصادقة الأمين العام على التقرير الداعى صراحة إلى استقلال كوسوفو وإحالته إلى مجلس الأمن لمناقشته وتأييد واشنطن والاتحاد الأوروبى لموضوع التقرير كل ذلك خطوات متقدمة على طريق الاستقلال الذى دفع أكثر من 10 آلاف من الكوسوفيين حياتهم ثمناً له عامى 1998 و 1999 . السؤال هو .. هل سيحصل الكوسوفيون على استقلالهم قريباً .. ؟ وهل ستمنحهم خطة اهتيسارى استقلالاً كاملاً عن صربيا .. ؟ أن صراع المصالح بين موسكووواشنطن وتربيطات اتخاذ قرارات التصويت داخل مجلس الأمن قد تعصف بآمال الكوسوفيين وسيكتب عليهم إن ينتظروا طويلاً .. 18/7/2007