تشكلت المحاكم الثورية الإيرانية بعد الثورة الإيرانية عام 1979 من أجل ملاحقة كبار المسؤولين خلال عهد الشاه. ومن فبراير (شباط) عام 1979 وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه كانت المحاكم الثورية قد نفذت أحكام إعدام على نحو 550 مسؤولا، كثير منهم من قوات الاستخبارات والجيش خلال عهد الشاه. كما أصدرت أحكاما غيابية بإعدام الشاه وعدد من وزرائه وقادة الاستخبارات الإيرانية (السافاك) والشرطة السرية الذين فروا للخارج. رأس المحاكم الثورية منذ تأسيسها صادق خلخالي المعروف في الدول الغربية أيضا باسم «القاضي الأحمر» بسبب كثرة أحكام الإعدام التي أصدرها ضد كبار المسؤولين في حكومة الشاه وضباط الجيش والاستخبارات الإيرانية والسرعة التي كانت تنفذ بها وعدم وجود ممثلين للدفاع، ومن ذلك إعدام رئيس الوزراء الأسبق أمير عباس هويدا في 7 أبريل (نيسان) 1979 والرئيس السابق للشرطة السياسية في عهد الشاه نعمة الله نصيري. وعرف الغرب خلخالي بعد أن ظهر على شاشات التلفزيون وهو يحرك بعصا جثث الجنود الأميركيين الذين احترقوا في مهمة فاشلة لإنقاذ 52 رهينة احتجزوا بالسفارة الأميركية في طهران. وفي الثمانينات أعدمت المحاكم الثورية عشرات الأكراد الذين اعتقلوا أثناء عمليات التمرد التي اندلعت في المناطق الإيرانية التي تقطنها غالبية كردية، كما كان العلمانيون والشيوعيون ضحايا المحاكم الثورية بعدما اختلفوا مع رجال الدين بعد الثورة. وفي السنوات الأولى بعد تأسيس المحاكم الثورية لم يكن هناك محامي دفاع وكانت الأحكام تصدر خلال ساعات، مما جلب على تلك المحاكم انتقادات كبيرة من مراجع التقليد في قم ومن بين هؤلاء آية الله محمد كاظم شريعتمداري، وآية الله حسن قمي الطبطبائي ورئيس الوزراء الراحل مهدي بازوركان، إلا أن المرشد الأعلى لإيران وقائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني دافع عن عمل المحاكم. وكانت المحاكم الثورية موجودة في كل المدن الكبيرة ومن بينها مشهد وشيراز وأصفهان وطهران، التي كان يوجد بها محاكم ثورية تتبع السجون الأساسية فيها مثل «ايفين» و«قاصر». كما كانت هناك محكمة ثورية متنقلة برئاسة خلخالي. ووفقا للقوانين الإيرانية، فإن المحاكم الثورية تنظر في الجرائم الخطيرة التي تتعلق بالأمن القومي الإيراني ووحدة الأراضي الإيرانية ومن ذلك: محاولات الإخلال بالأمن القومي الإيراني. المؤامرات ضد الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك حمل السلاح واستخدام الإرهاب. أو الافتراء على مؤسس الجمهورية الإسلامية. التصدي لمحاولات التخريب أو استخدام العنف والإرهاب. كل أشكال الجريمة التي تتضمن تهريب أسلحة أو مخدرات. ومحاكمات المحاكم الثورية لا تكون علانية، وليس هناك هيئة قضاء. بل قاض واحد يحكم في القضية. كما أن الأدلة التي تستخدم ضد المتهمين في المحاكم الثورية لا يكشف عنها. أما أحكامها فهي نهائية ولا يجوز استئنافها. ويعين المرشد الأعلى لإيران بنفسه القاضي المسؤول عن المحاكم الثورية. وبعد أن ترك خلخالي (ولد في 27 يوليو (تموز) 1926 وتوفي في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 بعد معاناة من مرض الزهايمر ومشكلات في القلب) منصبه كرئيس للمحاكم الثورية عاش خارج دائرة الضوء في مدينة قم. إلا أن المثير في سيرة خلخالي أنه خلال السنوات العشر الماضية بات مؤيدا للإصلاحيين بقيادة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي. وقال خلخالي في نهاية كتاب مذكراته الذي طبع في إيران عدة مرات: «عادة الثورات ترفض أولادها الصادقين.. خاصة إذا كان اسمه (صادقا) مثلي».