خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الموجه إلى الأمة الإسلامية - والذي ألقاه من جامعة القاهرة الخميس 4 يونيو/ حزيران 2009 - تناوله المحللون السياسيون والمعنيون، مجمعين على وصفه بأنه خطاب "متوازن". وقال نقيب أشراف مصر محمود الشريف إن الأمة الإسلامية تنتظر التفعيل الحقيقي لما ورد بالخطاب وذلك لعودة الحقوق المشروعة لأصحابها. وأضاف - لموقع أخبار مصر www.egynews.net - أن الخطاب تناول قضايا عديدة، مستشهدا بآيات من القرآن الكريم، ومؤكدا أن الإسلام دين الرحمة والسماحة وليس دين العنف والتطرف، وأن الرسول صلى الله وعليه وسلم قد أرسل رحمة للعالمين. وأشار نقيب الأشراف إلى أن الخطاب حمل تغييرا حقيقيا للسلوك الأمريكي تجاه الأمة الإسلامية وهذا ما نأمل أن يحدث فعليا وأن يعم السلام دول العالم كافة. من جهة أخرى، قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع إن خطاب باراك أوباما تصالحي مع العالم العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي قدمه بأسلوب راق ومؤثر بما يؤكد "الكاريزما" الشخصية لأوباما. وأضاف السعيد أنه تكلم بشكل إيجابي عن القضية الفلسطينية، وأكد على ضرورة حل الدولتين، وأن القدس محلا للعبادة للديانات الثلاث. وأشار د. رفعت إلى ما ذكره باراك أوباما في خطابه من تأكيد على أن الروابط الأمريكية الإسرائيلية متينة واستراتيجية، موضحا أن مصر ليس ضد هذا التوجه. لكنه انتقد خطاب أوباما فيما يتعلق بقضية "السود" ومقارنته بالقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الأولى هي قضية "تفرقة عنصرية"، أما فلسطين فهي قضية دولة محتلة، وهناك اختلاف جوهري بين دولة ليست بها ديمقراطية في التعامل مع السود ودولة احتلال. واعتبر د. رفعت السعيد أن من أهم النقاط التي ركز عليها الخطاب هي أن أمريكا لا تملك الحق في منع أى دولة أن تستخدم الطاقة النووية استخداما سلميا، وتأكيد أوباما في الوقت نفسه على ضرورة إخلاء العالم من الأسلحة النووية – وهي المرة الأولى التي يعلن فيها رئيس أمريكي ذلك - وأشار إلى ما ذكره أوباما بشأن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ملمحا إلى إسرائيل وكأنه أراد أن يقول "مش كل واحد حرامي يبقى الكل حرامية". من جهة أخرى، وصف الدكتور عبد المنعم سعيد – مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بأنه متوازن من حيث ترسيخ علاقات جديدة للعالم العربي والإسلامي. وقال سعيد إن الخطاب بحث أرضية مشتركة، مستخدما فيه آيات قرآنية كثيرة وحكم إسلامية، ووضع صورا متوازنة جدا للتعامل مع القضايا الأساسية في المنطقة بداية من أفغانستان، والعراق، وإيران، والقضية الفلسطينية، ثم الديمقراطية، وحقوق المرأة، إلى الأزمة الاقتصادية. وأضاف د. سعيد أن أوباما أكد في خطابه ضرورة حل القضية الفلسطينية، ووجوب قبول إسرائيل. كما أشار الرئيس الأمريكي إلى وجود قوى متشددة في أفغانستان بعيدة كل البعد عن الإسلام، وأن الولاياتالمتحدة سوف تساعد كابول لمواجهة التطرف. وأوضح د.عبد المنعم سعيد أن معظم القضايا التي طرحها أوباما تأخذ وجهات نظر متوازنة ومعقولة للغاية، دون التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة. ومن جانبها، وصفت الدكتور عالية عبد المنعم المهدي - وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة - الخطاب في مجمله بأنه إيجابي ومبني على التصالح بين المجتمعين الأمريكي والإسلامي، وأنه قائم على فكرة احترام الآخر والتعاون والعمل على حسم قضايا المنطقة، مثل قضية أفغانستان في ظل وجود جدول زمني لسحب القوات الأمريكية منها، وكذلك من العراق حيث أكد أوباما أنه "حان الوقت للعراقيين لتحمل مسئولية بلادهم". وأشادت د. عالية بما ورد في خطاب أوباما بشأن حقوق المرأة من خلال حق تعليمها، مؤكدة أن تعليم المرأة ضروري جدا لخدمة وطنها. وأشارت المهدي إلى أن وجهة نظر الرئيس الأمريكي حول القضية الفلسطينية ومعاناة الطرفين خلال فترات مختلفة، وأنه لا يوجد حل سوى إقامة دولتين مستقلتين، وأنه لا يمكن أن يتحقق السلام إلا بتعاون عربي أمريكي. لكنها انتقدت – في الوقت نفسه - حديثه عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وربطه بمحرقة اليهود في ألمانيا (الهولوكوست)، حيث ذكر أوباما أن اليهود "عُذبوا" ومروا بظروف قاسية ومحارق، ثم قال كذلك الفلسطينيين "عذبوا" ولهذا يجب إقامة دولتين. وتساءلت المهدي لماذا أعطى أوباما وزنا أكبر لعذاب اليهود في ألمانيا وأغفل عذاب الفلسطينيين طوال السنوات الماضية وإلى وقتنا هذا؟!