الاهرام 22/5/20098 قد تكون هذه إحدي المرات النادرة التي يقال فيها من واشنطن صراحة: القضية الفلسطينية أولا, أو بمعني آخر إن الطريق إلي طهران يبدأ من القدس لا العكس. ولسنوات طويلة كان العالم الغربي يدعونا للانتظار لتحرير عواصم أخري, أو غزوها مثل بغداد قبل الحديث عن حل أو تحريك للقضية الفلسطينية. ونرجو أن ينتهز القادة العرب هذه الفرصة الفريدة ليحكموا الخناق حول إسرائيل, وأن يلعبوا بالورقة الإيرانية ضد إسرائيل لصالح قضيتهم. .. وأول خطوة هي الإصرار علي الحجة الأمريكية التي هي بالأصل عربية في أن القضية الفلسطينية سوف تبطل ذرائع طهران, والقاعدة, وكل القوي التي تنتقد عملية التسوية السياسية( عملية السلام). والأمر الثاني أن تسحب من إسرائيل ذريعة خوفها علي أمنها, بالمطالبة بنشر قوات دولية, إما تابعة للأمم المتحدة, أو قوة متعددة الجنسيات بقيادة أمريكية, علي أن تبدأ هذه القوات بأسرع ما يمكن انتشارها ما بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المرتقبة, وأن تتولي حماية الأمن علي الحدود ما بين الطرفين, وأن تنتشر القوات الإسرائيلية داخل أراضي إسرائيل. .. وأحسب أن الاستيطان هو سرطان ينهش في الجسد الفلسطيني, ولذا يتعين أن تتولي هيئة مراقبة دولية التأكد من الالتزام بوقف الاستيطان الإسرائيلي, وأن ترفع تقاريرها إلي مجلس الأمن الدولي. والأمر الآخر يتعلق بعملية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية الوليدة, وهنا لابد أن تقود مصر هذه العملية بالتعاون مع السعودية ودول الخليج والدول المانحة, بالإضافة إلي الاستفادة من تجربة كوسوفا وتيمور الشرقية. .. وسيظل كل ما سبق غير كاف نظرا لأن إسرائيل سوف تصر علي اثارة المخاوف من الملف النووي الإيراني, وهنا لابد من قلب الطاولة علي إسرائيل! وذلك من خلال تأكيد وجهة نظر أوباما وليون بانيتا مدير ال سي.أي.ايه بأن نيتانياهو يجب أن يفهم أنه إذا تعاملت إسرائيل مع إيران بمفردها فسوف تظهر مشكلة كبري, وأن عليه العمل مع الآخرين. أما بالنسبة لنا نحن العرب, فإن الحل يجب ألا يكون عسكريا, والأسلوب الأنجح هو التخلص من الترسانة النووية الإسرائيلية, ونظام أمن إقليمي لا مجال فيه لأسلحة دمار شامل لطهران وإسرائيل أو أي طرف آخر. .. يبقي أن إسرائيل سوف تحاول بقوة أن تلعب بالورقة الإيرانية لتهرب من الحصار الذي تعانيه حاليا, كما أن طهران سوف تحاول الوصول إلي تفاهم مع واشنطن وهي تمسك بالورقة الفلسطينية. إلا أن النخبة العربية عليها أن تلعب بأهم ورقة الآن وهي رغبة واشنطن في ألا تدفع لطهران أو إسرائيل أكثر مما لديهما, بل إن أوباما يرغب في اللعب بورقة المصالحة والسلام ليعيد تبييض وجه أمريكا القبيح وعلينا في القاهرة أن نساعده, ولكن كل شيء بثمن!