ما إنْ ينتهي من واجباته المدرسية اليومية حتى يقوم سكاي فوجن-بيرلنج، الذي يعيش في أجورا هيلز، بقراءة بعض قصص الأطفال التي يهواها لكنه لا يقرأ من كتب الأطفال الكلاسيكية التي نعرفها بل من الكومبيوترعن طريق كبس بعض أزرار الأسهم التي تقلب الصفحات. وفي بعض الأحيان تتحرك شخصيات القصة على الشاشة مثل الصور المتحركة على التلفزيون. وإذا رغب، يمكن لهذا الكومبيوتر أن يقرأ الكتاب له، بينما هو مستلق على فراشه. «انه مستوى جديد لقراءة الكتب» كما تقول والدته فيكتوريا. ويبدو أن القراء والناشرين على السواء يقومون حاليا باعتماد تقنيات المستقبل الرقمي. فقد ازدادت مبيعات الكتب الإلكترونية بنسبة 73 في المائة في أكتوبر الماضي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2007 استنادا إلى جمعية الناشرين الأميركيين في حين تقلصت مبيعات الكتب الورقية الخاصة بالكبار بنسبة 23 في المئة وكتب الأطفال من النوع ذاته بنسبة 14.8 في المائة في الفترة ذاتها. أما مبيعات كتب التعليم العالي، بما فيها الكتب المدرسية والجامعية، فقد انخفضت بنسبة 443 في المائة. كتب إلكترونية: * ويبدو أن هناك حماسا جديدا في أن تصبح الكتب الإلكترونية معتمدة من قبل المستهلكين للاقتناء والقراءة، كما يقول دايفيد لانغفين مدير ونائب رئيس قسم الكتب الإلكترونية في شركة النشر «هوفتون ميفلين هاركورت ببلشينج كومباني». ويرجع هذا الارتفاع الكبير في المبيعات الرقمية إلى زيادة شعبية جهاز القراءة «أمازون كيندل» من «سوني»، وحتى إلى هاتف «آي فون». فحالما يقوم القراء بشراء الأجهزة اللازمة تصبح الكتب الرقمية أقل كلفة من الكتب الورقية سواء أكانت مجلدة بأغلفة أنيقة صلبة أَمْ حتى ورقية. وقد تصبح الكتب الرقمية حتى أقل تكلفة إذا ما استمرت شركة «دايلي ليت» في نيويورك في خطتها في نشر الإعلانات في البريد الإلكتروني والتغذية الإخبارية «آر إس إس»، التي تقوم بإرسالها إلى المشتركين والتي تحتوي كتبا مسلسلة لكون الإعلانات تسهم ماليا في كلفة الكتب الرقمية. بيد أن سوق كتب الأطفال بات ناضجا حاليا لاحتوائه على غرائب العالم الرقمي. وأطفال اليوم، قبل كل شيء، قد نموا وترعرعوا والتقنية في دمائهم. وهم لا يفكرون مرتين في ما يتعلق في رغبتهم في الدراسة والتعلم من أجهزة الكومبيوتر، بحيث إنهم يخلدون إلى النوم وأجهزة ال «آي بود» معهم. وفي بعض الحالات فإن مشاهدة الكتاب على الكومبيوتر قد يجعلهم يستمتعون بالقراءة أكثر، كما يقول الناشرون. وقد شرعت الشركات والمؤسسات التجارية بالتركيز على سوق الأطفال، ومنها مثلا مؤسسة كيدتينج في لوس أنجليس التي تصنع مشغلات القراءة. وهناك أيضا سبيكأبوس في نيويورك، التي تقدم قصصا كلاسيكية للأطفال، يقوم بقراءتها ممثلون معروفون لدى عرض الصفحات على الشاشة. واليوم يهرع الناشرون إلى وضع المحتويات على الشبكة وتركيب ألعاب، وفي بعض الحالات إنتاج عوالم افتراضية كاملة تدور حول الكتب المختلفة. وبالنسبة إلى الكثيرين، فهذا أسلوب لِجَنْي العائدات والتحول إلى صيغة، هي على المدى الطويل ليست عالية الكلفة، مثل إنتاج المواد المطبوعة، ولكنها، في الوقت نفسه أيضا، اعتراف بأن الأطفال يعيشون في عالمهم الرقمي الذي يفوق في مبيعاته المواد المطبوعة. وقد أطلقت في الصيف الماضي كتابا ذكيا للأطفال في سن العاشرة وما دون، بشكل مجاني لمدة أسبوع على الإنترنت قبل طرحه للبيع بشكل مطبوع، مع تشجيع الأطفال على تنزيله من الشبكة، أو قراءته عليها. وعلى اثر ذلك، قام أكثر من 30 موقعا للمراهقين على الشبكة وعالما افتراضيا بوضع وصلات ربط إلى موقع التنزيل، بحيث تسلق الكتاب رأس لائحة أعلى الكتب مبيعا في صحيفة ال «نيويورك تايمز» خلال أسابيع. وكانت دار النشر هذه قد ذكرت أنها تعمل مع «هاربر كولينز» و«ووغي ورلد»، والأخير عالم افتراضي خاص بالأطفال لجعل بعض الكتب متوفرة على الشبكة والشروع من ثم في ناد للكتب من شأنه إرسال كتب عادية إلى الأطفال عن طريق البريد. وبذلك يستطيع الأطفال الدخول إلى العالم الافتراضي لمناقشة الكتب التي يقرأونها. وتقوم بعض دور النشر، مثل «سكولاستيك» بإضافة مواقع شبكية وألعاب تتماشى مع هذه الكتب المعروضة. أطفال الإنترنت : ولكن ثمة دلائل على ان الأطفال يتعلمون بشكل أقل لدى قراءتهم الكتب بصيغتها الإلكترونية فقد قامت كاثي هيرش باسيك أستاذة علم النفس في جامعة تيمبل بدراسة الآباء والامهات الذين يقرأون الكتب الرقمية مع أطفالهم. فوجدت أن الاطفال الصغار لا يحصلون على المعاني الكافية من قراءاتهم وهم يلعبون مع المرافق الأخرى التي تصاحبها وبالتالي يتشتت تركيزهم وانتباههم مع كل صيحات التقنية هذه. والأطفال الذين يقضون وقتا طويلا يحدقون في شاشات الكومبيوتر بدلا من استيعاب قصص ساحرة يسرح الخيال معها أو ممارسة اللعب مع أصدقائهم، فإنهم يخطئون في مسألة ممارسة الألعاب الملتزمة الخلاقة التي تشكل جزءا أساسيا من تطور الطفل. وأضافت أن الأمر يشكل معضلة لأنهم، أي الاطفال لا يقومون باكتشاف العالم بأنفسهم. لكن الناشرين يردون على ذلك بالقول أن بمقدور الكتب الرقمية اجتذاب الاطفال إلى عناوين لم يكونوا ليرونها لولا ذلك. وعلى أية حال ومع الضعف الذي تعانيه صناعة النشر حاليا فمن غير المستبعد أن تزول الكتب الرقمية، نظرا إلى أنها شرعت تجني أرباحا. فمع الكتب الرقمية لا توجد مسألة الشحن والطباعة والتكاليف الأخرى التي تقضم من الأرباح. فالقطاع الرقمي هذا أخذ ينمو بسرعة. إنه على الرغم من أن الكتب الرقمية تشكل واحدا في المائة من المبيعات حاليا إلا أن بمقدورها بكل سهولة أن تنمو إلى 10 في المائة خلال خمس سنوات. وقد تنمو أكثر بكثير من ذلك مع قيام الأطفال والمراهقين الأكثر براعة في استخدام الأجهزة الجوالة. ففي اليابان مثلا ساعدت الاتصالات الهاتفية الجوالة السريعة على قيام صرعة جديدة، وهي كتابة قصص، ثم قراءتها كليا على الهواتف الجوالة. من هنا ثمة فرصة كبيرة للناشرين لاستخدام نمو الأجهزة الجوالة لتشجيع الزبائن الشباب ومع ذلك لا يعتقد البعض أن الكتب المطبوعة ستختفي.