الجمهورية 26/12/2008 يستعذب بعض الناس أحياناً خلط الحقائق فيمنحون الباطل مناصرتهم ويهيلون التراب علي الحقيقة الساطعة.. ونظراً لاعتياد الناس علي قراءة الباطل لأن له شياطين تدافع عنه بينما يتحلي أصحاب الحق بأخلاق الملائكة وأحياناً ما يخجلون من مقارعة مزاعم الباطل تتوه الحقيقة. وقد آليت علي نفسي منذ فترة أن أوضح للناس ما يلتبس عليهم فهمه من مزاعم حماس التي تحاول جهدها أن تثبت أن مصر هي السبب فيما حدث لأهل غزة من حصار وتجويع. مع أن "الحمساوية" هم المتسببون بشكل رئيسي وجوهري في معاناة الغزاوية. لقد لاحظت أن الفضائيات والصحف الخاصة تركز علي اتهام ظالم لمصر وهو أننا اتفقنا مع إسرائيل علي عدم فتح معبر رفح لمرور المساعدات الإنسانية والعلاجية.. والحقيقة التي كتبتها مائة مرة أن منفذ رفح للأفراد وليس لعبور المساعدات والشحنات الغذائية. هذا المعبر تحكمه اتفاقية المعابر وهي اتفاقية دولية وقعت عليها إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية والاتحاد الأوروبي ومصر.. أولاً : الاتفاقية تنص علي الإدارة المشتركة للمعبر.. ما فعلته حماس في غزة هو انقلاب علي السلطة الشرعية. وبالتالي فإن طرفاً هاماً من أطراف إدارة المعبر غاب والطرف الآخر وهو الاتحاد الأوروبي يرفض الاعتراف بحماس منذ انتخابها وكاد موقف الأوروبيين يتحسن بعد إلحاح من الرئيس مبارك غير أن ما فعلته حماس من قتل وذبح خصومها في فتح حول الموقف الأوروبي للتشدد مرة أخري. ومن ثم فإن لا مصر ولا إسرائيل يملكان فتح المعبر وإذا أقدمت مصر علي ذلك فإنها تكون قد خرقت اتفاقية دولية. وهي أيضاً لن تسمح باختراق حدودها وانتهاك سيادتها تحت مسمي الاحتياج الإنساني فقد فعلناها مرة. لكنها لا تعني استباحة سيادتنا في وقت أصبحت حماس هي المسئولة عن تدهور الأوضاع المعيشية بعد رفض الهدنة وإعادة إطلاق الصواريخ. ثانيا ً: ردد البعض إن مصر تراجعت عن إرسال 50 شاحنة محملة بالأغذية والأدوية إلي غزة من خلال معبر كرم أبوسالم المخصص لمرور المساعدات.. والحقيقة أن الذين أفتوا بذلك جهلة وكذابون.. فمصر كانت قد اتفقت مع إسرائيل علي مرور الشاحنات وأخطرت حماس بضرورة وقف إطلاق النار لتمر الشاحنات. وتظاهرت حماس بالموافقة.. ثم عندما أكملت مصر استعدادها لدخول الشاحنات فوجئت بحماس تطلق صواريخ علي معبر كرم أبوسالم في "تعمد" واضح لرفض دخول الشاحنات من هذا المنفذ والإصرار علي معبر "رفح" لإحراج مصر أولاً ثم للتمهيد لعملية اقتحام للمنفذ فيما بعد كالسابقة الأولي في يناير وفبراير هذا العام.. وعلي حماس أن تدرك أن مصر لن تسمح بهذا.. إذن "حماس" لم تكن تستهدف الحصول علي مساعدات وأدوية بقدر ما كانت تستهدف مصر. ثالثا ً: تردد في الآونة الأخيرة تعبير يقول سفن فك الحصار.. وهذا تعبير مضلل فليس هناك سفن تفك الحصار.. إنها مراكب صيد تتقدم بطلبات للخارجية الإسرائيلية وتوافق لبعضها وترفض البعض الآخر.. هذه المراكب يتم تفتيشها بدقة من المخابرات الإسرائيلية ربما في لارناكا بقبرص قبل أن تتوجه لسواحل غزة.. ليس لغزة مياه إقليمية فهي ليست دولة.. وسفينة إسرائيلية هي التي تصطحب زورق أو مركب الصيد حتي يصل للساحل أمام غزة.. لا يوجد فك للحصار. لأن هذا معناه أن تشتبك مراكب المؤن مع البحرية الإسرائيلية وتشق لنفسها طريقاً رغماً عن إسرائيل وهذا لا يحدث.. وأكبر دليل علي ما أقول إن إحدي السفن العربية توجهت لغزة دون أخذ تصريح من الخارجية الإسرائيلية ودون التفتيش الدقيق. فتم إطلاق النار عليها فوراً وعادت بسرعة ولم تستطع الدخول.. السواحل أمام غزة مازالت مياهاً إقليمية إسرائيلية.. أتمني أن تكون الحقائق اتضحت للمزايدين ليعلموا أن حماس في كل أفعالها تنفذ أجندة إسرائيل أفضل من إسرائيل نفسها.. يقول الله تعالي في كتابه العزيز "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين" صدق الله العظيم..