الجمهورية 21/11/2008 مازال علماؤنا الأفاضل يتسابقون في اصدار الفتاوي المخربة للبيوت المدمرة للعلاقات الزوجية. المفسدة لقيم الرحمة والمودة والتفاهم والتراحم التي أرادها الله لتحقيق الطمأنينة والسكينة بين الزوجين!! لا يخلو برنامج ديني علي محطة تليفزيونية أرضية أو فضائية من هذه النوعية من الفتاوي التي يعتقد أصحابها أنها تجسد قيم المساواة والعدالة والانصاف بين الرجال والنساء وهي في حقيقة الأمر تفسد وتخرب وتحرض علي التمرد وتقود إلي خراب البيوت ومضاعفة أعداد المطلقات فضلا عن تشريد الأبناء وتعريض مستقبلهم للخطر بعد أن يذهب كل من الأب والأم إلي حال سبيله. **** فتوي إباحة ضرب الزوجة لزوجها والتي صدرت مؤخرا عن عالم سعودي وأيدها عالم تركي. ثم حصلت علي "ختم التصديق" من رئيس لجنة الفتوي بالأزهر مثال صارخ علي هذه النوعية من الفتاوي المدمرة للعلاقة بين الزوجين والتي تؤكد أن كثيرا من مشايخنا الكرام يفتقدون إلي الحس الاجتماعي والانساني في التعامل مع المشكلات الزوجية والأسرية خاصة ما يتعلق بالعلاقة بين الزوجين. لقد شاعت رذيلة العنف ضد المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية كما شاعت هذه الرذيلة بين كل أمم الأرض حيث تشكو النساء من عنف الرجال داخل المجتمعات المتحضرة والمتخلفة علي السواء.. ومواجهة هذا السلوك العدواني من جانب الرجال لا يكون أبدا بتحريض المرأة علي مبادلة زوجها عنفاً بعنف والاعتداء عليه أو الرد علي اللطمة بلطمتين كما قال أحد العلماء الأفاضل.. بل الأسلوب الأمثل لمواجهة هذا العنف الرجالي وذلك السلوك المتخلف هو إدانته وتوضيح الموقف الاسلامي الرافض له. ومعاقبة الرجل المعتدي بما نصت عليه القوانين في حالة تضرر المرأة ولجوئها إلي القضاء. أما تحريض المرأة علي ضرب زوجها تحت ستار الدفاع عن النفس فهذا سلوك أحمق لا يقره دين ولا عقل ولا يقبله عرف. ولا أعتقد أن زوجة عاقلة متزنة تقبل أن تعيش في كنف رجل "مضروب". في حوار صحفي سألت عالمة أزهرية متميزة: كيف تدافعين عن ضرب الرجل لزوجته وانت أنثي يمكن أن تتعرضي في يوم ما للضرب؟! ردت ضاحكة: "ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب" ثم أضافت: الذي شرع ضرب الزوجة المتمردة العاصية التي نطلق عليها في الفقه الاسلامي "الناشز" هو الله سبحانه وتعالي.. والضرب الذي شرعه الله ليس عدوانا ولا وسيلة انتقام.. بل هو مجرد تعبير رمزي عن غضب الزوج ورفضه لعصيان وتمرد زوجته.. وأنا كأنثي أعرف جيدا طبائع النساء وأؤكد أن هناك نوعية من النساء لا يصلحهن إلا الضرب.. لذلك واجبنا جميعا أن نقول "سمعا وطاعة" لمن خلق الانسان وهو العليم الخبير بما يصلحه وما يفسده.. لكن الضرب الرمزي الذي شرعه الاسلام له حدود وضوابط ولا يعطي الرجل حق العدوان علي زوجته. **** الغريب والعجيب أن بعض العلماء الذين يتبنون مثل هذه النوعية من الفتاوي المحرضة للنساء علي التمرد والعصيان يعتقدون أنهم بذلك ينصفون المرأة ويعبرون عن حماية الاسلام لها ومساواتها بالرجل في كل شيء حتي في العنف والعدوان وينسي هؤلاء أننا نعيش في مجتمعات شرقية تحكمها عادات وتقاليد وأعراف وآداب وأخلاقيات تفرض علي المرأة أن تحترم زوجها حتي لو تجاوز حدود ما ألزمه به الشرع والعرف والقانون. منذ أيام اتصلت سيدة ببرنامج ديني فضائي وسألت أحد المشايخ الكرام: أرغب في السفر لأداء مناسك الحج من مالي الخاص ولكن زوجي يرفض مع انني سأسافر في صحبة شقيقي.. فهل هذا من حق زوجي؟ وهل يجوز أن أسافر دون إذنه؟ سألها العالم الفاضل: هل سبق لك أداء الفريضة من قبل؟ قالت له: لا.. هذه هي المرة الأولي التي أسافر فيها للحج. رد عليها بكل بساطة: سافري علي بركة الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ما قاله الشيخ صحيح ولا غبار عليه من الناحية الشرعية وهو محل اتفاق بين العلماء.. فمادامت لم تؤد الفريضة فمن حقها السفر حتي ولو رفض الزوج.. لكني أسأل هذا الشيخ وأمثاله من الذين ينقلون أحكام الشرع للناس دون مراعاة للملابسات والتداعيات والمخاطر التي تترتب علي العناد والعصيان والتمرد بين الزوجين هل تعتقد يا شيخنا الجليل أنك قدمت خدمة أو حللت مشكلة حقيقية تواجه هذه السيدة؟ وهل تعتقد أن زوجها سيقابلها بالورود بعد العودة بعد أن سافرت رغم أنفه؟ وهل تتوقع لحياتهما الزوجية السعادة والاستقرار بعد أن رفعت راية العصيان والتحدي والتمرد علي الزوج؟ كان الأولي بالعالم الفاضل أن ينصح هذه السيدة بمحاولة اقناع زوجها بالموافقة علي سفرها أو اصطحابه معها أو الاستعانة بأهل الخير لاقناعه بالعدول عن موقفه والتخلي عن عناده حتي تسافر برضاه ولا يترتب علي سفرها افساد أو تدمير حياتهما الزوجية.. حتي ولو كان ثمن ذلك أداء فريضة مثل الحج. فتاوي تحريض نسائنا علي التمرد والعصيان كثيرة ومتنوعة ومتكررة يوميا في كل البرامج الدينية بالمحطات الأرضية والفضائية.. ومثل هذه الفتاوي لن تحقق مصالح حقيقية للمرأة في بلادنا علي عكس ما يعتقد مرددوها.. بل هي تضاعف من معاناة المرأة. وكم خربت بيوت وتعثرت علاقات زوجية كانت مستقرة بسبب فتاوي متسرعة. لذلك نناشد علماءنا الأفاضل التروي قبل دفع امرأة إلي الاساءة لزوجها مهما كان حجم هذه الاساءة فلن يقبل رجل لديه ذرة كرامة أن تعيش معه امرأة أساءت إليه وأهانته وتمردت عليه ورفعت راية التحدي والعصيان في وجهه.