خلال اجتماعهم في واشنطن، تعهد زعماء مجموعة العشرين بالتحرك بسرعة لانقاذ الاقتصاد العالمي الضعيف من أسوأ أزمة مالية يمر بها منذ أكثر من 70 عاما عبر تشديد الرقابة على البنوك ومنح القوى الاقتصادية الصاعدة دورا أكبر في إدارة الازمة المالية. ورسمت مجموعة العشرين التي تضم دولا صناعية متقدمة ودولا ناشئة خططا لتشديد الرقابة على البنوك العالمية الكبرى ودراسة فرض حدود على أجور المصرفيين والسعي لتحقيق انفراجة في محادثات التجارة العالمية بنهاية عام 2008 في اطار خريطة طريق لاعادة بناء النظام المالي العالمي الذي عرقلته الازمة الائتمانية. وتعهد الزعماء باحراز تقدم قبل عقد قمة ثانية قبل نهاية أبريل/ نيسان 2009، واضافوا في بيان صدر عقب أول قمة تعقدها المجموعة "علينا أن نضع أساس الاصلاح للمساعدة في ضمان عدم تكرار مثل هذه الازمة العالمية". ودعت المجموعة لاتخاذ تدابير لحفز الانفاق سواء من خلال تخفيضات ضريبية أو من خلال الانفاق الحكومي حتى تحدث "أثرا سريعا" وحثت أيضا على تخفيضات أخرى في أسعار الفائدة. وبالرغم من أن المجموعة لم تصل الى حد اعلان أي اجراءات جديدة أو تعديلات كبرى في النواحي التنظيمية وتركت الامر لكل دولة على حدة لكي تتخذ ما تراه مناسبا، الا أن دعم مجموعة العشرين قد يعزز الجهود في الكونجرس الامريكي للعمل من أجل خطة ثانية لتحفيز الاقتصاد يعارضها بوش ويؤيدها باراك أوباما الذي سيتولى الرئاسة بعده. ومن جانبه وصف الرئيس الامريكي جورج بوش القمة التي ربما تكون آخر حدث اقتصادي كبير يشارك فيه قبل أن يترك منصبه في يناير/ كانون الثاني 2008 بأنها ناجحة، وقال ان الزعماء اتفقوا على سياسات تقوم على السوق الحرة وتعزيز النمو. وقال بوش "من المعقول أن نخرج من هنا بخطة عمل واضحة وأن نقول للناس أنه مازال هناك عمل أكثر يجب انجازه". وبرز خلال الاجتماع تحذيرات مجموعة العشرين من تعرض الدول لأخطار التراخي شديدة، وبالفعل بدأت دول ناشئة تسقط في الدوامة وهو ما اتضح في حصول باكستان على قرض قيمته 7.6 مليار دولار من صندوق النقدي في يوم انعقاد القمة. وفي رد فعل مخالف قال رئيس الوزراء الياباني تارو اسو، إن الازمة التي تعد أسوأ أزمة منذ 100 عام، قد تكون فرصة سانحة للاقتصاد العالمي، فالتاريخ يقول ان التغلب على أزمة ما يخلق نظاما جديدا، وبناء عليه على الدول التفكير جيدا والا تربكنا الازمة. وفيما يوحي بتحول كبير في الميزان العالمي للقوة الاقتصادية اتفقت مجموعة العشرين على اشراك قوى اقتصادية صاعدة في منتدى الاستقرار المالي الذي تعمل من خلاله هيئات تنظيم العمل المصرفي في الدول الصناعية على تقييم المخاطر التي تواجه البنوك والاسواق. كما حصل المنتدى على دور أكبر في وضع السياسات والمعايير المالية العالمية التي ستتبعها هيئات الرقابة على مستوى الدول. وفي الاجل المتوسط فتحت مجموعة العشرين أيضا الباب أمام زيادة عدد المقاعد التي تشغلها الدول النامية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ومع تزايد اعتماد الغرب على أمواله في انقاذ البنوك والدول مارس رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ضغوطا على الصين ذات القوة التصديرية الهائلة والسعودية الغنية بالنفط من أجل مد يد العون وتزعم الدعوة من أجل اصلاح النظام العالمي القائم منذ 60 عاما على اتفاقيات بريتون وودز التي أدت الى تأسيس صندوق النقد والبنك الدوليين. لكن وزير المالية السعودي ابراهيم العساف قال ان المملكة لا تنوي تقديم المزيد من الاموال لصندوق النقد. وقالت اليابان انها تأمل أن توفر الصين مزيدا من الاموال للصندوق الذي يقوم بدور الشرطي المالي في العالم ولكنه ظل خاضعا لهيمنة الولاياتالمتحدة والاعضاء الاخرين في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وكلف الزعماء وزراء ماليتهم بجدول أعمال حافل يتمثل في مراجعة المعايير المحاسبية العالمية وتكوين هيئات من المشرفين للرقابة على البنوك العالمية الكبرى ووضع معايير جديدة لوكالات التصنيف الائتماني والبحث عن سبل لتقليص مرتبات المصرفيين وذلك من خلال ربطها بحجم المخاطر التي يتعرض لها البنك. ويبدو أن صناديق التحوط وشركات الاستثمار الخاص حصلت على اعفاء من القواعد الرقابية المشددة الجديدة اذ قالت مجموعة العشرين أن عليها أن تستخدم أفضل الممارسات الطوعية لكن بوتيرة أسرع. وقال مستشارون كلفهم الرئيس الامريكي المنتخب أوباما بمقابلة كبار الشخصيات على هامش قمة العشرين انه يؤيد تحركا منسقا لحل الازمة المالية العالمية ومستعد للعمل مع الدول الاعضاء فيها لتحسين النظام المالي عندما يتولى الرئاسة. (رويترز)