سجلت أسعار السلع والخدمات ارتفاع مطرد خلال الفترة الإخيرة بما يتجاوز كافة التوقعات وبنسب أعلي من معدلات التضخم المعلنة، وقدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير 2008 ب 11.5 % وهو ما تبرز معه أهمية الادوات والآليات المستخدمة في قياس نسب التضخم الفعلية والتنبؤ بحركتها المستقبلية حتي يتسني للقائمين علي الاقتصاد انتهاج سياسات تصحيح سعرية للسلع والخدمات مثل استهلاك التضخم. قال الدكتور ماجد عثمان رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إن لموجة ارتفاع الاسعار تأثير علي عدد من الأصعدة فبالاضافة الي تراجع مستوي معيشة الفقراء فإنها تزيد من حالة عدم الرضا لدي المواطن، خاصة مع عدم تدخل الدولة لضبط الاسعار. وأضاف وعلي المستوي السياسي يؤثر ارتفاع الاسعار في رسم السياسة العامة للدولة مثل الدعم وأعادة توزيعه ليتوجه للمستحقين وهو ما يطرح افكارا مثل التحول من الدعم العيني الي النقدي، فضلا عن عن أن الصعود المستمر للأسعار يشكك قي قدرة أية مستوي للدخل علي كفالة حياة كريمة في المستقبل القريب. وفي ظل هذة الظروف تبرز أهمية ايجاد طرق سريعة لقياس أسعار المستهلكين بشكل خاصة بالنسبة للسلع الاساسية والاستراتيجية لنشر ثقافة رقمية تنقل للمواطن الواقع الذي يشعر به كما هو. جاء ذلك في حلقة نقاشية بعنوان "الأرقام القياسية للأسعار وقياس التضخم في مصر" الاربعاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء والجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، بحضور عدد من الاقتصادين والاكاديمين. وحول التشكيك في الارقام التي يعلنها الجهاز للتضخم وأسعار المنتجين والمستهلكين ووصفها بالتضارب والاختلاف مع المصادر الاخري سواء الحكومية أو الدولية قال اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن الجهاز هو المصدر الوحيد لتلك البيانات وتعمل وفق الآليات الدولية كما أن سلة السلع والخدمات المستخدمة في قياس مستويات الاسعار في المقارنات الدولية متشابة مع المستخدمة في مصر، لافتا الي أن ما يحدث هو أن الجهاز يعلن مستوي شهري للتضخم والمصدر يعلن نسبة التضخم بدون ذكر الشهر المقصود به. يذكر، ان التضخم يقاس من خلال قراءة مؤشرات مثل الرقم القياسي لأسعار المستهلكين والمنتجين، ويعني الاول -وفقا للجهاز المركزي للإحصاء- ب (الاسعار الاساسية التي يدفعها المواطن مقابل الحصول علي السلع والخدمات)، بينما يعرف الرقم القياسي لأسعار المنتجين ب( الاسعار الاساسية التي يحصل عليها المنتجين المحليين مقابل السلع والخدمات التي ينتجونها عند التسليم من محل الإنتاج). في نقد للمنهجيات المستخدمة في انتاج تلك المؤشرات المعبرة عن نسب التضخم في مصر قال الدكتور طارق موسي، الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والمستشار بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن مصر لم تنتهج سياسة استهلاك التضخم بالرغم من الارتفاع المطرد في الاسعار وهو ما يرجع الي عدم وجود قياس دقيق لأسعار المستهلكين وهو ما ينتج عن استحالة الحصول علي معلومات كاملة عن السوق في مصر وبالتالي فلابد من وجود سوق رسمية للبيانات. وأضاف أن قياس اسعار المنتجين متوقف بالرغم من انه يعبر عن تكاليف الانتاج ويسهل التنبؤ بالرقم القياسي لاسعار المستهلكين. ورصد الدكتور عبد الحميد نوار الاستاذ بقسم تطبيقات الحاسب الآلي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مجموعة من الملاحظات وطرق قياس التضخم منها فجوة الارقام القياسية للاسعار في مصر حيث لا تغطي الخدمات المستوردة والقصور في تغطية الخدمات المحلية، وتغطية كافة الخدمات الداخلة في العملية الانتاجية مثل الخدمات المصرفية والدعاية والاعلان وتأخير المعدات وكذلك معاملات البورصة وإدارة صنادين الاستثمار وخدمات التامين في حين انها اقتصاد رسمي وفاعل. وأكمل أن القياس بتطلب الاحلال والتجديد المستمر للسلع والخدمات الجديدة التي تدخل في العملية الانتاجية مثل زيادة نسب استخدام الغاز الطبيعي مقارنة بالبترول وخدمات الانترنت بديل عن الهواتف الارضية، وكذلك لابد من احتساب فروق الاسعار في العقود عند قياس اسعار المستهلكين لان هناك سلع مثل الحديد ترتفع بمتوالية سريعة.