عاجل.. خبير يكشف توقعات حركة الذهب خلال الأسبوع الأول بعد خفض الفائدة    محمد جبران: مواجهة صارمة لشركات العمالة الوهمية(فيديو)    عاجل- نتنياهو: لن تكون هناك دولة فلسطينية والرد قادم بعد عودتي من الولايات المتحدة    هل يعود السودان إلى حاضنة الاتحاد الإفريقي؟    التوأم يطمئن على إمام عاشور ويحسم موقفه من مباراة جيبوتي    بداية تاريخية للعام الدراسي الجديد والانضباط عنوان المرحلة.. المدارس تستقبل الطلاب بصورة مثالية.. ومتابعة دقيقة من الوزير محمد عبد اللطيف على أرض الواقع    رسميًا.. موعد صرف المرتبات 2025 للموظفين لأشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر    الجيش الإسرائيلي: تم إجلاء أكثر من 550 ألفا من سكان مدينة غزة    مصر تدين الهجوم على مسجد بمدينة الفاشر    محافظة الجيزة: إزالة العوائق بمحيط مدرسة ترسا الجديدة بالطالبية    منتخب ناشئات اليد يتوج ببطولة أفريقيا على حساب تونس    العرب بلا ذهب للمرة الأولى منذ 10 سنوات في مونديال ألعاب القوى    تجديد حبس 4 أشخاص لترويجهم مواد مخدرة ببولاق الدكرور    "الشؤون الدينية" تُعلن التسجيل لرخصة التطويف بالمسجد الحرام    الصرصار الأمريكي!    دمهم خفيف.. 5 أبراج هتملى حياتك ضحك وسعادة    والدة هنا الزاهد تحتفل بخطوبة ابنتها الصغرى برسالة مليئة بالحب    بفستان مثير.. مي سليم تخطف الأنظار في أحدث ظهور    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    دار الإفتاء: زواج الأخ من زوجة أخيه جائز بشرط    في اليوم العالمي لمرض ألزهايمر، 7 عوامل خطورة تزيد من احتمالية الإصابة    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى المنزلة ويوجّه بحزمة إجراءات عاجلة    محافظ المنيا ورئيس هيئة الرعاية الصحية يبحثان تطبيق التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات الطبية    عبير صبري زوجة خالد الصاوي في زمالك بولاق.. وجلسة تصوير تضعها فى صدارة التريندات    ايتيدا تفتح باب التقدم للشركات الناشئة للمشاركة في Web Summit 2025 بمدينة لشبونة    بالمستند.. اكاديمية المعلم تقرر مد فترة التدريبات وحجز اداء الاختبارات امام اامعلمين للحصول علي شهادة الصلاحية    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    رسميًا.. اللواء أشرف نصار رئيساً لنادى البنك الأهلي والسرسي نائبًا    «فادي فريد يقود الهجوم».. الظهور الأول لتامر مصطفى لقيادة الاتحاد السكندري في مواجهة زد بالدوري (صور)    دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    ثلاثة عوامل خطرة تزيد من احتمال الإصابة بمرض الكبد الدهني القاتل    موعد صلاة العشاء ليوم الأحد .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    شريهان أشرف تقدّم خطوات مكياج دافئ وهادئ لخريف 2025 في «ست ستات» على DMC    في واقعة الإسورة الأثرية.. النيابة توصي بمنع دخول حقائب مرممي الآثار وتفتيشهم عند الخروج وتركيب كاميرات مراقبة    تنفيذ قرارات إغلاق لعدد من المحلات المخالفة جنوب الغردقة    تأجيل محاكمة 11 متهما بقضية "خلية حلوان" لجلسة 2 نوفمبر المقبل    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بالبحيرة    135 مخالفة زيادة أجرة وخطوط سير خلال حملة بمواقف الفيوم "صور"    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    إعلامي: كارلوس كيروش سيكون مديرا فنيا للأهلي ولكن بشرط    العراق يشغل أول محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية جنوبي بغداد    الرئيس السيسي يوجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    تفاصيل انفجار خط غاز بحر مويس في بنها بسبب خطأ سائق حفار.. فيديو وصور    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    سعر الذهب في مصر يقفز بنحو 8 أضعاف في 9 سنوات (انفوجرافيك)    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    احتفالا ب العام الدراسي الجديد.. مدرسة ب الوادي الجديد تستقبل طلابها بالحلويات    «الشوربجي»: خطة لتوسعات كبرى بأكاديمية أخبار اليوم وتجهيز 5 مبان جديدة لجامعة نيو إيجيبت    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    فوز السكة الحديد وبروكسي.. نتائج مباريات الأحد في الدور التمهيدي لكأس مصر    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    أستراليا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    البورصة المصرية تخسر 11.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    تنورة وعروض فنية.. مدارس دمياط تستقبل العام الدراسي الجديد.. ولجنة وزارية تتفقد مدارس المحافظة (فيديو)    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضواء على الاتحاد من أجل المتوسط
نشر في أخبار مصر يوم 13 - 07 - 2008

"الاتحاد من أجل المتوسط" هو مشروع دعا اليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ويهدف من خلاله إلى أن يكون محركاً للتعاون بين الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.ويعرف الإتحاد اختصارا باسم‏MU.
انطلق ساركوزي في هذا المشروع من القول بأن "البحر المتوسط ليس ماضينا بل مستقبلنا" معتبراً أن العديد من مشاكل أوروبا الكبيرة تحل بالتنسيق الوثيق مع الدول الواقعة على الضفة الأخرى من المتوسط. ومن هذه المشاكل: الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وتلوث البحر الذي يؤثر في السياحة والثروة السمكية، وشح المياه العذبة، والبطالة، والكثافة السكانية في الجنوب (أي في الدول العربية والإفريقية) والتصحر الذي ينتشر ليطال دولاً مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان.
وكان ساركوزي قد اعتمد على خلفية تتمحور حول عوامل ثلاثة أساسية هي:
- مقتضيات الشراكة الأمنية لمحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
- حل معضلة اندماج تركيا في الاتحاد الأوروبي الذي يواجه اعتراضا فرنسيا حاسما.
- دفع الحوار الأوروبي الإسلامي.
بداية المشروع
انطلقت فكرة الاتحاد المتوسطي في مؤتمر روما الثلاثي بين زعماء إيطاليا وفرنسا وإسبانيا يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2007. وانجلى المؤتمر عن نداء روما الداعي زعماء الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط إلى مؤتمر ينعقد بباريس يومي 13 و14 يوليو/ تموز 2008.
ويذكر أن المبادرة الفرنسية الخاصة بالاتحاد من أجل المتوسط، قوبلت في البداية بالرفض من بعض الدول الأوروبية وتردد الاتحاد الأوروبي . فبينما أيد المشروع كل من إسبانيا وإيطاليا واليونان اتخذت ألمانيا والاتحاد الأوروبي موقفا حذرا، خاصة أن اقتراح ساركوزي في البداية كان يقصر عضوية الاتحاد من أجل المتوسط علي الدول المطلة علي المتوسط ( فرنسا - البرتغال- إسبانيا- إيطاليا- اليونان - قبرص- مالطا) وأن تكون بقية الدول الأوروبية مجرد مراقبة فانتقدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل خطة ساركوزي مشيرة إلي وجود خطر تقسيم الاتحاد الأوروبي وتهديد جوهره، واعترضت بصفة خاصة علي
مشاركة عدد قليل من دول الاتحاد الأوروبي واستبعاد الأخري.وطالب الاتحاد الأوروبي بأن يقوم الاتحاد من أجل المتوسط علي المؤسسات القائمة في ظل عملية برشلونة، مع قبول فرنسا انضمام كل دول الاتحاد الأوروبي للاتحاد من أجل المتوسط، وبقاء إعلان وعملية برشلونة ومؤسساته حجر الأساس في المبادرة الجديدة، وبقاء أهداف ومجالات التعاون في عملية برشلونة سارية المفعول.
وافق المجلس الأوروبي في 13 و14 مارس/آذار 2008 علي مبدأ قيام الاتحاد من أجل المتوسط وكلف مفوضة العلاقات الخارجية والسياسة الأوروبية للحوار "بينيتا فريرو - والدنر" بتقديم اقتراحات المفوضية لهيكلة " عملية برشلونة - الاتحاد من أجل المتوسط" وصوت البرلمان الأوروبي يوم 5 يونيو 2008بالموافقة علي وثيقة المفوضية الأوروبية حول" الاتحاد من أجل المتوسط" بأغلبية 562 صوتا واعتراض 30 نائبا وامتناع 30 نائبا آخر عن التصويت . وطالب البرلمان الأوروبي بأن يركز الاتحاد من أجل المتوسط علي عدة أبعاد مثل حقوق الإنسان ودعم هيئات المجتمع المدني، في دول الجنوب والعمل علي تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يعتبر عاملا أساسيا في إقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط، وبأن يعطي الاتحاد انتباها أكثر لضرورة حل الصراعات في المنطقة مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإيجاد تسوية لموضوع الصحراء المغربية.
ويلاحظ المراقبون ان الصيغة الجديدة للمشروع تختلف جذريا عن مبادرة ساركوزي، كما يظهر من الخطوط العريضة لبنود برنامج العمل المقترح من المفوضية الأوروبية في بروكسل. حيث تراجع الطموح من فكرة التكتل الاقتصادي المندمج والشراكة السياسية والثقافية الى مشاريع محدودة من قبيل التعاون في مكافحة تلوث مياه البحر المتوسط وبناء طرق الملاحة السيارة ومكافحة الاحتباس الحراري ودعم الطاقات المتجددة.
علي الجانب الآخر من المتوسط "دول الجنوب" تباينت مواقف الدول العربية .حيث عقد اجتماع لوزراء خارجية مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والأردن وفلسطين وسوريا ولبنان برئاسة الأمين العام للجامعة العربية ، بمقر الجامعة يوم 24 مايو 2008، لمناقشة ما انتهت إليه مبادرة الرئيس الفرنسي ساركوزي أوروبيا وتحديد الموقف العربي من "عملية برشلونة- الاتحاد من أجل المتوسط". وتبنت مصر إعداد ورقة تطرح علي الاجتماع العربي الأوروبي في سلوفينيا خلال شهر يونيو الماضى .كما رحبت الدول العربية بفكرة وجود رئاسة مشتركة لهذا الاتحاد لمدة عامين .
أعضاء الاتحاد
تم الاتفاق على أن يضم هذا الاتحاد 43 عضوا: الاعضاء ال 27 في الاتحاد الاوروبي، وعشرة بلدان من الجنوب هي الجزائر ومصر واسرائيل والاردن ولبنان والمغرب وموريتانيا وسوريا وتونس وتركيا، بالاضافة الى السلطة الفلسطينية والبانيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك ومونتينيغرو وموناكو.
الرئاسة والهيكل
رئاسة الاتحاد ستكون ثنائية حيث تتكون من إحدى دول الاتحاد الأوروبي المطلة على المتوسط ومن دولة من غير الاتحاد الأوروبي. وستشكل سكرتاريا دائمة سيحدد المؤتمر التأسيسي تكوينها كما ستجتمع قمة الاتحاد سنويا.
الأهداف
يركز الاتحاد في مجال التعاون بين أعضائه على: قضايا الأمن والهجرة والبيئة والطاقة المتجددة والحماية المدنية والتعليم والتكوين والثقافة وتمويل المشاريع، فضلا عن تنمية الدول الواقعة جنوب المتوسط.
ويذكر انه من أهم المشروعات التي يعمل الاتحاد من أجل البحر المتوسط على إطلاقها هى ما يلى:
- مشاريع خاصة بمجال البيئة التي باتت تهدد ضفتي المتوسط وكذلك الأحياء المائية من جراء المخلفات العمرانية ومياه الصرف والانبعاثات الصناعية.
- إنشاء خطوط بحرية كبرى في تنمية المبادلات والعمل على ظهور شركات جديدة. ويمكن لهذه الخطوط أن تأتي استكمالاً بصورة تدريجية لنقل البضائع عبر الطرق البرية المكتظة بالفعل .
- دعم الشركات المتوسطة والصغيرة من خلال صندوق ضمانات وصندوق مالي خاص يتأسس عن طريق مساهمات المؤسسات المالية القائمة على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف مع الانفتاح على القطاع الخاص.
- إنشاء صندوق متوسطي للتعاون المشترك في مجال البنية التحتية يعمل في ظل التسهيلات الاستثمارية الجديدة لصالح دول الجوار والتي تم إقرارها في الاتحاد الأوروبي، والتى ستعمل على تعظيم فرص عمليات التمويل المشترك.
- إنشاء آلية فعالة للحماية المدنية، تأتي استكمالاً للنظام الأوروبي القائم من قبل، من أجل تجسيد التضامن بصورة ملموسة في مواجهة المخاطر الطبيعية بين دول الحوض المتوسطي.
- التركيز على تأهيل الشباب لكي يتمكنوا من ممارسة المهن المرتبطة بالشركات الجديدة، التجارية والصناعية منها، على مستوى مهنيين متخصصين.
- التعاون الإقليمي المتنامي، الذي سيشارك فيه أرباب العمل والنقابات المتوسطية، من أجل أن تصبح المهن المرتبطة بالتنمية المستدامة بالنسبة إلى الشباب - الذين لا يتلقون اليوم أي تأهيل لهذه المهن - درباً لمستقبل ناجح في دولهم الأصلية
- تطوير التوظيف، وابتكار مهن جديدة، بما في ذلك في القطاع البحثي، وهو قطاع رئيسي ومحرك ينبغي على أوروبا والبحر المتوسط، الغنيتان بالمواهب، أن تستعيدا قدرتهما الجاذبة بشأنه.
الصعوبات والتحديات:
- دمج إسرائيل في المحيط المتوسطي
طلبت الدول العربية توضيحات خلال منتدى لدول المتوسط انعقد في العاصمة الجزائرية يوليو/حزيران 2008، بشأن انعكاسات انضمام إسرائيل إلى مشروع الشراكة بين ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية، خاصة مع وجود بعض الدول العربية التى لا تقيم علاقات مع اسرائيل. وعتبرت ان عملية التطبيع مع اسرائيل تندرج في اطار نقاش آخر بين الدول العربية التي اقرت في بيروت العام 2002 مبادرة تنص على تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية مقابل انسحابها من الاراضي التي احتلتها العام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم.
- الرفض الليبي،حيث رفض العقيد معمر القذافي انضمام ليبيا للاتحاد من أجل المتوسط سواء بصفتها عضوا أو مراقبا. وبرر القذافي رفضه ، بأن الاتحاد من أجل المتوسط سيصبح بوابة للتطبيع مع إسرائيل نظرا لكون الأوروبيين يشترطون الموافقة على انضمام إسرائيل للاتحاد .
وأن بعض التيارات المتطرفة قد ترى في الاتحاد شكلا جديدا للاستعمار مما يوجب مقاومته وبالتالي يزداد الإرهاب. كما أكد العقيد الليبي إن قيام الاتحاد من أجل المتوسط سيعطي مبررا لكل الراغبين في الهجرة غير الشرعية للسعي نحو الوصول إلى بلدان الشاطئ الآخر من الاتحاد.
وأوضح أن مشكلة فلسطين والأراضى المحتلة سوف تشكل عوائق أمام الاتحاد من أجل المتوسط، وكذلك حزب الله وحركة حماس التي لا تقبل أوربا، وأيضا الصراع بين الأكراد والأتراك، والصراع الموجود في أبخازيا والاعتراف بكوسوفو، وتقسيم قبرص، والمشكلات الأوربية الأخرى، هى قنابل موقوته وألغام أمام هذا الاتحاد.
- عدم وجود ما يعرف بوحدة الخطاب إزاء المشاكل والقضايا الماثلة حالياً، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: منظور الجانب الأوروبي الذي يريد الدفع باتجاه إدماج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط دون أن يتم حل الصراع.
- مواجهة حركة السلع والأفراد للمزيد من التحديات بسبب ارتباط شمال المتوسط بقيود الاتحاد الأوروبي إزاء التجارة والمعاملات الاقتصادية، إضافةً إلى أن حركة الأفراد ما زالت تتأثر بقدر كبير بسياسات الهجرة الأوروبية التي تطبقها دول جنوب أوروبا.
أهمية دول المتوسط بالنسبة لفرنسا
يمكن حصر الدوافع الأساسية التي جعلت الرئيس الفرنسي يطرح مشروع الاتحاد المتوسطي في التحديات التي تشكل خطرا أمنيا على مستقبل فرنسا والمتمثلة في قضايا: الإرهاب العابر للأوطان، الهجرة غيرالشرعية، مستقبل المياه، التلوث في البحر الأبيض المتوسط .
فيما يتعلق بالتحديات البيئية، هناك إدراك فرنسي بأن قضية الأمن البيئي في البحر الأبيض المتوسط تشكل هاجسا مشتركا بين بلدان الضفتين لما تمثله المنطقة من أهمية إستراتيجية حيوية، حيث يعبر منها 30 بالمائة من النقل البحري الدولي ومن 20 إلى 25 بالمائة من النقل البحري للمحروقات مما يضاعف من مخاطر التلوث.
كما يشكل الماء مصدر قلق مستقبلي لسكان المنطقة وحسب التقديرات المتخصصة في هذا المجال فإن عدد الفقراء بالمياه في العالم ( أي أقل من ألف متر مكعب في السنة لكل فرد) في سنة 2000 كان قد وصل إلى 108 مليون نسمة، ويزداد باستمرار هذا العدد بفعل مجموعة من العوامل منها النمو الديمجرافي، التغيرات المناخية والتلوث مما يتطلب مجهودات جبارة، مالية وفكرية لدول المنطقة المتوسطية من أجل تأمين المنطقة خصوصا وأن الكثير من الدراسات الإستراتيجية تنذر بوقوع حروب فى المستقبل على ضفاف المياه والأنهار.
ويرى المراقبون انه في حالة عدم الاهتمام المشترك بالبيئة، فإن إنعكاساته على مستقبل الاستقرار الأمني والاقتصادي ستكون نتائجه كارثية، ويشكل قطاع السياحة أولى القطاعات التي ستتضرر مما يؤثر سلبا على عائدات هذه الدول، خصوصا وأن التقديرات الأوروبية تعتمد كثيرا على عائدات السياحة التي ارتفع عدد السواح بأربعة أضعاف في الفترة ما بين 1970 و2000 لتصل إلى 218 مليون سائح وهي مرشحة للتصاعد في آفاق 2025 ب 178 مليون سائح إضافي.
إضافة للتحديات البيئية، فإن العامل الديمجرافي يشكل اهتمام فرنسي خاص في اتجاهين، الاتجاه السلبي ( وقف الهجرة السرية المتدفقة على جنوب أوروبا) والاتجاه الإيجابي ( حاجة فرنسا للهجرات لتعويض النقص في الفئات العاملة النشطة)، حسب تقديرات الأمم المتحدة فإن عدد السكان في كلا الضفتين سيصل في سنة 2050 إلى 400 مليون لكل ضفة.وهذا العدد الضخم من السكان سيحتاج إلى تأمين العمل، والسكن والتربية والتعليم وستكون النتائج كارثية إذا بقي الوضع في نفس الاتجاه من حيث الاختلال في التوازن التنموي بين شمال المتوسط وجنوب المتوسط ( الدخل الفردي في أوروبا تزايد في الفترة ما بين 1990 و2006 ب 12 مرة مقارنة بنظيره في جنوب المتوسط) مما يزيد من تصاعد حركة الهجرة السرية، ويكفي هنا أن نشير إلى أنه في العشرين سنة الماضية لقي ما يزيد عن 8 آلاف شخص حتفهم في أعماق البحر المتوسط وهم يحاولون التسلل إلى الضفة الشمالية للمتوسط عبر اسبانيا وإيطاليا.
إذا كانت فرنسا تنظر للضفة الجنوبية على أنها تمثل جملة من التهديدات، فهي بالمقابل تعتبر مصدرا لأمنها الطاقوي، حيث تستحوذ كل من الجزائر، ليبيا ومصر على 5 بالمائة من الاحتياطات العالمية من الغاز الطبيعي و3 بالمائة من الاحتياطات العالمية من النفط، وتشكل الجزائر في هذا الإطار الدولة
الأساسية من حيث تأمين الغاز لجنوب أوروبا من خلال الأنبوب المتوسطي (الجزائر-تونس، سيسيليا إلى إيطاليا) وأنبوب الغاز المغاربي-الأوربي ( الجزائر، المغرب ، اسبانيا والبرتغال) والتحدي الذي يطرح على فرنسا وبلدان شمال الضفة المتوسطية أن الطلبات على الطاقة ستتزايد ما بين 2000 و2025 ب65 بالمائة مقابل محدودية القدرات الإنتاجية مما يستدعي الاستثمار في الطاقات المتجددة، وهو ما تطرحه فرنسا في الوقت الراهن من خلال"مقايضة الغاز الطبيعي بالطاقة النووية ذات الاستخدامات السلمية". وتشير التقديرات إلى تصاعد حاجيات دول الاتحاد الأوروبي للطاقة، حيث ستتزايد الواردات من 40 بالمائة سنة 1999 إلى 50 بالمائة سنة 2010 إلى 70 بالمائة سنة 2020 وتصل إلى 85 بالمائة سنة 2030، في الوقت الذي تعتبر فيه الجزائر ثالث ممون لأوروبا بعد روسيا والنرويج، حيث تؤمن ما بين 25 إلى 30 بالمائة من حاجيات السوق الأوروبية وما بين 50 و60 بالمائة من حاجيات إسبانيا وإيطاليا، ولديها مشروعين كبيرين لتموين أوروبا بالغاز من خلال مشروع"ميدغاز"الذي يربط الجزائر باسبانيا و"جالسي" الذي يربط الجزائر بإيطاليا، مع طموح الجزائر لوصول إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى 85 مليار متر مكعب سنويا ابتداء من 2010. ولا تكتفي الجزائر بتصدير مواردها الطاقوية، بل شرعت في ربط هذه العلاقة الإستراتيجية مع أوروبا من خلال مشروع الأنبوب الأفريقي الذي يربط نيجيريا بالجزائر بأوروبا عبر النيجر تتراوح طاقته ما بين 20 و30 مليار متر مكعب سنويا، على أن يكون جاهزا في حدود سنة 2015 .
كما تولي القيادة السياسية الفرنسية أهمية كبيرة للمنطقة، حيث وقع ساركوزي مع الملك المغربي على اتفاقيات بلغت قيمتها حوالي أربعة ملايين أورو في عدة مجالات أهمها القطار المكوكي بين طنجة والرباط، وشراء فرقاطة، وتحديث طائرات مروحية، وتجهيزات عسكرية،كما اتفق الرئيس الفرنسي والملك المغربي على تعاون في مجال الطاقة النووية السلمية تشيد فرنسا بموجبها للمغرب محطة أو محطتين نوويتين لأغراض سلمية.
وفي زيارته للجزائر وقع ساركوزي على اتفاقيات للتعاون والشراكة بقيمة خمس مليارات دولار، نصفها يعود لشركتي توتال وغاز دوفرنس، والنصف الآخر سيعود لشركات فرنسية ، الى جانب ما اقترحه من مشاريع في مجال الطاقة النووية.
وجدير بالذكر أن ساركوزي يريد إقامة كتلة اقتصادية توحد جنوب أوربا وشمال إفريقيا وإسرائيل،ويتخذ شكل اتحاد اقتصادي يشمل العرب والإسرائيليين لتنشيط الروابط التجارية بينهم باعتبار أن ذلك أمر جوهري لمستقبل السلام في الشرق الأوسط0
مشروعات سابقة لإتحاد دول المتوسط:
يوجد مشروعين متوسطيين سابقين هما: حوار 5 +5 ومسار برشلونة.
* مجموعة حوار 5 +5 :
برز المشروع في الثمانينيات،وجمع بين دول اتحاد المغرب العربي الخمس وهي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والدول الأوروبية المطلة على الضفة الغربية للمتوسط (اسبانيا وفرنسا وايطاليا ومالطا والبرتغال) وهى مجموعة دول غرب البحر الأبيض المتوسط، وتعمل تحت غطاء الإتحاد الأوروبي و تهتم بمسائل الشراكة الإقتصادية، التنمية ، الأمن في المنطقة و تنظيم الهجرة غير الشرعية.
وقد ظل هذا المشروع فكرة قائمة، بدت واعدة في فترة الحماس لاتحاد المغرب العربي، وانتكس بعد قرار تجميده. انعقد الاجتماع الأول للمجموعة في روما عام 1990 وتلاه آخر سنة 1991، ثم انقطعت الاتصالات قبل أن تتجدد في لشبونة 2001 وخلال قمة تونس 2003.
ومن الجلي أن هذا المشروع لا يتجاوز في الوقت الراهن حدود المنتدى العام للحوار التشاوري، وينحصر نشاطه في التنسيق الأمني ومحاربة الهجرة غير الشرعية.
*مسار برشلونة:
انطلق في مؤتمر مشهود انعقد بالعاصمة البرتغالية في نوفمبر 1995 بحضور 25 دولة أوروبية أما البلدان ال 10 الشريكة من المنطقة المتوسطية ، فهي: الجزائر، مصر، إسرائيل، الأردن، لبنان، المغرب، سوريا، تونس، تركيا، فلسطين.، وحضرته ليبيا كمراقب، وموريتانيا كضيف خاص (قبل ان تنضم مؤخرا الى المسار بصفتها عضوا كاملا). ومن المعروف ان المشروع الذي أطلق في سياق مشروع السلام الشرق أوسطي أريد مبادرة شراكة سياسية واقتصادية وإستراتيجية كاملة، وقد اقر إقامة منطقة تبادل حرة في الفضاء المتوسطي عام 2010. وعلى الرغم من الاجتماعات الوزارية والمتخصصة التي انعقدت بانتظام، إلا أن المشروع اصطدم بقوة بالمصاعب السياسية المتصلة بملف الشرق الأوسط بعد توقف عملية التسوية واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. الى جانب مشكلة الصحراء الغربية التى لم تنجح دول المغرب العربى فى حلها.
ويرى المراقبون ان مسار برشلونة كان يعانى أيضاً من مشكلات اخرى،ومنها إحساس دول الجنوب بأنّ الشمال يفرض عليها برامجه، وهو ما أعطى المشروع بعدا أحاديا، حيث كانت الأولويات المطروحة، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة، تخدم بالدرجة الأولى مصالح دول الشمال الغنية، في حين أنّ أولويات دول الجنوب تحمل صبغة اقتصادية - اجتماعية - ثقافية - إنسانية وتنموية، وهو ما ساعد أيضا على اعتقاد الكثيرين بأنّ الفجوة بين الشمال والجنوب وإن لم تتسع فإنها لم تتقلص أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.