يعكس قرار الامارات العربية المتحدة اسقاط الديون على بغداد واعادة العلاقات على مستوى عال رغبة عربية خليجية في مواجهة نفوذ ايراني متسع لكن لن تسارع جميعها لتحسين العلاقات مع العراق الجديد. وأحجمت الحكومات العربية السنية التي مولت ذات يوم حرب العراق ضد ايران الشيعية بين عامي 1980 و1988 عن اعادة العلاقات رفيعة المستوى مع بغداد منذ الحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة وأطاحت بصدام حسين عام 2003 وجاءت بحكومة يقودها الشيعة مقربة من طهران. لم يستقر أي سفير عربي في العراق منذ خطف السفير المصري وقتله بعد وصوله بفترة قصيرة عام 2005. وفي خطوة كبيرة نحو تخفيف حدة العزلة الاقليمية للعراق أسقطت الامارات ديون العراق البالغة نحو سبعة مليارات دولار خلال زيارة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الاحد. وتأمل بغداد أن تشجع المبادرة الاماراتية الدول العربية الاخرى على الترحيب بالعراق الذي كان ذات يوم لاعبا أساسيا على الساحة السياسية الاقليمية في الجماعة مرة أخرى. وكان الاردن قد أعلن الشهر الماضي أنه سيفتح سفارة في العراق قريبا. ووعدت السعودية العام الماضي باسقاط 80 في المئة من ديون العراق واعادة افتتاح سفارتها لكنها لم تتحرك على أي من الجبهتين. وتتجنب السعودية اقامة علاقات مع حكومة المالكي بسبب علاقاتها الوثيقة مع ايران القوة الاقليمية غير العربية. وقال مصطفى العاني من مركز أبحاث الخليج ومقره دبي "كانت هناك سياسة خليجية سابقة بعدم اسقاط الديون وعدم ارسال سفراء وعدم الاستثمار وعلى الرغم من وجود ضغوط أمريكية فانهم التزموا بها لانه ليس هناك مغزى لمساعدة حكومة تسيطر عليها ايران. ومضى يقول "الان غيروا رأيهم لان عدم تمتعهم بنفوذ أو رأي في شؤون العراق يدفعه الى أيدي ايران. الامارات بالون اختبار... سينظر الاخرون الى هذا ليروا ان كان هناك أمل في أن يتصالح العراق مع السنة." وضغطت الولاياتالمتحدة على حلفائها العرب لدعم تعافي العراق عبر الانضمام للدول الغربية في اسقاط حصتهم من ديون بغداد واعادة العلاقات الدبلوماسية. وتريد السعودية ودول عربية أخرى أن تشهد انخراط المالكي في مزيد من المصالحة السياسية مع الاقلية العربية السنية بالعراق والتي تتطلع بطبيعة الحال الى المنطقة من أجل الحصول على الدعم. وكان العراق على شفا حرب أهلية عام 2006 حين تفاقمت أعمال العنف بين السنة والشيعة لكن الاوضاع الامنية تحسنت منذ ذلك الحين وتأمل بغداد في أن يوفر هذا قاعدة اكثر صلابة للدول العربية كي تطبع علاقاتها معها والاهم من ذلك لتستثمر فيها. وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية لرويترز "العراق لم يعد يصدر التوتر... انه دولة مهمة ونقطة استقرار وتجمع لمصالح الاخرين من خلال اقامة مشاريع مشتركة." وذكر مسؤولون سعوديون بشكل غير معلن أن الخطوات التي تتخذها الامارات والاردن تعني أن اتباع الرياض نفس النهج مجرد مسألة وقت. وأضافوا أن أي قرارات يمكن أن تعلن بعد انتهاء فترة العطلة الصيفية. ومن المرجح أن تأخذ البحرين التي وعدت باعادة فتح سفارتها الاشارة من جارتها لكن الكويت التي ما زال مواطنوها يشعرون بالمرارة بسبب الغزو الذي قاده صدام لبلادهم عام 1990 يستبعد أن تسقط الديون ومعظمها تعويضات عن الحرب تدين بها بغداد.