بالصور.. كنيسة رؤساء الملائكة تحتفل بأحد الشعانين    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. أسرة محمد صلاح ترفض التدخل لحل أزمته مع حسام حسن    اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية    الزمالك يسعى لخطف بطاقة التأهل أمام دريمز بالكونفيدرالية    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    الفرح تحول لجنازة.. تشييع جثامين عروسين ومصور في قنا    حالة الطقس اليوم الأحد ودرجات الحرارة    الأزهر: دخول المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم شرعاً    البنوك المصرية تستأنف عملها بعد انتهاء إجازة عيد تحرير سيناء.. وهذه مواعيدها    عيار 21 بكام.. انخفاض سعر الذهب الأحد 28 أبريل 2024    الأهرام: أولويات رئيسية تحكم مواقف وتحركات مصر بشأن حرب غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    كينيا: مصرع 76 شخصًا وتشريد 17 ألف أسرة بسبب الفيضانات    محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنرالات الجيش ولعبة السياسة في تركيا
نشر في أخبار مصر يوم 02 - 07 - 2008

لا يعتبر تأثير الجيش التركي وتدخله المباشر في الشأن السياسي وفي تحديد شكل الحكومات وهوية الحكام وليد اليوم وانما له جذور تاريخية تعود إلى الجيش الانكشاري العثماني الذي لعب أدوارا مهمة في تغيير السلاطين ورؤساء وزرائهم أو الإطاحة بهم خنقا أو شنقا أو قتلا!
فهل تركيا على شفا انقلاب خامس ضد الحكومة يقوم به عسكريون ؟
ام ان الامور في قبضة الحكومة وتحت السيطرة وأنها ستحبط اي محاولة انقلاب يفكر بها عسكريون أو غيرهم ؟
لعل امر اعتقال اثنين من كبار جنرالات الجيش في إطار التحقيق في خطة انقلاب مشتبه بها ضد الحكومة الاربعاء ضمن حملة اعتقالات شملت ما لا يقل عن واحد وعشرين قومياً متشدداً جعلت الجنرال "الكر باشبوج" قائد القوات البرية يدعو إلى الهدوء ويقول ان تركيا تعيش أياماً عصيبة وعلي الجميع التصرف بحكمة وبمزيد من الحذر والمسئولية.
لعل هذا ما اعاد للأذهان ذكرى تلك الانقلابات التي مرت بها البلاد في الخمسين عاما الماضية
سلسلة الانقلابات
يمكن تلمس أثر الجيش التركي في مجمل الأحداث التي جرت بعد تأسيس الجمهورية، لكن هذا الجيش تدخل بشكل مباشر من خلال أربعة انقلابات عسكرية خلال أقل من 40 عاما، لتغيير حكومات مدنية منتخبة لأسباب مختلفة في مقدمتها حماية النظام العلماني.
كان أول هذه الانقلابات عام 1960 وآخرها عام 1997، وفيما كان الأول دمويا جاء الأخير نظريا اكتفى بالتلويح بالقوة
أول الانقلابات وأكثرها دموية جرى في 27 مايو/ أيار 1960 عندما أطاح الجيش بحكومة عدنان مندريس بعدما وجهت له اتهامات بالسماح للقوى الدينية بالعمل بحرية كانت الحكومات العلمانية السابقة قد منعتها تماما، ورغم أن مندريس لم يكن بالأصل إسلاميا فإن مجرد محاولته تخطي شكل العلمانية الذي شرعه أتاتورك كان كفيلا بمحاكمته وإعدامه مع ثلاثة من وزرائه بتهم غير جدية.
ولعلنا نلاحظ أن واشنطن لم تتدخل لإنقاذ مندريس رغم أنه كان قريبا منها وقدم لها وللغرب خدمات جليلة، حيث تحولت تركيا في عهده إلى مخفر متقدم وإستراتيجي للحلف الأطلسي ضد الاتحاد السوفيتي والمد القومي العربي بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
وجاء الانقلاب الثاني في مارس/ آذار 1971، وهذه المرة لحماية الحسابات الأميركية حيث كانت البلاد تشهد صراعات دموية بين القوى اليسارية التي تصدت لها القوى اليمينية (الإسلامية والقومية) بدعم من الدولة المدعومة من واشنطن التي كانت تتخوف أن يتحول التيار اليساري إلى قوة جدية في الشارع التركي، خاصة بعد أن قام اليساريون الذين تدربوا في مخيمات المنظمات الفلسطينية في لبنان بعمليات مسلحة استهدفت القواعد الأميركية والعاملين فيها وقتلوا القنصل الإسرائيلي في إسطنبول.
وحدث الانقلاب الثالث في سبتمبر/ أيلول 1980 وسط ظروف داخلية مماثلة لكن هذه المرة بأبعاد إقليمية، حيث كانت تركيا تعيش ظروف التمرد الكردي في جنوب البلاد بالإضافة إلى صعود القوى اليسارية، في وقت شهد إقليميا تداعيات الثورة الإيرانية واندلاع الحرب العراقية- الإيرانية والاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وكان كل ذلك يجري في غمرة الحديث عن نظرية الحزام الأخضر لبريجنسكي ضد الاتحاد السوفياتي.
كانت تركيا من أهم عناصر هذا الحزام الذي استهدف إحاطة جنوب الاتحاد السوفياتي بطوق من الدول ذات صبغة إسلامية، حيث كان لانقلاب 1980 الذي أعلنت عنه واشنطن حتى قبل السماع عنه في أنقرة تأثير مهم وكبير في مجمل المعطيات السياسية حيث حكم قائد الانقلاب كنعان أيفرين البلاد لمدة سبع سنوات رئيسا للجمهورية بعد أن صاغ دستورا غريبا وعجيبا مازال الأتراك يعانون منه رغم تغيير العديد من بنوده ومواده باستثناء تلك التي تعترف لقادة الانقلاب بحصانة دستورية إلى الأبد.
وقد فشل جميع رؤساء الوزراء الذين حكموا البلاد بعد ذلك العام بمن فيهم الذين استهدفهم الانقلاب العسكري المذكور ومنهم سليمان ديميريل وبولنت أجاويد ونجم الدين أربكان من تغيير هذه المواد والمواد الأخرى المناقضة للديمقراطية وهو ما يؤكد "حالة الخوف النفسي" التي يعاني منها السياسيون الأتراك من جنرالات الجيش.
أما الانقلاب الرابع فجرى في فبراير/ شباط 1997 وكان انقلابا" نظريا" اكتفى فيه الجيش بإخراج الدبابات إلى الشوارع في أنقرة ليضطر رئيس الوزراء نجم الدين أربكان إلى الاستقالة، قبل أن يصل الجيش إلى مقر رئاسة الحكومة.
وبرزت في هذا الانقلاب حدة الصراع العلماني الإسلامي الذي دفع إلى تدخل الجيش مرة أخرى للسبب ذاته، لاسيما وأن أربكان قام خلال العام الذي تولى فيه رئاسة الحكومة بإجراءات لم يخف فيها رغبته بتغيير معالم أساسية في النظام العلماني التركي الذي يؤكد الجنرالات أنهم أصحابه وحماته باسم الأمة التركية وإلى الأبد.
بقيت ظلال الجيش في السلطة حتى نهاية التسعينيات بسبب الدستور الذي صاغه قائد انقلاب عام 1980الجنرال كنعان أيفرين، حتى بدأ الحديث عن ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي في قمة هلسنكي نهاية العام 1998.
فتح هذا الأمر صفحة جديدة في التاريخ السياسي التركي بعيدا عن تأثير جنرالات الجيش الذين كان عليهم أن يبتعدوا عن الساحة السياسية حسب المعطيات ألأمريكية والأوروبية الجديدة التي لم تعد ترى في روسيا واليونان وسوريا وإيران والعراق خطرا على الحسابات الغربية التي طالما كان لتركيا دور مهم فيها بجيشها الكبير والعظيم!
الجيش في عهد اردوغان
وفي عهد حكومة أردوغان انحسرت نسبيا صلاحيات الجيش ومجلس الأمن القومي الذي تقلص فيه وجود العسكريين، وبدأت حملة الإصلاحات التي سميت بالديمقراطية بالتعديلات الدستورية والقانونية التي استهدفت سلطات وصلاحيات الجيش في الحياة السياسية، حيث نجحت حكومة أجاويد ومن بعدها حكومة أردوغان في تمرير هذه الإصلاحات بفضل مرونة قائد الجيش السابق حلمي أوزكوك المعروف عنه شخصيا تهربه من أي توتر أو مواجهة مع الحكومة بحجة أن ذلك ليس لخدمة المصالح الوطنية والقومية لتركيا.
واستغلت حكومة أردوغان ذلك فحسمت مجمل التعديلات التي وضعت حدا نهائيا لدور العسكر في الحياة السياسية بعد أن أصبح عدد أعضاء مجلس الأمن القومي 9 مدنيين مقابل 5 من العسكريين بعد أن كان عدد المدنيين 4 منذ تأسيس المجلس قبل 70 عاما تقريبا، كما أن قرارات المجلس لم تعد ملزمة للحكومات كما كانت في السابق، حيث أصبح الأمين العام للمجلس مدنيا ويتبع لرئيس الوزراء بعد أن شغل الجنرالات هذا المنصب لمدة 70 عاما وبالعلاقة المباشرة مع رئاسة الأركان التي لم تعد تملك أي صلاحيات في نشاط المجلس الذي أصبح يجتمع مرة كل شهرين بدلا من مرة في الشهر.
كما وضعت التعديلات الدستورية الأخيرة تصرفات الجيش المختلفة تحت رقابة ومحاسبة البرلمان والأجهزة الدستورية بعد أن تخلت القوى التقليدية عن موقفها الداعم للجيش وفي مقدمتها رجال الأعمال الكبار ووسائل إعلامهم الرئيسة التي تستهدف الآن الجيش في أي محاولة من الجنرالات لعرقلة المسار الديمقراطي.
وبات واضحا أن المسار الديمقراطي محمي من قبل الشارع التركي أكثر من أي وقت مضى، ولأن حزب العدالة والتنمية يحكم البلاد بمفرده دون أي ائتلاف مع أي حزب آخر. كما أن جميع استطلاعات الرأي تبين أن هذه الحكومة مازالت تحظى بدعم واسع من المواطنين الأتراك الذين لم يكن سهلا على جنرالات الجيش إقناعهم بعد الآن بأي مبرر لأي انقلاب عسكري إلا في حالة واحدة وهي خطر حزب العمال الكردستاني!
إن لهذا الموضوع امتدادات وحسابات داخلية وخارجية مرتبطة مباشرة بمجمل سياسات حكومة العدالة والتنمية التي ومهما حققت من تقدم إستراتيجي في مجال الديمقراطية فما زالت تتخوف من أي انقلاب عسكري طالما أن الجنرالات يملكون الدبابات التي إن خرجت إلى الشارع بحجة حماية النظام العلماني أو التصدي لخطر الانفصاليين الأكراد فالمواطنون الأتراك سيصفقون لها بشكل لا أرادي لأنهم في نهاية المطاف أحفاد للجيش الانكشاري الذي يتقدم خطوة إلى الأمام ثم يتراجع خطوتين إلى الوراء.
وقد تختلف هذه القاعدة هذه المرة ليتقدم الأتراك خطوتين إلى الأمام ويتراجعوا خطوة للوراء بفضل إصلاحات الاتحاد الأوروبي الذي قد يعود إلى دعم للجنرالات إذا أثبتوا أنهم على استعداد لحماية المصالح "الغربية الصليبية" في أفغانستان والعراق ولبنان والشرق الأوسط والأهم ضد الإسلام المتطرف السني منه والشيعي!!
تتمتع الجمهورية التركية بنظام سياسي شبيه بالأنظمة الديمقراطية الغربية، التي تنقسم عامة إلى جهاز تشريعي، تنفيذي و قضائي. تبنت البلاد الحياة الديمقراطية بعد تطبيق دستور عام 1982 و بعد سنوات من الحكم العسكري. يشكل المجلس القومي التركي أو البرلمان الجهاز التشريعي. المجلس يتكون من 550 نائبا، يتم انتخابهم كل خمس سنوات مباشرة من الشعب. كل مواطن تركي مقيم في تركيا له حق الإنتخاب ابتداءا من سن الثامنة عشرة، لذا لا يستطيع الملايين من الأتراك المغتربين المشاركة في الانتخابات. أعلى سلطة سياسية في البلاد هي سلطة رئيس الدولة، الذي يتم إنتخابه كل سبع سنوات من قبل البرلمان. لا يسمح بإعادة إنتخاب الرئيس حسب الدستور. يوكل رئيس الدولة رئيس الحزب المنتصر بالإنتخابات النيابية مهمة تشكيل الحكومة، لكي يصبح بدوره رئيس الحكومة، بعدها يقوم رئيس الدولة بالموافقة أو رفض أعضاء الحكومة.
تركيا والاتحاد الاوروبي
تحاول تركيا الإنضمام لعضوية الإتحاد الأوروبي منذ تأسيس الإتحاد في عام 1993. حصلت تركيا رسميا على صفة دولة مرشحة للإنضمام عام 1999 و بدأت مفاوضات العضوية عام 2004.
ومن الأشياء الإيجابية التي نتجت عن نية تركيا الإنضمام للإتحاد و فرض الإتحاد شروط لبدء مفاوضات العضوية هي تقليص سيطرة الجيش على مجريات الحياة السياسة في البلاد، نمو الحريات و حقوق الإنسان و خاصة فيما يتعلق بحقوق الأقليات كالأقلية الكردية. كما حاولت تركيا جاهدة في الفترة الأخيرة حل مشكلة قبرص، التي قامت بإحتلال الجزء الشمالي منها عام 1974 تحت ذريعة حماية حقوق الأقلية التركية هناك.
الا أن محاولة حظر الحزب الحاكم في تركيا وازاحة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان من السلطة جعلت مصدرا رفيعا بمكتب الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي يقول ان آمال أنقرة في الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي بدت أكثر بعدا.
وقال اولي رين مفوض شؤون توسعة العضوية بالاتحاد ان مثل تلك القضايا يتم تسويتها في الديمقراطية الاوروبية من خلال صناديق الاقتراع وفي البرلمان وليس بالمحاكم ولمح الى أن تركيا ربما تكون تنتهك معايير الديمقراطية بالاتحاد الاوروبي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي برناركوشنر "الجيش لعب دورا مهما للغاية في تركيا من اجل الديمقراطية والفصل بين المسجد والدولة". وأشار الى أن المحكمة ألغت قرارا يسمح للنساء بارتداء الحجاب في الجامعة.
في الوقت الذي جدد فيه نائب رئيس أركان الجيش التركي تأييد المؤسسة العسكرية لمساعي الانضمام للاتحاد الأوروبي.
وقال الجنرال يسار بويوكانيت إن انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي يمثل ضرورة استراتيجية.
وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت المؤسسة العسكرية التركية ستؤيد إجراء الإصلاحات اللازمة لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن الجنرال بويوكانيت أيد "الغاية"، وهي انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي، فإن تصريحاته لم تتعرض "للوسيلة".
مسئولية اتاتورك
ويحمل الكثيرون مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية الحديثة مسئولية الحالة الغريبة التي أوجدتها ظاهرة الانقلابات العسكرية التي لا تختلف أساسا عن الوضع في دول العالم الثالث، لأن جميع الأنظمة الديكتاتورية في هذه الدول تعتمد أساسا على دبابات العسكر وإرهاب أجهزة المخابرات.
إلا أن الوضع في تركيا قد يختلف نسبيا عن هذه الدول، لأن تركيا رغم كل سلبياتها تعتبر دولة ديمقراطية بالمعايير الغربية منذ العام 1950 حيث انتقلت البلاد إلى التعددية الحزبية التي جعلت من تركيا جزءا من العالم الغربي وعضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعنصرا أساسيا في الحرب الباردة ضد المعسكر الشيوعي السوفياتي.
وقد أسهم ذلك في دعم الدور العسكري في الحياة السياسية، ونظرت واشنطن وعواصم (الناتو) إلى تركيا كحليف إستراتيجي، ولم تتأخر في دعم الجيش التركي حتى أصبح أكبر جيش في المنطقة بعد أميركا، كما أنها دعمت بشكل خاص القادة العسكريين الأتراك الذين أثبتوا بدورهم وفي العديد من المناسبات وفاءهم لواشنطن أكثر من أنقرة، ولعل هذه الحقيقة تفسر الإيحاءات الدائمة لدور واشنطن في جميع الانقلابات العسكرية التي شهدتها تركيا حتى الآن.
ويستمد الجنرالات الأتراك قوتهم من دعم رجال الأعمال الكبار ووسائل الإعلام الكبيرة التي تلعب دورا أساسيا في إعداد وتهيئة الشارع التركي للانقلابات العسكرية وبأساليب ذكية، إذ لرجال الأعمال الكبار مصالح مادية كبيرة في العلاقة مع الجيش بعدد أفراده البالغ مليون عسكري، ويحتاجون يوميا للكثير من الحاجات التي تكلف الدولة الملايين بل المليارات من الدولارات التي طالما خصصتها جميع الحكومات للجيش الذي يتحجج دائما بحماية النظام العلماني والأمن الوطني والقومي ضد المخاطر الداخلية والخارجية وفي مقدمتها حزب العمال الكردستاني الذي كلف الدولة التركية حوالي 100 مليار دولار.
ولم تتأثر سمعة الجيش بسبب فشله وجنرالاته في القضاء على حزب العمال الكردستاني ومازال هذا الجيش في مقدمة المؤسسات التي يثق بها الشعب التركي بأغلبية تصل إلى 80% وربما لأن الإنسان التركي ذو عقلية ونفسية عسكرية، حيث إن المواطن التركي عندما يتودد لابنه الصغير ويمدحه يقول "ابني سيكبر ويصبح باشا" أي جنرالا!
وتفسر هذه العقلية التأييد الشعبي الدائم للانقلابات العسكرية التي هيأ الجنرالات الأجواء اللازمة لها، ودون أن يتذكر المواطن أن الجنرالات كانوا طرفا في فشل جميع الحكومات السابقة في تحقيق الأمن والاستقرار لأن الأحكام العرفية كانت معلنة ومطبقة في عموم أنحاء البلاد لسنوات طويلة. ودون أن تكون هذه الأحكام العرفية كافية بالنسبة للجنرالات الذين تحججوا دائما بتدهور الأوضاع الأمنية واعتبروها مبررا لتدخلاتهم العسكرية واستلام السلطة.
الجيش والحزب الحاكم
ويوجد في تركيا سبعة أحزاب سياسية هي:
حزب العدالة و التنمية - حزب الحركة القومية - حزب الشعب الجمهوري - حزب الطريق الحقيقي - حزب الشباب -
حزب الشعب الديمقراطي - حزب الوطن الأم -حزب السعادة - حزب اليسار الديمقراطي
وفي ما يخص الحزب الحاكم ، ينفى الجيش التركي تقريرا أفاد بأنه شن حملة دعائية سرية لكسب تأييد الرأي العام لموقفه المتشدد في مسألة العلمانية ولمعارضته لسياسات رئيسية لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وكانت صحيفة طرف الليبرالية التركية قالت ان الجيش بدأ خطة عمل في سبتمبر أيلول عام 2007 شملت حشد تأييد القضاء والاتصال بشكل متكرر بوسائل الإعلام وبشخصيات مؤثرة لكسب تأييد الرأي العام للعلمانية.
وأضافت الصحيفة أن الخطة فصلت في مذكرة داخلية من 11 صفحة تخص مكتب رئيس هيئة الاركان العامة للجيش واتهمت الحكومة بأنها "المسؤولة عن التحركات الدينية الرجعية."
وقال الجيش في بيان نشره بموقعه على الانترنت "لا وجود لمثل هذه الوثيقة الرسمية أو الخطة التي صدق عليها القادة واحتفظ بها رئيس هيئة الاركان في سجلاته."
وأضاف البيان أن "القوات المسلحة التركية المكلفة بمهمة حماية الجمهورية التركية الى الابد قوية بما يكفي لأن لا تتأثر بالدعاية الرخيصة لبعض الدوائر."
وتخشى هذه النخبة من أن يكون لدى حزب العدالة والتنمية برنامج اسلامي سري ووجهت اليها اتهامات باللجوء لوسائل غير ديمقراطية في محاولة للاطاحة بالحزب من السلطة. ولحزب العدالة والتنمية جذور في الاسلام السياسي لكنه أيضا حزب اصلاحي مؤيد للقطاع الخاص وأعيد انتخابه بأغلبية ساحقة في يوليو تموز العام الماضي.
تركيا والاكراد
وفي ضوء معطيات هذه البيئة الداخلية، برز “حزب العمال الكردستاني PKK”، الذي اعتمد الأفكار الماركسية اللينينية، واستراتيجية الكفاح المسلح من أجل “مشروع” دولة كردستان المستقلة. كما تمكن من تشكيل “جبهة تحرير كردستان” (الجناح السياسي للحزب) وجيش تحرير كردستان (الجناح العسكري)، حيث تشير التقديرات إلى أن الحزب قد نجح في تجنيد قرابة عشرة آلاف مقاتل مسلح، بالإضافة إلى ما يتوافر له من دعم “لوجيستي” من سكان القرى الكردية. وتوظيفها للطبيعة الجغرافية الجبلية في جنوب شرقي الأناضول.
وبررت المؤسسة العسكرية التركية أن سلوك الحزب وممارساته قدم الذرائع اللازمة لاتباع سياسة قمع منظمة، جندت لها قسماً كبيراً من قواتها المسلحة، واستحوذت على 30% من موازنة الدولة تنفق على الحرب ضد الحزب، حيث تشير التقديرات إلى أن هذه الحرب تتكلف قرابة 7 مليارات دولار.
وفي المحصلة النهائية، لم يكن بمقدور الخيار العسكري استئصال جذور المسألة الكردية.
ربما لم تواجه تركيا يوما ما صعوبة في تعاملها مع القضية الكردية كما حصل معها في العام الأخير حيث بدأت هذه القضية تتغلل في العمق التركي لتشكل تهديدا خطيرا على الحكومة والدولة نفسها.
فبالنظر إلى كلام القادة السياسيين والعسكريين الأتراك بشأن التصريحات الخطيرة التي أدلى بها رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني وهدد فيها تركيا (بتقويض الاستقرار فيها إذا تجرأت على التدخل في كركوك) يستنتج المراقب الخارجي أن تركيا والأكراد في طريقهم إلى صدام لا مفر منه ناجم عن المصالح التي لا يمكن التوفيق بينها وسط معارضة تركيا القوية للتطلعات الكردية في الاستقلال بجنوب شرق البلاد وشمال العراق والسيطرة على كركوك.بل أن مثل هذه الاهتمامات تبدو وكأنها هي التي تشكل السياسة التركية بالدرجة الأولي.
وتعد المشكلة الكردية من أعقد حلقات الصراع التركي الكردي وبمثابة البؤرة الملتهبة في جنوب شرق تركيا وعلى حدودها مع العراق وسوريا وإيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.