أبدى المشاركون في ندوة تكريمية أحيت ذكرى المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد أسفهم لكون فيلم "الرسالة" لا يزال ممنوعا من العرض في الصالات المصرية والسورية، في حين أنه عرض في المغرب وتونس والجزائروالأردن وعلى شبكات تلفزيونية عدة. وركز المشاركون في الندوة التي عقدت الأحد في وهران ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان الفيلم العربي على أهمية ومكانة هذا المخرج الإنسان أولا والسينمائي ثانيا الذي حمل طوال مسيرته رسالة أراد أن يسمعها للشرق والغرب. وأدار كاتب السيناريو والناقد رفيق الصبان الندوة التي ضمت عددا من الفنانين المكرمين في وهران ورئيس لجنة التحكيم لهذا العام الفنان السوري دريد لحام. وتناولت الندوة جوانب في حياة هذا الفنان الإنسان كما تناولت إبداعاته وذلك من خلال فنانين عايشوه الى جانب نقاد من الجزائر. واعتبر رفيق الصبان في تقديمه للندوة أن العقاد "رجل وقف وحده وترك للسينما ذكرى لا تنسى واستطاع بإيمانه وقوة عزيمته أن ينتج فنا عربيا في الولاياتالمتحدة ذلك البلد الواسع ويصرخ صرخته العربية ويقدم فيلمين علامتين". وجاءت شهادة الإعلامية ليلى العقاد أخت الراحل صاحب فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار" صادقة بسيطة سلطت الضوء على حياة العقاد الإنسان فتكلمت عن آماله وأحلامه وعلاقاته بأصدقائه ووطنه وعن طفولته في حلب. وقالت ليلى العقاد إن شقيقها "كان يتميز في كونه حلبيا تماما داخل المنزل يسمع صباح فخري ويحب الضيوف والمرح والنكات وحضور الحفلات والأعراس". وأضافت ليلى العقاد أن شقيقها "حورب ليس فقط في البلدان العربية وإنما أيضا في الولاياتالمتحدة حيث لم يجد صالة تعرض فيلمه الرسالة حتى إنه حاول شراء صالة لعرضه". من ناحيته تكلم الفنان السوري دريد لحام الذي كان صديقا مقربا من العقاد عن الفرح وقيمته عند الراحل الذي كان يقول دائما أن "لحظة الفرح التي نعيشها تجعلنا نتحمل اللحظات القاسية كما كان يعتبر أن لحظة الفرح هي لحظة الأمل". وأشار أنه كان يعشق باحات الفنادق وأنه "كان يملك بيتا في دمشق مع ذلك فهو كان ينزل في الفندق لأنه يريد ويحب رؤية الناس ولقبناه مختار الفنانين في لوس انجليس حيث لم يمر فنان عربي في حياته على هذه المدينة إلا وحل ضيفا على العقاد في بيته". أما الفنانة منى واصف التي كان العقاد أول من أطلقها في السينما وهي في الثانية والثلاثين من العمر فقالت في شهادة مؤثرة "منذ أن استشهد العقاد وانا أرثيه وازغرد له كشهيد وكنت أعد لتكريمه للمرة الأولى في سوريا في مهرجان دمشق السينمائي حين بلغني خبر مصرعه ففوجئت باستشهاده وفوجئت حين طلبوا مني أن أرثيه". وأضافت واصف "العقاد بالنسبة لي ليس مخرجا فقط أنه رجل الأحلام الكبيرة كنت معه في المغرب حين أوقف التصوير بأوامر عليا، فاصبت بانهيار إلا أنه واساني لافتا الى أنه يعمل على الفيلم منذ سبع سنوات وأن التصوير سيستأنف". وروت واصف كيف تم نقل كل معدات وديكورات التصوير الى ليبيا حيث استكمل التصوير هناك. وختمت واصف التي كرمها مهرجان وهران بالقول إن "العقاد كان صاحب مشروع كبير اختار "الرسالة" واختار الثورة في "عمر المختار" وقد رثيته في المغرب وفي دبي وفي دمشق لكنه تجاوز الموت ودخل التاريخ بفيلميه الاثنين". من جهته أشار الفنان المصري محمود ياسين المكرم أيضا في مهرجان وهران الى علاقته البسيطة بالمخرج من خلال عمل صوتي اداه في فيلم "الرسالة" حيث أدى بعض الآيات القرآنية والأحاديث. وأوضح ياسين أنه كان في تلك الفترة يصور فيلم "العذاب امرأة" الذي انتجه رياض العقاد فطلب منه مصطفى العقاد موافاته الى لندن لتسجيل الصوت ففعل وليكتشف العقاد الإنسان وصاحب "الواقعية الإبداعية" وفق ما قال. وتكلم في الختام كل من الناقدين الجزائريين محمد بن صالح وجمال الدين حازورلي عن قيمة الراحل في مسيرته الفنية والإبداعية ومن خلال عملية السينمائيين. واعتبره حازورلي "مخرجا سياسيا بالدرجة الأولى" اتى بهوليوود الى البلدان العربية بينما اعتبر بن صالح أن العقاد كان "مجاهد الكاميرا" ودعا الى ضرورة نسخ افلامه وتوزيعها في العالم العربي، كما استغرب عدم وجود دراسة تتناول تأثير فيلم "الرسالة" حين خروجه على المجتمعات العربية. وقال "امي ذهبت الى السينما في وهران لأول مرة في حياتها لمشاهدة هذا الفيلم". وتعقد الدورة الثانية من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي بين السادس والعشرين من حزيران/يونيو والثالث من تموز/يوليو بمشاركة 12 فيلما عربيا طويلا و14 شريطا قصيرا ضمن المسابقة. وتوفي العقاد في أحد مستشفيات عمان متأثرا بجروح أصيب بها في اعتداء استهدف فندقا في العاصمة الأردنية في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 فيما قتلت ابنته. والعقاد حقق شهرة على الساحة العالمية بعمله في هوليوود. ومن أشهر أفلامه "الرسالة" (1976) الذي يعتبر أهم فيلم عن الإسلام أنتج حتى الآن وشارك في بطولته انطوني كوين الذي جسد شخصية حمزة عم الرسول. كما أخرج العقاد فيلم "عمر المختار أسد الصحراء" (1980) الذي قاد ثورة مسلحة ضد الاستعمار الإيطالي في ليبيا وأعدم في 1932، من بطولة الممثل الأميركي انطوني كوين ايضا. وفي 1978 بدأ إنتاج سلسلة أفلام الرعب "هالوين"، وكان يعد فيلما عن صلاح الدين الأيوبي. (ا ف ب)