يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم.. هذا هو حال ولاة الأمر في أمريكا والغرب. يطلقون المواعظ على الآخرين، ويأمرون زبانيتهم بارتكاب أبشع جرائم الحرب وينتهكون حقوق الإنسان في وضح النهار. أبو غريب وغوانتانامو.. من شهود عصر التعذيب على الطريقة الأميركية. بل ان كل ما يتعارض مع مصالحهم يقع تحت طائلة قانون التحريض وتشويه السمعة. ناهيك عما يفعلونه مع دول الشرق الأوسط. حتى روسيا نالوا منها واتهموها بتكبيل الحريات. وينطبق ذلك على الصين الآن مع اقتراب أولمبياد بكين. فقد اتجهت سهام أميركا والغرب إليها. صوبوا عليها سيلاً من الاتهامات التي تتعلق بحقوق الإنسان، وبدا الهدف من ذلك هو إضعاف ثقلها الدولي وتشتيت جهودها التنموية الخارقة وسرقة فرحتها باستضافة الأولمبياد الكبرى في الصيف القادم. أحداث التبت الأخيرة، بدت وكأنها ذريعة غربية للنيل من ذلك المارد الأصفر الذي يسابق الزمن بسرعة فائقة لتأكيد سيادته الاقتصادية على العالم. فهذا العملاق الآسيوي تتضخم قوته. وهو الآن يصنف كخامس قوة اقتصادية في العالم. يبلغ اقتصاده الآن 18% من حجم الاقتصاد الأميركي قياساً بالدولار، و76% قياساً إلى القدرة الشرائية. وقد تصبح الصين أكبر قوة اقتصادية عام 2020 متقدمة على الولاياتالمتحدة. كما أنها تمتلك 750 مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية. والمثير أنها تفوقت على الولاياتالمتحدة في تصدير غالبية المنتجات التكنولوجية. وعسكرياً، يشير أحدث تقرير لوزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إلى أن إجمالي نفقات الجيش الصيني العام الماضي بلغت ما بين 97 مليار دولار إلى 139 ملياراً. وجاءت أحداث التبت التي تفجرت في العاشر من مارس الماضي في لاهاسا عاصمة التبت بمناسبة ذكرى انتفاضة عام 1959 ضد السلطة الصينية. وكأنها فرصة لتنفيس الغرب الذي يتذرع بالدفاع عن حقوق أهل التبت عن ضيقه من تنامي قوة الصين، ولا يستبعد أحد أن هناك تحريضاً من جانب الغرب، خاصة على الصعيد الإعلامي لتضخيم قضية التبت لتشويه سمعة الصين وسط استعداداتها وأفراحها بالأولمبياد التي اقترب موعدها. ومن يتقصى الأمر، سيجد أن اضطرابات التبت التي تحاول بكين لملمتها والتفرغ لاستضافة الأولمبياد وحشد الشعب الصيني خلفها لا تستحق من الغرب كل هذا الضجيج الإعلامي والسياسي، خاصة وأن صاحب القضية وهو الدالاي لاما الزعيم الروحي والسياسي لأهل التبت وحامل جائزة نوبل للسلام عام 1989، لم يتلفظ بأقوال تسيء إلى القيادة الصينية. ولم يطالب باستقلال التبت ولم يستنجد بالغرب في أي شيء يتعلق بشؤون رعاياه، بل ان الرجل الذي ينفي ما تقوله بكين عن تدبيره للتظاهرات، أكد رفضه للعنف وهدد بالاستقالة إذا استخدم المتظاهرون وسائل عنيفة سواء في الصين أو في الخارج. وقال «لطالما أعربت بوضوح أن التعبير عن عواطف جياشة ينبغي ضبطه»، مؤكداً احترامه للصينيين والشيوعية الصينية. وأوضح أن أغلبية المتظاهرين التبتيين شيوعيون إيديولوجياً. وهذه قصة التبت أو سقف العالم كما يطلق عليها.