على خلفية إرث من عدم الثقة المتبادلة واحقاد تاريخية سابقة ،.تمثلت فى تأييد امريكي واوروبي ومعارضة روسية شديدة ، فشلت أحدث جولة من المفاوضات بين الالبان والصرب في كوسوفو في التوصل الى اتفاق بشأن السيادة على الاقليم . الوسطاء اتفقوا على وصول مفاوضات وضع إقليم كوسوفو النهائي والتى تمت في مدينة بادن (النمسا) إلى طريق مسدود، ما يرجح اتجاه الالبان الى اعلان الاستقلال عن صربيا من طرف واحد .الا ان روسيا انفردت بالدعوة إلى مفاوضات مستقبلية حول الإقليم. ومن المقرر ان يجري مجلس الأمن الدولي في 19 ديسمبرالجارى مباحثات رسمية حول كوسوفو..يأتى هذا فيما يتجه صرب البوسنة الى صب الزيت على نار التصعيد بانتخاب رئيس للجمهورية الصربية (كيان صربي داخل كوسوفو) من بين مرشحين تعهدوا جميعا بالدفاع عن استقلالية كيانهم. فيما يعتزم زعماء ألبان كوسوفو-والذين يمثلون 91% من مليوني نسمة من سكان الإقليم- إعلان الاستقلال ربما في أوائل عام 2008 مع وعد بالاعتراف به من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. ويبدو ان الامور تتجه نحو صدام جديد، الامر الذى دعا 4 دول اوروبية الى توجيه رسالة الى الدول الاخرى في الاتحاد الاوروبي تطالبها فيها بتحمل مسؤولياتها. وكان وسطاء الترويكا (الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الاوروبي) حول كوسوفو خلصوا في تقرير سلموه الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى ان اربعة اشهر من المفاوضات لم تسمح بالتوصل الى اتفاق حول وضع الاقليم النهائي بين الصرب والالبان. تقريرالترويكا جاء فيه "انه بعد 120 يوما من المفاوضات المكثفة، عجز الطرفان عن التوصل الى اتفاق حول وضع كوسوفو". حيث لم يشأ اي طرف التراجع بشأن مسألة السيادة الرئيسية. بداية المشكلة .. وتعود المشكلة الى ان البان كوسوفو و( يشكلون الغالبية في هذا الاقليم الصربي)،يسعون الى الاستقلال لكنهم يواجهون في ذلك صربيا التي ترفض مدعومة بحليفتها التقليدية روسيا، منحهم اكثر من حكم ذاتي واسع. من جهتها اعلنت السلطات الالبانية في كوسوفو انه في حال الفشل في التوصل الى اتفاق في المفاوضات في الموعد المحدد في العاشر من ديسمبرفانها ستعلن استقلال كوسوفو من جانب واحد بالتنسيق مع الاميركيين والاوروبيين. تقرير الترويكا اشار الى انه رغم الدعوات المتكررة لايجاد افكار جديدة وروح التسوية عجز كل من الطرفين عن اقناع الاخر بقبول السيناريو المفضل لديه. واشارت الترويكا الى ان بريشتينا اكدت مجددا انها تفضل استقلال كوسوفو تحت اشراف دولي كما اقترح وسيط الاممالمتحدة مارتي اتيساري، في حين رفضت بلجراد هذا الاقتراح وتمسكت بموقفها القاضي بمنح حكم ذاتي واسع لكوسوفو ضمن السيادة الصربية. واعتبرت فرنسا من جهتها ان اعلان استقلال كوسوفو يبدو لا مفر منه. سيناريوهات للحل .. وكشف تقرير الترويكا ان الطرفين بحثا سيناريوهات عدة تراوحت بين الاستقلال والحكم الذاتي ونماذج اخرى لترتيبات كونفدرالية فضلا عن الية لا يتخلى فيها اي من الطرفين عن موقفه. واضاف التقرير انه تم دراسة نماذج دولية اخرى مثل هونج كونج ومجموعة الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق. كما طرحت فرضية التقسيم لكن بشكل سطحي لانها كانت مرفوضة من الطرفين ومن مجموعة الاتصال. الموقف الاوروبي ووجهت فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا رسالة الى الدول الاخرى في الاتحاد الاوروبي تدعوها فيها الى القيام بدور رئيسي لانهاء العملية حول وضع اقليم كوسوفو الصربي الذي تقطنه اغلبية من الالبان وطلبت ايضا ان يكونوا مستعدين بالتعاون مع الامين العام للامم المتحدة لارسال قوة كبيرة من الشرطة وبعثة من القضاء الى الاقليم وتقديم مساهمة كبيرة للمكتب الدولي الذي دعي الى الحلول محل مهمة الاممالمتحدة في كوسوفو. والدول الاربع (فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا) على استعداد للاعتراف باعلان استقلال كوسوفو الذي يبدو انه لا مفر منه خلال الاشهر المقبلة، ولكن اربع دول اوروبية اخرى ما زالت تبدي تحفظات كبيرة على الامر وهي (اسبانيا واليونان وسلوفاكيا وقبرص). الموقف الأميريكي من جهتها اشارت واشنطن إلى "أنه بعد العاشر من ديسمبر سيكون هناك مرحلة انتقالية يتوجب بعدها على الجميع فعل ما يجب فعله" معربة عن أملها في أن تتقبل روسيا "الأمر الواقع في كوسوفو". والأمر الواقع الذي تعنيه واشنطن هو أنه ليس لصربيا أي سلطة أو سيادة على إقليم كوسوفو منذ عام 99، أي بعد انسحاب الجيش والشرطة الصربيين منه ونشر قوات حلف شمال الأطلسي فيه، وهو تحت إشراف إدارة مدنية تابعة للأمم المتحدة، وله إدارة محلية ممثلة برئيس وحكومة وبرلمان وأجهزة أمنية ومحلية. وتميل واشنطن إلى أن يعلن الألبان استقلالهم عن صربيا من طرف واحد لتفويت الفرصة على موسكو باستخدام حق النقض في مجلس الأمن، إلا أنها تريد من الألبان التمهل بذلك لحين حصولهم على الضوء الأخضر منها. الموقف الروسي .. وتسعى روسيا إلى إقناع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بإعادة ملف كوسوفو إلى مجلس الأمن، إلا أنها تجهل التصرف إذا تم إعلان استقلال كوسوفو من طرف واحد كما جاء على لسان السفير الروسي لدى بلجراد ألكسندر ألكسييف. ويرى بعض المحللين أن روسيا تحاول استخدام صربيا لمحاولة منع توسع حلف شمال الأطلسي باتجاه شرق أوروبا، كما أنها تخشى من تبعات استقلال كوسوفو على الأقليات التي تعيش فيها مثل أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا والشيشان وغيرها. وكل ما تستطيع روسيا عمله في هذه المرحلة هو تمديد المفاوضات التي يبدو أنها لن تأتي بجديد، مع تأكيد عضو فريق المفاوضين الألبان هاشم تاتشي بأنه "لو استمرت المفاوضات مئة سنة فلن نقبل إلا بالاستقلال". من جهته حمّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبعات فشل المباحثات حول مستقبل اقليم كوسوفو الى واشنطن، في وقت أعلنت فيه أربع دول أوروبية رفضها الاعتراف باستقلال الاقليم الصربي ما لم تتوافق جميع الاطراف المعنية على هذا الاعلان. الناتو..وحماية كوسوفو اما وزراء خارجية الاطلسي "الناتو" فقد تعهدوا بحماية اقلم كوسوفو والاقليات الاثنية فيه وحذروا من انهم لن يتسامحوا مع التحريض على العنف من اي جانب. ويرى المراقبون ان تحديد مصير إقليم كوسوفو لم يعد بيد الألبان الذين يطالبون بالاستقلال، ولا بيد صربيا التي تعمل على بقاء الإقليم ضمن سيادتها، فقد أصبح واضحا ارتباط مصير الإقليم بموقف الترويكا الأميركية الأوروبية الروسية . وبات استئناف المفاوضات بين الصرب والألبان عديم الجدوى مع جمود المفاوضات بينهما، فإذا ما عرض الصرب منح الألبان حكما ذاتيا موسعا أصر الألبان على الاستقلال التام، وإذا ما اقترح الصرب أن يصبح كوسوفو مثل هونج كونج، رد الألبان بأن يكون كوسوفو مثل تيمور الشرقية.