سحبت الدول الغربية مشروع القرار الذي كانت قد قدمته إلى مجلس الأمن الدولي ويضع إقليم كوسوفا على طريق الاستقلال عن جمهورية صربيا بسبب المعارضة الروسية لمشروع القرار فيما قد يمثل محاولةً من جانب الغرب لتهدئة التوتر مع روسيا والذي تصاعد في الفترة الأخيرة على خلفية العديد من الملفات. وقد أشادت موسكو بهذه الخطوة حيث قالت الخارجية الروسية إنها تعتبر إلغاء التصويت على مشروع القرار نتيجة منطقية لموقفنا الفاعل والهادف إلى تأمين الظروف المساعدة لتمديد المفاوضات والتوصل إلى اتفاق بين بلغراد وبريشتينا. وأبدت روسيا استعدادها للعمل بشكل بناء وفاعل مع نظرائها الأوروبيين للتوصل إلى تسوية فعلية لملف كوسوفو. وكان السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جاك مارك دو لاسابلييه قال عقب اجتماع لمجلس الأمن الجمعة نيابة عن رعاة القرار وهم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا إننا نأسف لاستحالة تأمين هذا القرار ومن هنا سنعلق المباحثات بشأنه. وأشار إلى أن المناقشات حول مشروع القرار قد تم تجميدها وأنه أصبح مستحيلاً إصدار أي قرار مضيفا أن القرار تمَّت إحالته إلى مجموعة الاتصال حول كوسوفا من أجل مناقشته. وكانت الصيغة الأخيرة من النص الذي تمت مناقشته بمجلس الأمن تدعو الصرب وسكان كوسوفو إلى إجراء مفاوضات أخيرة تحت رعاية مجموعة الاتصال على مدى 120 يوما بشأن مستقبل الإقليم بهدف تحديد ما إذا يمكن إيجاد نقاط التقاء. ويضع مشروع القرار إقليمَ كوسوفا على طريق الاستقلال حيث يستند إلى خطة المبعوث الدولي للإقليم مارتي أهتيساري التي تتيح لكوسوفا عضوية بعض المنظمات الدولية التي لا تقبل في عضويتها إلا الدول، كما تمنح الخطة الإقليمَ حقَّ صياغة نشيد وطني خاص به إلا أنها لا تعطيه الاستقلال الكامل إلا تحت الإشراف الدولي. وتتألف مجموعة الاتصال من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا. وقد أعرب السفير الأمريكي بالمنظمة الدولية زلماي خليل زاد عن أمله بأن يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين خلال هذه الفترة. وتأتي هذه التطورات بينما قال رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو إنه من المفترض أن يعلن إقليمه الاستقلال من جانب واحد عن صربيا يوم 28 نوفمبر المقبل قائلا إن محاولة الغرب لتوجيه الأحداث نحو استقلاله من خلال الأممالمتحدة قد فشلت. وأضاف تشيكو أنه من المقرر أن يتبنى برلمان كوسوفو قرارا يحدد الموعد لدى عودته من واشنطن حيث سيلتقي الاثنين القادم مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس. ويتزامن التاريخ الذي حدده رئيس الوزراء مع يوم الاستقلال الألباني وهو التاريخ الذي تحتفل به الأغلبية الألبانية في كوسوفو التي تشكل 90% من سكان الإقليم. ويخضع إقليم كوسوفا للإدارة الدولية منذ العام 1999م عندما قامت قوات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) بطرد جيش يوغسلافيا السابقة منه بعدما كان اليوغسلاف قد اجتاحوا الإقليم، في محاولة لقمع مطالبة أهله بالاستقلال، وشهد الاجتياح ارتكاب الجيش اليوغسلافي مجازر بحق المسلمين، أعادت إلى الأذهان ما جرى في البوسنة والهرسك في حروب البلقان في منتصف التسعينات، وتبلغ نسبة المسلمين في الإقليم 90% من إجمالي عدد سكانه البالغ 2 مليون نسمة تقريبًا. ويؤيد المسلمون الاستقلال فيما تعارضه الأقلية الصربية التي هدَّدت بأن تنفصل بالمناطق التي تتواجد فيها عن الإقليم في حالة إعلان الإقليم استقلاله عن صربيا التي ورثت كوسوفا من دولة يوغسلافيا السابقة بعدما انقسمت إلى دولتين، هما: صربيا ومونتينجرو (الجبل الأسود).