بات الدعم مشكلة.. في وجوده وكارثة في إلغائه.. فكيف يمكن حل هذا اللغز؟! لابديل عن الحوار والشفافية في مناقشة كل أبعاده وأفضل الطرق لترشيده وإيصاله إلي مستحقيه فعلا وقولا بعيدا عن السماسرة والوسطاء الذين يلتهمون معظمه فلا يصل إلي المستحقين له إلا الفتات . قضية الأسبوع تطرح قضية الدعم للحوار علي مائدة المواطنين والمسئولين والمتخصصين من أجل البحث عن أفضل صيغة ممكنة وهل الصيغة الحالية هي الأفضل؟ أم أن هناك طرقا أخري بديلة؟!.. الإجابة ربما نجدها بعد قراءة كل موضوعات قضية هذا الأسبوع. عبء الدعم بلغ65 مليار جنيه: كيف يصل النقدي لمستحقيه؟ كتب - محمد القزاز ملف الدعم من الملفات الشائكة التي يفضل الكثير من المسئولين عدم الاقتراب منها.. ولكن بعد أن طالب الرئيس حسني مبارك بتحقيق العدالة الاجتماعية لكل المواطنين من خلال إعادة هيكلة الدعم ووضع آليات جديدة له فإن الحكومة بدأت تطرح تصوراتها التي تصب في تحويله الي دعم نقدي بدلا من وضعه الراهن كدعم عيني لا يصل في أحيان كثيرة الي مستحقيه.. حول اعادة هيكلة الدعم يتحدث عدد من الخبراء الاقتصاديين ويطرحون رؤيتهم في هذا التحقيق. الدكتور علي لطفي أستاذ الاقتصاد ورئيس وزراء مصر الاسبق وصف الدعم بأنه ضرورة ولا يمكن الغاؤه, أو حتي مجرد التفكير في الغائه, وتكمن ضرورة الدعم في أهميته لمحدودي الدخل, أو الذين يعيشون تحت خط الفقر وهم مستحقو الدعم, ولكن نظام الدعم الحالي( دعم عيني) له مساويء عديدة أهمها: أن جزءا كبيرا منه لا يصل الي مستحقيه, وجزءا كبيرا أيضا يتسرب الي غير مستحقيه وأن هذا تسبب مع عوامل أخري في عجز الموازنة, مما أدي الي تشوه الأسعار, ومن ثم عدم تخصيص الموارد بطريقة علمية اقتصادية. ويضيف د. علي أن الدعم قد تطور حتي وصل الي أرقام فلكية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية, والزيادة السكانية فقد بلغ56 مليار جنيه في موازنة العام الحالي, وإذا أخذنا في الاعتبار زيادة الأسعار العالمية خاصة في الأشهر الأخيرة نجد أن الدعم قد وصل الي65 مليارا. ويطالب د. علي لطفي بإيجاد حلول بديلة وهذه الحلول تختلف من سلعة إلي أخري, ومن خدمة إلي أخري, مثال ذلك الكهرباء فيجب إعادة النظر في هذا الدعم الذي وصل الي2.5 مليار جنيه, بمعني أن تقسم الي شرائح حيث يرفع عن الأثرياء ويدفع الفقراء الحد الأدني حسب شريحة الاستهلاء. تجربة لم تكتمل ويضيف أنه سبق له تطبيق تجربة التحول من الدعم العيني الي الدعم النقدي في سنة1979 حينما كان وزيرا للمالية تحت بند العلاوة الاجتماعية وهو يختلف عن مسمي العلاوة الحالي, فسلع مثل السكر والشاي والسجائر( كانت وقتها مدعمة), فتم تحويلها الي دعم نقدي حسب أفراد الأسرة فالأعزب غير المتزوج يختلف عن المتزوج ويعول ولكن للأسف هذه التجربة لم تكتمل. أما كيف يصل الدعم الي مستحقيه حسب النظام المطروح فيكون عبر عدة آليات حسب دخل الأسرة والإقرارات الضريبية وإقرارات الثروة والكسب غير المشروع والممتلكات. فمثلا إذا أردت أن أحدد الدعم النقدي علي أساس ما يتم الغاؤه من دعم عيني فلابد من تعويض الأسرة, وأن تكون هناك زيادة في هذا التعويض حتي يتقبل المواطنون هذا النظام. فإذا كانت أنبوبة البوتاجاز بخمسة جنيهات تأخذ الاسرة سبعة جنيهات وهذا يمنع التسرب ويمنع الوسطاء والسوق السوداء. ويضيف د. علي لطفي أنه حتي ينجح هذا الاقتراح فلابد من وجود بعض الضوابط قبل تنفيذ أي خطوة منها: التأني والدراسات العديدة لمستحقي الدعم, ثم يعقب ذلك التطبيق التدريجي, وأخيرا إعادة النظر علي الدوام في مقدار الدعم النقدي في ظل ارتفاع الأسعار المتتابع. تضخم السلبيات ويري الدكتور مصطفي السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب أن الدعم بصورته الحالية بدأت تتضخم سلبياته, فلابد من التحول الي الدعم النقدي لأن عبء الدعم علي الموازنة العامة زاد بشكل واضح نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية خاصة المدعمة مثل القمح والبترول ووسائل النقل كل ذلك أثر بشكل واضح فحجم الدعم زاد بدرجة كبيرة وعبئه علي الموازنة العامة وصل الي65 مليار جنيه, اضافة الي اتساع الفارق بين السعر المدعم وسعر السوق ناهيك عن بعض السلوكيات المرفوضة, وتضخم السوق السوداء فالدعم لا يصل الي مستحقيه مما أدي الي تشويه التوزيع الأمثل للموارد فنظام الدعم الحالي أصبح كالجسد المريض بالسرطان لابد من استئصال الأورام الموجودة به. فالمبالغ التي يتم تخصيصها للخدمات الأساسية من مرافق وتعليم وصحة وطرق وغيرها تذهب معظمها الي الدعم, فالموارد المتاحة تقل لأن الدولة تقتطع من ميزانية هذه القطاعات حتي تغطي الدعم. ويشير د. مصطفي السعيد الي انه اذا نظرنا الي هذه الأسباب فلابد من إعادة النظر في منظومة الدعم بشكل أفضل, فالهدف الأساسي للدعم هو أن يحصل عليه مستحقوه. فأي إصلاح أو تعديل في هذا الملف يجب أن يأخذ في الاعتبار الوصول الي مستحقيه وعلاج السلبيات. ويجب أن يكون التحول عن النظام الحالي تدريجيا ولا مانع من أن يتوازي الدعم العيني مع الدعم النقدي, وأهم ما في الأمر أن تكون هناك دراسات وتدرج في التنفيذ, وألا يؤدي ذلك الي الارتفاع المفاجيء للأسعار, وإلي احتمالات تعرض الاقتصاد لموجات تضخم كبيرة. فالدعم بوضعه الحالي لا يصلح ويؤدي الي تشويه للموارد, ولابد من اعادة النظر فيه بشكل تدريجي. أفضل البدائل أما الدكتورة أمنية حلمي فقد أعدت دراسة عن كفاءة وعدالة سياسة الدعم في مصر طرحت فيها التحول من الدعم السعري الي الدعم النقدي المشروط فقالت: إن الخبرة الدولية تؤكد أن أفضل وسيلة لحماية الفقراء وتخفيف العبء عن محدودي الدخل وتقليل حاجتهم للدعم هي تحقيق نمو اقتصادي سريع وعادل ومستدام يساعد علي توفير فرص عمل جديدة مرتفعة الانتاجية ورفع مستويات الدخول وتحسين نمط توزيع الدخل وأن يتوازي هذا مع تطبيق سياسة قومية للأجور تحقق التوازن بين هيكل الأجور, وتكلفة الحصول علي الاحتياجات الأساسية للمواطنين ومتوسط مستوي الانتاجية في الاقتصاد القومي, وفي حالة تحقيق تقدم ملموس في هذه المجالات يمكن التحول من دعم أسعار السلع والخدمات الي الدعم النقدي المشروط. وتشير د. أمنية إلي أن التحول من الدعم السعري إلي الدعم النقدي المشروط يساعد علي رفع الكفاءة الاقتصادية من خلال وجود سعر واحد معلن ومعروف لكل سلعة أو خدمة يتحدد وفقا لقوي العرض والطلب في السوق, مما يحافظ علي الحوافز السعرية السليمة لكل من منتجي السلعة أو الخدمة لمستهلكيها. وتضيف أن كثيرا من دول العالم مثل المكسيك والبرازيل وشيلي وكولومبيا وجامايكا وروسيا وتركيا وجدت أن توجيه الدعم للأسر الفقيرة ومحدودة الدخل مقابل التزامها بإلحاق أطفالها بالمدارس وانتظامهم بها ومرور الأسر علي المراكز الصحية بانتظام والحد من عمالة الاطفال يساعد علي تحسين الدخل وتخفيف حدة الفقر علي المدي القصير, ويحقق مزيدا من العدالة الاجتماعية, وقدرا كبيرا من القبول السياسي. وتري د. أمنية أنه من المفيد لتحديد جدوي التحول من سياسة الدعم السعري الحالية إلي سياسة الدعم النقدي المشروط مراجعة تجارب هذه الدول, وذلك حتي نعالج المشكلات الرئيسية للفقر ومحدودي الدخل في مصر. خطورة ومغامرة الدعم ليس طعاما وشرابا فقط بل هو متصل بكل مناحي الحياة من مسكن ومواصلات ونفقات المعيشة أي برحلة الحياة اليومية بكل همومها ومشقاتها, هكذا يلخص الدكتور سمير مصطفي أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي رأيه واصفا صعوبة التحول من الدعم العيني إلي الدعم النقدي إذ يقول: إن فيه خطورة ومغامرة ويحتاج إلي أجهزة إدارية تدير هذا البرنامج لما له من أهمية, وللأسف اثبتت التجربة أن ملكاتنا في الإدارة ملكات محدودة, فبرنامج الدعم يحتاج إلي كلفة عالية وكوادر مدربة. ولا ينكر د. سمير مصطفي أن منظومة الدعم تحتاج إلي هيكلة وإلي إعادة هيكلة من جديد سواء كان هذا الدعم عينيا أو نقديا. فالدعم وعلي مدار تاريخه قلل من نطاق الفقر ووفر الحد الأدني من الاحتياجات الغذائية للمواطنين لحمايتهم من سوء التغذية, ولولا وجود الدعم لكان شكل الفقر الآن أشد بؤسا. ويشير د. سمير مصطفي إلي أن الدعم يستند إلي أرقام غير واقعية, فبعض التقديرات تري أن90% من الاسر المصرية تملك بطاقات تموينية سواء حمراء أو خضراء وهذا يرفع من كلفة الدعم, فموازنة الدعم ترتفع لأن90% من الاسر تحصل علي هذه البطاقات, وهذا بدوره يؤدي إلي تسرب الدعم إلي فئات لا تستحقه, هذا فضلا عن الابواب الخلفية لتسرب الدعم. فالدعم شبكة من شبكات الضمان الاجتماعي فهناك الكثير من الاسر تعيش علي حد الكفاف وليس حد الكفاية وأخشي يضيف د. سمير أن يكون ذلك سببا لتخفيض أو ترشيد الدعم أما ما يقال عن تجربة المكسيك أو غيرها, فلا يصح معنا نظام( الجراية). إلا الخبز ويناشد د. سمير المسئولين بأن يبقوا علي دعم الرغيف أيا كان الأمر إذ أن هناك كثيرا من الأسر لا يكون لها غذاء إلا هذا الرغيف, فكيف أحدد لهم مقدار ما يأكلون منه, وليس لهم غيره من طعام؟! أما الدكتور نادر نور الدين وهو خبير سابق بهيئة السلع التموينية فيقترح أن يكون دعم الغذاء هو آخر ما يتم رفع الدعم عنه أو تحويله إذ يمثل دعم الغذاء في مصر أقل حلقات الدعم تكلفة, حيث لا يتجاوز دعم الخبز والسلع التموينية مجتمعة13 مليار جنيه سنويا. ويشير د. نادر إلي أن رفع دعم الخبز يجب أن يتم بعقلانية شديدة, وألا يتم تحرير الدعم عنه كلية دون تدرج فهو سلعة أساسية لا بديل عنها وخياراتها محدودة فلو تصورنا رفع الدعم عن السلعة فمن المتوقع خروج عدد كبير من الافران والتحول عن إنتاج الخبز إلي نشاط آخر فماذا سيحدث إذا لم تتوافر هذه السلعة فالدولة لابد أن يكون لها اليد الطولي في إنتاج وتوفير الخبز. ثم يضيف محذرا من أن تقليل المبالغ المخصصة لدعم الخبز لا يكون بإنفاق المزيد من الاموال وتحميل ميزانية الدولة ملايين أخري لشراء سيارات وموتوسيكلات وإنشاء الاكشاك الخشبية من أجل فصل إنتاج الخبز عن توزيعه. ويري د. نادر أنه من غير المقبول رفع سعر استهلاك الغاز الطبيعي وأنابيب البوتاجاز قبل رفع اسعار تصدير الغاز وتعديل الاتفاقيات القائمة فلا يعقل أن يكون سعره محليا أعلي من سعر تصديره, والدولة المستوردة له أكثر ثراء من غيرها! ويشير إلي أن قطاع الصناعة يحصل علي دعم كبير في الطاقة( كهرباء, غاز) فإذا كان سعر بيع الاسمنت في مصر يعادل سعر بيعه عالميا, وكذلك سعر بيع الحديد يماثل سعره عالميا فلا معني هنا لدعم الطاقة لهذه الصناعات الآن, فهذا الدعم لا تستفيد منه السوق المصرية, بل استفاد منه أصحاب المصانع إذن فإن الغاء دعم الطاقة لابد أن يأتي في المقدمة. الدعم لمن؟ رجل الشارع والمنظمات المدنية ومؤسسات الدولة مطالبة بالمشاركة في صنع القرار كتب - حسين إسماعيل الحبروك بعد أن أعلن الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية أن الحكومة تقدم دعما للشعب في مجال الطاقة يصل إلي52 مليار جنيه سنويا لكل من البنزين والسولار والكهرباء وبعد أن أكد أن هذا الرقم مقابل الزيادة لأن سعر برميل البترول في زيادة شبه يومية يبقي السؤال: هل يستفيد محدودو الدخل من هذا الدعم والإجابة تأتي بسهولة بعد ملاحظة أنهم لا يملكون السيارات التي تستهلك البنزين أو السولار وبالطبع لا يملكون أجهزة التكييف التي تستهلك الكهرباء لكن الملاحظ أيضا أن هذه الطبقة تستفيد من دعم الطاقة بصورة غير مباشرة عبر تذاكر الأتوبيس والقطار المدعومة يلاحظ أيضا أن الدعم للسولار والبنزين يصب في نقل الخضر والفاكهة واللحم وغيرها والدليل أنه حينما ارتفع سعر البنزين ارتفعت معها كل أسعار المواد التموينية. أما عن الدعم عموما فالدولة حتي هذه اللحظة لم تقرر بعد علي أي شكل سيكون والرأي الأغلب هو مطالبة كل مؤسسات الدولة, والأحزاب ورجل الشارع بالمشاركة للوصول إلي قرار تلتزم الحكومة بتنفيذه. بالإضافة إلي مشاركة الدولة للتنمية الإدارية التي تختص بوضع المؤشرات التي علي أساسها يتم تحديد الفئات المستحقة للدعم والفئات التي لا تحتاج إلي هذا الدعم من خلال بيانات الرقم القومي الذي تستطيع من خلاله تحديد دخل الأسرة وبالتالي طريقة الإنفاق. وصلت إلي حد إلغاء الدعم نهائيا : من يقف وراء الشائعات؟ كتب - أحمد فرغلي لماذا كثرت الشائعات حول قضية الدعم؟! البعض أكد زيادة أسعار السلع بشكل مضاعف والبعض الآخر أكد الغاء الدعم عن بعض السلع وعلي سبيل المثال انتشرت شائعة زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز لدرجة أن البعض أكد انها ستصل الي28 جنيها.. هذه الشائعات وجدت أرضا خصبة للانتشار بسبب تعامل الحكومة غير الواضح مع هذه الأزمة.. وعدم وجود دراسات كافية, والأخطر من ذلك بروز تصريحات من جانب المسئولين تطرح حلولا نهائية مثل توفير دعم نقدي يصل الي200 جنيه لكل مواطن كبديل عن الدعم السلعي الذي يتم حاليا. تفاصيل مايدور الآن تعود الي عام1978 عندما تسربت شائعة تؤكد رغبة الحكومة( آنذاك) في إلغاء الدعم العيني وتحويله الي دعم نقدي وكان هذا التوقيت يتزامن مع دخول مصر عهد الانفتاح الاقتصادي ولاقت هذه الشائعة رواجا كبيرا ونتج عن ذلك حدوث زيادات كبيرة في أسعار السكر والزيت والشاي بل ربما اختفاء بعضها من الأسواق وذهبت الأرباح الطائلة من وراء الشائعة الي جيوب التجار, وقياسا علي ذلك وبمجرد أن تحدث رئيس الوزراء حول قضية الدعم بدأت الأقاويل تتناثر هنا وهناك وانطلقت الشائعات وهنا كان يجب علي الحكومة علي حد قول د. عاطف العوام نائب رئيس جامعة عين شمس والأستاذ بكلية التجارة أن تقوم بعمل الدراسات والأبحاث الكافية قبل الاعلان أو التفوه بأي شيء يتعلق بهذه القضية الخطيرة لانها في المقام الأول هي قضية أمن قومي الأمر الذي يستدعي تناولها بشكل هادئ بعيدا عن القيل والقال وبعيدا عن الطرح السريع لأن هذا النوع من التناول في وسائل الاعلام يثير البلبلة, ويعطي الفرصة للاصطياد في الماء العكر ويؤدي الي مزيد من الشائعات بشكل كبير وأنا في تقديري انه يجب أن يراعي تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية ولا نترك المواطن الفقير فريسة لتزايد الأسعار, وأن نحدد في البداية من الذي يستحق الدعم ومن الذي لا يستحقه ثم نبدأ بعمل استطلاعات الرأي والأبحاث لنبحث عن الصيغة التي يقدم بها الدعم هل يقدم مبلغ نقدي أم هل يقدم عينيا أم نقدي غير محدد القيمة, وأنا شخصيا أميل الي أن يكون الدعم محددا بقيمة السلعة وليس بمبلغ محدود لأننا لو دفعنا لكل مواطن200 جنيه مثلا سوف تحدث طفرات في الأسعار تلتهم هذا المبلغ بعد تطبيق هذا القرار مباشرة وبالتالي نكون كأننا لم نفعل شيئا لكن إذا توافرت للمواطن حماية معينة بعيدا عن ارتفاع الأسعار سوف يتحقق الغرض من الدعم وهنا ليس مهما أن يكون نقديا أو عينيا بمعني مثلا: ان هذا المواطن الفقير يستحق ماقيمته(2 كيلو سكر وكيلو زيت وكذا أرز وغاز وكذلك العيش) ويبلغ اجمالي مايستحقه مثلا200 جنيه هنا نعطيه هذا المبلغ أما إذا حدثت زيادة في الاسعار وبلغت قيمة هذه الأشياء300 جنيه بعد عامين مثلا فيجب أن يأخذ هذا المبلغ, هذه النظم جري تطبيقها في بعض الدول التي تحولت من النظم الاشتراكية, والعالم كله سواء المتقدم أو النامي لديه سياسات لدعم المواطنين غير القادرين. انعدام الثقة وتطالب الدكتورة سلوي شعراوي جمعة الاستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بايجاد حالة من الثقة بين المواطن والحكومة لأن انعدام الثقة يؤدي دائما الي الشك في البيانات الرسمية الصادرة من المسئولين وهنا تظهر الشائعات ومن الممكن أن يكون هناك فريق من أصحاب المصالح وراء هذه الشائعات وخاصة كبار التجار, وقد تستخدم هذه الشائعات لضرب الاقتصاد وتفتيت الاستقرار ولذلك يجب علي السلطة المسئولة أن توفر المعلومات الحقيقية وألا يتحدث أي مسئول قبل أن يكون لديه دراسات كافية حول ماسوف يجري وماتم من قرارات. المعلومات والبيانات وهنا يتدخل الدكتور عاطف العوام مرة أخري ويضرب مثالا بما حدث من اعتصامات وتجمعات من جانب العمال وهذا يرجع في المقام الأول الي عدم وجود المعلومات والبيانات والحلول الكافية لأي مشكلة فلو أننا تعاملنا مع هذا المصنع أو ذاك بنوع من الصراحة وأخذنا رأي العمال علي محمل الجد في عمليات الخصخصة ووضعنا لهم الضمانات الكافية ما حدثت هذه الاعتصامات خاصة أن بعض المستثمرين لا يلتزمون إزاء العمال بما يتعهدون به خاصة فيما يخص الأرباح والحوافز وغير ذلك. وباعتباره خبيرا نفسيا ولديه القدرة علي التشخيص سألت الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي حول تزايد ظواهر الشائعات خاصة فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد وتحديدا في مسألة الدعم فأجاب بأن ذلك أمر طبيعي في جميع المجتمعات التي تعاني من التخلف والفقر والجوع, وأن الوسط البيئي أو الاجتماعي يلعب دورا كبيرا في زيادة حدة انتشار الشائعة, ولذلك فكلما انخفض المستوي الثقافي والتعليمي زادت الشائعة انتشارا وعندما تمارس الجهات المسئولة نفسها سياسة التضليل تكون الكارثة أكبر ويموج المجتمع كله بالشائعات ولذلك كان تدخل القيادة السياسية حاسما وتأكيده بأن قضية الدعم لم تحسم بعد وانه تجري الدراسة بهدف الوصول الي صيغة تتوافر فيها العدالة الاجتماعية. ويضيف.. عكاشة أن مثل هذه الظواهر والانفلات الذي يحدث في المجتمع تتكرر مابين الحين والاخر وهي مبنية في المقام الأول علي احساس بالاحباط والعجز واليأس فيما يخص قدرة هذا الشخص أو ذاك علي حل مشكلاته ففي الوقت الذي يعاني فيه من الفقر الشديد تأتيه المعلومات بأن الدعم سوف يلغي وهذا يمثل مصيبة أخري له فكيف يتمكن هذا الشخص من شراء أنبوبة بوتاجاز ب28 جنيها وهو يعاني الآن من سداد أربعة جنيهات مقابل هذه الأنبوبة ويذهب بنفسه الي سيارة الغاز ويحمل هذه الانبوبة علي عنقه بهدف توفير جنيه أو اثنين تلك هي المشكلة التي لا يأخذها المسئولون علي محمل الجد. ويؤكد د. أحمد عكاشة أن الانتماء يغيب عندما تغيب ثلاثة أشياء الأول يتمثل في الشفافية بين الحكومة والمحكوم, وهنا من حق الناس أن يعرفوا لماذا صدر هذا القرار ولماذا تم تعيين هذا الوزير ولماذا جري عزل هذا الشخص لكن الذي يحدث أننا نترك الشعب يموج في بحار من الشائعات ولا نقدم أي معلومة حقيقية حول أي شيء. الأمر الثاني يتمثل في غياب مبدأ المساءلة والعقاب وهذا يؤدي بالطبع الي ان يفعل كل شخص مايريده وتتحول المسألة الي حالة من الفوضي والاستهتار بكل شيء, وتأتي عملية تبادل السلطة والمواقع في المرتبة الثالثة فإذا غاب هذا المعني وأصبحت المسئولية مركزة في يد أفراد بأعيانهم في كل القطاعات والمؤسسات شعر الجميع باللامبالاة وعدم الانتماء وفقد أصحاب الكفاءات دورهم في المجتمع. وهكذا عندما تغيب هذه المحاور الثلاثة فإن هؤلاء الأفراد, اما يموتون كمدا من جراء الغيظ والاحباط أو ينفجرون وهذا ما لانتمناه لأي شعب ولذلك يجب علي الحكومة أن تعيد النظر في اسلوب المسكنات. وللمواطن رأي: انتبهوا أيها السادة كتب - محمد هندي عندما يقترح المسئول الحكومي اقتراحا يمس الناس وعندما يتحدث الخبراء ويقدمون رؤاهم.. لا يبقي قبل أن يقر مجلس الشعب تنفيذ ذلك الاقتراح سوي رأي الناس! ولرصد هذا الرأي الحاضر الغائب قمنا بجولة واسعة اخترنا منها أمثلة دالة لعل المسئول الحكومي يسترشد بها قبل أن يطلق خياله في اقتراح آخر يمس حياة الناس! المهندس هشام حسن إبراهيم رب أسرة مكونة من خمسة أفراد بدأ حديثه معنا بتساؤل مرير لمن ليس له حيلة, قال: ماذا نفعل مع التجار الجشعين الذين رفعوا الأسعار بأرقام فلكية؟ فهناك أسعار تضاعفت مرتين, وأسعار ارتفعت بنسبة50% وحدث ولا حرج عن رغيف العيش الذي جاءت له كل الأمراض من عجز وشيخوخة وأنيميا حادة وأصبح رغيف الخبز يباع ب25 قرشا ونشتريه أحيانا ب50 قرشا وإذا حاولت الوصول لرغيف الخبز الذي يباع في الأفران البلدية بخمسة قروش فلابد من اجازة عارضة من أجل الوقوف في الطابور منذ الصباح الباكر من أجل الحصول علي10 أرغفة فقط, فهل هذا جشع تجار أم عدم مبالاة من الحكومة بالضرب بيد من حديد علي جميع الذين يسرقون الدقيق المدعم؟. مقاطعة اللحوم وبدأت زينب سيد سيد أحمد موظفة وأم لثلاثة أولاد بالمراحل التعليمية المختلفة حديثها بقولها: ارتفعت الأسعار بشكل رهيب والحكومة لا تشعر بالشعب كنا في السنوات السابقة من محدودي الدخل ولكن في ظل الارتفاعات المتتالية للأسعار أصبحنا من معدومي الدخل لقد قمنا بمقاطعة اللحوم أنا وأولادي الثلاثة وأصبح المنزل لا يعرف رائحة للحوم, ولكن الذي زاد الطين بله هو سماعنا عن إلغاء الدعم! وأنا شخصيا لا أتخيل أن ترمي الدولة فقراءها في مياه البحر لكي تتخلص منهم بهذه الصورة فإنني موظفة أرفض رفضا تاما اقتراح الدعم النقدي الذي تم طرحه لأنه عندما تقول الدولة هناك زيادة في مرتبات الموظفين بنسبة10% فقبل أن نحصل علي الزيادة في المرتبات تكون هناك زيادة في الأسعار بنسبة50% في أسعار أخري تصل إلي100%. ولذا إذا طبقت الدولة نظام الدعم النقدي سيصبح رغيف الخبز بجنيه علي الأقل والمحسن منه سيصبح بخمسة جنيهات!! وتضيف مها حسن أحمد ربة منزل وأم ل3 أطفال صبر المواطنين وطاقتهم علي التحمل نفدت, والحقيقة أني لا أعرف من الذي اقترح الدعم النقدي هذا. ويقول عبدالغفار غازي موجه أول لغة عربية( سابقا): الحكومة أصبحت في واد والشعب في واد آخر وأناشد المسئولين بالدولة أن يحاولوا العيش بمعاش أي شخص آخر ويدلوني علي طريقة ضبط ميزانيتهم في المأكل والمشرب والدواء فقط, ويتساءل: هل يستطيع المواطن وخاصة الذي بلغ سن الستين أن يستلم هذا المعاش الضئيل ويصرف علي بيته وأولاده الذين تخرجوا في الجامعة وجميعهم عاطلون بجواره؟! ثم تأتي وزارة التضامن الاجتماعي بعد ذلك باقتراح الدعم النقدي ليطيح بنا إلي الهاوية. المزيد من التحقيقات