رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    حماس: إسرائيل غير جادة وتستخدم المفاوضات غطاء لاجتياح رفح    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأوكراني مستجدات الأزمة الأوكرانية الروسية والجهود الرامية لحلها    «في ليالي الأبطال لا مثيل للريال».. مدريد في النهائي بسيناريو جنوني أمام بايرن    الزمالك يشكر وزيري الطيران والرياضة على تسهيل سفر البعثة إلى المغرب    قبل نهائي الكونفدرالية.. نجم الزمالك يسافر إلى اليونان للاتفاق مع فريقه الجديد    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. رئيس الزمالك يحضر حفل تأبين العامري فاروق وريال مدريد يبلغ نهائي دوري الأبطال    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    ليس مرض مزمن.. سبب وفاة والدة كريم عبد العزيز    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    الأكاديمية البحرية تطلق المؤتمر الدولي للذكاء الآلي والابتكارات الذكية الأحد    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    لتعويض رحيل معلول المحتمل.. الأهلي يقترب من التعاقد مع نجم المغرب    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الاستثمار : إقتصاد مصر يحتاج 5 خطوات معقدة جدا


أشرف علي الحوار : عبدالله كمال
أدار الحوار : محمد هاني
شارك في الحوار : الكاتب الكبير عصام حنفي
أجري الحوار : عصام عبدالعزيز - كمال عامر - مرفت فهمي - عزة نصر - سهير جودة - وفاء شعيرة - إيمان مطر - سامية صادق - أحمد باشا - محمد سويد - رانيا رضا
أكثر من سبب يعظم من قيمة استضافة د. محمود محيى الدين - وزير الاستثمار - فى هذا التوقيت.. ويأتى فى مقدمتها ما أثارته مجموعة مقالاته المنشورة مؤخرا والتى عبر فيها عن إعجابه وتحليله بنماذج وتجارب دول - آسيوية - فى عبور حواجز الفقر والتخلف لتغدوا نمورا اقتصادية تسابق الدول وتجيد قواعد لعبة الأمم.. وفى هذه الندوة يلخص وزير الاستثمار رؤيته لانتشال مصر وذلك فى 5 خطوات تمثل برنامجا طموحا فى حالة تطبيقه والأخذ به رغم تأخرنا عنه لسنوات!
يلى ذلك، تلك المناقشات الساخنة حول مصير مشروع الملكية الشعبية والخلافات الدائرة حوله، وما انتهى إليه الحوار المجتمعى الذى دار على مدار سنة كاملة تكللها الورقة الاقتصادية التى ستناقش فى مؤتمر الحزب الوطنى نهاية هذا الشهر، وفيها يتم الكشف عن الصورة النهائية وما انتهى إليه الحوار وبداية تفعيل المشروع من تاريخه!
يضاف إلى ذلك تساؤلات عدة حول ملف الاستثمار فى مصر بصفته قاطرة التنمية الحقيقية والمقياس الحقيقى لتقدم الشعوب.
روزاليوسف: مجموعة مقالاتك التي نشرت مؤخرا وأدهشنا مضمونها من إعجاب وزير فى الحكومة بتجارب دول أخرى وتميزها وهو ما يفرض علينا تساؤلا مهماً، وهو لماذا لا نفعل نحن هذا.. لماذا يعجب الوزير بغيرنا ولا يمكنه تنفيذ ذلك فى مصر.. ومن هنا نبدأ؟!
- الوزير: الموضوع ببساطة أن المعادلة لتحقيق النمو والتنمية أصبحت سهلة وخالية من الأسرار أو الأمور صعبة الفهم، ولكن كما أكدت فى أكثر من مناسبة هى قضية اختيار بين التقدم المكلف وبين التخلف المريح، فى الأجل القصير، والمكلف فيما بعد، سواء من فقر ومشاكل تشغيل، وتدنى دخول وتراجع فى مستوى الصحة، وتراجع فى مستوى التعليم وتدنى نوعية الحياة.
الذين تقدموا أخذوا إجراءات صعبة وخيارات مكلفة، ليس من الناحية المالية- لأن الأموال أرخص أنواع التكاليف- ولكنها مكلفة سياسياً، بمعنى بذل جهد فائق ومخاطرة عالية، والمثال الأكبر الذى حاولت التحدث فيه هو قصة الصين وسنغافورة، والهند وكوريا وماليزيا، أعضاء هذا التجمع الفريد وعلى مدار 03 سنة يجمعهم شىء واحد هو تلك الرغبة الشديدة فى التقدم.
ففى حين تتصارع دولة مثل كوريا مع جيرانها اليابانيين والصينيين، فإذا لم تكن الأولى فلن ترضى أن تكون الأخيرة، هؤلاء القوم أنفقوا المليارات على البنية الأساسية والتعليم والرعاية الصحية واندمجوا بصورة محسوبة وكبيرة وقوية فى الاقتصاد العالمى واعتمدوا على اقتصاد السوق وقاموا بتقوية أدوات الدولة فى الرقابة ولم يدخلوا فى هذه المتاهة التى ندخل فيها بدون مناسبة.
تلك الدول جميعاً لم تنفق هذا الإنفاق الكبير والضخم على المحبين المتشدقين بدور الدولة أو المحبين المدافعين عن السوق والقطاع الخاص، ولكنها اتبعت المنظومة البراجماتية الاقتصادية التى كما ذكر عنها فى بعض الكتابات يهمها فى المقام الأول تحقيق الأهداف.. فماذا سيفيد لون القطة بيضاء أم سوداء طالما تصطاد الفئران!.. لذلك لا يهم إذا كان التنفيذ سيتم بواسطة القطاع العام أو الخاص أو الدولة أو السوق أو باستثمار آسيوى أو عربى أو مصرى أو أجنبى، فالذى يهمنا هو التنفيذ الفعلى فى نهاية المطاف.
تلك الدول كانت فى حاجة لمن يشجعها على اتخاذ هذه القرارات الصعبة، وإذا اتخذنا الصين مثلاً فقد ظلت ثلاثين عاماً يحكمها عتاة الحزب الشيوعى المطبق لكل القوانين الاشتراكية، وانتهى الأمر إلى قيادة هذا الحزب الصين إلى اقتصاد السوق، وبالطبع فقد حدثت معارضة ولكن فى النهاية تم تطبيق الفكر الرأسمالى، وهذا ما أدلل عليه أنه لا يوجد أحد هنا يأخذ قراراً هكذا، يأتى أحدهم ليقول لك لقد فعلت الصين هذا سنة 9791 ووصلت إلى مكانتها الحالية من الاقتصاد العالمى فى الوقت الذى طبق فيه الرئيس السادات سياسات الانفتاح الاقتصادى فى 4791 مدفوعاً بنصر أكتوبر الذى منحه حيثية وقدرة، ليقوم بالتطوير فى ثلاثة مجالات، وهى: "الاقتصاد" من خلال الانفتاح والليبرالية و"السياسة" بإعادة المنابر، و"الحرية" بإرساء فكرة السلطة الرابعة للصحافة فى بداياتها.
ولكن لم يكن هناك برامج للتوعية والتثقيف لتساند تحقيق هذه الأهداف وتضبط الإيقاع، فأصبح لدينا انفتاح السداح مداح، كما أطلق عليه، أما الصين فانفتحت استثماراً وإنتاجاً وليس استهلاكاً، وهى من أكثر دول العالم ادخاراً حيث يزيد متوسط الادخار هناك على 54٪ من الدخل، على مدار ال 52 عاماً الماضية فى الوقت الذى نحوم نحن فيه حول نسبة تتراوح ما بين 21 - 41٪، وفى دول مثل اليابان وكوريا تتراوح هذه النسبة من 53-05٪.
هذا الأداء لم ينقطع منذ عام 0691 واتبعت تلك الدول هذه السياسة وواظبت عليها مهما تغيرت الحكومات والأحزاب ورؤساء حكومات، فهناك ماكينة تعمل فى ظل هدف محدد وهى نظم لا تعرف الرحمة لمن يسقط ويفشل، وقيمة العمل هناك كبيرة وثابتة.
روزاليوسف: وما الذى يمنعك من تطبيق ذلك مادمنا نعرف الطريقة، أين مكمن الصعوبة؟
- الوزير: هناك عدة اعتبارات فى مصر، منها أن مرجعيتك فى الحكم على الأمور حتى هذه اللحظة تعود إلى ما تم ترسيخه فى العقل منذ حقبة الستينيات، وأى انحراف عن هذه المواثيق تقابله ثورة، فى الوقت الذى لو كان أصحاب تلك المواثيق أحياء اليوم لكانوا بدلوها مستعينين بالإعلام والثقافة والسينما والمسرح لدعم أفكارهم، فالبدلة والكرافتة التى كانت تليق عام 56 لا تليق اليوم.
وحتى هذه اللحظة لم يجرؤ أحد على قلب الصفحة فى أمور بالية ومتخلفة، حتى لا يدفع التكلفة السياسية لهذا الأمر.
روزاليوسف: معنى كلامك أن أيديكم مغلولة أو هناك جمودا فى السلطة التنفيذية وليس لديكم قدرة على تغيير اتجاهات المجتمع لتحمل تكلفة التقدم؟
- الوزير: بالنسبة للتوجه العام نحن بالفعل نحتاج أن نعمل عليه بشكل أكبر، ولذلك نحصل على استثمارات خارجية لمصر بمتوسط 01 مليارات دولار فى السنة، ولا نأخذ 02 .
ويدى ليست مغلولة ولا مبسوطة كل البسط ولكن هناك قدرا من المبادرة يتم، والدليل أنه خلال السنوات الخمس الماضية أخذنا إجراءات إصلاحية كثيرة أصابت البعض بالصداع وأعاقت فكر البعض، وشتتت فهم البعض، ولكن تم تطبيقها فى النهاية مثل إصلاح القطاع المالى المتمثل فى علاج المديونية التاريخية للبنوك والنجاح فى بيع بنك إسكندرية، والضرائب، والجمارك، والتى شهدت صراعا خاصة من جانب المنتفعين بالسياج العالية الجمركية المانعة لحرية التجارة، بالإضافة لتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، بعيداً عن التعقيد والبحث عن الموظفين للتوقيع، وسوف تقابل بمقاومة شرسة عندما تسحب منهم هذه السلطة حتى لو لم يكن منتفعا بها فهو منتفع بوجوده.
روزاليوسف: ما هو الوضع الحالى لشركات قطاع الأعمال؟
- الوزير: أجرينا عملية إعادة هيكلة الشركات وتحسينها، وبغض النظر عن موضوع الملكية الشعبية، فما تم فى إطار الخصخصة هو بيع 7 شركات للقطاع الخاص فى إطار قانون ،302 وتم تحويل تبعية ثلاث شركات إلى جهات سيادية وجميع البيانات متوافرة على الموقع الإلكترونى للوزارة.. ولكن الأخطر هو عملية الدمج التى قمنا بها وتغيير 59٪ من إدارات الشركات وقد واجهنا صعوبات فى تنفيذ هذا الدمج من خلال من لهم مصلحة فى بقاء الوضع على ما هو عليه، وقد كانوا من الذكاء بحيث أداروا معركتهم من خلال العمال البسطاء ورغم أن القرار فى هذه الحالة فنى إلا أنك تضعه فى إطار سياسى ولابد أن تحسب ردود الفعل، وهناك مجالات لابد أن تدخل بها بقدر شديد من الصلابة ودفاع عن الموقف حتى النهاية، وقد تعرضت هذه الحكومة ووزراؤها المختلفون لجولات كثيرة صمدوا فيها صموداً لا بأس به، ووفقوا فى كثير من الأمور ولكن ما أخشاه أن المسألة مرتبطة بسياسات الفعل ورد الفعل وبالتالى ما يمكن تحقيقه فى ستة شهور يتم خلال سنة ونحن لا نملك رفاهية الوقت.
روزاليوسف: ما القرارات التى ينبغى أن تقوم بها فوراً وتخشى من أن المجتمع لن يتحملها والتى من الممكن أن تحدث التحول المنشود خلال 01 سنوات؟!
- الوزير: فى النهاية السياسة الاقتصادية مثلها مثل باقى أنواع السياسات، فهى فن تحقيق الممكن.. فمن الأمور البسيطة جداً، أن تقول عندنا دعم، النظام هنا وضع كلمة.. دعم المستحقين.. ومنذ خمسين عاماً نستخدم مصطلح توصيل الدعم لمستحقيه، ولكن حين تقترب من هذا الأمر، وتقوم بعملية تنقية لمن لا يستحق، لتبعده، وبالتالى يستفيد من يستحق فعلاً ولكنك ستقابل بمعارضة شديدة، وحينما اقتربنا من أسعار الطاقة بالنسبة للمصانع حدثت مشكلة كبيرة جداً، وتعالت الأصوات رغم أن أكثر الناس شكوى هم أكثر الناس قدرة على الدفع.
روزاليوسف: فلنكن أكثر تحديداً ما الذى يجب أن تقوموا به وتخشون من رد فعل المجتمع.. فهذه الحكومة فى بدايتها منذ خمس سنوات كانت تتحدث عن إعادة تنظيم الدعم والآن هناك 56 مليون مواطن لديهم بطاقات تموينية؟!
- الوزير: لقد منحنا المواطنين الاختيار بين الدعم النقدى أو العينى، وفى هذه الأثناء حدثت أزمة ارتفاع أسعار الغذاء وهى أشد من الأزمة المالية فاضطررنا إلى إصدار البطاقات التموينية كإجراء مؤقت ولكن فى نهاية المطاف يعتبر الدعم من الأمثلة البارزة للإصلاح الاقتصادى وهذا لا يعنى القول بإلغاء الدعم فالدول جميعها حتى الأكثر تقدماً لديها دعم حتى المؤسستين العالميتين الرافضتين للدعم وهما صندوق النقد والبنك الدوليان يدعمان موظفيهما سواء فى الطعام أو إعفائهم من الضرائب، ولدينا العشرات من الكتب والمؤلفات لكبار الاقتصاديين المصريين فى الدعم وحتى نقوم بتنقية ملف الدعم ليذهب لمستحقيه لابد أن نفتح حواراً مجتمعياً على نطاق واسع.
روزاليوسف: ألا يحتاج ذلك إلى شفافية بجانب الحوار المجتمعى؟
- الوزير: نحتاج الشفافية فى كل شىء فمنذ عدة أيام نشرت إحدى الصحف الإنجليزية قصة أحد الأشخاص المستفيدين من الإسكان الشعبى هناك ولديه 5 أبناء و6 كلاب ومنحته الدولة شقة مكونة من ثلاث غرف ولم تتسع الشقة للكلاب والأسرة، والطريف فى الأمر أن من قام بالهجوم على هذا الوضع لم يكن وزير الإسكان هناك، ولكنها الصحافة المحلية معللة ذلك بأنها لا تمنع المواطن من إنجاب هذا العدد من الأبناء ولكنها فى النهاية مسئوليته بمفرده وعليه أن يتحمل نتيجة اختياره.
أما فى مجتمعنا فالوضع مختلف فعادة ما نجد الميزة خاصة والتكلفة عامة فنحن نعتمد على تخصيص المنافع وتعميم المشكلات، وقد واجهنا هذا الأمر حينما منعنا رجلاً من إنشاء كشك يبيع فيه خضروات ولحوما على الطريق الزراعى ما بين بنها والمنصورة وأمام مطب صناعى وفى حرم الطريق فهدد الرجل بالاعتصام معللاً ذلك بأننا نمنعه من أكل عيشه وتربية أبنائه.
الخلاصة حتى تتقدم مصر، ليس بالنظريات الأكاديمية والاقتداء بها، ولكن بما تحقق على أرض الواقع لدول كانت أكثر فقراً منا، وكانت صادراتها واستثماراتها أقل، هذه الدول بلا استثناء اندمجت فى الاقتصاد العالمى بثلاث طرق.. زيادة فى التصدير وجذب الاستثمارات الأجنبية،والأهم من الاثنين أكبر عملية لنقل المعارف والتكنولوجيا من العالم سواء باستقدام الخبراء أو إرسال البعثات، وقد أرسلت الصين وحدها نصف مليون متدرب وباحث حاصل على الماجستير والدكتوراه خلال الثلاثين عاما الماضية إلى أمريكا الشمالية فقط.
روزاليوسف: كل هذه المبررات التى تم عرضها حكومية فى المقام الأول ولن تجعل الشعب يمانع الاندماج فى الاقتصاد العالمى أو أن يرسل أبناءه للتعليم فى الخارج من خلال البعثات؟
- الوزير: فى الستينيات كان لديك برنامج لإرسال البعثات الدراسية فى الخارج يعادل عدة أمثال ما يتم اليوم رغم الاتهامات الموجهة لتلك الفترة بأنها فترة الانغلاق، ولم تكن البعثات حكومية فقط ولكن كان الأهالى يرسلون أبناءهم للتعليم فى الخارج ولكن فى إطار البعثات الحكومية تحتاج إلى تمويل والموازنة العامة لاتسمح بذلك ولو استطعنا توفير هذا التمويل من فواتير دعم الطاقة التى تذهب إلى غير المستحقين فسيجد بند البعثات فى الموازنة ما يكفى لسفر هؤلاء للخارج.
نحن نعانى من تكريس نظام التعليم العالى لحالة من حالات التخلف الدائم فى الحياة المصرية والدوران حول أنفسنا وذلك لأن أساتذة الجامعة لايحصلون على حقوقهم المالية والأدبية المناسبة كما يحدث فى العالم المتقدم مما يدفع بعضهم إلى ارتكاب أفعال مخالفة للقانون مثل الدروس الخصوصية أو العمل فى غير تخصصه بأن يترك الجامعة لأعمال الاستشارات، ويدعم ذلك نظام متخلف للترقى فى الجامعة ولايستند على الجودة.
روزاليوسف: هل معنى ذلك أن الشعب هو المعوق للتنمية، وأن الخطأ من الشعب وليس فى سياسات الحكومة؟
- الوزير: لايوجد من يستحق أن يكون فى منصب سياسى أينما كان موقعه ويلقى باللوم على الشعب ليس لاعتبارات السياسة والمواءمة، ولكن باعتبار أنه يعترف بعدم قدرته على التواصل مع الناس الذى هو منهم، فالمشكلة ليست فى الحكومة والشعب وإنما فى بعض الفئات المعادية للتغيير.
لو أخذت روشتة من 05 بنداً، ولم تأخذ منها سوى عنصر التعليم، وتفرغت لإصلاحه، فهذا يكفى، وبقية البنود سوف تأتى تباعا مع الوقت، فالمجتمع المتعلم الذى يرفع قيمة العلم والعلماء لايخشى منه ولايخشى عليه!
سوف أذكر مثالا أسعدنى كثيرا عندما كنت فى الوفد المصاحب للرئيس فى الرحلة الأخيرة للمجر، وذهبنا فى زيارة لإحدى مزارع الألبان والتى تنتج أعلى معدل أوروبى والذى يصل إلى 52 لتر لبن من الرأس الواحدة فى اليوم، وعندما سألت عن سبب تميزهم فى الإنتاج، اكتشفت أنهم استعانوا بدراسة للعالم المصرى "أحمد مستجير" - رحمه الله - فهو واحد من العلماء المصريين البارعين الذين نجحوا فى توصيل علمهم لكثير من بلدان العالم ولا نأخذ بالنا منهم أو نهتم بهم.
روزاليوسف: بدأنا بجدلية أن الوزير معجب بتجارب دول أخرى يحدث بها إصلاح وكثير ما نرى وزراء يعجبون بما تحققه دول أخرى وهم لايحققون شيئا؟
- الوزير: أنا واحد مصرى اضطر فى عمله أن يرى أشياء تمنى أن يجدها فى بلده.
روزاليوسف: ذهبت إلى بكين عامى 6002 و 9002 فوجدت عشوائيات فى المرة الأولى وفى الزيارة الثانية اختفت تلك العشوائيات. أما عندنا فالوضع لايتغير.. مثال عشش ماسبيرو والتى تباع فيها المخدرات؟
- الوزير: الاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية، وقبلها تعليم البشر، وفى الرعاية الصحية والمرافق المخصصة لهم، فالحضارة تقاس بالعمران كما هو الحال فى مصر وإيطاليا واليونان، فكل حضارة قامت تركت بصمتها على التاريخ، وعندما كانوا يقومون بذلك، لم يكونوا يفعلونه للسائحين اليوم، وإنما كانت كل حضارة تريد أن تقول لمجمعاتها أن هناك شيئا يحدث وأن هناك بناء، والمسألة ليست أن هناك أكل أحسن أو ظروف معيشية أفضل، لكنه يترك عددا من الآثار الدالة عليه.
فعندما تذهب إلى الصين والهند وماليزيا اليوم تجد هناك منافسة على المبنى الأعلى والمطار الأفضل، فكل هذه الدول استفادت من ذلك لأنه يعنى حركة عمل وتشغيل واستثمار. كما أنه من خلالها يصل الناس ببعضهم البعض.
هذا بالنسبة للبنية الأساسية فى المبانى والعمرانى وهى ممهدة لحركة التنمية وبعدها ومعها بناء البشر كالتعليم ثم الرعاية الصحية فى المجموعة الثانية.
أما المجموعة الثالثة فهى الاعتماد الكامل على اقتصاديات السوق المنظمة المراقبة بفاعلية -ولابد من قولها كجملة واحدة- وذلك معناه إن إنشاء كيانات تراقب تلك السوق مثل جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار وجهاز حماية المستهلك، ولها نظام المتابعة والمراقبة ولايوجد بها تدليس، وفيها نظام فاعل لأخذ الحق بالقانون ولايوجد لها بديل.
ولا توجد طريقة أخرى لتوزيع السلع بين الناس إلا من خلال أسواق منظمة، وأى نوع من أنواع انتهاك هذه القاعدة باء بالفشل الذريع، وبعض الناس المنادون بعودة نظام التسعيرة الجبرية، أرد عليهم بأن هذا الكلام متخلف وضائع وكان فاسدا، ومنها نموذج تحديد الإيجارات.. وأقول لكل شاب مصرى فى 9002 لا يجد سكنا بالإيجار اليوم، إن ذلك جاء نتيجة نوايا حسنة كانت هناك لجان لتحديد الإيجارات جعلت واحدة من أفضل المجالات لاستثمار أموال الأفراد تعانى من العزوف عن الاستثمار فيها، فلا يوجد من يقوم بإنشاء مبنى لدعم الساكنين فيه وبالتالى اختفت الشقق بالإيجار وبالتدريج أيضا توقف التمليك حتى استدعينا التمويل العقارى!
فى وقتها كان كل شىء يخضع للتسعيرة من الخضروات وحتى السيارات وكان فى ذلك خراب كبير جدا بظهور السوق السوداء
روزاليوسف: لكن كان لها هدف اجتماعى فى وقتها :
- الوزير : هذه النوايا الحسنة فرشت الطرق الممهدة إلى جهنم، وذلك ما حدث.. الهدف الاجتماعى هو أن تجعل السلعة بعيدة عن التجار الجشعين والوسطاء المنحرفين والطابور الخامس وأعداء الشعب، كان هناك نظام للمراقبة ونظم تراقب بعضها البعض والفساد يرتع فيها وتجد فى نهاية الأمر سلعة فاسدة مسعرة جيدا يقابلها سلعة صالحة خارج التسعيرة فى السوق السوداء ويصل سعرها أضعاف السلعة المسعرة جبريا!
هذا النظام كان ( شكله حلو ) وقتها، مدعوما بمعدلات التضخم التى كانت بالسالب فى عام 66 وهذه الطريقة كانت تريح الناس لبعض الوقت.. لكن لن تصلح التسعيرة الجبرية عند تطبيقها.. إلا مع السوق السوداء فى أى مكان فى العالم، وهذا النظام أثبت فشله الذريع لدينا وفى الصين وفى روسيا، والغريب أن لدينا من ينادى باستدعاء هذه النظم مرة أخرى.
روزاليوسف: المجموعة الرابعة فى روشتة الإصلاح؟
- الوزير: كل هذه الدول تعمل فى إطار استقرار اقتصادى، وهذا دورنا كمسئولين ودور الإعلام فى تعريف الناس الثقافة الاقتصادية، فالحديث عن السيطرة على عجز الموازنة ليس تلميعا لوزير مالية مصر، ولكن لأنه إذا انفرط عجز الموازنة معناه معدل تضخم أعلى، فالتضخم أقصى وأعنف ضريبة وأكثرها فى عدم العدل تأخذ من الفقير أكثر مما تأخذ من الغنى وتأخذ من الاثنين دون إذنهما، وتلك هى ضريبة التضخم ويغذيها عجز الموازنة، فهذه الدول ليس لديها مديونية خاصة المالية وليس بها إضطراب فى أسواق النقد.
المجموعة الخامسة هى دولة القانون المطبق على الناس جميعا الوزير قبل الغفير.
الشئ العجيب هنا نجد أن دولة مثل كوريا بها شكل من أشكال الديمقراطية، والصين بها حزب شيوعى بنظام وآليات واختيار لا تستطيع أن تكون لها علاقة بنظم الديمقراطية الغربية وكذلك الحزب الشيوعى فى فيتنام وماليزيا فيها نظام يقترب من النظم الغربية، ولكن المشترك بين هذه الدول فى نظام الحكم هى القوة الحامية لحقوق الناس واحترام الفرد، واحترام آدميته وعدم التنكيل بهم.. قوة القانون ليست على الرف ولكن قوة قانون فى الحكم هى الدول بين الناس دون أى تقصير فى هذا الشأن.
روزاليوسف: شخصت نقاط قوة الدول الأخرى فما هى نقاط قوتنا؟
الوزير: لقد زادت معدلات التصدير وزاد حجم التجارة الخارجية، ولكن هل التصدير كما ينبغى؟ من المفترض أن يصبح أكثر من ذلك بكثير، وهناك أمل فى تحقيق ذلك، فأرقام صادرات مصر اليوم تقترب من ضعف ما كانت عليه منذ أربع أو خمس سنوات، ومرجعنا فى ذلك ميزان المدفوعات، ففى عام 3002 4002 بلغ حجم الصادرات 354،01 مليار دولار وزادت فى العام التالى إلى 338،31 مليار دولار وفى عام 8002 9002 بلغت قيمة الصادرات 961،52 مليار دولار.
الآن لا يمكن تطبيق ما كان يطبق من قبل والاعتماد على شركة مثل النصر للتصدير، وأسلوبها فى العمل.. لقد كان عهد راح.. فقد أصبحت هناك منظومة للإنتاج والتصدير اللائق.. وهل هناك أهم من مقولة الرئيس قبل 01 سنوات لوصف أهمية التصدير بأنها ( مسألة حياة أو موت)
وإذا أخذنا بعض المشروعات المعتبرة فى مجال البيئة الأساسية والمشاركة بين القطاعين الخاص والحكومى يمكن مضاعفة الاستثمارات من 51 إلى 02 مليار دولار
أنا شايف أمل كبير فى التصدير وفى الاستثمار لكن هناك محدودية شديدة فى الرقى بالتعليم ونقل المعارف.
أما بخصوص الاعتماد على السوق المنظمة المراقبة بفاعلية.. فالسوق لدينا ليست منظمة خاصة سوق تجارة السلع، وهذا كلام وزير التجارة وتلك واحدة من المعوقات، فالقرار الحكومى بأن تكون هناك مراكز تجارية متكاملة فى كل محافظات الجمهورية والتى تصطدم بعدة أمور خاصة المحافظات التى ليس لديها مجال للتوسع فى ظهير لها، فأى مركز تجارى يحتاج مثلا من 05 إلى 06 فدانا، والمركز التجارى معناه، سهولة تسويق الفلاح لبضاعته وبسعر أحسن وسهولة إيجاد المستهلك لمن يرغب فى بضاعة طازجة وتوفير فرص عمالة جيدة جدا فى محيطك، لكن تجدهم يقولون لك اعمل سوقاً ولكن لا تأخذ أرضا! لو أنك فى أسيوط تجد أرض الله واسعة شرقا وغربا أو فى سوهاج ولكن ماذا لو كنت فى الغربية أو كفر شكر! فمثلا إذا أردت التوسع شرق محافظة الشرقية من الممكن أن تطور فى الصحراء لكن لو غرب الشرقية فلا مكان، وهنا لابد من اتخاذ قرار، يدعم قرار وزير الصناعة والتجارة والمساند من الحكومة ولكن القرار بيد المجلس المحلى، وهناك طلبات الإحاطة التى ستنهال فى مجلس الشعب للاعتراض على المشروع رغم علمهم أن بعض الناس فى محافظة الغربية قاموا بشراء فدان أرض بمبلغ يقترب من 7 إلى 8 ملايين جنيه لإقامة مقابر حيث لامكان لدفن الموتى.
روزاليوسف: هذه المسألة لاتتعلق بالعناد فقط وإنما بانعدام الثقة فمثلا إعادة ترسيم مخططات القرى تمت ملاحقته بشائعات ضخمة ويرجع ذلك لضعف الثقة فى أن هذه المشروعات تستخدم للصالح العام وإنما لصالح فئة معينة فقط؟
- الوزير: إن مسألة الثقة تأتى من خلال التواصل وقنوات الإعلام المفتوحة بأن تضع الناس فى موضع أصحاب القرار وليسوا المستقبلين فقط للقرارات، خاصة أن النفع سيعود عليهم مباشرة.
هذه المراكز التجارية مفيدة جدا ولابد من العلم أن لها تكلفة سندفعها من رصيد الرقعة الزراعية الموجود لدينا مهما حاول بعض المسئولين القول بغير ذلك فمن باب تطييب الخواطر.. فكما لها شأن تنموى كبير إلا أن ذلك لا يبرر تبوير الأراضى.. فلابد أن نجعل الناس على بينة ونصارحهم بالحقيقة فى مقابل الأفدنة التى سنأخذها منهم وإقامة هذه المراكز التجارية لبيع السلع وتوفير فرص العمل أن نقوم باستصلاح نفس المساحة أو ضعفها ونتعهد لهم بالحفاظ على مساحة الرقعة الزراعية أو زيادتها وبهذا يمكن إقناع الناس بهذا الأمر.
بالعودة مرة أخرى إلى السوق المنظمة تأتى بقانون أو بجهاز المنافسة أو جهاز حماية المستهلك ولكن تخلق لك آليات للنظام فقد انشغلنا بالقوانين وبعضها تأخرنا فى إصداره وقد أصدرت ورقة علمية عام 6991 فى مجلة مصر المعاصرة أقول فيها إننا تأخرنا فى مصر عشر سنوات فى إصدار جهاز المنافسة ومنع الاحتكار وجهاز حماية المستهلك وقد صدر القانون بعد ذلك بعشر سنوات.
فعندما تنشئ هذه الأجهزة المعقدة كما تنشئ صحيفة حتى لو أحضرت فيها خبراء وأساتذة فلن تظهر فى يوم أو تنفذ أمالها فى عام ولكنها تأخذ عدة سنوات فما بالك بإنشاء أجهزة لم تكن تعلم عنها شيئا بالمرة فلم يكن لدينا جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار أو جهاز حماية المتسهلك ولم نكن نعرف هذا النظام فقد كان لدينا نظام للتموين ومكافحة التهريب فهذا نظام يحتاج كوادر وجيشا جرارا من المختصين القانونيين فتأخرنا وندفع حاليا ثمن التأخير، لكن أين تقع المسئولية؟
المسئولون لم يضعوا هذا القانون لحماية المنافسة فى وقت مبكر وهذه مسئولية مجلس الشعب ومجمع مدنى وأفراد معنيين بالشأن العام كان المفروض أن يضعوا القانون فى أولى الأولويات انتفاعا بتجربة الغير.. أنا أتحدث عن الصين والهند ولم أقل ألمانيا فهذه دول تحركت وبعضها يتراجع ونصيبها النسبى فى الاقتصاد العالمى ليس كاقتصاد الصين والهند ولكن أقول أن العاقل من أتعظ بغيره.. والعاقل من اتعظ بالصين والاتعاظ هنا معناه تفادى أخطاء ارتكبتها والأخذ بأمور إيجابية وإلا تعاظ بأخطائى فى حقبة الستينيات.
أما فيما يخص الاستقرار الاقتصادى فمصر تتمتع باستقرار اقتصادى واضح وتمت السيطرة على عجز الموازنة وتخفيضه من 21٪ إلى7٪ وتخفيض التضخم من 02٪ إلى 01٪، كما كانت لدينا سوق صرف مشوهة.
ولكن بفضل د. فاروق العقدة وفريقه وحسن استفادتهم من تدفق الاستثمارات الخارجية نجحنا فى إصلاح سوق الصرف وأنشأنا سوقا تضاهى الدول المتقدمة.
وفيما يخص وزارة الاستثمار بشأن تطبيق القانون العادل ونحن نجيد إنشاء القوانين لكن لدينا مشكلة فى العدالة الناجزة فى أن لديك قانونا وقضاة معتبرين ولكن تأخذ سنوات حتى تنجز ما أنت وراءه من عمل.
لقد خضنا معركة كبيرة لإرساء بعض مؤشرات الإصلاح الاقتصادى منها مؤشر تأسيس الشركات التى نطلق عليها نظام الشباك الواحد ونجحنا فى تخطى بعض المعوقات منها.
فوفقا لتقارير دولية كنا نحتل المرتبة 621 فى تأسيس الشركات عام 7002 وأصبحنا فى المرتبة 42 وفى تسجيل الملكية كنا فى المرتبة 741 فأصبحنا فى المرتبة 78 وفيما يخص الحصول على الائتمان كان مركزنا 651 ونحتل حاليا المركز 17 وهنا 6 مؤشرات أخرى منها مؤشر الخروج من السوق.
والذى تأخرنا فى ترتيبه فقد كنا 421 وأصبحنا 231 وفى مؤشر استخراج التراخيص كنا فى المرتبة 561 لم نتحسن إلا قليلا وأصبحنا فى المرتبة 651 وبخصوص أنظمة العمل والعمال تراجعنا من المرتبة 601 حتى المركز 021 وهذه ليست مسئولية وزيرة العمل "عائشة عبدالهادى" وحدها، لكن معها مجلس الوزراء والنقابات ومجلس الشعب ومساندة الجميع لها ولو لم نساندها وسوف نظل نحتل الصفوف المتأخرة نتيجة عدم وجود قانون للإفلاس، وهذه المؤشرات جميعا تتعلق بمؤشر واحد فقط وهو "الإجراءات" ولم نتحدث عن فرص الاستثمار والاستقرار السياسى والوضع الأمنى، لذلك فالحكومة ومجلس الوزراء بكامله والهيئات البرلمانية ومؤسسات المجتمع المدنى والهيئات الرقابية والصحافة عليها أن تتكاتف جميعا إذا أردنا التغيير الحقيقى وأن ندفع التكلفة وهى ملخصها سباق وصراع الأمم.. فمن يجلس فى مكانة متصورا أنه مبسوط سيفوته القطار فنحن فى سباق سيارات سريعة ومتصادمة.
روزاليوسف: وماذا عن الملكية الشعبية؟
أخطأ من قال إن هناك قرارا بالملكية الشعبية قد تم تأجيله أو أن الحكومة ترددت فى تنفيذ مشروع الصكوك المجانية ومن يقول ذلك فلم يكن معنا فى ندوة "روزاليوسف" قبل سنة ولم يقرأ ورق الحزب.. وعشرات البرامج التليفزيونية التى ظهرت فيها وأكدنا فيها أن الحوار المجتمعى سيدور حول ثلاثة محاور.. أولها: توسيع قاعدة الملكية الشعبية والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من خلال صندوق الأجيال، وأخيرا رفع الكفاءة، وفى سبيل ذلك أقمنا موقع "المصرى" الإليكترونى لكى نسمع كل الآراء بما فيها الهجوم على الحكومة، ولكى نروج لهذا المشروع قمنا بتكليف من أمانة الحزب صاحبة المشروع بطرحه فى أحزاب المعارضة كالتجمع والوفد وبعض النقابات للتعرف على آراء الناس ولم نقدم دعوة تبشيرية وإنما لشرحه فى الحوار الذى خرجنا منه بعدة دروس، وأخذنا المخاطرة بأن أى قرار سيخرج من هذا الحوار سنأخذ به ويضم الجميع لدرجة أن هناك رسائل ماجستير ودكتوراه يتم إعدادها حول الحوار المجتمعى فى الملكية الشعبية وكذلك بحوث للطلبة فى كليات الآداب.
فكرة الجهاز المحترف لإدارة الأصول أيضا فكرة جيدة، أما الاعتراض أو الاختلاف فتركز فى أن تكون الصكوك مجانية أم بمقابل.. لكن الكل أجمع على أن تطرح للمصرى من خلال البورصة ولكن للمصريين فى البداية ثم يتم التداول.
وأيضا كان هناك اقتراح أن يكون هناك نصيب للعمالة فى الشركات نفسها المطروحة كحد أقصى. وأنا فى تقديرى أن هذا من الثمار الطيبة لفضيلة الحوار فى هذا المجتمع مع وجود اختلاف وارد.
والخلاصة أن يوم 03 من هذا الشهر ستكون هناك ورقة متكاملة من اللجنة الاقتصادية بأمانة السياسات تعرض فى إطار أوراق الحزب للمناقشة وما سيخرج من الحزب باعتبار أنه صاحب الفكرة وصاحب فكرة التوجيه بالحوار وأمين الحزب السيد "صفوت الشريف" كلفنى بأن أنوب عن الحزب فى الحوار، ورئيس مجلس الوزراء هو الذى كلفنى بأن أنوب عن المجلس فى الحوار، وقد تم تفريغ كل ما ورد فى تلك الحوارات وسلمناه للجنة الاقتصادية والتى خلصت فى الورقة التى ستناقش فى الحزب.
روزاليوسف: من الواضح أن الخلاف مستمر بينكم فى الحكومة وبينكم فى الحزب، وهناك انطباعات موثقة وأكيدة من أطراف أخرى فى الحكومة والحزب بأن هذا المشروع لا يحظى بالدعم الكافى منهم، والمطلوب أن يحصل على دعم الحوار المجتمعى من خارج الحكومة والحزب.. أو أنك لم تجد المساندة السياسية ولا الإعلامية لتسويق هذه الفكرة كما لو كنت تروج لفكرة اختبارية يتناقش حولها الناس، وليس تسويق الفكرة وتتلقى ردود الأفعال عن فكرة لا تحظى لا بالدعم السياسى ولا الإعلامى من الحكومة؟
- الوزير: أنا لم أدخل الوفد والتجمع من تلقاء نفسى ولم أذهب لهم كاصدقائى، ولكن ذهبت بصفتى عضو أمانة عامة للحزب الوطنى ووزيرا فى الحكومة المصرية جئت بأفكار للحوار والنقاش بدعم من أمين عام الحزب ورئيس الوزراء، وذهبت ولدى من الأمور ما أعتبر أنه الأساس وأتوقع أنى لن أجد التأييد الكامل 001٪، وأرى أن ال 3 محاور الأساسية للمشروع مازالت متماسكة وأقوى من ذى قبل؛ لأنها ليست مجرد فكرة مجموعة أو وزير أو أمانة عامة فى الحزب ولكنها حصنت بتوافق مجتمعى سوف تحصن بقانون لن أخوض فى تفاصيله الآن.. لكن عندما تتحدث الأن عن توسيع قاعدة الملكية لاتجد خلافا عليها، فيما يخص الأجيال القادمة أسسنا الصندوق، أما الكفاءة، فسيتم إنشاء جهاز لإدارة الأصول المملوكة للدولة، والذى تغير أنه بدلا من أن كانت الصكوك بالمجان فسوف يرجع عائد ما سوف يباع منها سيذهب إلى صندوق سينفق منه على الشعب، فسنجد أن هذا الشكل أفضل بكثير جدا من توزيعها، وهذا نتيجة مثمرة للحوار المجتمعى الذى تم.
بالنسبة لما يثار حول خلاف فى الحزب والحكومة على مشروع الملكية الشعبية فالخلاف وارد بين الأفراد الذين يعملون فى ظل منظومة قد تتنازع فى الأفكار فهناك من لا يؤيد المشروع وهذا رأيه ولكن قبل ذلك لابد من التساؤل هل هو قرار من مجلس الوزراء أو مشروع قانون فمن اختلط عبر عن وجهة نظره كمواطن مصرى مثله مثل الآخرين.
فإذا كان هناك من قيادات الحزب من علق رأيه النهائى منتظرا نتائج الحوار المجتمعى الذى توصلنا إليه.
روزاليوسف: هؤلاء ليسوا أفرادا عاديين هؤلاء وزراء وشركاء فى القرار؟
- الوزير: لا يوجد قرار، هذا مشروع للحوار لايزال فى مرحلة المناقشة، إما أن نصل إلى أن الفكرة ذات جدوى وصالحة للتطبيق أو العكس، وكل هذه المناقشات والجدل لا تدور حول كل الأصول المملوكة للدولة، نحن نتحدث عن 051 شركة تمثل أقل من 6٪ من الدخل القومى فقط، وليست القطاع الإنتاجى العام فى مصر، الموضوع كله من وجهة النظر الاقتصادية المالية الحسابية تقول أن الأمر لايستدعى كل هذا، لكن هناك وجهات نظر أخرى تقول أن بعض هذه الشركات مؤثر فى قطاعاته وبعضها يجب أن نأخذ فيها قرارا، خصوصا أنه غير مستساغ فى مجتمعنا بيع بعض الشركات بينا منذ 05 أو 06 سنة.. لا أستطيع أن أقول هذه الآراء صحيحة أو خاطئة، وهناك العديد من وجهات النظر المؤيدة والمعارضة والمختلفة والمطورة للفكرة، وما يهمنى أن رئيس الجمهورية ألقى خطابين فى الحزب الوطنى يؤكد فيهما على أهمية الحوار المجتمعى فى إطار المحاور الثلاثة، ووجه الحزب والحكومة للدراسة فى إطار هذا الحوار المجتمعى، هذا على مستوى رئيس الدولة وزعامة الحزب وأيضا أمين عام الحزب بصفته القيادة الثانية بعد الرئيس فى الحزب الذى أصدر توجيهاته بتنفيذ تعليمات الرئيس من خلال الحوار المجتمعى، ويعطينى المساندة باتصاله بكل قيادات الأحزاب الأخرى، فالترتيب كان على مستوى الأمانة العامة، ولم أقم أنا بالاتصال لترتيب هذه الجولات واللقاءات فى الأحزاب الأخرى.
روزاليوسف: هل التنافسات السياسية داخل الحكومة والحزب أعاقت هذا المشروع وعطلته على الرغم من أنه صادر بتوجيه من أعلى مستوى ومساندة رئيس الوزراء؟
- الوزير: ما الذى فقدناه من المشروع الذى طرحناه حتى تقولوا إنه تعطل أو أعيق أو تغير، المشروع من بدايته فكرة طرحت للمناقشة حتى تتبلور آليات تنفيذها.
لقد طرحنا فكرة صندوق الأجيال وتمت الموافقة عليها فى الحوار المجتمعى، كذلك إنشاء جهاز لإدارة أصول الدولة وفكرة الطرح للمصريين أولا تمت الموافقة عليها أيضا.. أنت تتحدث عن صكوك مجانية يبيعها الناس ويستفيدون من أموالها مباشرة وأن هذه الصكوك بدلا من أن تذهب إلى هؤلاء فسوف تذهب إلى جماعة أغنياء وبعائدها نعطى الناس جميعا إيرادات يستفاد منها فى مدارس وجامعات الفرق بين الاتفاقين أن الاتفاق الأول يكون مباشرا، والثانى غير مباشر لكن ينتفع به الشعب فإذا كانت مسألة مجانية الصكوك هى ما تعتبرونه الشىء الذى فقد وأعيق فى البرنامج، فهو أمر غير ذى أهمية.
أنا سئلت عما سأفعله بالصك قلت إنه إذا حصلت على نصيبى من الصكوك سآخذ الصك وأضعه فى برواز، ثم إننا لم نحدد قيمة الصكوك التى ستوزع على كل شخص، والصحف هى التى حددت مبلغ ال 004 جنيه، وخرج بعض الاشتراكيين ينددون بالمبلغ، وأنه بلا قيمة فى هذا الزمن على الرغم من أن رئيس مصلحة البريد صرح فى اجتماع معنا أن أكثر من 01 ملايين مودع فى البريد حسابهم لا يتعدى 001 جنيه، إذن هو مبلغ مهم بالنسبة للكثير من المصريين، ولكن بغض النظر عن ذلك فنحن لم نحدد المبلغ إطلاقا، ولم نقل للمصريين انتظروا الصكوك لتحلوا بقيمتها مشاكلكم، ما قلناه إننا سنعطى للمصرى حقا للتملك المباشر من خلال صكوك مجانية لا تفرق بين الغنى والفقير منهم، وهنا أبدى البعض تخوفه وآخرون تسألوا عن كيفية توزيعه دستوريا!
المهم أننا أخذنا بكل الآراء فأخذنا الأصلح والأجدى ووضعناه فى مشروع القانون الذى سوف يعرض على مجلسى الشعب والشورى، الذى يتمتع بمرونة، من لديه القدرة أن يقنع مجلس الشعب أنه بدلا من أن تكون أسهما للمصريين تكون صكوكا للمصريين يذهب ويطرح، هذا الكلام. وما نحن بصدده ليس قانونا للصكوك، وإنما قانون متكامل للملكية الشعبية والصكوك واحدة من عناصره الكثيرة.
روزاليوسف: هل أنت محبط سياسيا بعد النتيجة التى وصل إليها الحوار حول الملكية الشعبية وإنها لم تلق الدعم الكافى؟
- الوزير: لا يوجد سياسى يحبط، خاصة إذا لم يكن هناك داع للإحباط، وفى موضوع الملكية الشعبية لا يوجد عنصر واحد أنا غير راض عنه لا فى إدارة الحوار ولا فى نتائجه ولا فى طريقة العرض ولا عنصر فيه، الأمر الثانى الأهم أن من الممكن أنك تعد مشروعا فى الإطار السياسى ولا تتم الموافقة عليه بعد أن تعمل وتجتهد، ويكون السبب عدم التوفيق فى الجدول الزمنى لمجلسى الشعب والشورى، كما حدث معنا فى واحد من القوانين ودخل مجلس الشعب بعد أن ضاع منا 6 شهور بسبب ازدحام الجدول الزمنى للمجلسين، فهذا لا يحبطنى، بل أحاول مرة ثانية.
السياسى ممكن يحدث له أى شىء.. يهاجم أو ينتقد وقد ينسب إليه ما لا يفعل ويحمد بما لا يفعل أيضا.. هناك سياسيون كثيرون جدا وصفوا بذوى القدرة والعظمة على الرغم من أنهم لم يفعلوا شيئا سوى الكلام، وهناك سياسيون محترمون من ذوى الباع وذوى التغيير ظلمهم معاصروهم وأنقذهم المستقبل بعد ما كتب التاريخ بعناية ورعاية.
الحماس الذى دافعت به عن الفكرة كان فى محله، فلا يمكن أن أعرض أفكاراً دون أن أكون متحمسا، كل مكونات البرنامج يجب أن أدافع عنها، ولابد من عرض المكونات الصعبة للناس، وأنا لا آخذ قرارا بل أنتظر قرار الناس عبر الحوار ونتائجه قد لا تعجب البعض وقد أكون منهم، ولكن فى النهاية فإن فضيلة الحوار قد تمت وإذا وافق الحزب على ذلك ووافقت الحكومة فسوف يتم عرضه على مجلس الشعب وتم تقدير الجهد المبذول.
روزاليوسف: هل أثر الخلاف حول الفكرة داخل الحكومة على طموحك وحظوظك السياسية؟
- الوزير: أنا وزير فى هذه الحكومة لمدة 5 سنوات، وهو ما يعتبر بمتوسطات بقاء الوزراء فى مصر من المعدلات العالية، وكنت الأصغر، وهو ما اعتبره بعض الناس تكريما لجيلنا من الشباب، كنت وقتها شابا، لكن لأن كل سنة وزارية ممكن تضربها فى 5 على الأقل، لو سألتنى كان عندك طموح.. نعم، كان لدىّ طموح سياسى وأن أعمل عملا عاما وأن أكون فاعلا فى الحزب الوطنى، وهذا أول ما حرصت عليه بعد أن أنهيت رسالة الدكتوراة واستلمت العمل فى كلية الاقتصاد، والتقيت بالدكتور على الدين هلال، وفى اليوم نفسه كنت عند أمين عام الحزب الوطنى أقدم له الأوراق التى تثبت أنى عضو قديم بالحزب الوطنى، وأجدد علاقتى به، وأريد أن أكون فى اللجنة الاقتصادية لطموحى فى العمل السياسى من خلال الحزب ولطموحى أن أكون نائبا بمجلس الشعب عام ،5991 لكن لم أكن مستعدا لخوض الانتخابات وقتها فأجلتها لعام 0002 وما حدث بعدها قصة أخرى، وتعلمت من عمى خالد محيى الدين أن السياسى لا يخرج من العمل العام أبدا، وله كلمة مأثورة "مافيش حد بيسيب"، ويقصد العمل العام، لكن المناصب قد تتركك. السيد خالد محيى الدين سياسى من بدايته، أما السيد زكريا فى إطار العمل فهو رجل عسكرية ونظام وهو الذى أنشأ أهم المؤسسات المعنية بالأمن والمراقبة والحسابات، ولكن عندما خرج وكان عمره 94 سنة عام 9691 وجد أنه أدى مهمته كرجل نظام ودولة، فوضع نقطة وترك خلفه هذا التاريخ وعاش حياته كمواطن عادى حتى الآن.
أما السيد خالد محيى الدين فله قصة أخرى، والدكتور فؤاد محيى الدين مات وهو فى مكتبه لحبه فى العمل السياسى والعام.
فطموحى هو الاستمرار فى العمل السياسى (شغلتى وغاويه ومبسوط منه) اليوم أنا وزير، غدا عندما أترك الوزارة محظور على أى إنسان أن ينادينى بلقب الوزير السابق، ومنذ الآن أنا أمنع أى شخص فى الوزارة أن ينادينى بمعالى الوزير، والجميع ينادينى فى الوزارة بالدكتور محمود لأن هذه هى التى ستبقى لى.
لكن ما سيبقى معى إذا كنت محبا للعمل العام والعمل السياسى أن أكون عضو مجلس شعب أو عضوا بالحزب أو أشرف على جمعية خيرية لتقدم كفر شكر مثل الجمعية التى أسسناها باسم الوالد فى بلدنا. روزاليوسف: وماذا عن ترشيحات تتداول اسمك لتولى منصب رئيس الوزراء.
- الوزير: كثرت الأسماء التى يتردد ترشيحها لمجلس الوزراء، أكاد أكون لم أقابل شخصا لم يرشح للمنصب ويطرح اسمه فى الصحافة سواء من داخل المجموعة الوزارية أو خارجها، وقديما كان موضوع الترشيحات لرئاسة الوزارة يسبب بعض القلاقل،. لكن الآن لأن لدينا رئيس وزراء لا يعير اهتماما لتلك الصغائر، فأصبحت مجرد أخبار للتسلية لا تأخذ أكثر من ذلك الحيز.
روزاليوسف: بماذا تستفيدون من زيارات رئيس الجمهورية للدول المختلفة وعقد اتفاقيات اقتصادية مع هذه الدول؟
- الوزير: زيارات الرئيس لهذه الدول مهمة جدا، وهذه دول علاقتنا بها جيدة، لكنها تعتمد على تاريخ قديم، والقديم لا ينفعنا لأن النظام تغير، لأن بعض هذه الدول إما أصبحت أعضاء فى الاتحاد الأوروبى مثل المجر وسلوفينيا، أو ستصبح أعضاء فى الشهور المقبلة مثل كرواتيا، هذه الدول محبة لمصر لأسباب، ففى التاريخ الفرعونى المجريون يحتفلون بالبعثة رقم 001 التى أرسلوها للاستكشاف ويعشقون التاريخ المصرى، هذه الدول تقدم نفسها بمجالين، أولا أنها نوافذ على الاتحاد الأوروبى اقتصادها مقداره 071 مليار دولار مثل المجر وتعداد سكانها مليون نسمة، لكن أيضا لديهم منافذ من التعاون التجارى فى البلقان والاتحاد الأوروبى، وأخرى متنوعة، هذه الدول تقدم نفسها باعتبارها متخصصة فى مجالها مثل المجر، متخصصون فى اللقاحات والأمصال والألبان، وكرواتيا تتخصص فى مشروعات البنية الأساسية والمقاولات والاتصالات، وسلوفينيا الصناعات الإلكترونية والصناعات المتقدمة، وإعادة تأهيل الماكينات القديمة التى يحصلون عليها من الاتحاد الأوروبى، فسوف نستقدمهم، وخلال الأسابيع المقبلة سيكون هناك عدد من الزيارات والبعثات ستأتى من هذه الدول وتحددت لهم مواعيد فعلا، نحن أيضا نعرض أنفسنا ليس فقط كاقتصاد بترليون جنيه، وينمو كل عام، لكن كنافذة على أفريقيا ونافذة عربية، وذلك من خلال بنية أساسية وقنوات للعبور لها أهمية اقتصادية كبرى.
روزاليوسف: وزارتكم من الوزارات القليلة صاحبة الاستثمارات فى مشروع توشكى.. فهل أتت بعائد اقتصادى مجد أم لا يزال أمامها الكثير؟
- الوزير: أفضل رد للإجابة على التساؤلات الدائرة حول مشروع توشكى هو القيام بزيارة للموقع على أرض الواقع، وأظن أنه لن يقال فيه أكثر مما قيل فى السد العالى مدحا أو قدحا... لكن مع حدوث الأزمة العالمية المتمثلة فى ارتفاع أسعار المواد الغذائية جعلت هناك جدوى اقتصادية أعلى لبعض المشروعات ذات التكلفة المرتفعة ومنها مشروعات مثل توشكى وشرق العوينات وغيرها.
وفى تقديرى أن من أكثر المشروعات تعقيدا فى حياتنا هو ما يخص المشروعات الزراعية ذات الإنتاجية العالية المطلوبة للتصدير أو للأسواق المحلية يجب أن نراعى عدم إدخال أى عناصر كيمائية ويجب أن نراعى والبنية الأساسية مكلفة للغاية وكذلك الخدمات المساندة للنشاط الزراعى، ما يسمى بالخدمات "اللوجستية" مثل التعبئة والتصنيع والتغليف، فالمشكلة ليست فى مكان الزراعة، فنحن بالفعل نزرع فى الصعيد، لكن 04٪ من المحصول يهدر فى الطريق ما بين تالف وتخزين، ويتضح ذلك بشدة فى محصول الطماطم وهذا الرقم من وزير الزراعة.. لوجستيا يجب أن تكون هناك مصانع صلصة بجوار مزارع الطماطم.
فتوشكى تحتاج زيارة لمعرفة ما تم فيها خصوصا بعد أن أعطينا وزارة الزراعة 08 ألف فدان من إجمالى ما خصص لوزارة الاستثمار، فمنذ عشر سنوات تم تخصيص 021 ألف فدان لنا ولما راجعنا قدرتنا وجدنا أننا لا تتحمل أكثر من 04 ألف فدان، فقلت لهم أن يعيدوا ال 08 ألف فدان المتبقية لصاحب الأرض.. هيئة التنمية الزراعية.. لكى تستثمرها بنفسها أو تعطيها لمستثمر آخر.
متى سيتم تفعيل بورصة المشروعات الصغيرة؟
- الوزير: فى هذه القصة كان لابد أن نتعظ بكل من كوريا وإيطاليا وبالفعل أخذنا نظامهما عندما بدأنا فى 7002 وقلنا أن هذه البورصة فى الأجواء العادية تحتاج 3 سنوات لتعمل ومع الأزمة المالية العالمية قد تتأخر 6 شهور أو سنة وبدأ تفعيلها أيضا هناك برنامج تم عمله للتعريف بها وبمتطلباتها، وهناك بنوك استثمار دخلت معنا فيها، فمن المنتظر أن تتحرك بسرعة خاصة أن مميزاتها أكبر من مزايا البورصة المصرية بالنسبة للتكاليف الخاصة بالتداول والتعامل بها.
روزاليوسف: ماذا فعلتم فى الشركات التى تحقق خسائر مثل قطاع الغزل والنسيج؟
- الوزير: المواطن المصرى هو من يتحمل خسائر الشركات، وقد حققت شركات قطاع الأعمال العام 5 مليارات جنيه صافى ربح، لكن بعد أن نخصم منها 3 مليارات جنيه خسائر النسيج سوف يتضاءل الرقم، ربما شركة المحلة أقلها خسارة وتليها كفر الدوار، وتتعدد المشاكل ومنها مشكلة الإدارة والخامات وعدم القدرة على متابعة ما يحدث فى العالم، لكن ليست كل الشركات الخاسرة تتم تصفيتها، فهناك بعض الشركات الخاسرة بقدر من التحسين والتطوير يمكن أن تتحول إلى شركات رابحة ومنها شركة النحاس التى كانت مهددة بالتصفية الآن هى ناجحة وحققت أرباحا وتستعد للدخول فى توسعات وإنتاج كابلات.
الاستثمار لا يعطى بدون مستثمرين أو بورصة ونسبة 09٪ من المستثمرين بالقطاع الخاص حسب التصنيفات العالمية من الشركات الصغيرة والمتوسطة التى يقل رأسمالها عن 01 ملايين جنيه والقائمون عليها لديهم قدرة على الإبداع والتحرك يمثلهم جيل جديد من الشباب خلال جمعية شباب الأعمال وقد يكونون غير معروفين ولا يتمتعون بذات الشهرة التى يحظى بها من هم أكبر سنا منهم من رجال الأعمال وأكثر منهم حالا لكن هذه المجموعة التى تتكون من 004 شاب يشغلون لديهم أكثر من 054 ألف عامل وهى نسبة تزيد عن كل العاملين فى شركات قطاع الأعمال فهؤلاء من هم يشغلون البلد أكثر من الاستثمارات الأجنبية.
ركزت على أهمية الإعلام فى توصيل رسالتكم الاقتصادية العامة.. فكيف تطبق ذلك على وزارتك؟
أعلم حدودى كوزير للاستثمار، فأنا معنىّ بفكرة الثقافة المالية، وسوف ننفذ مشروعات سوف تفتح علينا أبواب الحرب وسوف أذكر مثلا فعندما فكرت مجموعة داخل وزارة الاستثمار وجهات تابعة لها فى تنفيذ بعض البرامج المتخصصة تمت محاربتهم، وعندما نتحدث عن التعريف بالبورصة أو محاولة القضاء على ظاهرة شركات توظيف الأموال، فأنا أطبق القانون الأخير للرقابة المالية الذى يحتوى على مادة محددة بتكليف هيئة الرقابة المالية ووزارة الاستثمار ببث الوعى المالى والثقافة المالية فكيف ننفذها؟ هل بكتيبات وندوات أم عن طريق برامج متخصصة "يعتبرها الناس برامج ثقيلة الظل"، لذلك أقول إن من أصلح إصلاحاته فى الستينيات كان أكثر تمييزا وتقديرا لدور الآلية الثقافية والإعلام الذى كان سابقا له وموازيا له ومواكبا معه، ترك الأثر الذى جعل محاولتنا فى تغيير ما رسخوه وقتها صعبا.
وعندما كنت فى تركيا منذ بضعة أيام صارحتنى السيدة السفيرة قنصل مصر هناك بأن مسلسل "نور" التركى كان له تأثير عميق على معدلات تدفق السياحة العربية إلى تركيا، وأن هناك سياحة جديدة لمشاهدة أماكن تصوير مسلسل "نور" التى أصبحت جزءا من معالم تركيا جنبا إلى جنب مع معالمها وآثارها التاريخية، والشهيرة، بل إن البعض يسافر إلى هناك لمشاهدة أماكن التصوير ولا يهتم بمشاهدة الأماكن التاريخية ولو كانت تركيا أنفقت الملايين للترويج للسياحة بها لما كانت حققت كل هذا النجاح، لكن مجرد مسلسل لم يكن مقصودا به ذلك، حقق لهم ملايين الأهداف فهو الآن يبيع عشرات المسلسلات المدبلجة ويبيع ثقافته ويسوق وجهة نظر وسياحة وملابس وكل شىء".
روزاليوسف: لكن أنت التفتم الآن إلى دعم صناعة السينما فى الوقت الذى فيه مزاج السينما العام مضاد تتحدث عن عشوائيات وحوارى وقتلة فهل هذا ما سوف تبيعونه؟
- الأعمال الدرامية الاجتماعية مثل القاهرة والناس الذى قام ببطولته نور الشريف وأخرجه محمد فاضل والتى تحدثت عن عادات وتقاليد وتأثيرها فى أجيال لم يروها مهمة جدا منذ 04 سنة وتركت أثرا رهيبا فيلم مثل العزيمة لم يقدم مثله حتى اليوم لماذا لا نقدم العزيمة 2102 أو 0202 فى عشوائيات أو فى فساد لا مانع من أن تتصدى له بعض الأعمال وتناقشهم لكن هناك أيضا قيم التقدم مهم جدا أن يتبناها أحد بل هى الأهم على الإطلاق من التباكى على الماضى أو مشاكل الحاضر حتى لو "ماكلتش عيش" هنا يأتى دور الدولة فليس هناك مانع أن نقدم فى العام فيلمين أو ثلاثة من نوعية الأفلام التى تحمل قيم التقدم وبث قيمة العمل فى الناس أذكر أن فيلم المومياء الذى يعد من أعظم أفلام السينما المصرية على الإطلاق عندما عرض وقتها لم يكن فيلما جماهيريا ولم يحقق نجاحا ولكنه الآن كنز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.