الأخبار 07/12/07 إن الحج إلى بيت الله الحرام، ركن من أركان الاسلام،وهو يمثل رحلة التوحيد لرب العالمين، فمن أول لحظة بوأ الله سبحانه وتعالي لابراهيم مكان البيت كان الأمر الإلهي بالتوحيد وعدم الشرك بالله وتطهير البيت للطائفين فقد قال الله تعالي:'وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا' سورة الحج (26).. واشتمل الامر الالهي علي تطهير البيت حسيا ومعنويا من كل أذي ورجس وشرك وجعله مقرا للتوحيد: 'وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود' سورة الحج (26).. وأمر الله تعالي ابراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج 'وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق' سورة الحج (27)، وجاء أن إبراهيم عليه السلام حين أمره ربه قال: يارب كيف وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقيل: ناد وعلينا البلاغ فقام علي مقامه وقال: 'ياأيها الناس إن ربكم قد أتخذ بيتا فحجوه، فيقال إن الجبال تواضعت حتي بلغ الصوت أرجاء الارض، وأسمع من في الارحام والاصلاب وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجرومن كتب الله أنه يحج، إلي يوم القيامة 'لبيك اللهم لبيك' ثم بين الله تعالي مافي الحج من المنافع الدنيوية والدينية الأخرويةففيه توحيد الله وطاعته واختصاصه بإجابة الدعوة لبيك لا شريك لك لبيك، لقد بين رب العزة مافي الحج من منافع حيث قال سبحانه: 'ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات' سورة الحج (28). وهذه الايام المعلومات هي أيام العشر من شهر ذي الحجة والتي جاء فيها عن إبن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: 'ما العمل في أيام أفضل منها في هذه' قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء' رواه البخاري. ومن هذه الايام يوم عرفة الذي أجزل الله الجزاء فيه بالمغفرة لمن يصومه من غير الحجاج عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال: 'أحتسب علي الله أن يكفر السنة الماضية والآتية' رواه مسلم. وفي يوم عرفة يكون ركن الحج الأعظم، ولقد كان أكثر دعاء النبي صلي الله عليه وسلم يوم عرفة: 'لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو علي كل شيء قدير' رواه أحمد والترمذي. وقال صلي الله عليه وسلم: 'خير الدعاء، دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير' فخير ماقاله صلي الله عليه وسلم هو توحيد الله وفي يوم عرفة تجتمع وفود الحجيج وضيوف الرحمن بزي واحد لا تمييز بينهم ويلبون إلها واحدا لاشريك له. ويباهي الله سبحانه وتعالي بهم ملائكته، فهو يوم العتق من النار.. عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: 'ما من أيام عند الله افضل من عشر ذي الحجة فقال رجل: هن افضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالي إلي السماء الدنيا فيباهي بأهل الارض أهل السماء فيقول: أنضروا إلي عبادي جاءوني شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم يري يوم أكثر عتيقا من النارمن يوم عرفة) رواه أبو يعلي والبزار وابن خزيمة.. وفي هذا اليوم نزل قول الله تعالي: 'اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا' سورة المائدة (3). لقد أكمل الله الدين فلا نحتاج إلي دين غيره وأتم النعمة، فلسنا في حاجة إلي نبي غير نبينا ولهذا جعله الله خاتم الانبياء والمرسلين، إنه الدين الذي أحبه الله ورضيه، وبعث به أفضل الرسل وأنزل به أشرف الكتب. . روي إبن جرير عن هارون بن عنترة عن أبيه قال: لما نزلت 'اليوم أكملت لكم دينكم' وذلك يوم الحج الأكبر، بكي عمر فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: مايبكيك؟ قال: أبكاني إنا كنٌا في زيادة من ديننا، فأما إذا أكمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص، فقال:'صدقت' ويشهد لهذا قوله صلي الله عليه وسلم:'إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبي للغرباء' رواه مسلم. وعن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلي عمر بن الخطاب فقال: ياأمير المؤمنين أيكم تقرأون أية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: وأي آية؟ قال: قوله: 'اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي' فقال عمر: 'والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة' رواه أحمد.. وإذا كانت رحلة الحج هي رحلة التوحيد حيث يعلن الحاج توحيده لربه من أول لحظة ينوي فيها تلبية الإحرام ويلبي ربه قائلا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك' إن كانت رحلته هي رحلة التوحيد فما بال البعض ممن عموا وصموا وبعدوا عن الحقيقة يحاولون إثارة الشبه الواهية حول التوحيد وإلصاق تهمة الوثنية بالطواف والرمي ونحو ذلك؟! إن الطواف بالبيت إستجابة للامر الإلهي بأن يطوف الناس ببيت الله، لأنه اول بيت وضع للناس في الأرض وأقسم الله تعالي ببلده 'والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين'.. إنه البيت الذي رفع قواعده ابراهيم مناديا ومناجيا ربه وخالقه 'وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم' سورة البقرة (127).. ويعلن الحاج من أول لحظة يطوف فيها قائلا: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك وإتباعا لسجنة نبيك سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أليس في هذا أبلغ رد علي تلك الشبهة الواهية التي لا أساس لها من الصحة؟! أليس هذا إعلانا واقرارا بأن الطواف لما كان الا إيمان بالله وحده لاشريك له فلولا الايمان لما كان الحج ولا الطواف، وبأنه تصديق بكتاب الله القائل: 'وليطوفوا بالبيت العتيق' ووفاء بعهد الله واتباعا لتوجيه رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أدي المناسك وقال خذوا عني مناسككم منّسككجم.. بل إن رحلة الحجاج والعمار هي رحلة وفود الله، وضيوف الرحمن وليس أحدا غير الله الواحد الأحد الفرد الصمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال الحجاج والعمار وفد الله إن دعوة أجابهم وإن استغفروه غفر لهم' رواه النسائي وإبن ماجه.. وكما يعلن الحجاج التوحيد لله تعالي عند طوافهم يعلنون التوحيد أيضا عند رميهم للجمرات قائلين: 'طاعة للرحمن،ورجما للشيطان' اي انهم لا يفعلون ذلك ولا يرمون الجمرات إلا طاعة لله الرحمن الرحيم الذي أمرهم بذلك علي لسان رسوله صلي الله عليه وسلم. المزيد فى أقلام وآراء