فى سياق المساعى الدبلوماسية الدولية لاستئناف عملية السلام بالشرق الأوسط ،عقدت اللجنة الرباعية الدولية اجتماعا مساء الخميس الموافق 19 يوليوبالعاصمة البرتغالية "لشبونة" لتحديد مهام ممثلها الجديد،رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالمنطقة . وأكد البيان الختامى لاجتماع اللجنة الرباعية الدولية أن المشاركين في الاجتماع اشادوا بموافقة توني بلير، الذي أشير اليه كممثل وليس كمبعوث للجنة الرباعية ، على تولي هذه المهمة،وطلبوا من كافة دول المنطقة التعاون الوثيق معه. من جهة اخرى ، أشادت اللجنة الرباعية بدعوة الرئيس الاميركي جورج بوش الى عقد مؤتمردولي للسلام بالشرق الاوسط في الخريف المقبل ، كما أعربت اللجنة التي عقدت أول اجتماع لها منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 15 يونيوالماضى عن دعمها للسلطة الفلسطينية ،وحكومة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وتعهدت اللجنة في ختام اجتماعها بالعاصمة البرتغالية بتقديم المساعدات لجميع الفلسطينيين بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في قطاع غزة ،وانتقدت الظروف الانسانية المتردية بالقطاع .واتفق أعضاء اللجنة على الاجتماع مجددا في سبتمبر المقبل لتقويم التحركات الاولى لبلير وبحث التحركات القادمة. ودعت اللجنة لمواصلة الحوار بين اسرائيل و الدول العربية وعقد لقاءات جديدة استكمالا لاخر لقاء عقد بين وزراء خارجية مصر و الاردن و اسرائيل بشرم الشيخ فى مايو الماضى .
وتعقيبا على بيان اللجنة الرباعية ، ذكرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن بيان الرباعية يمثل إعادة التزام من المجتمع الدولي بالإسراع في انتهاج سياسات يمكن أن تؤدي إلى "حل يقوم على دولتين". وأعلنت رايس اثناء مؤتمرصحفي ان الشعب الفلسطيني بحاجة لمعرفة ان هناك امكانية ملموسة لاقامة دولة فلسطينية ،وأنه يتعين علي المجتمع الدولى القيام بدورأساسي في هذا الاتجاه.
وقبيل الاجتماع،رفضت وزيرة الخارجية الأميركية طلب الجانب الأوروبي بتوسيع مهام "بلير" ،وقالت في تصريحات للصحفيين إن مهمته محددة بشكل واضح. واعتبرت أن هناك نشاطا بالنسبة للقضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ورغبة حقيقة للمضي قدما ومحاولة للتوصل إلى حل واضافت ان بلير "شخصية تاريخية تتمتع بكفاءة كبيرة واحترام في العالم لكن هناك مفاوضات سياسية تعتزم الولاياتالمتحدة لعدة اسباب ان تقودها بالتنسيق مع الرباعية"، وأن بلير سيقوم بدور تكميلي بصفته ممثلا للرباعية.
وينحصر دوربلير في مساعدة الفلسطينيين على تطوير مؤسساتهم الوطنية وتقوية الاقتصاد الفلسطيني، غيرأن بعض الأوساط تعلق أمالا كبيرة على تحقيق بلير تقدما فعليا في عملية السلام في الشرق الأوسط حيث ناشد وزراء خارجية عشر دول اوروبية "بلير" بمنح شعوب المنطقة الامل فى فتح مفاوضات دون شروط مسبقة حول قضايا الوضع النهائي.كما دعوا الى انشاء "قوة دولية متينة" في الاراضى الفلسطينية لمواكبة اتفاق سلام منددين من جهة اخرى "بجمود الولاياتالمتحدة" في عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.
ورداً على هذا الموضوع ،اعلنت رايس ان مؤتمر الشرق الاوسط الذي دعا الرئيس الاميركي جورج بوش الى انعقاده الاثنين الماضى ليس "ردا على تلك الرسالة".واضافت ان الرئيس يفكر في طريقة لدفع عملية السلام منذ وقت طويل، مذكرة بخطاب بوش عام 2002 الذي دعا فيه لاول مرة الى اقامة دولة فلسطينية. وشددت رايس على انها ترى عناصر ايجابية تسهل انعقاد المؤتمر، منها اعتراف الحكومة الفلسطينية الحالية بشروط الرباعية ومبادرة السلام العربية التي أعيد إحياؤها هذا العام في القمة العربية بالرياض،مشيرة الى أنها تتضمن عناصر شديدة الايجابية يمكن ان تساعد في تشكيل قاعدة لما سيتم مناقشته في المؤتمر الدولي. وقالت رايس "إن حركة حماس استبعدت نفسها بنفسها عن المشاركة في عملية السلام حين رفضت تلبية شروط اللجنة الرباعية والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود".
فى حين أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق وموفد اللجنة الرباعية الى الشرق الاوسط في ختام اول اجتماع للجنة بمشاركته في العاصمة البرتغالية عن التفاؤل بامكانية احياء عملية السلام في الشرق الاوسط. واضاف بلير خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع أن أهم شيء تمخص عنه الاجتماع أن هناك فرصة لاعطاء قوة دفع لمحادثات السلام في الشرق الاوسط مشيراً الى انه لو تحقق هذا الامر ستكون هناك امكانية لتحقيق الكثير من الاشياء واولها ان محبي السلام سيشعرون انهم اقوياء .مؤكداً أنه من الضروري العمل للتوصل الى حل للقضية الفلسطينية على اساس اقامة دولتين،دولة اسرائيلية آمنة ودولة فلسطينية قابلة للحياة.
كما أعرب بلير في المؤتمر الصحفي عن ارتياحه البالغ لدوره الجديد، وأعلن أنه سيزور في الأيام المقبلة المنطقة بهدف "الاستماع والتفكير"، وأقر بضرورة عدم منح الفلسطينيين "آمالا كاذبة". وقد أجرى رئيس الوزراء البريطاني السابق قبل توجهه إلى لشبونة محادثات في مدريد مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، وأكد بلير في بيان صادر عن مكتب" ثاباتيرو" وجود إرادة سياسية كبرى للتوصل للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط من خلال إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وجاء في البيان أن بلير يرى أهمية أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولياتها كاملة في الحكم وضمان الأمن والنظام العام.بينما أكد ثاباتيرو-من جانبه- دعم اسبانيا لتوني بلير في مهمته الجديدة.
وقد عين توني بلير مبعوثا خاصا للجنة الرباعية الدولية بالشرق الأوسط في 27 يونيوالماضى ، ومن المقررأن يقوم الاسبوع المقبل بأول زيارة الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية بصفته هذه لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وبحسب التفويض المعطى له على بلير ان يركز جهوده على حشد المساعدة الدولية للسلطة الفلسطينية واقامة دولة فلسطينية.وقد رحب الإسرائيليون والسلطة الفلسطينية بتعيينه مبعوثا خاصا للشرق الأوسط لكن حماس أعلنت أن بلير لم يكن أمينا ولا متعاونا عندما كان رئيسا للوزراء بسبب موقفه إزاء الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزو العراق.
بينما يرى وزير الخارجية البرتغالي لويس أمادو الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبى أن اجتماع الرباعية سيعيد الحياة مجددا لعملية السلام في الشرق الأوسط .أما رئيس وزراء البرتغال ،فوصف هذا الاجتماع بأنه شكل نقطة تحول فى الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد العربى ،أعرب وزيرا خارجية مصر أحمد أبو الغيط والأردن عبد الإله الخطيب اللذان زارا مؤخرا لشبونة عن أملهما في أن يتيح إجتماع الرباعية الفرصة للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي فى العودة الى طاولة المفاوضات.وأعرب أبو الغيط في تصريح للصحفيين في القاهرة الخميس عن أمله في ان يتمكن المؤتمر الدولي حول الشرق الأوسط الذي دعا إليه الرئيس بوش ،والمتوقع انعقاده في سبتمبر المقبل بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، من إعادة إطلاق المفاوضات بين الجانبين .
وقد شارك في اجتماع اللجنة الرباعية الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ووزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ،وبان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة ، ووزير الخارجية البرتغالي لويس امادو الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي. يذكر أن اللجنة الرباعية تضم كلا من الولاياتالمتحدة، والإتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا الاتحادية ، وتسهم فى دفع جهود احياء مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.