إعتبر البنك الدولي المناطق المسامة 'ج' في الضفة الغربية التي ما زالت خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة من النواحي المدنية والأمنية مفتاح التنمية المستدامة للاقتصاد الفلسطيني لافتا إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يخسر نحو 3.4 مليار دولار سنويا جراء منع الفلسطينيين من الوصول إلى هذه المناطق. وقال البنك الدولي في تقرير - هو الأول من نوعه - بعنوان "الضفة الغربية وقطاع غزة المنطقة 'ج' ومستقبل الاقتصاد الفلسطيني" ان المنطقة 'ج' تعد مفتاح التنمية الاقتصادية الفلسطينية مستقبلا فهي ذات أهمية خاصة حيث أن الجزء اكبر منها إما مغلق تماما في وجه النشاط الاقتصادي الفلسطيني أومتاح بصعوبة بالغة وتكلفة تكاد أن تكون رادعة. وأضاف في تقريره ونظرا إلى أن المنطقة 'ج' تحتوى على غالبية الموارد الطبيعية بالضفة الغربية فقد كان تأثير القيود المفروضة عليها شديدا ولهذا فان مفتاح تحقيق الازدهار الفلسطيني يكمن في إزالة هذه القيود مع إيلاء الاعتبار اللازم من إسرائيل وإن التراجع عن هذه القيود من شأنه أن يعود بفوائد جمة على الاقتصاد الفلسطيني كما ويمكن أن يكون إيذانا ببداية فترة جديدة من الارتفاع في إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني بالإضافة الى تحسن كبير في آفاق النمو المستدام. ووصف البنك الدولي التقرير بأنه أول دراسة شاملة للتأثير المحتمل لهذه الأرض المحتجزة تصدر عن البنك الدولي وتقدر الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الفلسطيني من جراء ذلك بنحو 3.4 مليار دولار سنويا. وتشكل المنطقة المسماة 'ج' حوالي 61 % من أراضي الضفة الغربية وهي المساحة الوحيدة المتصلة من الأرض وتربط بين 227 من المناطق المعزولة والصغيرة والمكتظة بالسكان وتنص اتفاقات أوسلو عام 1993 على أن تنتقل المنطقة 'ج' تدريجيا إلى سيطرة السلطة الفلسطينية بحلول عام 1998 لكن هذا الانتقال لم يحدث حتى الآن. وعقبت المديرة القطرية المنتهية مدة رئاستها لمكتب البنك الدولي بالضفة الغربية وقطاع غزة مريم شرمان على التقرير قائلة 'المناطق الحضرية المزدحمة بالسكان بالضفة الغربية هي التي تجتذب معظم الانتباه عادة لكن إطلاق الإمكانيات من هذه الأرض المحتجزة التي تعوق حاليا قيود كثيرة من الوصول إليها والسماح للفلسطينيين بالاستفادة من هذه الموارد من شأنه أن يتيح مجالات جديدة تماما من الأنشطة الاقتصادية وأن يضع الاقتصاد على مسار النمو المستدام. وقالت شرمان إنه مع ضرورة تحقيق معدل نمو يقارب 6 % سنويا لاستيعاب الوافدين الجدد على سوق العمل فضلا عن تزايد معدل البطالة بين الشباب فلا بد من الانتباه بشكل عاجل إلى ضرورة إيجاد سبل لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق الوظائف فوجود اقتصاد مفعم بالحيوية هو أمر لا بد منه لرفاهة المواطن وتحقيق الاستقرار الاجتماعي وبناء الثقة اللازمة بشدة للمفاوضات السياسية بالغة الصعوبة غير أن الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتمد في الوقت الراهن على الاستهلاك الممول من الجهات المانحة والذي يعاني الركود المستمر في القطاع الخاص هو اقتصاد غير مستدام. وأضافت أن القدرة على الوصول إلى المنطقة 'ج' ستقطع شوطا بعيدا في حل المشكلات الاقتصادية الفلسطينية والبديل مظلم دون القدرة على الاستفادة من إمكانيات المنطقة 'ج' ستظل المساحة الاقتصادية مفتتة ومتقزمة ويمكن أن يحدث رفع القيود المتعددة تحولا في الاقتصاد وتحسنا كبيرا في آفاق النمو المستدام. ويقدر التقرير أن السماح بتنمية مؤسسات الأعمال في المنطقة المسماة 'ج' يمكن أن يضيف نحو 35 % إلى إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني. وقال التقرير إن من شأن تحرير النشاط الاقتصادي في هذه المنطقة أن يحدث تأثيرا كبيرا على تنمية مؤسسات الأعمال في الزراعة واستخراج الأملاح المعدنية من البحر الميت واستخراج الأحجار والبناء والسياحة والاتصالات وسيكون بمقدور القطاعات الأخرى أن تستفيد من التحسينات التي يمكن إدخالها على جودة البنية التحتية وتكلفتها ومن تزايد الطلب على السلع والخدمات. ولفت الى أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية سيتحسن كثيرا من جراء زيادة النشاط الاقتصادي حيث تشير التقديرات إلى زيادة الإيرادات الحكومية بنحو 800 مليون دولار وهو ما سيؤدي إلى خفض عجز الموازنة بمقدار النصف ومن ثم يقلل من الاحتياج إلى مساعدات المانحين ويخفض أيضا من معدلات البطالة والفقر. واضاف 'لقد شهد الاقتصاد الفلسطيني نموا قويا في السنوات الأخيرة بفضل المساعدات المالية الكبيرة التي تدفقت إليه من الدول المانحة وبعض التخفيف من القيود المفروضة على الحركة والتي شددتها الحكومة الإسرائيلية أثناء الانتفاضة الثانية بالإضافة إلى الإصلاحات التي نفذتها السلطة الوطنية الفلسطينية". وذكر انه بحلول 2012 انخفضت المساعدات الخارجية بما يزيد عن النصف وهبط نمو إجمالي الناتج المحلي واخذ في االتراجع ليصل الى اداء سلبي في 2013. وأوضح التقرير أن هذا الركود كشف النقاب عن الطبيعة المشوهة للاقتصاد الفلسطيني واعتماده الكبير على الاستهلاك الممول من المانحين وأن تحقيق الرخاء في أي اقتصاد صغير منفتح يتطلب وجود قطاع قوي قابل للتداول التجاري يمتلك القدرة على المنافسة في السوق العالمية لكن الطبيعة المتعثرة لعملية السلام واستمرار القيود الإدارية فضلا عن غيرها من القيود المفروضة على التجارة التنقل والوصول إلى الموارد الطبيعية أدت كلها إلى إضعاف الاستثمار الخاص وأنشطة القطاع الخاص.