فى خطوة تعكس مدى الشرخ في حكومة الوحدة الفلسطينية التي تشكلت قبل شهر, تقدم وزير الداخلية الفلسطيني هاني القواسمي باستقالته لرئيس الوزراء اسماعيل هنية ' والذى رفضها بدوره حتى عودة رئيس السلطة محمود عباس من جولته بالخارج . استقالة وزير الداخلية سلطت الاضواء على أخطر الانقسامات داخل حكومة الوحدة الهشة التي شكلتها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس في محاولة لانهاء الاقتتال الداخلي الذي لقي بسببه العشرات حتفهم' الا ان التوترات بين حماس وفتح ظلت قائمة كما انتشرت الفوضى في قطاع غزة. واختار عباس وهنية القواسمي وهو أكاديمي لانه مستقل سياسيا ولا ينتمي لاي من حماس أو فتح. وكان من المفترض أن يشرف القواسمي كوزير للداخلية على أجهزة الامن ولكن عباس عين منافس حماس محمد دحلان مستشارا للامن القومي وهو القرار الذى هاجمته الحركة الاسلامية. وفسر بعض المحللين تعيين دحلان على أنه محاولة لتهميش القواسمي وهو أكاديمي لا خبرة سابقة له في شؤون الامن ومحاولة تقليص سيطرته على أجهزة الامن وغالبيتها موالية لفتح. بوادر الازمة ظهرت عندما بدأ القواسمي في وقت سابق من الشهر خطة تستمر 100 يوم لاعادة الانضباط والامن الى قطاع غزة ة تقوم على إعادة هيكلة الاجهزة الأمنية في قطاع غزة على اسس مهنية بعيدة عن الحزبية واعادة تدريبها بشكل يضمن تفوقها الكمي والنوعي بما يسمح لها بأداء مهامها على اكمل وجه' الاانه شعر بخيبة أمل لغياب التعاون بين قادة الامن الفلسطينيين. ورغم إقرار الحكومة الفلسطينية الخطة الأمنية التي أعدها وزير الداخلية إلا أن القواسمي واجه تحديات داخل الوزارة تتمثل فى الولاءات الشخصية والتنظيمية. وأشارت المصادر إلى أن القواسمي تلقى دعما من كتلة حماس البرلمانية بالوقوف إلى جانبه في المرحلة المقبلة حيث تعرض في الآونة الأخيرة لانتقادات من حركة فتح على ضوء استعانته بكامل الطاقم الإداري الذي عمل مع وزير الداخلية السابق سعيد صيام. ووسعت حماس نطاق القوة التنفيذية التابعة لها ورفضت طلب فتح بحلها أو دمجها في الجهاز الامني العام.'كما عززت فتح في الوقت نفسه قواتها. وبدأت الولاياتالمتحدة برنامجا يتكلف 59 مليون دولار لتعزيز الحرس الرئاسي لعباس كما أرسلت فتح لمصر نحو 500 مقاتل لتلقي تدريبا متقدما. كان القواسمى قد لوح أكثر من مرة خلال الأيام الماضية بتقديم استقالته على ضوء التعقيدات والصعوبات التي يواجهها في وزارة الداخلية والتى تتمثل فى تعدد مراكز القوى والأجهزة الأمنية على الخلفية التنظيمية الأمر الذي يعيق عمله كوزير للداخلية . وبحسب مصادر فلسطينية فان الوزير هاني القواسمي علي خلاف عميق وكبير مع قائد جهاز الأمن الوقائي العقيد رشيد أبو شباك والذى يقوم بإفشال عمله كوزيرا للداخلية بشكل مكثف منذ استلامه مهام منصبه.
وتأتى استقالة القواسمى لتعبرعن شكل من أشكال الاحتجاج بصوت مرتفع على آليات العمل وعلى الخلط بين الأمن والعمل السياسى والعمل التنظيمى ومن ثم فهو يرفض الاستمرار فى وضع غير مريح . ويأمل المراقبون فى ان يكون قرار الاستقالة أساسا لوقفة تقيمية واعادة نظر فى التعاطى مع حكومة الوحدة الوطنية لتوفير كل ظروف وأسباب النجاح لهذه الحكومة وعلى رأسها المسالة الأمنية. وبدون الفصل بين العمل السياسى والعمل التنظيمى ستظل المشكلة قائمة سواء استمر هانى القواسمى أو تولى غيره المسئولية.