اتفق المشاركون في ورشة العمل، التي عقدت أمس في شرم الشيخ حول «عقوبة الإعدام في الوطن العربي»، التي نظمتها المنظمة العربية للإصلاح الجنائي علي ضرورة إحاطة عقوبة الإعدام بضمانات قوية تكفل الاطمئنان لصحة توقيع العقوبة ولكنهم اختلفوا علي مبدأ الإبقاء علي هذه العقوبة أو إلغائها. وفي الوقت نفسه، اتهمت دراسة تحليلية حول عقوبة الإعدام في الوطن العربي المشرع المصري بمخالفة المبادئ الدستورية في تقريره عقوبة الإعدام، لأن هناك عدم تناسب بين العقاب والجريمة يسود في كثير من التشريعات بالجرائم، التي تقضي القوانين بعقوبة الإعدام فيها علاوة علي عدم كفاية الضمانات، التي أحاط بها المشرع الحكم بعقوبة الإعدام، لأنها لا تكفل سلامة الحكم بهذه العقوبة. وكشفت الدراسة التي تعد أول دراسة تحليلية لتطبيق عقوبة الإعدام في 10 دول عربية وهي: «الأردن البحرين السعودية سوريا العراق فلسطين لبنان مصر المغرب اليمن»، عن أن المشرع المصري يسرف كثيراً في استخدام عقوبة الإعدام، مشير إلي أن بعض هذه الجرائم تنتمي إلي طائفة جرائم الحدث غير المؤذي، أي الجرائم الشكلية التي يعاقب فيها المشرع علي مجرد إتيان السلوك الإجرامي دون النظر إلي تحقيق نتيجة معينة، مشيرة إلي أن هذا المسلك من جانب المشرع يشكل إهداراً لمبدأ شرعية الجرائم، والعقوبات المنصوص عليها في المادة 66 من الدستور المصري. وأكدت الدراسة أن المشرع المصري يعاقب بالإعدام علي نسبة كبيرة للغاية من الجرائم، التي رأي فيها من الجسامة أو الخطورة ما يستحق هذه العقوبة من خلال 4 قوانين وهي قانون العقوبات وقانون الأحكام العسكرية وقانون مكافحة المخدرات وقانون الأسلحة والذخائر. وأشارت الدراسة إلي أن عقوبة الإعدام من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية، وأشدها جسامة علي الإطلاق، لأنها تؤدي إلي إزهاق روح المحكوم عليه بها، وهي بذلك تعتدي علي حق أساسي، وأصل من حقوق الإنسان، وهو «الحق في الحياة»، الذي يعد من أهم وأقدس الحقوق الإنسانية. وقالت إن عقوبة الإعدام كانت شائعة التطبيق في الشرائع القديمة، لاسيما في العصور التي سادت بها فكرة الانتقام الديني، كما كانت تنفذ بطريقة وحشية وقاسية مصحوبة بصور بشعة من وسائل التعذيب يقشعر منها البدن، لافتة إلي أن هذه العقوبة لم تكن مثاراً للجدل في التشريعات القديمة، حيث سلم بها الفقهاء دون محاولة لتبريرها، كما كان الحكام والمشرعون يأخذون بها دون أن يواجهوا بمقاومة تذكر من المفكرين والفلاسفة. من جانبه، قال محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن عقوبة الإعدام كانت موجودة قبل الإسلام وعلينا قبل تطبيق الحدود تطبيق الشريعة، مشيراً إلي أن عقوبة الإعدام تقليدية تطبق في العديد من دول العالم مثل باقي القوانين العقابية الأخري. وأضاف أن هناك العديد من الدول الإسلامية قامت بإلغاء عقوبة الإعدام في تشريعاتها القانونية والعقابية ومنها الجزائر ولم يشكك أحد في إسلاميتها، في الوقت الذي مازالت فيه دول غربية ومنها الولاياتالمتحدة تطبق عقوبة الإعدام ولم يشكك أحد أيضاً في مسيحيتها. ولفت زارع إلي أن هناك اتجاهاً عالمياً لإلغاء عقوبة الإعدام، وقال إن الإسلام وضع حدوداً لتطبيق عقوبة الإعدام، خصوصاً أن 97% من قضايا القتل أصبحت تنتهي الآن بالسجن المخفف، فضلاً عن وجود تعازير في الإسلام في تطبيق العقوبة أصبح لا يؤخذ بها ومنها قبول الدية.