فى متابعة من القاهرة لردود فعل القرارات الرئاسية التى صدرت، نشرت صحيفة الواشنطن بوست الامريكية الاثنين تقريرا لمراسلها، يقول فيه ان العسكرية المصرية تعلن قبولها وإذعانها إلى القرار المفاجئ للرئيس مرسى باحالة وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان لتقاعد، وليستولى بذلك على سلطاته التى كان كبار الجنرالات في البلاد قد انتزعوها من منصبه. ووصف التقرير قرارات الامس بأنها هزة مفاجئة للجيش احدثها الرئيس محمد مرسي على حين غرة.. ومن شأنها تحويل صورته بين عشية وضحاها من قائد ضعيف إلى سياسي محنك الذي اختار توقيت تحركه بعناية ضد قادة الجيش الذين جردوه من صلاحيات كبيرة قبل أيام من توليه مهام منصبه يوم 30 يونيو الماضى. ويؤكد المراسل على قبول الجيش لهذه القرارات، بنشر مقتطفات من بيان صفحة مقربة للمجلس الاعلى للقوات المسلحة على موقع "الفيسبوك"، وجاء فيه ان التغييرات التى تمت هى أمر "طبيعي" فهى تعنى تسليم القيادة لجيل الشباب، كما وجهه البيان التحيه لقادة القوات المسلحة وجاء فيها "تحية من القلب ملؤها التقدير والمحبة والاحترام لقادتنا وسيكنون في عيوننا وقلوبنا، والقوات المسلحة هي المؤسسة العريقة مع مبدأ الانضباط الكامل والالتزام بالشرعية". وينقل عن وكالة الأنباء الرسمية المصرية تصريح لمسؤول عسكري لم تذكر اسمه قوله ان لم يكن هناك "رد فعل سلبي" داخل المؤسسة العسكرية.. وبعد يوم من قرارات الامس، لا توجد أي تحركات عسكرية غير عادية في أي مكان في جميع أنحاء البلاد. وتقول الواشنطن بوست، ان قرارات مرسي اذا ما لم يتم تحديها، فانها تنهي الصراع على السلطة بينه و بين المجلس العسكرى القوى، ويمكن أن يعني ايضا هذا، التبشير بانهاء فترة ستة عقود من الحكم العسكري للبلاد منذ استولى ضباط الجيش على السلطة في انقلاب عام 1952. لكن يعود التقرير ليؤكد ايضا ان ازاحة وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان لا يعني بالضرورة أن القوات المسلحة -أقوى مؤسسة فى مصر- قد هزمت ، أو أنها ستتخلى عن عقود من السنين نالت فيها من الامتيازات والمكانة.. من دون اى قتال. ويخوض مرسي صراع على السلطة مع الجيش منذ توليه مهام منصبه يوم 30 يونيو، ولكن بعد ان قتل متشددون 16 جنديا مصريا قبل اسبوع على موقع حدودي مع إسرائيل في سيناء، سعى بقوة أكبر لتأكيد سلطته على كبار الجنرالات.. فقام باقالة رئيس المخابرات بعد أيام قليلة من هجوم سيناء، وقام بزيارتين حظيت بتغطية إعلامية مكثفة لسيناء بصحبة كبار القادة العسكريين كما ترأس أيضا عدة اجتماعات مع كبار ضباط الجيش، فضلا عن تركيزه على ان يطلق على نفسه لقب القائد الاعلى للقوات المسلحة في خطاباته المتلفزة. ويوم الاحد، أمر بتقاعد وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان، وهنا يقول مراسل الواشنطن بوست ان تعيين مرسى لهما كمستشارين رئاسيين ومنحهما اعلى اوسمة الشرف فى البلاد، قد يكون هذا وراء قبولهما واذعانهم لقرارات التقاعد. وجماعة الإخوان المسلمون، وهي مجموعة اصولية اسلامية، ومعها الرئيس مرسي، على حد سواء كانوا قد فازوا بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في عملية تصويت حرة ونزيهة هى الأولى في تاريخ مصر الحديث.. بعد ان ظلت الجماعة مقموعة تحت حكم مبارك، الذي كان يدير الدولة العلمانية. اما المجلس الأعلى للقوات المسلحة (SCAF)- الذى حكم مصر لمدة 17 شهرا بعد ان اضطر الرئيس مبارك للتنحى - فقد قام بنزع العديد من صلاحيات الرئيس قبل ان يسلم مرسى منصبه. طنطاوي رئيس المجلس الاعلى والذى تولى أيضا منصب وزير الدفاع فى عهد الرئيس مبارك على مدى عقدين قبل الاطاحة بنظامه.. قام على راس المجلس باصدار مرسوم بتعديلات دستورية تمنح المجلس سلطة التشريع بعد حل البرلمان، وكذلك السيطرة على الميزانية الوطنية، كما قدم لهم السيطرة على عملية صياغة دستور جديد. كذلك انبرى الجنرالات بمهمة الدفاع والسياسة الخارجية، بما في ذلك تعيين وزير الدفاع. مع تحرك مرسي الأخير، استعاد القوى التي سلبت منه، فأصبح الوحيد المسيطر على عملية صياغة الدستور وله الحق في التشريع. ويقول مراسل الصحيفة الامريكية، ان عبد الفتاح السيسي الذى حل محل طنطاوي وسيد أحمد صدقي الذى حل محل عنان.. هما ايضا، أعضاء في المجلس العسكرى، وهو ما يمكن أن يشير إلى اتفاق لمنع وقوع انقسامات على أعلى مستوى للقوات المسلحة. كذلك يشير المراسل الى انه وربما قد استغل مرسي إلى الانقسامات والفجوة بين الأجيال في المناصب العليا في الجيش، فالمشير طنطاوي 76 عاما، وكان في هذا المنصب لأكثر من 20 عاما، بينما خليفته، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية اللواء عبد الفتاح سيسي يبلغ نحو 58 عاما. والجيش المصرى لديه امبراطورية واسعة اقتصادية تمثل نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن شابت العسكرية في ال 17 شهرا الماضية والتي كانوا يديرون فيها البلاد اتهامات بسوء ادارة الفترة الانتقالية، وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وتختم الواشنطن بوست تقريرها من القاهرة، بالتحذير من ان يكون تحرك مرسي الاخير قد يزيد المخاوف في مصر وخارجها، بأن الزعيم الاسلامى الذى تلقى تعليمه فى الولاياتالمتحدة قد تراكمت لديه الكثير من السلطات في يديه، ويد هؤلاء من جماعة الإخوان المسلمين الأصولية، وهو ما يخشاه البعض خوفا من على مصر التى سوف تتحرك لتتحول فقط من دولة استبدادية إلى دولة إسلامية.