بهدف البحث عن سبل لإحلال السلام ،وعلاج جراح أخرى تترنح منها الصومال،أنعقد مؤتمر السلام في العاصمة مقديشيو الخميس 19/7 ،والذى ينظرإليه بأنه الأمل الأخير أمام الصومال . و ينعقد المؤتمر الذى يضم عدد كبير من كبار رجال العشائر الصومالية في أجواء مشحونة بالعنف،ووسط إجراءات أمنية مشددة، حيث تشهد العاصمة الصومالية هجمات وتفجيرات دامية منذ الإطاحة بنظام المحاكم الاسلامية قبل سبعة أشهر، عندما خسرت حركة المحاكم الإسلامية المناطق التي كانت تسيطرعليها منذ منتصف 2006.. وكانت المحاكم قد أحكمت سيطرتها على العاصمة الصومالية وأجزاء كبيرة من البلاد قبل انهيارها تحت ضربات القوات الإثيوبية، التي غزت البلاد مطلع العام الجاري، بهدف دعم الحكومة الانتقالية حتى استطاعت السيطرة على مقديشيو. ويعد هذا المؤتمر أحدث محاولة من الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد لتحقيق المصالحة وإرساء الاستقرار في البلاد وتأكيد شرعية الحكومة الانتقالية المشكلة منذ عام 2004. ويرى المراقبون أن إصرار الحكومة على عقد المؤتمر بالرغم من الأجواء المشحونة بالعنف يعد مؤشرا على التزامها بالسلام والمصالحة فضلاً عن أنه يمثل خطوة اولى نحو إجراء انتخابات فى هذا البلد المفتقر للأمن والقانون والمقررة فى عام 2009 . ومن المقرر ان تستمر أعمال المؤتمر خمسة وأربعين يوما قابلة للزيادة ، حيث سيتناول ممارسات العشائر الخاطئة التى أدت الى محنة الصومال ، وإعاقة الجهود الدولية الرامية الى فرض حكم مركزى فى البلاد. ومن جانبها وعلى خلفية العنف الدائر فى الصومال ،ذكرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن نحو عشرة آلاف شخص فروا من مقديشو مع افتتاح أعمال مؤتمر المصالحة جراء تقديرهم أنه سيكون مناسبة لتصعيد الهجمات من قبل معارضي الحكومة الانتقالية. ويذكر ان عددأً من جماعات المعارضة ،من بينها حركة المحاكم الاسلامية، أعلنت مقاطعتها للمؤتمر، وعزت الجماعات المعارضة ذلك، الى تواجد قوات إثيوبية فى البلاد. وجدير بالذكر أن الحكومة الصومالية تواجه منذ استعادتها السيطرة على العاصمة مقديشو من المحاكم الإسلامية نهاية العام الماضي بمساعدة الجيش الإثيوبي، هجمات بعبوات ناسفة على الطرق ،ومحاولات اغتيال لمسؤولين كبار وهجمات انتحارية. وكان مؤتمر المصالحة والسلام الذي افتتحته الحكومة الصومالية الإنتقالية الأحد الماضى 15/7 بالعاصمة مقديشيو، لم يصمد في وجه أعمال عنف أطلقها المعارضين الذين قاطعوه وتوعدوا كل من يشارك فيه بالموت، حيث لم يستمر أكثر من 3.5 ثلاث ساعات، سقطت بعدها قذائف هاون على بعد 500 متر من مقر انعقاد المؤتمر، وقطعت على الرئيس خطاب الافتتاح، وكانت كافية إضافة إلى غياب عدد من المدعوين، لتعليق أشغال المؤتمر إلى يوم الخميس 19/7 وجدير بالذكر ان المؤتمر قد تم تأجيله مرتين من قبل لأسباب التهديدات الأمنية أيضاً. وإذا ما أضيفت تهديدات المحاكم إلى ما تتعرض له مقديشو أصلا من أعمال عنف شبه يومية منذ شهور أسفرت عن مئات القتلى وأدت إلى نزوح مئات آلاف الأشخاص، فإن المراقبين يرون أن مؤتمر المصالحة هذا ينعقد في ظروف تبدو غير صالحة لإحلال السلام. فالجنود الإثيوبيون وكذا الصوماليون التابعون للحكومة المؤقتة لم يسلموا من هجمات بالقنابل، وحتى حكام المدن وصلت إليهم هجمات المسلحين، كما حدث مع حاكم مدينة أقجوية الذي قتل مؤخرا بقنبلة على مقر بلدية المدينةجنوب مقديشو، بل وحتى القصر الرئاسي تعرض من قبل القصف بقذائف الهاون ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى.
أهداف المؤتمر المشاركون فى المؤتمر يبحثون التطرف الدينى والطريق الى الوحدة الوطنية فى الصومال، كما أن المؤتمر يهدف إلى تطمين المجتمع الدولي ليواصل دعم جهود السلام في الصومال، وتمويل قوات حفظ السلام الأفريقية التي قد تستكمل انتشارها تمهيدا لانسحاب القوات الإثيوبية. رئيس الوزراء الصومالى على محمد جيدى أشار الى أنه بعد نهاية هذا الاجتماع ، سوف تنظم الحكومة مؤتمراً سياسياً يركز على خارطة طريق للدستور الاتحادى وتشكيل سلطات اقليمية وتنظيم اجراء انتخابات وطنية. وكانت دول عديدة قد ضغطت على الحكومة الانتقالية لتنظيم المؤتمر،وربطت دول أوروبية مشاركتها في تمويل قوات السلام الأفريقية بتنظيمه.
ويرى المراقبون أن التهديدات من المحاكم الإسلامية ،والظروف الأمنية المتدهورة ، ليست وحدها التى تحاصر مؤتمر مقديشو، بل تضاف إليها الخلافات بين العشائر الصومالية، حيث اختلف أفراد قبيلة الهوية فيما بينهم حول المشاركة في الاجتماع، فقرر قسم منها المشاركة وفضل آخر المقاطعة.
ولكن مع الإعتراف بوجود بعض من الخلافات القبليّة،إلا أن مراقبين صوماليين وايضاً خبراء دوليين حذروا من إمكانية عدم نجاح المؤتمر ما دام ينظر إلى الأزمة على أنها خلاف عشائري، لا أزمة سياسية، أحد وجوهها وجود إثيوبي ترفضه بقوه قبائل مثل هوية كبرى قبائل مقديشو. وأن محاولة المؤتمر البحث في نزاع قبّلي سيؤدى الى مضيعة للوقت والجهد ،وأن الأفضل هو محاولة جمع الخصوم السياسيين والمجموعات المسلحة حول طاولة واحدة،وذلك باعتبار أن المشاكل ليست كثيرة بين الفصائل، بل هي قائمة أساساً بين الحكومة والمتمردين عليها. وجدير بالذكر أن حركة المحاكم الإسلامية التى قاطعت المؤتمر، دعت إلى مؤتمر بديل في إريتريا في الأول من سبتمبر القادم، بمشاركة من أسمتهم أعضاء البرلمان الحر وممثلين عن الجالية الصومالية بالمهجر وسياسيين وعلماء دين. تمديد القوات الأفريقية
وتزامنت هذه التطورات مع تمديد الاتحاد الأفريقي مهمة قواته لحفظ السلام في الصومال ، وفق ما أعلن المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي أساني با في أديس أبابا، حيث أشار أيضا في وقت سابق إلى أن الاتحاد الأفريقي لا يمكنه ترك فراغ في الصومال. يشار إلى أن القوة الأوغندية التي تعمل ضمن قوة حفظ السلام الأفريقية وتضم 1600 عسكري فشلت في وقف دوامة العنف في مقديشيو، في حين تطالب الحكومة الانتقالية بنشر قوة مكتملة تحت مظلة للأمم المتحدة للمساعدة على إعادة الاستقرار إلى البلاد. ويرى المراقبون أن الضغوط الدولية التي واجهتها الحكومة الانتقالية لعقد هذا المؤتمر لم تفسح لها المجال لدراسة متأنية للشروط التي من شأنها إنجاح المؤتمر، رغم أن الأممالمتحدة التي أعرب أمينها العام بان كي مون عن أمله في نجاح الاجتماع هي نفسها التي ألغت في وقت متأخر من يوم الجمعة رحلة مبعوثين من عدد من دول الاتحاد الأوروبي كانوا يعتزمون حضور مراسم الافتتاح. مؤتمر المصالحة ،بالرغم من أن هدفه ،هو إرساء السلام في الصومال الغارق في الحرب الأهلية، منذ سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري في 1991. إلا أنه ومع غياب المحاكم الاسلامية المعارض الرئيسى للحكومة الصومالية المؤقته، ومع استمرار تيار العنف الضارى،فإنه يبدو أن المصالحة مازالت مستعصية في الصومال الذى يشهد حربا منذ 16 سنة، وفشلت فيها من قبل 14 محاولة لإقامة حكم وطنى مركزي فى البلاد. ولذلك يثور التساؤل هل هذه الحكومة المؤقتة جادة فى إجراء مفاوضات بشأن إحلال السلام فى الصومال،أم أن محاولاتها مجرد إجراء لإرضاء الولاياتالمتحدة والإتحاد الافريقى الذى نشر حوالى 1600 جندى اوغندى من قوات حفظ السلام ؟ 22/7/2007