من يرى كم وحجم البحيرات الجميلة التي تحفها الأشجار والنخيل في دبي، يظن للوهلة الاولى أن المدينة غنية بالمياه الجوفية التي تغذي هذه البحيرات كما تغذي سكانها الذين يربون على المليون ونصف المليون نسمة. ولكن هذه خرافة إضافية تضاف الى الخرافات التي تحيط بدبي، ومن أشهرها أنها مدينة غنية بالنفط وهي ليست كذلك، إذ يبلغ إنتاجها منه 140 ألف برميل يوميا حسب أرقام عام 2005. هذه البحيرات التي تنتشر في دبي هي حفر صناعية ضخمة تمت تعبئتها بالمياه بجرها من البحر أو من باطن الأرض وهي غالبا مياه ملحية وذات لون زيتي غير صاف. وتضم دبي أيضا واحدة من أكبر البحيرات الصناعية فى العالم وتوجد في مشروع مرسى دبي السكني العملاق المطل على الخليج العربي، فيما تمتد ضفاف هذه البحيرة الى مسافة11 كيلومترا. وتعتبر الإمارات من اكثر الدول استهلاكا للمياه في العالم من ناحية حصة الفرد، حيث وصل معدل استهلاك الفرد من المياه في البلاد إلى 650 لتراً مكعباً في اليوم، بناء على دراسة حديثة أجرتها هيئة أبوظبي للبيئة. ويصل معدل استهلاك الفرد في أبوظبي وحدها 1200 متر مكعب يومياً، وهو ما يعتبر من أعلى معدلات الاستهلاك للمياه في العالم حيث يتراوح في الدول ذات الوفرة المائية مابين 300 و350 لتراً مكعباً يومياً، فيما وصل معدل الاستهلاك في دبي في العام 2004 إلى 1030 مترا مكعبا. ويبدو أن تزيين المشروعات العقارية بالبحيرات كان الدافع الرئيسي في نمو عدد هذه المسطحات المائية في المدينة بصورة غير مسبوقة. ففي منطقة تلال الإمارات الفخمة تنتشر عشرات البحيرات الصناعية الصغيرة التي تطل عليها الفلل والمنازل الريفية التصميم وتحفها الأشجار والحشائش مثل الغاف والليبد والدخنة والثمام. وتنفق دبي عشرات ملايين الدولارات سنويا على تحلية مياه البحر لري حدائقها وبحيراتها ونوافيرها وتوفير مياه الشرب. كما أصبحت المياه عنصرا هندسيا أساسيا في العديد من مشروعات دبي العقارية حيث لا يكاد يخلو مشروع جديد من عناصره المائية. أما منطقة مرسى دبي المحاذية للخليج العربي فقد حرص مطوروها على شق قنوات مائية وبحيرات متعددة لتمتلك ناطحات السحاب هناك إطلالات على الماء من كافة جوانبها. وحكاية دبي مع المياه حكاية أزلية. فهي أسست على الخور الذي يعبرها وأصبح ممرها الرئيسي الذي بنت عليه مجدها التجاري منذ بدايات القرن الفائت. وحاليا ينتهي الخور داخل البر ببحيرة ضحلة كبيرة أصبحت الآن محمية طبيعية توفر ملاذا للطيور البحرية المهاجرة. وقد أحصى الخبراء 27 ألف طير في البحيرة في وقت واحد خلال موسم الهجرة الخريفي. وربما كانت أجملها طيور النحام (الفلامنغو) الكبيرة التي جعلت الخور موطنها الدائم. وتقوم حاليا مئات الآليات والجرافات والروافع بشق قناة اصطناعية لمد مجرى خور دبي الى مناطق تطوير جديدة. ومن المقرر ان يساهم مشروع تمديد الخور في إحداث تغييرات جذرية في طبيعة المنطقة التي يمر فيها، وكذلك دبي بشكل عام حيث ستتيح توسعة ومد هذا المجرى المائي الحيوي المجال أمام قيام العشرات من الأبراج الجديدة التي تحظى بإطلالة مباشرة على المياه ضمن مشروع الخليج التجاري، بحيث يرمز جزءا الخور القديم والجديد إلى عراقة ماضي البلاد وطموحاتها المستقبلية، في ترابط وثيق بين حقبتي التجارة القديمة والحديثة في دبي. وكانت دبي للعقارات قد وقعت عقداً بلغت قيمته حوالي 55 مليون دولار مع مجموعة بريطانية، لإنجاز الأعمال الإنشائية لعمليات مد مجرى الخور، حيث ستعمل المجموعة خلال المرحلة الأولى على شق قناة مائية بطول 6.5 كيلومتر. وسيتطلب ذلك تجريف 8 ملايين متر مكعب من التربة وإقامة جدران جانبية بطول 13 كيلومترا وعوازل مائية. وسيتراوح عرض امتداد الخور الجديد بين 360 قدما و1155 قدما عند المراسي، بينما يتراوح عمق المياه فيه بين 5.5 و6 أمتار، مما سيسمح للسفن واليخوت ذات التصاميم الجديدة بحجم 300 قدم من العبور ضمن الممر المائي الجديد. كما تتطلع شركة تشيلية قامت ببناء أضخم حوض سباحة في العالم الى القيام بالأمر نفسه في دبي قريبا. وقامت شركة «كريستال لاغون» بابتكار بحيرة اصطناعية وحوض سباحة في منتجع سان الفونسو ديل مار في تشيلي بأمريكا الجنوبية تبلغ مساحتها 8 هكتارات وتحتوي على 250 ألف متر مكعب من المياه. وصنف كتاب «غينيس» للأرقام القياسية هذه البحيرة ذات المياه الصافية باعتبارها اكبر حوض سباحة في العالم. ويتم تبني مفهوم كريستال لاغون في مشاريع مختلفة حول العالم وتجري الشركة مباحثات مع شركة نخيل ومجموعة دبي العقارية لإنشاء أحواض سباحة ضخمة. وقامت الشركة التشيلية ببناء حوض سباحة أورتليب في الدارالبيضاء بالمغرب والذي يعتبر اطول حوض سباحة في العالم. وتبلغ مساحة حوض السباحة 150 مترا ب100 متر (1.5 هيكتار). وقالت الشركة ان الأشهر القليلة القادمة ستكون حاسمة في التوصل الى اتفاقات لبناء بحيرات اصطناعية في العديد من المنتجعات السياحية حول العالم، فيما وصلت المفاوضات مع شركات في الشرق الأوسط الى مراحل متقدمة إضافة الى فرص لمشروعات مشتركة وامتيازات في انحاء مختلفة من العالم. وتبتكر تكنولوجيا كريستال لاغون بحيرات اصطناعية ذات مياه صافية وشفافة حتى عمق 35 مترا وبلون ازرق فيروزي كالبحار الاستوائية. ويقول رجل الأعمال التشيلي فرناندو فيشمان الذي سيزور دبي هذا الشهر إن هذه البحيرات الصناعية الصافية تشكل منظرا طبيعيا ساحرا حتى في المناطق غير المؤهلة مع تكاليف إنشاء وصيانة منخفضة. وأضاف أنها عملية تكنولوجية ومفهوم معماري فريد من نوعه قابل للتطبيق في الغابات والمستنقعات والصحارى والمناطق الحضرية والمناطق التي لا توجد فيها شواطئ. كما يمكن إنشاؤها على السواحل المزدحمة أو المتآكلة والبحار أو الأنهار الملوثة والشواطئ الخطرة.