حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بالبنوك في أول يوم عمل بعد تثبيت الفائدة    طلاب ب "إعلام أكاديمية الشروق" يطلقون حملة ترويجية لتطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسهيل الحياة في العاصمة الإدارية    «القسام»: أسرنا جنود إسرائيليين في كمين مركب وقتلنا آخرين في مخيم جباليا    لابيد: أولادنا يموتون في قطاع غزة    فهمي: سيطرة إسرائيل الأمنية على غزة بعد الحرب غير قابل للتطبيق ويعوق اتفاق السلام    مدير وحدة الأبحاث بمعهد فلسطين: مأزق إسرائيلى فى غزة.. ومصر حائط صد    قيادى بحركة فتح: مصر تحارب من أجل بقاء القضية الفلسطينية ولولاها لانتهت    ربيعة: لاعبو الأهلي على قلب رجل واحد.. وفخور باللقب ال12    الأهلي يعبر عن خالص شكره وتقديره للرئيس عبدالفتاح السيسي    عماد النحاس: سعيد بتتويج الأهلي بأبطال إفريقيا وكنت أتابع المباراة كمشجع    وزير الرياضة يعلن موعد انضمام صلاح ل معسكر منتخب مصر    كولر: نستحق التتويج.. وتعودنا في الأهلي على حصد الألقاب    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    غدًا.. نتائج صفوف النقل عبر الموقع الإلكتروني ب«تعليم الجيزة»    نتيجة الشهادة الاعدادية 2024، الترم الثاني محافظة أسوان برقم الجلوس أو الاسم عبر بوابة الفجر وموقع وزارة التربية والتعليم    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    «تشريعية النواب»: تعديل على قانون تعاطي المخدرات للموظفين بعدما فقدت أسر مصدر رزقها    بعد الأجواء الحارة.. الأرصاد تكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    طباخ ينهي حياة زوجته على سرير الزوجية لسبب صادم!    «مبروك يا ابن المحظوظة».. أحمد سعد يهنئ الأهلي ببطولة أفريقيا (فيديو)    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الجدي    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    أستاذ قانون: القضاء الدولى ينتفض ضد إسرائيل بسبب جرائمها فى غزة    طارق الملا ل قصواء: كل الشركات العالمية متواجدة فى مصر للتنقيب عن البترول    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    تجدد الاحتجاجات ضد نتنياهو في تل أبيب وأماكن أخرى.. وأهالي الأسرى يطالبونه بصفقة مع حماس    مبابي يودع باريس سان جيرمان بحصد لقب كأس فرنسا 2024    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    "يا هنانا يا سعدنا إمام عاشور عندنا".. جماهير الأهلي فى كفر الشيخ تحتفل ببطولة أفريقيا (صور)    رابطة النقاد الرياضيين تشيد بالتنظيم الجيد في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مصر في 24 ساعة| السيسي يُصارح المصريين بأزمة انقطاع الكهرباء.. والأهلي يتوج بالأميرة السمراء    "نيوزويك": بوتين يدرس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    زاهي حواس: بناء الأهرامات كان المشروع القومي للمصريين القدماء.. واستغرق 28 عاما    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    عيار 21 الآن بالمصنعية.. تراجع جديد في سعر الذهب اليوم الأحد «بيع وشراء» في مصر (تفاصيل)    آلام التهاب بطانة الرحم.. هل تتداخل مع ألام الدورة الشهرية؟    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    مستشار وزير الزراعة: الرئيس السيسى افتتح 8 أنشطة كبيرة كل نشاط بمثابة بطولة    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصرى اليوم» فى بحيرة فيكتوريا .. من هنا يبدأ العطش

تعد بحيرة فيكتوريا ثانى أكبر بحيرات المياه العذبة فى العالم، من حيث المساحة، كما أنها أكبر بحيرة استوائية فى العالم، إذ تبلغ مساحتها 68870 كيلومتراً مربعاً، تطل عليها 3 دول هى: كينيا وأوغندا وتنزانيا، وهى المصدر الأساسى لمياه نهر النيل. لم تدخل تلك البحيرة دائرة اهتمام المصريين إلا بعد أن شعروا بأن المياه التى تصلهم عبر النيل باتت مهددة باتفاقات دول الحوض على تقليل حصة مصر منها.. «المصرى اليوم» زارت بحيرة فيكتوريا من جانب كينيا فى رحلة استغرقت 4 ساعات، لتقدم للقارئ صورة عن المكان الذى يتحكم الآن فى روح مصر وغذائها وعطشها وارتوائها ومستقبلها.
السائحون الإسرائيليون الأكثر وجوداً.. والسكان يعيشون حياة «بدائية»
يضطر كل من يخترق شوارع مدينة «كيسومو» إلى المرور بعدد من المعالم السياحية قبل أن يصل إلى البحيرة، ومنها حديقة «كيسومو» للحيوانات البرية، التى تزخر بجميع أنواع الحيوانات غير الأليفة، مثل الأسود والفهود والزراف والجاموس البرى والغزلان والضباع والحمار الوحشى والتيتل، إضافة إلى متحف كيسومو الطبيعى، الذى يحتوى على أقسام عديدة تؤرخ للحياة البشرية والبرية فى كينيا، ويحوى معرضاً للثعابين والتماسيح والسلاحف، والمتحف والحديقة كلاهما يقع على شاطئ البحيرة، ويمتدان خارجها على مساحات شاسعة.
عند وصولك إلى شاطئ البحيرة ستجد نفسك داخل منتجع سياحى، يقع شاطئ البحيرة فى منطقة مكشوفة، وعلى مقربة منها سلسلة من المطاعم السياحية، وعلى شاطئ البحيرة عدد من القوارب للسياحة والتجوال فى قلب البحيرة، وجميعها قوارب صغيرة جدا، تعمل بمحرك يصدر أصواتاً مزعجة، ويعمل على كل قارب شابان فقط، ويبلغ عدد القوارب فى المرسى نحو 10، وتبلغ تكلفة الجولة بالقارب لمدة ساعة حوالى 1500 شلن كينى، ما يعادل نحو 115 جنيهاً مصرياً، وتشمل الرحلة شرحاً مفصلاً ودقيقاً عن البحيرة، وطبيعة الناس الذين يسكنون على شاطئها.
تستمد بحيرة فيكتوريا المياه من الأمطار، التى تهطل طوال العام بصورة غزيرة باستثناء شهرى فبراير ومارس، عندما تخف حدة هطول الأمطار، كما يوجد عدد من الأنهار الكبيرة التى تغذى البحيرة، منها نهر «يالا» الذى يصب فى المنطقة التى تقع بعد غابات المانجروف مباشرة، ويمكن رؤية مصبه واندفاع المياه وامتزاجها بمياه البحيرة، وعلى مسافات متفرقة تنتشر مصبات بقية الأنهار الكبيرة مثل كوسا، ويقوا، وأسانيرو، وبعض الأنهار الصغيرة،
ومن المستحيل الوصول إلى مصب هذه الأنهار فى يوم واحد، وحسب قائد القارب، فإننا نحتاج لأسبوع -بهذا القارب- لعمل جولة شاملة تغطى الجزء الكينى من البحيرة، من بدايتها إلى نهايتها.. وبالقرب من مصب نهر يالا، توجد منطقة لقياس منسوب المياه وهى منطقة ممنوع الاقتراب منها لأنها عبارة عن غرفة خشبية الشكل، ويمتد أمامها سلم طائرة من الأخشاب، وينتهى ببعض أدوات القياس، التى تشبه الترمومتر الكبير.
يزور البحيرة السائحون من كل مكان فى العالم، أجانب وعرباً ومصريين، لتتبع منابع النيل، لكن ما أكده لنا أصحاب المطاعم السياحية والمراكب أن السائحين الإسرائيليين هم الأكثر زيارة إلى بحيرة فيكتوريا الكينية.
وينصح أهالى المنطقة زائرى البحيرة باستقلال القوارب فى الفترة ما قبل التاسعة صباحاً، لتفادى المد النهرى العنيف والأمواج المتلاطمة، التى يمكن أن تؤدى إلى انقلاب القارب، وللتمتع برؤية أفراس النهر التى تتجمع قرب غابة المانجروف، على مقربة من نهاية الجزء الكينى للبحيرة، وبالفعل استمعنا إلى نصيحتهم، وانطلق القارب يشق المياه الضحلة، فى طرف البحيرة، التى تزخر بالحشائش النابتة وفروع الأشجار المتساقطة، وبعض النباتات الطافية سميكة الأوراق.
ورغم لون المياه المائل إلى الأسود من شدة ضحالة المياه فإنها تزداد صفاء، كلما اقتربنا نحو منتصف البحيرة، وتصبح قابلة للشرب. وعلق قائد القارب بقوله: إن ماء البحيرة كله عذب وقابل للشرب، الماء الضحل الذى يوجد على مقربة من الشاطئ يرجع إلى تجمع الحشائش التى تغير لون قاع الشاطئ، أما فى منتصف البحيرة فإن الرمال الصافية هى التى تغطى القاع، كما لا تنبت الحشائش، وبالتالى يكون الماء أكثر صفاء وعذوبة وقابلاً للشرب، ويبلغ عمق الماء فى منتصف البحيرة حوالى 40 متراً، ويصل فى بعض المناطق إلى أقصاه، عند 83 متراً، فيما يبلغ أقصى اتساع للبحيرة نحو 240 كم.
عمق المياه ربما كان حائلاً لمنع الصيادين من القفز داخل البحيرة، بالإضافة إلى الأسماك الضخمة والتماسيح وأفراس النهر، التى تهاجم من يقع داخل المياه.
مع اقترابنا من الجانب الآخر للبحيرة شاهدنا منازل منتشرة على الشاطئ، وعرفنا أن الصيادين هم سكانها، ويتعايشون سوياً رغم اختلاف قبائلهم، مثل اللوا، اللوياس، الكيكيو، الكيساى، والماسايا، وكذلك دياناتهم، التى تشمل المسلمين وهم فئة قليلة، والمسيحيين وهم النسبة الأكبر، والهندوس، والوثنيين من عبدة الجبال والصخور، الذين ينتمون إلى قبيلة اللوا، أما بيوتهم فهى مبنية من الحجارة والطين وحطب الأشجار والحديد، ولديهم أسواق صغيرة جداً لشراء مستلزماتهم اليومية، ولاحظنا وجود مساجد بين هذه البيوت، وكذلك عدد من الكنائس والمدارس متواضعة الإمكانيات وغير المسوّرة.
ومن أكثر المشاهد غرابة، التى قد تثير اندهاشك أثناء الرحلة، مرورك فى منطقة الاستحمام، وفيها تجد بعض النساء يغسلن ملابسهن داخل وعاء يشبه «الطشت»، فيما يستحم عدد من الرجال والنساء والأطفال، وجميعهم عراة تماما، وعلى مقربة من بعضهم، دون حياء أو خجل، فأدرنا وجوهنا على الفور، قبل أن يخبرنا قائد القارب أن أحدا لا يستطيع معاكسة أى امرأة من بين هؤلاء، ومن يفعل يواجه عقوبة الضرب، ويجرد من ملابسه، ويَجُل المنطقة بأكملها عارياً، ويسبه الأطفال من خلفه ويشتموه فى مسيرة مهينة، تشبه عملية «التجريس» لما ارتكبه من جرم.
بعد منطقة الاستحمام مررنا بمحاذاة منطقة لصنع الخمور البلدية، تنتشر فيها أشجار «السوسج» أو «الياغو» كما يسميها الأهالى، وتشبه أشجار المانجو، ولها ثمر لونه أبيض أسطوانى الشكل، وضخم قليلاً، ويستخدم فى صنع الخمور البلدية ويطلقون عليه «تشانغا» بعد تخميرها لمدة ثلاثة أيام، يضاف إليها أصابع نباتى الدخن والكسافا، وبعد ذلك يشعلون نار الحطب، ويضعون هذا الخليط فى برميل كبير الحجم، ويتم إغلاقه تماماً، سوى فتحة يخرج منها خرطوم، يتدلى داخل إناء بلاستيكى كبير، يعوم فى حوض به ماء بارد، ويتركونه يغلى ويتكثف، وفى نفس المنطقة يقيم السكان احتفالاتهم الراقصة بعيد الكريسماس، أو المناسبات الاجتماعية، ومن أشهر القبائل التى تمارس الرقص قبيلة «المسايا».
تعد قبيلة المسايا إحدى القبائل الأفريقية المعروفة، وتعيش بين تنزانيا -الأكثرية منهم- وكينيا، ومن أغرب الأشياء المعروفة عن المسايا، الذين يسكنون غابات فيكتوريا أن الأسود تخاف منهم ولا تهاجمهم، لأنهم لا يستحمون ويمسحون أجسادهم بفضلات أمعاء الحيوانات خصوصا الأبقار، كما يشربون دماء الأبقار، وبحسب أحد أفراد المسايا، واسمه أتنقا، وسامى سائق القارب، فإن الأسود تظن أنهم حيوانات غريبة، لأنه لا توجد فيهم رائحة البشر، وإنما روائح الحيوانات والروائح الكريهة.
ورغم كل تلك الصفات التى توحى بالشراسة، فإنهم حميمون وغير شرسين فى تعاملهم مع غيرهم من البشر، ويتزوجون من قبيلتهم فقط، وقليل منهم بدأ فى إرسال أبنائه إلى المدارس، وبعضهم تزوج من قبائل أخرى فيما تزوج آخرون من الأوروبيات المقيمات فى كينيا، خصوصاً الهولنديات والدنماركيات والألمانيات.
يتميز ملبس قبلية المسايا «الإزاز» بكونه يشبه ملابس الإحرام، فيلفونه حول أجسادهم، ويحملون عكازاً وسيفاً، ويلبسون العقود حول العنق، وغالباً ما تكون مصنوعة من مخالب الحيوانات الشرسة، أما الإناث فيلبسن نفس الملبس، ولا يغطى الزى صدورهن، وهو أمر طبيعى بالنسبة لهن، ولكنهن يغطينها حال وجود شخص غريب.
ويتميز أهالى القبيلة برقصاتهم، التى تعتمد على القفز على أمشاط القدمين لمسافات عالية، مع تحريك العنق إلى الأمام، تماماً مثل لدغة ثعبان «الكوبرا» مع إصدر أصوات تشبه زئير الأسود، ويمكنك مشاهدة هذا الرقص مقابل دفع مبالغ بسيطة من المال، فهم لا يرقصون بالمجان.
ول«المسايا» لغتهم الخاصة التى لا يفهمها سواهم، إضافة إلى السواحيلية، التى يتحدثها كل سكان كينيا.
يعد الصيد هو النشاط الرئيسى لسكان شواطئ فيكتوريا، فكانت تصادفنا طوال الرحلة قوارب ومراكب كثيرة للصيد، ويوجد عند منتصف البحيرة مرسى كبير لقوارب الصيد، والكثير من باعة الأسماك، أغلبهم من أبناء وزوجات الصيادين، ويمتلئ الشاطئ بمختلف أنواع الأسماك، فطلبنا من قائد القارب أن يقترب من المرسى،
وعندما نزلنا أخذ الصيادون، الذين يجيدون الإنجليزية، يحدثوننا عن الأسماك وأنواعها، ورأينا سمكة ضخمة يصل وزنها لنحو السبعين كيلو جراماً، اسمها «نايل باج» وهى أكبر أنواع الأسماك الموجودة فى بحيرة فيكتوريا، تشبه العجل ويصل وزن أكبرها إلى 350 كيلو جراماً، وهى من الأنواع الخطيرة، التى ليس من السهل صيدها، وتتميز بفم مثل السيف، يستخدم سمك التيلابيا كطعم لاصطيادها بشباك خاصة قوية وضخمة، وتوجد أسماك اللانق وهى ثانى أكبر الأسماك فى الحجم والضخامة ولونها أبيض، ويمكنها العيش فى اليابسة لفترات طويلة،
وهناك أسماك الكات أو «القط» وهى ثالث أكبر الأسماك حجماً، وتتميز بلونها الداكن قليلاً وشواربها الطويلة، ويصل وزن أكبرها إلى 193 كيلو جراماً، أما أكبر الأسماك حجماً فى البحيرة فهو سمك التيلايبا، وهو أشهى أنواع الأسماك وأطيبها للأكل، ويستخدم الصيادون شباكاً ضخمة لاصطياد الأنواع الكبيرة من الأسماك، ومن السهل أن تلاحظ أماكن الصيد من خلال قطع الفلين الطافية فوق سطح الماء، قرب منتصف البحيرة، كما اعتاد الصيادون على تحديد أماكن الصيد بالأشرطة الملونة الطافية فوق الماء، لتنبيه القوارب للابتعاد عن المنطقة.
وتتميز بحيرة فيكتوريا بانتشار الطيور، التى تعيش حول البحيرة، مثل طيور «أقرتس البيضاء» ذات السيقان الطويلة والمنقار الأخضر، والكمورانت، الذى يتميز بالذكاء الحاد ويكثر تواجده فى أماكن تجمع صيادى الأسماك الكبيرة ليتغذى عليها دون أن يجهد نفسه، وهناك طيور «صن بايبرز» و«كنق فشرز»، و«إيقولز» ذات الجسم الأسود والرقبة البيضاء، و«استوك»، و«استيلس»، و«تانس» وطيور «الويفرز الصفراء».
ويوجد فى بحيرة فيكتوريا الكثير من التماسيح التى تتباين أحجامها ويمكن رؤيتها بعيداً عن مناطق تجمع السكان، كما يوجد حيوان «نايل مونتاليزرد» وهو نوع من السحالى كبيرة الحجم، وتشبه التمساح، لكنها أصغر حجماً لونها أخضر، يتوسطها شريط داكن، وهى خطرة وتستخدم الدهاء لمهاجمة فريستها، وتمكنا من رؤيتها عن بعد وهى تختبئ فى غابات البردى.
وفى منتصف بحيرة فيكتوريا تكثر أشجار «البردى» و«المانجروف» مكونة ما يشبه الغابة الكبيرة، التى تمتد لمسافات كبيرة، ويمكن رؤية أشجار البردى بسيقان مثلثة الشكل ممتدة إلى أعلى، وأزهارها خيمية الشكل، ويصل طول الشجرة إلى ثمانية أمتار وتنمو بكثافة ولكنها لم تحظ بنفس درجة الاهتمام أو الاستثمار، كما يحدث فى مصر، حينها دار سؤال بخاطرى سألته لقائد القارب: عما إذا كانت نبتت هذه الأشجار منذ القدم أم لا؟ وكنت أحاول الربط بين الحضارة الفرعونية التى عرفت ورق البردى واستخدمته وبين بحيرة فيكتوريا، وهل وصل أجدادنا الفراعنة إلى هنا فى الماضى القديم؟!
رغم أننى أعرف أنه أمر صعب بسبب انتشار الجنادل والشلالات الضخمة، التى تعوق حركة الملاحة النهرية وتجعلها أمراً بالغ الخطورة، وكان ذلك قبل أن أعرف أن البحيرة لم تتصل بنهر النيل قبل 12500 سنة، وتاريخ نشأتها يعود إلى منتصف عصر البيلوستين، أى قبل نحو نصف مليون سنة، مما يدلل على أن أشجار البردى كانت مهداه إلى الفراعنة من بحيرة فيكتوريا، أما أشجار المانجروف فلها أهمية بيئية كبيرة لأنها تعمل على حماية المناطق الساحلية من العواصف، كما تساعد على تنقية المياه بحجز المواد الملوثة والأوساخ المجروفة من اليابسة.
وتعتبر غابات المانجروف مصدراً للغذاء والمأوى إلى العديد من الحيوانات مثل السرطان، وثعابين المانجروف، والقردة ويستخدم خشب المانجروف فى المبانى والوقود كما تستعمل أوراقه فى الأسقف، ودباغة الجلود، ويستعمل السليلوز فى صناعة الحرير الصناعى، واللب فى صناعة الورق.
ويعيش فى هذه الغابات عدد قليل من الناس من قبيلتى اللوا والمسايا ويعملون فى صيد الأسماك والأحتطاب، كما تعيش فيها أفراس النهر الضخمة.
وبالاقتراب من المنطقة التى تنتشر فيها أفراس النهر إلى اليمين من غابات المانجروف، قال لنا قائد القارب عبارة أصابتنا بالرهبة: «إن أكثر شيئين مسببين للموت هنا فى كيسومو، مرض الملاريا وأفراس النهر»، فسألته ولكن كما أفهم فإن أفراس النهر لا تأكل اللحوم، فهى تتغذى على الحشائش، فرد: نعم تلك حقيقة ولكنها تهاجم أى شخص تجده بالقرب منها، بفكيها الضخمين وتطبقهما عليه، فتشطره إلى نصفين وتتركه، بهدف الدفاع عن النفس. كدت أقول له فلنبتعد، أنا لا أريد رؤيتها خصوصاً أن القارب الذى نركبه غير مطمئن وصغير الحجم ومتأرجح مع الأمواج، قبل أن يأتى كلامه ببعض التطمين حين بادر قائلاً: «اطمئنى فإنها لا تهاجم القوارب لأنها تخاف من صوت الماكينة، وسترينها تبتعد عنا وتهرب».
حين اقتربنا من تلك المنطقة وأثناء تجوالى ببصرى كنت أرى كتلاً، ظننتها فى البدء صخرية تظهر فوق الماء وشيئاً فشيئاً بدأت تتضح الملامح، ولم تكن تلك الكتل سوى رؤوس أفراس النهر الضخمة التى كانت تسارع بالاختباء تحت الماء بمجرد اقترابنا واضطررنا لعمل جولة دائرية حول المنطقة لمشاهدتها على البعد وكان عددها كبيراً ومختلفة الأحجام ويصل وزن أضخمها لنحو 3.2 طن ويصل متوسط الطول إلى 3.5 متر والارتفاع إلى 1.5 متر، وقال قائد القارب إنها تتواجد بأعداد كبيرة فى الجزء الكينى من البحيرة وتعيش فى غابات المانجروف كعائلة يبلغ عدد أفرادها فى الغالب نحو 40 فرداً، وتأتى إلى الماء والأكل والاستجمام. عندما تكون الشمس حارة.
تمضى أفراس النهر معظم نهارها وهى تتمرغ فى الماء أو الوحل مع باقى أفراد القطيع، ويساعد الماء على إبقاء حرارة جسدها معتدلة ومنع جلدها من التقشر والجفاف وتغادر أفراس النهر المياه عند العصر وتمشى لمسافة معينة، تبلغ 8 كيلو مترات، لترعى من مصدر طعامها الأساسى الحشائش القصيرة وتقضى أربع أو خمس ساعات فى المراعى، وقد تستهلك قرابة 68 كيلو جراماً من الأعشاب كل ليلة، وتتحرك أفراس النهر فى الماء بسرعة تصل إلى 8 كيلو مترات فى الساعة أما فى اليابسة فتتراوح سرعتها ما بين 40 و50 كم فى الساعة، وعلق قائد القارب بقوله: «لو شاركت فى سباقات المسافات القصيرة فى الأوليمبياد لحققت الميدالية الذهبية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.