على غير المُتوقع جاءت نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية عكس ما يشتهي الجزائريون، أي غير مواتية لرياح الربيع العربي، والتي هبت في تونس ومصر وليبيا واليمن، وأثارت الكثير من ردود فعل مُتباينة على المستوى الشعبي والدولي. فقد أفرزت الانتخابات التشريعية الجزائرية في العاشر من مايو/آيار 2012 برلمانًا يُكرس هيمنة حزب "جبهة التحرير الوطني" في ظل توقعات بالاستمرار في إنجاز الإصلاحات الرئاسية، في تثبيت للوضع القائم خصوصًا مع النتائج الضعيفة للإسلاميين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى السلطة كما كان شأن إسلاميي بُلدان الربيع العربي المجاورة. أسفرت نتائج الانتخابات كما أعلنها "دحو ولد قابلية" وزير الداخلية عن حصول حزب "جبهة التحرير الوطني" [الأفلان]على 220 مقعدًا، يليها "التجمع الوطني الديمقراطي" [الأرندي] الذي يتزعمه رئيس الحكومة أحمد أويحيى وفاز ب 63 مقعدًا، وهو ما يعني أن الحزبين قد حصلا معًا على 286 مقعدًا، وهي تمثل أغلبية مقاعد البرلمان البالغ عددها 462 مقعدًا، وهو ما يُتيح لهما تشكيل حكومة دون الاستعانة فيها بأحزاب الإسلاميين. وجاءت نتائج أحزاب التيار الإسلامي مُخيبة لآمالها وخاصة تكتل "الجزائر الخضراء"، المُشكل من ثلاثة أحزاب، هي حركة "مجتمع السلم" و "حركتا "النهضة" و "الإصلاح"، التي لم تحصل مجتمعة سوى على 48 مقعداً، ليُصبح إجمالي ما حققه التيار الإسلامي - سبعة أحزاب - 59 مقعداً، وهو العدد ذاته من المقاعد الذي كانت يملكه في المجلس السابق، بينما كانت تراهن على أن تتحول إلى القوة الثانية في البلاد، وأن ما حققته "جبهة العدالة والتنمية" التي يرأسها عبد الله جاب الله 7 مقاعد، و "جبهة التغيير" التي يرأسها الوزير الأسبق، عبد المجيد مناصرة 4 مقاعد. بينما كانت أفضل نتائج حققها الإسلاميون في العاصمة الجزائرية، ويرجع الفضل في ذلك إلى وجود وزير الأشغال العمومية عمار جول، الذي يحظى بسُمعة طيبة كوزير ناجح في عمله، وقد حصدت قائمته في العاصمة 14 مقعدًا أي حوالي ثلث ما حققه التكتل الأخضر في جميع الولاياتالجزائرية. وفي المقابل فقد حافظت الأحزاب الديمقراطية على محدودية تمثيلها المُعتاد فحصلت جبهة القوى الاشتراكية، التي يتزعمها من جنيف "حسين آيت أحمد" وحزب العمال، الذي تتزعمه "لويزة حانون" معاً،على 37 مقعداً، منها 23 منها للجبهة و14 لحزب العمال، بينما ارتفعت نسبة النساء في البرلمان الجديد إلى 31.39%، بما يتناسب مع قانون الانتخاب الجديد الذي يفرض نسبة 30%. وكما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن الجديد في الانتخابات الجزائرية لعام 2012 هو إشراف لجنة انتخابات قضائية على العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها، وكذلك اعتماد البصمة بدل التوقيع بالإضافة إلى استخدام الحبر الفوسفوري لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم أكثر من مرة، ودعوة الحكومة حوالي 500 مراقب دولي من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة مؤتمر التعاون الاسلامي. وسجلت انتخابات 2012 زيادة في عدد الأحزاب في البرلمان الجديد [26 مقابل 21] وعدد أقل من المُستقلين [19 مقابل 33] علاوة على انتخاب 145 امرأة مقابل 30 في المجلس السابق، كما سجلت نسبة المُشاركة ارتفاعًا حيث بلغت 42.36% مقابل 37.67% في انتخابات 2007، ويبلغ عدد الناخبين المُسجلين 21,6 مليون ناخب.