لا يدور أي حديث عن أسعار السلع الأساسية و الغذائية فى العالم، الا ودار حول أسعار النفط و الدولار والان و مع قوة الدولار الحالية يمكن ان نتخيل الوضع بالنسبة لاسعار السلع الاساسية العالمية ، فقد ارتفع الدولار نحو 7.7 % حتى الان بعد مرور نحو 7 اشهر من هذا العام، بل زادت قوته فقط بنحو 1.7 % في يوليو وحده… وانعكس هذا بالتالى على اسعار المعادن الثمينة التى تشهد الاسوأ، فقد انخفضت أسعار الذهب 8.1 % حتى الان في عام 2015. واتبعت أسعار الفضة نمطا مماثلا، وانخفض 6.8 %هذا العام، ليصل سعر الاونصة الفضية إلى أدنى مستوى جديد له عند 14.63 دولار يوم الاثنين الماضى. وبالنسبة لسوق النفط، تشهد اسعار النفط أسوأ انهيار لها منذ الأزمة المالية لعام 2008.. فعلى سبيل المثال انخفضت أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط – الخام القياسى الامريكى – 48.5 % من قيمتها خلال العام الماضي.. ولكن معظم المستثمرين لا يعرفون أن النفط ليس هو الخاسر الأكبر من بين كل السلع الأكثر شيوعا، فعام 2015 هو الاكثر عثرة حتى الان لاسعار السلع العالمية الاخرى، حيث ان معظمها مسعر بالدولار الامريكى ، ومع تحسن اداء الدولار، تضعف ايضا أسعار السلع لأن المنتجات الأساسية تصبح أكثر تكلفة لمستخدمي العملات الأخرى. كذلك الامر مع سلع الطاقة الرئيسية الاخرى و هى الفحم والغاز الطبيعي، والتى تراجعت أيضا اسعارها في عام 2015، فقد هوت العقود الآجلة لفحم الأبلاش فى بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) نحو 18.8 % في عام 2015 و ذلك نتيجه تزايد شركات الطاقة التى تنتقل للعمل بالغاز الطبيعي. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) ان استخدام الفحم سينخفض بنسبة 7 %هذا العام. وعلى الرغم من رؤية زيادة انخفاض استخدام الفحم، الا ان أسعار الغاز الطبيعي لا تزال تنخفض خاصة بسب الطقس الدافى وزيادة المعروض ، محققة هبوطا بلغ 6.6 % هذا العام . ومع استمرار أسعار السلع بالانخفاض إلى أسفل في جميع المجالات، يدور الان السؤال في أذهان المستثمرين، هل سيستمر الامر على ما هو عليه النصف الثانى من عام 2015؟. يجيب على هذا احدث تقرير صادر عن البنك الدولى فى شهر يوليو الذى يفيد "بقاء أسعار السلع الأساسية ضعيفة في عام 2015 على الرغم من الاحتمال الطفيف لانتعاش أسعار النفط ".. ففى التقرير الخاص بالتحديث الربع سنوي عن حالة أسواق السلع الدولية ، رفع البنك الدولى توقعاته بالنسبة للنفط الخام من 53 دولارا للبرميل في أبريل إلى 57 دولارا للبرميل بعد أن ارتفعت أسعار النفط 17 في المئة في الربع من أبريل الى يونيو، وفقا لأحدث توقعات البنك سلعة الأسواق،و تشير تقارير البنك الدولي أن أسعار الطاقة ارتفعت 12 في المئة في الربع الأول، مع زيادة اسعار النفط الطفيفة ، قابله انخفاض في اسعار الغاز الطبيعي بنسبة 13%، وأسعار الفحم بنسبة 4 في المئة. ومع ذلك، يتوقع البنك ان ينخفض متوسط أسعار الطاقة 39 في المئة عن مستويات 2014. . حيث من المتوقع انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في جميع الأسواق الرئيسية الثلاثة،بامريكا ،و أوروبا، وآسيا، كذلك ستنخفض أسعار الفحم 17 في المئة. وبعيدا عن اسعار سلع الطاقة، تفيد تقارير البنك الدولي تراجع 2 في المئة في أسعار السلع عامة خلال الربع الحالى ، و من المتوقع انخفاض فى متوسط أسعار السلع عامة 12 في المئة دون مستويات 2014 هذا العام. ويقول "جون بفيز John Baffes" ، كبير الاقتصاديين والمؤلف الرئيسي لتقرير توقعات الأسواق " لقد كان الطلب على النفط الخام أعلى من المتوقع في الربع الثاني. وعلى الرغم من الزيادة الهامشية في توقعات السعر لعام 2015، الا انه مع المخزونات الكبيرة وارتفاع الانتاج من أعضاء أوبك يوحي بان الاسعار من المرجح أن تظل ضعيفة على المدى المتوسط". كذلك فان الاتفاق النووى الجديد بين ايرانوالولاياتالمتحدة والحكومات الغربية الأخرى، إذا ما تم تنفيذه، سوف يخفف العقوبات عن طهران ، بما في ذلك القيود على صادراتها من النفط. مع المخاطر السلبية و التوقعات العالية بشان زيادة إنتاج النفط من خارج أوبك (بدعم من انخفاض تكاليف الانتاج) ومع استمرار زيادة انتاج أوبك ، على الجانب الاخر تتكثف الضغوط التصاعدية المحتملة ايضا بارتفاع مخاطر اغلاق عدد من منصات النفط التشغيلية عالية التكلفة ، حيث انخفضت العمليات في الولاياتالمتحدة بنسبة 60 في المئة منذ بلغت أعلى مستوى لها فى شهر نوفمبر 2014،كذلك هناك تاثيرالتوترات الجيوسياسية. وفي اطار تقييم الاسعار ، يهتم التقرير بتقييم الأدوار التي تقوم بها الصينوالهند في استهلاك السلع العالمية، و يقول ان كلا من الصينوالهند لعبا دورا هاما في دفع عجلة الاستهلاك العالمي للسلع الصناعية و الغذائية خصوصا منذ وقت مبكر لبداية الالفية الجديدة، فالطلب من الصين، والهند إلى حد ما بشكل أقل، قد ادى على مدى العقدين الماضيين للرفع بشكل كبير من الطلب العالمي على المعادن والطاقة – خاصة الفحم – ولكن تاثيرهما كان أقل من ذلك بالنسبة للسلع الغذائية. . فقد ارتفع استهلاك الصين من المعادن والفحم إلى ما يقرب من 50 في المئة من الاستهلاك العالمي، بينما كان مثل استهلاك الهند 3 في المئة للمعادن، و9 في المئة من الفحم. وتعكس هذه الأنماط نماذج النمو المختلفة وأنماط الاستهلاك للسلع الأساسية في البلدين. وإذا تمكن البلدين من اللحاق بمستويات نصيب الفرد من استهلاك السلع فى منظمة التعاون الاقتصادى و التنمية OECD- منظمة الدول الغنية – ، أو إذا تحول النمو في الهند نحو الصناعة، فان الطلب على المعادن والنفط والفحم يمكن أن يظل قويا. في المقابل، بالنظر إلى أن مستوى استهلاك الفرد من المواد الغذائية في الصينوالهند مقارنة مع العالم، سنجد ان الضغوط على أسعار السلع الغذائية من المرجح أن تخف، حيث النمو السكانى بالدولتين – والذى يعد من المحددات الرئيسية لاسعار السلع الغذائية العالمية -يتراجع مؤخرا ، وبالتالى سيتباطأ الطلب على الغذاء وتقل الاسعار.