لاشك أن الشعب المصري سيدفع الثمن غاليا طالما استمرت الأوضاع في سيناء على حالها دون تغيير حقيقي. فنظام مبارك المخلوع كان قد باع القضية وتعاملت حكوماته المختلفة خلال ثلاثين عاما مع مسألة سيناء، على مستوى الكلام، وإلا فان من بيدهم الأمر الآن "حكومة شرف تحديدا" عليهم أن يقدموا للرأي العام المصري ماذا حدث في المشروع القومي لسيناء المفترض أن يكون قد تم الانتهاء منه تماما عام 2017، فنحن على مقربة من هذا العام "7102م" فما حدث؟! ما الذي انجز؟! وما الذي لم ينجز؟! ومن خلال متابعتي لملف سيناء، فان حكومات حسني مبارك كلها متهمة بالخيانة العظمى، وحسني مبارك نفسه متهم بالتفريط في المصالح العليا في مصر وبالتالي هو متهم بالخيانة العظمى، لأنه فرط في تنمية سيناء، واختذلها فقط في "شرم الشيخ" كمنتجع له ولصديقه حسين سالم، وأنجاله وأصدقائهم وفي المقدمة جمال عمر وآخرون وكلهم واجهات لاسرة مبارك "أكبر عنصر فساد في تاريخ مصر".. وقد نسى النظام المخلوع أو تناسى أن سيناء منطقة زراعية معدنية صناعية، فمساحة هذا الجزء الغالي من مصر نحو 06 الف كم2، وهي تعادل نحو 6٪ من مساحة مصر كلها. وتقع سيناء في أخطر مثلث استراتيجي في العالم. فهي تقع على أكبر ممر مائي في العالم هو قناة السويس وأخطر الممرات لانه يقع في القلب من العالم. وتقع برأسها الجنوبية على ممري خليج السويس وخليج العقبة الذي يمكن ان يكون جسرا مع المملكة العربية السعودية ، وهو ما رفضه حسني مبارك بكل أسف. وفي الشمال حيث ممرات التواصل مع قطاع غزة والقضية الفلسطينية، فضلا عن الحدود مع دولة اسرائيل الاستعمارية. والثابت تاريخيا وعلميا مع هذه المنطقة ما يلي: 1 أن غالبية الحملات العسكرية على مصر جاءت من الشرق وتحديدا من سيناء "بوابة مصر الشرقية"، تصل إلى نحو 09٪. 2 أن غالبية اساتذة الاستراتيجية والفكر التنموي الوطني، واساتذة السكان، يؤكدون جميعا ان الحماية الاستراتيجية لأمن مصر وحماية سيناء من تعرضها للاحتلال مرة أخرى، تكمن في الاستيطان البشري والتنمية الشاملة وليس في مجرد الوجود العسكري فحسب وفي اطار الظروف التي تتعرض لها سيناء بين حين وآخر، من زعم لوجود تنظيمات القاعدة الوهمية، وماهم إلا مجموعات البلطجية من صنع نظام مبارك، ومن تجار مخدرات ومهربي أسلحة لهم صلة برموز حكم مبارك الفاسد، فان الكلام الجد، يكمن في طرح مشروع متكامل لتنمية سيناء ويختصر الجهد والزمن، ويحمي البوابة الشرقية لمصر حاضرا ومستقبلا وللأبد. أولا: التنظيم الاداري والسياسي: حيث أقترح مايلي: 1 أقترح أن تكون سيناء محافظة واحدة لها محافظ واحد فقط، يكون مقره وسط سيناء أي في المنطقة الوسط التي يطرحها البعض لتكون محافظة ثالثة وكأن مهمة المحافظ الاشراف على الزراعة وليس ادارة اقليم، وان تكون المحافظ سلطاته رئيس الوزراء في محافظة سيناء. 2 أقترح تقسيم المحافظة لثلاثة أقسام: الشمال والوسط والجنوب. 3 أقترح أن يعين نائب محافظ له اختصاصات المحافظ مباشرة في نطاق عمله، لكل قسم من الاقسام الثلاثة. 4 أقترح طائرة خاصة للمحافظ به للانتقال الفوري في جميع أنحاء المحافظة بأسرع ما يمكن. 5 أقترح أن يكون هذا المحافظ ذا خلفية عسكرية لطبيعة هذا الجزء. 6 أقترح ان يكون نواب المحافظ الثلاثة مدنيين ومن أصحاب الخبرات في المجال المحلي ومن الكفاءات المشهود لها بالنزاهة. 7 يخصص جزء خاص بهذه المحافظة في قانون الحكم المحلي المزمع اعداده. ثانيا: المشروع التنموي لسيناء: وهنا فأنني اقترح مايلي: 1 برنامج زمني مدته عشر سنوات تبدأ من الآن وينتهي العمل به في 0202م.. 2 برنامج التنمية برنامج شاملا لا يقتصر على جانب دون آخر، فبالاضافة إلى السياحة التي تتطلب اعادة النظر فيها لصالح الشعب، يستلزم البرنامج التنموي مجالات الزراعة ثم الصناعة، ثم التعدين. 3 برنامج اسكان للشباب للاسهام في جذبهم لمشروع التنمية. 4 برنامج خدمات شاملة الجوانب التعليمية والصحية والثقافية.. الخ. 5 التخطيط لاقامة مجتمعات عمرانية جديدة تقوم على الجذب السكاني في مجالات التنمية. 6 اقامة جامعة بسيناء يكون مقرها الاساسي الجزء الشمالي على أن يكون لها فرعان في الوسط والجنوب، يمكن فصلهما فيما بعد استكمال مقوماتهما.. وفي تقديري الأمر يحتاج إلى النقاش الجدي والترجمة العملية، وبدلا من اقامة كيانات جديدة مثل الهيئة العليا للتنمية في سيناء وغيرها، فان التفكير العملي يستلزم ترجمة ما طرحت إلى برنامج تنفيذي فوري. وقد أحسنت الحكومة والمجلس العسكري حينما ذهبت في تعيين رجل عسكري محافظا للوادي الجديد الذي يتطلب الأمر اعمالا لكفاءة هذا الرجل تقسيما اداريا وتنمويا مثلما طرحت لسيناء، علما بأن الوادي الجديد يوازي سدس "1/6" مساحة مصر وبها كل الخير وتراخينا عمداً، والله المستعان. ولايزال الحوار متصلا. نقلا عن جريدة الأخبار