تعد "مؤسسة السميثسونيان" Smithsonian Institution بواشنطن دي سي بالولايات المتحدة، أبرز وأكبر وأعظم مجمع للمتاحف ومراكز البحوث في العالم، إذ تضم 16 متحفا، و4 مراكز بحثية، منها المتحف القومي للتاريخ الطبيعي، متحف الطيران والفضاء، متحف الفنون الأفريقية، متحف التاريخ الأميركي، متحف الفنون الجميلة الأميركية. ففي عام 1826 قام العالم البريطاني الأصل جيمس سميثسون(1765-1829)- وكان ثريا جدا بالوراثة - بصياغة وثيقة وصيته، فمنح ابن أخيه هينري جيمس هنجرفورد Henry James Hungerford، وريثه الوحيد آنذاك، كل ممتلكاته وثرواته، واشترط إذا مات حفيده دون ورثة - وهو ما حدث بالفعل عام - 1835 أن تؤول هذه الممتلكات للولايات المتحدةالأمريكية، بغرض بناء مؤسسة تحمل اسمه في واشنطن بهدف زيادة ونشر العلم والمعرفة بين البشر، وسميت المؤسسة "مؤسسة السميثسونيان". يذكر أن جيمس سميثسون عاش في انجلترا وتعلم في كمبريدج ونشأ وتربى على احترام وتقدير العلم والبحث العلمي، ولهذا لقب برجل العلم، وله مقولة شهيرة "ان الإنسان الذي يستطيع - بالملاحظة والبحث العلمي واجراء التجارب - أن يضيف للمعرفة البشرية هو عضو مهم ونافع في المجتمع". وبعد وفاة جيمس سميثسون بستة أعوام عرض الرئيس الأميركي آندرو جاكسون Andrew Jackson وصيته الخاصة بتراثه على الكونجرس، الذي صدق في 1 يوليو (تموز) عام 1836على منح الشعب الأميركي هذا الإرث واعتباره وقفاً خاصاً للأعمال الخيرية. وقدرت ثروته بما يربو على 100,000 ألف قطعة ذهبية بما يعادل 500,000 ألف دولار آنذاك. وبعد ثمانية أعوام من الجدل المحموم صدر قرار من الكونجرس ووقع عليه الرئيس الأميركي جيمس بولك James K. Polk في 10 أغسطس عام 1846 بإنشاء "مؤسسة السميثسونيان" وجعلها وقفاً تشرف عليه لجنة من الأوصياء وسكرتارية. ونبدأ في سلسلة متاحف السميثسونيان، بالحديث عن المتحف القومي للتاريخ الطبيعي. القومي للتاريخ الطبيعي: يمثل المتحف القومي للتاريخ الطبيعي بأميركا جزءاً من " مؤسسة السيمثسونيان، وقد تم افتتاح المتحف عام 1910. ويتميز مبنى المتحف بقبته الخضراء، في إشارة الى اللون الأخضر الغالب على الطبيعة. وأقيم المبنى الرئيسى للمتحف على أرض مركز التسوق القومي (المول) National Mall، حيث تبلغ مساحته الكلية 1.5 مليون قدم مربع ، بينما تصل المساحة الخاصة بالمعارض وعامة الجمهور الى 325 ألف قدم مربع . ويعمل بالمتحف أكثر من 1000 شخص. تكمن رسالة المتحف في تشجيع روح الاكتشاف وتنمية ملكة حب الاستطلاع لدى الزائرين وتعليمهم ومدهم بالكثير من المعرفة عن الطبيعة وعجائبها التي لا تحصى ولا تعد، وذلك من خلال المعارض التي يقيمها المتحف بشكل دائم والبرامج والمشاريع العلمية البحثية التي لا نظير لها في العالم، وأيضاً من خلال البرامج التعليمية المتنوعة. كما تحرص إدارة المتحف على توصيل رسالة المتحف، ليس على المستوى القومي فقط وإنما على المستوى العالمي من خلال شبكة تفاعلية من المواقع الإلكترونية، يمكن لأكثر من 600 ألف من مستخدمي الإنترنت زيارتها وتصفحها في سهولة ويسر، الأمر الذي يجعل من المتحف مركزاً تعليمياً عالمياً متميزاً. تضم مقتنيات المتحف التي تم تجميعها وتوثيقها بمهارة فائقة أكثر من 125 مليون عينة من مختلف العلوم الطبيعية وقطع فنية تمثل مختلف الثقافات، منها على سبيل المثال لا الحصر30 مليون حشرة تم تثبيتها في صناديق صغيرة جداً، 4.5 مليون عينة من النباتات التي تم ضغطها على قطع من الورق، 7 ملايين سمكة محفوظة في سوائل داخل أوان زجاجية و2 مليون قطعة فنية تمثل التراث الثقافي للبشرية، كما يقدم المتحف خدمة استعارة لمقتنياته تصل الى 3.5 مليون عينة سنوياً. وتصف نشرات المتحف هذه النماذج بالقول بأنها عينات من كوكب الأرض ومن الأشياء التي يصنعها ساكنوه، ومنها صخور ومعادن من النيازك وحفريات عمرها ملايين السنين، وماسات نادرة، منها أكبر ماسة في العالم، والديناصورات والفيلة، وتقول نشرات المتحف بأن العينات التي تراها تلعب دوراً مهما في البحث العلمي، كما أنها مصدر أفكار لأبحاث المستقبل. ويحتوي المتحف على العشرات من قاعات العرض المنظمة، منها على سبيل المثال: - قاعة الحفريات وتاريخ الأرض: وتشمل موضوعات مثل كيف بدأت الحياة، وما هي أقدم حفرية، ومتى هجرت الحيوانات والنباتات البحار الى سطح الأرض، وجذع أقدم شجرة، وفك أقدم قرش، بالإضافة لنماذج متعددة لديناصورات. - قاعة تنوع الحياة: وتتضمن نماذج لأنواع الثدييات السامة، وأساليب معيشة الكائنات الحية، مثل كيف تقفز الضفدعة، وكيف تأكل الترانشولا (أحد أنواع العناكب )، وما هي الكائنات التي تعيش في أعماق البحار في ظلام دامس على عمق كيلومترين. - قاعة الحشرات: وتضم الآلاف من الحشرات الحية، وأساليب معيشتها، مثل كيف تأكل وتتكاثر وكيف تفيد أو تضر الإنسان. - معمل الجينات للأطفال: ويضم متخصصين يقومون بشرح الجينات للأطفال. ويعد متحف التاريخ الطبيعي بما يقدمه من مشاريع بحثية وبرامج تعليمية وورش عمل ومعارض على مدار العام وما يحتوي عليه من ملايين المقتنيات الطبيعية النادرة، واحداً من أعظم مستودعات التراث العلمي والثقافي في العالم.