متاحف مجهولة.. منسية لا يعلمها أحد.. بعيدة عن الأضواء والشهرة.. تجاوز عمر بعضها المائة عام تضم مقتنيات تاريخها يرجع إلي عصر ما قبل التاريخ وحتي أواخر العصر الفرعوني.. ولكن للأسف يتجاهلها المجلس الأعلي للآثار ووزارة الثفافة، لا يعترفون بها ويتركونها تواجه النفق المظلم برغم أن من يشرفون عليها متخصصون، سواء كانوا مهندسين أو زراعيين إلا أنها تفتقد وسائل الأمان بل معرضة للسرقة في أي وقت لعدم وجود أي حماية لها بل تكاد تكون خالية من أجهزة الإنذار والإطفاء بل تخلو من كاميرات المراقبة. نحاول أن ندق ناقوس الخطر قبل أن تحدث سرقات أخري في هذه المتاحف التي تواجه الأمرين بسبب قلة الميزانية مما يجعلها لا تطور متاحفها كما أن زائريها سواء المصريين أو الأجانب يكادون يعدون علي الأصابع في بعض الأحيان.. فمثل هذه المتاحف تحتاج منا إلي مزيد من الاهتمام خاصة أنها قد تصبح مصدرا من مصادر الدخل القومي لو أعدنا النظر فيها مرة أخري. ومن بين هذه المتاحف «المتحف الجيولوجي» الذي يتبع الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والمتحف الزراعي ومتحف السكة الحديد ومتحف البريد المصري ومتحف الشمع ومتحف الأحياء المائية وأخيرا متحف المخطوطات. إذا نظرنا إلي هذه المتاحف سوف نجد أن بعضها مر عليه أكثر من مائة عام والبعض الآخر يضم مقتنيات يزيد عمرها علي مائة عام..المتحف الجيولوجي كما يقول «محمد الحكيم» مدير عام المتحف: أول متحف من نوعه في الشرق الأوسط حيث أنشئ عام 1901 عقب إنشاء الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية عام 1896 والتي أمر بإنشائها الخديو إسماعيل حيث كان الغرض من إنشاءه دراسة كل أنواع الصخور والتربة بالأراضي والرواسب المعدنية مما يضفي قيمة اقتصادية علي هذه الأراضي فضلا عن أن المتحف كانت من أهم واجباته تسجيل العينات المختلفة من الصخور والمعادن والحفريات، حيث كانت أولي العينات التي عرضت بالمتحف هي العينات التي جمعت من الفيوم لحفريات الحيوانات الفقارية الثديية عام 1898 وأرسلت إلي إنجلترا عام 1899 لتعريفها ودراستها. ويستطرد قائلا: المتحف يضم 3 صالات متخصصة الأولي للمعادن والصخوربأقسامها الثلاثة «النارية والمتحولة والرسوبية». أما الصالة الثانية وهي للحفريات الفقارية التي عاشت في أزمنة جيولوجية مختلفة ومن أبرزها مجموعة حفريات عثر عليها في الفيوم حيث يعتبر معمل الحفريات الموجود بالمتحف من المعامل النادرة والفريدة علي مستوي المنقطة العربية. أما الصالة الثالثة والأخيرة التي يضمها المتحف فهي عبارة عن صالة «الحفريات اللافقارية» وهي عبارة عن بقايا الكائنات الحيوانية أو النباتية التي كانت تعيش في العصور الجيولوجية المختلفة كما يضم المتحف «نيزكا» وهو أحد الصخور النادرة من كوكب المريخ والذي سقط علي قرية نخلة إحدي قري محافظة البحيرة عام 1908 ويعد هذا النيزك واحدا من ضمن 33 فقط علي مستوي العالم. وعلي بعد أمتار قليلة من وزارة الزراعة ومعاهدها الزراعية المتخصصة تجد المتحف الزراعي الذي يشغل مساحة 30 فدانا أي حوالي 25 ألف متر مربع تشغل منها فقط 20 ألف متر مربع مساحة متاحفه المتخصصة داخله والتي تضم متحفا خاصا للزراعة المصرية القديمة «العصر الفرعوني» ومتحفا للقطن ومتحف للمقتنيات التراثية الخاصة بقصر الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل فضلا عن المتحف اليوناني الروماني والقبطي والإسلامي ومتحف البيئة والحياة البرية ومتحف البهو السوري ومتحف الخبز وأخيرامتحف المشغولات النحاسية والمعادن، أما بقية مساحة المتحف فهي عبارة عن أشجار ونباتات نادرة تحيطها حدائق. والمذهل أن جميع هذه المتاحف قيمة تذكرتها لا تتعدي «10 قروش» للمصريين والأجانب هذا ما قاله لنا بحسرة المهندس «محمد الحسيني العقاد» وكيل الوزارة المشرف العام علي المتحف قائلا إننا نستقبل يوميا من «30 إلي 50 فردا» من طلبة المدارس ، مؤكدا أن السبب في عدم زيادة تعريفة المتحف هو القانون الحالي الذي صدر في 21 نوفمبر 1927 بإنشاء «متحف فؤاد الأول الزراعي» ليكون أول متحف زراعي علي مستوي العالم ولكن نحاول تعديل هذا القانون بحيث نستطيع زيادة سعر التذكرة إلي جنيهين للفرد، كما أن المتحف الزراعي ليس متحفا واحدا كما يظن البعض وإنما يضم بداخله 8 متاحف أقدمهما متحف الزراعة المصرية الذي يحكي تاريخ الزراعة المصرية من عصر ما قبل التاريخ وحتي نهاية العصر الفرعوني، حيث يضم المتحف 3 آلاف قطعة أثرية، حيث يتكون المتحف من دورين يخصص الأول منهما لعرض أدوات الصيد والمحاصيل الحقلية والبستانية ومحاصيل الغلال وكذلك عرض كميات من القمح التي يرجع تاريخ بعضها إلي أكثر من سبعة آلاف سنة كما توجد عينات نادرة من المنسوجات الكتانية التي كان يطلق عليها الكتان الملكي. أما الطابق الثاني فخصص لبعض الحيوانات والطيور المتحجرة التي كان يصطادها المصري القديم ومنها البط والأوز وطائر أبو المنجل وهو من الطيور المقدسة التي يرمز لها بإله العلم والحكمة، أما متحف الثروة النباتية فهو يضم عينات للمحاصيل الحقلية سواء كانت حبوبا أو بقوليات أو محاصيل زيتية وكذلك عينات للمحاصيل البستانية أما متحف القطن فهو يحكي تاريخ القطن المصري منذ زراعته في عهد محمد علي وحتي الآن، حيث يضم مخطوطات وفرامات نادرة عن القطن بل وأقمشة مطرزة نادرة من العصور القديمة . • متحف السكة الحديد مبان وقلاع وعربات قطار قديمة متناثرة علي طول المتحف الذي يضم نماذج نادرة لقاطرات تعبر عن أزمة تثير الذكريات بدءا من قطار الفحم فالبخار ثم الكهرباء وأخيرا قطارات فائقة السرعة، هكذا بدأت «حكمت إبراهيم» مديرة متحف السكة الحديد كلامها معنا قائلة إن المتحف يحتفظ بنموذج لأول قاطرة دخلت مصر تعمل بالديزل في عام 1855 ومركب فرعوني لمنقرع يرجع لقبل الميلاد ب2000 عام وبداخله حجرة ذهبية، هذا فضلا عن أن المتحف يضم أكثر من «700» نموذج من القاطرات والمعدات التي تدخل في تركيب القاطرات . مستطردة أن الزائر يمكن أن يشاهد في أحد أقسام المتحف ماكينة الطبع الأصلية التي كانت تستخدم في طبع التذاكر. ورفضت التعليق علي عدم ضم المتحف الذي يرجع تاريخه إلي 1933 للآثار قائلة: إننا لم نطلب رسميا لأن المتحف يتبع هيئة السكة الحديد ولكن دور وزارة الثقافة حصر التراث ولا أعتقد أن هذا المتحف لا يعتبر تراثا فيكفي أنه يضم العشرات من الوثائق والخرائط النادرة التي تظهر التطور في وسائل النقل، فضلا عن نماذج القاطرات القديمة. • متحف البريد مساحته لا تتجاوز عدة أمتار.. لا تجد لافتة تعلن عن أهمية هذا المتحف الذي يعد جزءا من مبني الهيئة القومية للبريد، ومع ذلك فإن المتحف يجذبك منذ الوهلة الأولي، حيث تعد طوابع البريد أحد المقتنيات الرئيسية في المتحف ويظهر عليها عدد من الحكام كالخديو إسماعيل والملك فاروق، فضلا عن تماثيل صغيرة لرجال البريد بزيهم الخاص القديم، حيث يقول «أحمد الشاذلي» مسئول المتحف إن هذا المتحف يعد مرجعا تاريخيا للبريد المصري بداية من العصر الفرعوني حتي الآن، حيث افتتح رسميا في عام 1940 بعد أن استكملت أدواته ومعروضاته، حيث يضم المتحف «10 آلاف» طابع تقريبا. • متحف الأحياء المائية أما متحف الأحياء المائية بالإسكندرية فهو تابع لوزارة البحث العلمي حيث أنشئ المتحف كما يقول لنا «خميس النمر» مدير عام المتحف عام 1930 حيث كان يشرف عليه معهد علوم البحار والمصايد إشرافا كاملا ثم انفصل عنه عام 1969 وأصبح مستقلا بذاته حيث يضم المتحف أسماكا نادرة من البحر الأحمر وبعض الدول الأفريقية، بالإضافة إلي مجموعة محنطة لمختلف الأسماك كالحوت والدولفين وبعض الشعب المرجانية والصدفات. وأضاف: المتحف ليس أثريا وإنما هو علمي ترفيهي وليس من حق الآثار الإشراف عليه لضرورة تخصص القائمين عليه وخاصة أصحاب الخبرات العملية في المصايد والبحيرات. • متحف المخطوطات وهو أحد المراكز الأكاديمية الملحقة بمكتبة الإسكندرية..يقول «أحمد موسي» - رئيس قسم العرض المتحفي بالمتحف - إنه يضم مخطوطات نادرة ومنها أقدم نسخة مخطوطة من الإنجيل باللغة العربية وهي معلقة علي جدارية في مدخل المتحف مكتوبة بالخط الكوفي ويرجع تاريخ هذه المخطوطة إلي عام 482 هجريا وهي مكتوبة علي الرق وكانت محفوظة بدير سانت كاترين بالإضافة إلي صورة «جدارية» تمثل ثلاثة نماذج من مخطوطات للقرآن الكريم. وأضاف أن المتحف يضم أيضا مجموعة من الكتب المنمنمة والتي يبلغ عددها 154 كتابا منها طبعة قديمة من التوراة باللغة العربية أهدتها إلي المتحف رئيسة الطائفة اليهودية في مصر بالإضافة إلي مخطوطة باللغة العبرية داخل علبة خشبية ومجموعة من التراجم لمعاني القرآن الكريم بمختلف اللغات. محمد عبدالفتاح - رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلي للآثار - قال لنا إن المجلس ليس منوطا به الإشراف علي هذه المتاحف لأنها ملك الهيئات والوزارات التابعة لها، مشيرا إلي أنها ليست جميع مقتنياتها أثرية. وأضاف: قد تكون لهذه المقتنيات قيمة تاريخية ولكنها لا ترقي لدرجة آثار يمكن الاحتفاظ بها.