أثار قرار المحكمة الدستورية تعليق الجلسات بالمحكمة إلى أجل غير مسمى، حالة من الجدل، لأن المحكمة تنظر عددا من القضايا المهمة التى من شأنها أن تغير المسار الذى يسير فيه الرئيس وجماعته، كدعوى «حل مجلس الشورى» ودعوى «بطلان الجمعية التأسيسية»، وهو ما اعتبره البعض انتصارا للجماعة على القضاء. من جانبه علق مصدر بالمحكمة الدستورية العليا، فضل عدم ذكر اسمه، على مسألة تعليق العمل، ل«الدستور الأصلي» بقوله، إن قضاة المحكمة الدستورية لم يعد أمامهم خيار الآن إلا تعليق جلساتهم، لوجود عائق مادى يمنعهم من الاجتماع وانعقاد الجلسات، مضيفا «هنجتمع ازاى ونحكم ازاى؟ هل المطلوب أن ينزل القضاة ليتم اغتيالهم عشان يعقدوا جلساتهم؟ وقد كانت التهديدات بالقتل لهم بشكل واضح وصريح فى ما حدث بالأمس».
المصدر أضاف «الدولة تُدار بالبلطجة الآن، فحين تكون الدولة غير قادرة على حماية مؤسسة سيادية مثل المحكمة الدستورية العليا، ومش قادرة تحمى قضاتها من أجل أن يمارسوا دورهم المنصوص عليه فى الدستور، فماذا يفعل القضاة؟».
المصدر أشار إلى أن المحكمة كانت ستنظر فى جلساتها أمس 31 دعوى غير الدعويين الأخريين، وقال «ما ذنب المواطنين حتى تتعطل مصالحهم؟»، مؤكدا أن ما حدث أمام المحكمة أمس جريمة يعاقب عليها القانون فى المادة «98» عقوبات، ويصل العقاب إلى السجن المشدد 10 سنوات، مضيفا «كيف يمكن لهم أن يتسلقوا أبواب المحكمة وأسوارها ويقف الأمن موقف المتفرج؟»، وعن إمكانية عقد الجلسات خارج المحكمة قال المصدر «هذا لا يجوز، لأن النص الدستورى يقول بأن تعقد الجلسات فى مقر المحكمة».
أما المحامى والفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى فقال إنه كان يأمل أن تصدر المحكمة أحكامها رغم ما حدث، وأضاف أنه كان من الممكن بشكل أو بآخر عقد جلساتها حتى مع منع أعضائها من الدخول، ولو اضطُرت إلى عقدها فى أى مكان، لأن المحكمة الدستورية تحديدا لديها قضايا مهمة، وبقرار تعليق الجلسات فإن الإخوان تمكنوا من تنفيذ مأربهم وأهدافهم.
وحذر الإسلامبولى من تكرار نفس المشهد غدا الثلاثاء أمام مجلس الدولة، وقال إن الخطر أن يتكرر الأمر فى أثناء نظر 25 دعوى بمجلس الدولة تخص إلغاء الإعلان الدستورى، وقال إن استمرار الأوضاع بهذا الحال أمر ينذر بكارثة حقيقية.
نقيب المحامين سامح عاشور قال إن محاصرة المحكمة الدستورية العليا ما هو إلا حلقة فى سلسلة الإرهاب التى يمارسها المنتمون إلى تيار الإسلام السياسى مع المؤسسات المختلفة بالدولة، ومحاولة لترهيب القضاة وفرض السيطرة عليهم، وهو ما يؤكد أننا فى دولة لا تحترم القانون ولا القضاء، مضيفًا أن تجرُّؤ رئيس الجمهورية على القانون وكذلك على السلطة القضائية هو ما أعطى الفرصة لمثل هؤلاء للتعدى على جلال المحكمة الدستورية العليا، وتهديد أعضائها ومنعهم من ممارسة عملهم، مؤكدًا أن الفترة المقبلة سوف تشهد مثل تلك التهديدات وأعمال العنف والإرهاب والبلطجة ضد القضاة، لافتًا إلى أنه لا بد من وقفة حاسمة ورادعة لهؤلاء لعدم تكرار مثل تلك الحادثة، لافتًا إلى أن تعليق المحكمة للعمل هول الحل الوحيد أمامها متى فشلت فى ممارسة عملها بأمان واستقلالية، لأن الحلول الوسط فى التعامل مع مثل تلك الواقعة لن تكون مجدية. رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية المستشار أشرف زهران قال ل«التحرير» إن ما حدث من تظاهرات وتهديدات من بعض المنتمين إلى تيار الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين لأعضاء المحكمة الدستورية العليا أمر إرهابى، ولا يصحّ أن يحدث مع القضاة، وأن الهمجية التى يتم التعامل بها مع أعضاء المحكمة الدستورية العليا لا بد من التعامل معها بشىء من الحزم، والرد عليها بما يتناسب مع حجم تلك الواقعة، مضيفًا أن ترهيب القضاة يُعَدّ مساسًا لهيبة القضاء وهدم للسلطة القضائية، الأمر الذى ينبغى أن يُرَدّ عليه بالقانون، وعدم التخاذل فى التعامل مع هؤلاء «المجرمين» حسب وصفه.