أكد عدد من القضاة أن بيان المحكمة الدستورية العليا كان معبرا وقويا ويبعث برسالة إلى الرئيس بأن المحكمة ليست لقمة سائغة. نائب رئيس مجلس الدولة والمتخصص فى القانون الدستورى المستشار أحمد وجدى، أكد أن العبارات التى استخدمها نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار ماهر سامى، للرد على افتراءات الرئيس وقيادات جماعة الإخوان المسلمين فى حق قضاة المحكمة الدستورية العليا قوية ومعبرة، مضيفا أن بيان «الدستورية» انطوى على رسالة قوية جدا إلى رئيس الجمهورية والحزب الحاكم، مفادها أن المحكمة ليست لقمة سائغة يمكن ابتلاعها، لافتا إلى أن «الدستورية» تعمدت أن يلقى بيانها المتحدث باسمها لا رئيس المحكمة حتى يتاح المجال للمحكمة برئيسها وكل أعضائها التصرف فى الدعاوى المرتبطة بالإعلان، والتى ستبدأ المحكمة الفصل فيها ابتداءً من جلسة الأحد القادم بالفصل فى دعاوى حل مجلس الشورى. وجدى لفت إلى أن توقيت البيان «بعد المليونية بيوم»، يؤكد أن الشعب والقضاة يقفون موقفا واحدا ضد الإعلان الدستورى، ولفت وجدى إلى أن المحكمة تعمدت إحراج الرئيس للمرة الثانية ومطالبته بتقديم أدلته عن قيام المحكمة بتسريب أحكامها، معتبرا أن المسألة ليست شدا وجذبا بين رئيس الجمهورية والقضاة، وإنما الأمر له علاقة بأفكار الجماعة وأدبياتها التى لا تعترف بفكرة الدولة، وإنما بدولة الخلافة والخليفة الذى يعين القضاة، وشدد وجدى على أن بيان «الدستورية» يؤكد أنه لا سبيل أمام قضاة مصر جميعا بمن فيهم شيوخ القضاة الأكثر تحفظا إلا إلزام مرسى على التراجع عن إعلانه، وأوضح وجدى أن مرسى بدأ رئاسته بخطأ دستورى فادح لم يلتفت إلىه الكثيرون، فقام ليس فقط بإلغاء الإعلان الدستورى الأخير الصادر عن المجلس العسكرى فى يونيو الماضى، وإنما قام بتعديله ليحتفظ لنفسه بسلطة البرلمان رغم مخالفة ذلك الأمر كل الأعراف القضائية التى تلزم رئيس الجمهورية فى حال غياب البرلمان بأن يصدر مراسيم بقانون تسمى لوائح الضرورة لمواجهة الحاجة القانونية للبلاد فى غياب البرلمان، على أن تكون تلك اللوائح مؤقتة وقابلة للطعن عليها أمام القضاء، ولا تكون نهائية إلا بعد انعقاد البرلمان ومراجعتها والإبقاء عليها أو تعديلها، لافتا إلى أن رئيس الجمهورية من واقع سلطاته العادية يحق له إصدار مرسوم بقانون دون أن يستولى على سلطة التشريع.
أما المستشار محمود ذكى، فأكد أن مرسى وجماعته لا يدركون أن المحكمة الدستورية العليا حاصلة على المركز الثالث فى حماية الحقوق الدستورية بين المحاكم الدستورية على مستوى العالم، مضيفا أن الرئيس يتعامل بمنطق العمدة وشيخ القبيلة، ولا يعى أن تصريحاته يجب أن تكون محسوبة، مضيفا أنه لا يمكن أن يبدأ الرئيس عهده قائلا «أنا بابى مفتوح للجميع، سأفرج عن عمر عبد الرحمن.. الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، وهذه تصريحات -حسب ذكى- لا ترقى إلى رئيس جمهورية من المفترض أنه يعبر عن كل فئات وطوائف وأيديولوجيات شعبه.
وأوضح ذكى أن أعضاء المحكمة الدستورية فاض بهم الكيل ولا يتكلمون إلا عندما يفيض بهم الكيل، مضيفا أن أبرز الأسباب لخروج بيان «الدستورية» بهذه العبارات القوية هو اتجاه اللجنة التأسيسية بجعل الرقابة على القوانين سابقة، لا لاحقة كما هو الحال الآن بما يعنى أن تعرض القوانين على المحكمة قبل إقرارها وقبل تطبيقها وبيان أوجه العوار الناتج عن التطبيق، ولفت ذكى إلى أن بيان «الدستورية» إلى جانب بيان أقدم محكمة فى مصر «محكمة النقض»، بالإضافة إلى محكمة الاستئناف يؤكد أن القضاة يواجهون مذبحة تفوق ما تعرضوا لها فى عهد عبد الناصر، مضيفا أن محكمة النقض لم يسبق وعلقت عملها كما حدث أمس فى التاريخ المصرى، فسبق واتخذت قرارا بتعليق عملها عام 1969 احتجاجا على ما عرف وقتها بمذبحة القضاة، إلا أنه كان قرارا محدودا ولم يلتزم به جميع قضاة المحكمة وقتها.