تنسيق المرحلة الأولى 2025.. تحذير لطلاب الثانوية العامة غير مسجلي الرغبات: «لن تدخلوا كليات القمة»    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب اليوم السبت 2 أغسطس بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف خيام نازحين شمال خان يونس    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل مطعم بولاية مونتانا الأمريكية    علي معلول يعلن انضمامه ل الصفاقسي التونسي (صورة)    يونس: شحاتة قادر على التطور..وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    تضاؤل فرص لحاق وافد الزمالك الجديد ببداية مشوار الدوري    محافظ سوهاج يطمئن على مصابى حريق مطعم بميدان الشبان ويوجه بدعم طبى عاجل    مشاجرة بين عمال محال تجارية بشرق سوهاج.. والمحافظ يتخذ إجراءات رادعة    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    سقوط مروع لطفل من دراجة نارية في الوادي الجديد    إخلاء سبيل منظم حفل محمد رمضان وعمال الفير ووركس بكفالة 50 ألف جنيه    حيل مذهلة لتحضير فنجان قهوة تركي لا ينسى (كلمة السر في الثلج)    قرارات عاجلة من محافظ سوهاج بعد حريق المطعم    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    رسميا الآن بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 2 أغسطس 2025    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    نجم الزمالك السابق: فترة الإعداد "مثالية".. والصفقات جيدة وتحتاج إلى وقت    الزمالك يحسم صفقة الفلسطيني عدي الدباغ بعقد يمتد لأربع سنوات    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    بيراميدز يستهدف صفقة محلية سوبر (تفاصيل)    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    أخبار × 24 ساعة.. وظائف فى البوسنة والهرسك بمرتبات تصل ل50 ألف جنيه    حماس: اتهامات ترامب باطلة وفندتها الأمم المتحدة    ماسك يؤكد وجود شخصيات ديمقراطية بارزة في "قائمة إبستين"    زفاف إلى الجنة، عريس الحامول يلحق ب"عروسه" ووالدتها في حادث كفر الشيخ المروع    مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة في سيوة    «الجو هيقلب».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: أمطار وانخفاض درجات الحرارة    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    مفاجأة عمرو دياب لجمهور العلمين في ختام حفله: مدفع يطلق «تي شيرتات» وهدايا (صور)    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    عمرو دياب الأعلى استماعا خلال شهر يوليو على أنغامي (صور)    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    "ظهور نجم الأهلي".. 10 صور من احتفال زوجة عماد متعب بعيد ميلاد ابنتهما    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    انتخابات الشيوخ 2025| استمرار التصويت للمصريين بالخارج داخل 14 بلد وغلق الباب في باقي الدول    الشيخ محمد أبو بكر بعد القبض على «أم مكة» و«أم سجدة»: ربنا استجاب دعائى    ترامب: نشرنا غواصتين نوويتين عقب تصريحات ميدفيديف "لإنقاذ الناس"    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد فعاليات اليوم العلمى ل«الفنية العسكرية»    2 جنيه زيادة فى أسعار «كوكاكولا مصر».. وتجار: «بيعوضوا الخسائر»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية بعد أسوأ جلسة منذ أبريل    فريق بحثي بمركز بحوث الصحراء يتابع مشروع زراعة عباد الشمس الزيتي بطور سيناء    مصر تتعاون مع شركات عالمية ومحلية لتنفيذ مشروع المسح الجوي للمعادن    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    إدارة مكافحة الآفات بالزراعة تنفذ 158 حملة مرور ميداني خلال يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخر الاخبار المصرية اليوم : الدستورية العليا .. تاريخ من الصدام
نشر في أخبار النهاردة يوم 21 - 10 - 2012

عادت المحكمة الدستورية العليا إلى بؤرة الضوء مؤخراً بعدما أعلنت رفضها التعديلات الخاصة بنصوصها فى مسودة الدستور الجديد، ليكون صدامها هذه المرة هو الرابع لها خلال هذا العام مع جهات ومؤسسات حاولت الاعتداء عليها.
البداية كانت بمحاولة مجلس الشعب المنتخب بعد الثورة إجراء تعديلات على قانون المحكمة الدستورية، ولكن تم سحبه بعد غضبة قضاة المحكمة، حيث كان يقضى القانون بعزل الأعضاء الحاليين وإعادة تشكيل المحكمة وإلغاء رقابتها على القوانين التى يوافق عليها مجلس الشعب بأغلبية معينة، ومنح السلطة التشريعية حق وقف تنفيذ أى حكم تصدره المحكمة الدستورية العليا يترتب عليه حل مجلس الشعب.
فى الرابع عشر من يونيو أصدرت المحكمة حكمها بحل مجلس الشعب، وبعدها بأيام رفض رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى أداء اليمين الدستورية بعد فوزه أمام المحكمة، لرفضه الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكرى وما تضمنه من تقييد لصلاحياته كرئيس للجمهورية، خاصة فيما يتعلق بسلطة التشريع التى استأثر بها المجلس العسكرى لنفسه.
لم يصمت قضاة المحكمة تجاه هذا العدوان عليها، وأصروا على أن يؤدى الرئيس اليمين الدستورية أمامهم تنفيذا واحتراما للشرعية الدستورية والقانونية، وإلا فقد شرعيته كرئيس للبلاد، وانتصر قضاة المحكمة وحلف الرئيس أمامهم اليمين، لكن ظلت تلك الواقعة بمثابة غصة فى حلقه، فضلا عن أن المحكمة أصبحت عدوا وهدفا لأعضاء مجلسى الشعب والشورى يحاولون الانتقام منها.
بعد حلف اليمين بأسبوع واحد، أصدر الدكتور محمد مرسى قرارا بعودة البرلمان للانعقاد، وهو ما اعتبرته المحكمة تحديا لأحكامها ولدولة القانون.. دافعت المحكمة عن نفسها من خلال حكم آخر بإلغاء قرار الرئيس بعد قبولها لطعن تقدم به جورج إسحاق ضد قرار الرئيس، وصفته المحكمة بأنه منازعة فى تنفيذ حكمها، فقضت بالاستمرار فى تنفيذ حكمها السابق بحل البرلمان.
كانت المحاولة الأخيرة للاعتداء على المحكمة من قبَل الجمعية التأسيسية للدستور التى وضعت نصوصا تتعلق بالمحكمة من شأنها المساس باستقلالها والنيل منها، وهو ما دعا الجمعية العمومية لقضاة المحكمة الدستورية العليا إلى الانعقاد بشكل طارئ، معلنة رفضها جميع النصوص التى تضمنتها مسودة الدستور التى وضعتها الجمعية التأسيسية، وقررت الجمعية الانعقاد الدائم لحين العدول عن تلك النصوص التى تمثل سلبا لاختصاصات المحكمة واعتداء عليها.
ما حدث خلال هذا العام مع المحكمة الدستورية العليا ليس أولى محاولات هدمها، ففى مؤتمر العدالة الأول عام 1986، طالب قضاة تيار الاستقلال وعلى رأسهم الراحل المستشار يحيى الرفاعى ووزير العدل الحالى أحمد مكى بإلغاء المحكمة الدستورية العليا، وجعلها دائرة تابعة لمحكمة النقض.
فشل المؤتمر فى تحقيق ما أوصى به، وربما هذا ما دفع المستشار أحمد مكى الآن إلى إعادة تنفيذها بعد أن أصبح عضوا فى السلطة، وطرح داخل الجمعية التأسيسية فكرة توحيد القضاء لكن تم رفضها.
ليست هذه محاولة الاعتداء الوحيدة على المحكمة، لكن هناك حالات برزت خلال العشر سنوات الأخيرة، عندما بدأ الرئيس السابق حسنى مبارك فى مخالفة الأعراف القضائية وتعيين رئيس للمحكمة من خارجها دون الالتزام بمعيار الأقدمية، فى محاولة منه للسيطرة على المحكمة، لكنه فشل، وتصدت المحكمة للعديد من القضايا التى قضت فيها على غير هوى الرئيس، التزاما منها بالقانون والدستور.
ناضل قضاة المحكمة من أجل تعديل قانونها وجعل تعيين رئيسها وأعضائها من خلال الجمعية العمومية للمحكمة، وأن قرار الرئيس ما هو إلا مجرد تصديق على ما تقره الجمعية العمومية، وبالفعل تحقق ذلك على يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أصدر مرسوما بقانون لتعديل قانون المحكمة ملبيا لمطلب طالما سعى إليه قضاتها.
فى 1969 قرر رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبدالناصر إصدار قانون «المحكمة العليا». كانت تلك أول تجربة لإنشاء محكمة دستورية متخصصة يناط بها دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين. وقد باشرت المحكمة مهمتها مدة تقترب من العشر سنوات حتى أنشأ السادات «المحكمة الدستورية العليا» فى 1979.
ولا يمكن فهم قرار عبدالناصر هذا دون ربطه بسياقه السياسى الأوسع، حيث تزامن اعتزام «الرئيس» إنشاء محكمة دستورية مع أكبر صدام شهدته مصر فى تاريخها بين السلطتين القضائية والتنفيذية فيما عرف ب«مذبحة القضاة» (1969)، التى انتهت وقائعها إلى عزل أكثر من مائتى قاضٍ من بينهم رئيس محكمة النقض.
ويرى أستاذ العلوم السياسية فى جامعة جورج واشنطن «ناثان براون»، فى كتاب له عن القضاء المصرى، أن جذور الصراع بين ناصر والقضاة تعود إلى منتصف ستينيات القرن العشرين، حين بدأت جماعة من الشخصيات القانونية والسياسية المحسوبة على النظام تدعو إلى إجراء تغييرات فى الثقافة القانونية لمواكبة التحول ناحية بناء المجتمع الاشتراكى.
وبحسب براون، فإن معظم هذه الدعوات طالبت بتغيير على مستويين؛ المستوى الأول هو إعادة النظر فى التشريعات السابقة على 1952 التى طالب أشخاص مثل القانونى البارز «جمال العطيفى» بمراجعتها من حيث إنها كانت «نتاجاً لعصر رأسمالى ومن شأنها أن تقوض فرص التحول الاشتراكى».
أما المستوى الثانى، فقد تركز على المطالبة بتغيير «النظام القضائى»، وهو ما تبدى فى الدعوة التى صاغها أمين عام الاتحاد الاشتراكى «على صبرى» فى سلسلة من المقالات عن «كيفية إدارة هذا التحول فى النظام القضائى نحو نظام أكثر اتساقاً، وانطلاقاً من الأيديولوجية الاشتراكية».
وتسارعت الأحداث فى هذا الاتجاه بعد هزيمة 1967 التى أضعفت النظام وخصمت كثيراً من شرعيته، إذ بدأ عبدالناصر يشعر بالحاجة إلى بسط سيطرته على السلطة القضائية، خاصة مع رفض أغلبية القضاة لمقترحات تغيير النظام القضائى التى طرحها عدد من رموز الفكر الناصرى.
وهكذا جاء إنشاء «المحكمة العليا» فى سياق إعادة هيكلة شاملة للنظام القضائى، تهدف إلى بسط النظام سيطرته على القضاة، فمن ناحية أولى كان مطلوباً من «المحكمة» إعادة تفسير القوانين القديمة بحيث تساير متطلبات المجتمع الجديد، وهو بالضبط ما نصت عليه المذكرة الإيضاحية لإنشائها، حيث قالت: «أصبح واضحاً فى كثير من الحالات أن أحكام القضاء ليست قادرة على أن تساير مسيرة التطور التى حدثت فى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.وهذا نتيجة لقصور فى التشريعات أو نتيجة لأن التفسيرات غير مناسبة للعلاقات الجديدة. ومن واجب القضاة أن يقوموا بالتفسير والتطبيق بما يضفى الفاعلية على النصوص الهامدة.. وهكذا فإن مهمة المحكمة الجديدة هى تطوير فقه اشتراكى جديد وضمان التفسير الملزم للنصوص القانونية».
ومن ناحية ثانية، فإن إنشاء محكمة دستورية كان منتظراً منه أن يضفى جانباً دستورياً «يساعد السلطة القائمة فى أخذ قراراتها دون الحديث عن عدم شرعية قانونية»، وذلك بعد أن ألقت «مذبحة القضاة» ظلالا كثيفة من الشك على استقلال القضاء ونزاهته وبعده عن تأثيرات السلطة التنفيذية.
تراجع نظام السادات بداية من 1971 عن الكثير من قرارات «مذبحة القضاة» واتخذ عدداً من التدابير لإلغاء آثارها، ثم تم إقرار دستور 1971 الذى جاء فيه فصل كامل عن «المحكمة الدستورية العليا»، ورغم ذلك تأخر إنشاء المحكمة 8 سنوات كاملة، فلماذا؟
يعود التأخر فى صدور التشريع الخاص بإنشاء «الدستورية العليا» إلى توجس المجتمع القضائى تجاه المحكمة، يقول براون: «توجس القضاة من أن النص الدستورى الذى يتطلب أن تكون المحكمة جهازاً قضائياً مستقلا قد لا يحظى إلا باحترام جزئى، فتكون المحكمة مستقلة عن غيرها من أجهزة القضاء، ولكن أبعد ما تكون عن الاستقلال عن السلطة التنفيذية.هذه الشكوك كانت لها أساسها القوى بسبب دور مؤسسة الرئاسة القوى فى تعيينات المحكمة العليا والمدة القصيرة لشغل مناصب القضاة فى هذه المحكمة (ثلاث سنوات)».
لكن الحقيقة أن التشريع الخاص بالمحكمة جاء موفراً درجة من التوازن فى علاقة تلك الأخيرة بالسلطة التنفيذية، فرغم أن قرارات تعيين رئيس المحكمة وعضويتها تصدر بشكل رئاسى، فإن الجمعية العمومية للمحكمة هى التى تقدم الترشيحات لرئيس الجمهورية عبر مجلس القضاء الأعلى، مع الاتفاق عرفياً أن يكون اختيار رئيس المحكمة بالأقدمية. ورغم أن الأمور لم تخرج عن هذا الاتفاق سوى مرتين فقط -فى حالتى المستشارين فتحى نجيب وممدوح مرعى- فإنه يظل مجرد اتفاق عرفى غير مكتوب، وتبقى سلطة رئيس الجمهورية فى تعيين أفراد المحكمة مطلقة.
وعلى الجانب الآخر، خسر المجتمع القضائى كثيراً بانفصال المحكمة التام عن باقى الجسد القضائى، فميزانية المحكمة والسند التشريعى والدعم الإدارى لها أمور منفصلة تماماً عن القضاء العادى، مما يثير القلق تجاه مدى ارتباطها بالدولة وبباقى مؤسسات السلطة القضائية، ولهذه الأسباب، وأسباب أخرى، جاءت توصيات «مؤتمر العدالة الأول» بإلغاء المحكمة.
لعبت المحكمة الدستورية منذ إنشائها فى أواخر سبعينيات القرن العشرين وحتى اليوم أدواراً مهمة فى تثبيت شرعية التحولات السياسية والاقتصادية التى شهدتها مصر فى ذلك الحين.
ورغم أن إنشاء المحكمة تأخر عن قرارات السادات الاستراتيجية الأكثر أهمية -الانفتاح والتوجه ناحية الغرب والسلام مع إسرائيل- فإنها لعبت فى السنوات التى تلت إنشاءها دوراً ملحوظاً فى تقنين آثار تلك التغييرات بتفسير الدستور تفسيراً مرناً ليتوافق مع نظام سياسى واقتصادى واجتماعى غير ذلك الذى كتب الدستور فى ظله.
فعلى المستوى السياسى، كان الدستور قد أُقر فى ظل نظام الحزب الواحد، ليأتى السادات فيعلن المنابر ثم الأحزاب فى 1975-1976. ولذا، ففى سنوات الثمانينيات والتسعينيات لعبت «الدستورية» دوراً فى تحديد نظام الانتخابات الذى يتوافق مع روح الدستور، وذلك حين قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات بالقائمة وقررت أن النظام الفردى هو الذى يحقق مبدأ المساواة بين المواطنين الذى يعد ركناً ركيناً فى الدستور.
فى ظل النظام الحالى وتوجه الجمعية التأسيسية نحو إجراء تعديلات على الرضا الدستورى للمحكمة، يرى المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه لا يمكن النظر إلى الأزمة الحالية بين المحكمة الدستورية العليا والجمعية التأسيسية للدستور بشكل منفصل عما جرى من أحداث عقب صدور حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، فمنذ ذلك الوقت بدأ الهجوم على المحكمة الدستورية العليا يتخذ أشكالا متعددة، وتم وصفها بأنها محكمة سياسية، إلى أن جاءت نصوص مسودة الدستور لتكشف عن النوايا الحقيقية لدى الجماعة الحاكمة «جماعة الإخوان المسلمين»، التى تريد أن تسيطر على المحكمة، بأن جعلت قرار تعيين رئيسها وأعضائها فى يد رئيس الجمهورية، وجعل رقابتها على القوانين رقابة سابقة بدلا من الرقابة اللاحقة، على الرغم من أن عيوب القوانين لا تتضح إلا بعد تطبيقها.
وأكد الجمل أن التعديلات المقترحة على قانون المحكمة تهدف إلى «أخونة المحكمة الدستورية»، وهى جزء من مخطط لأخونة الدولة.
من جانبه أكد المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أن القضاء المصرى يواجه محنة حقيقية قاسية، فقد شاءت الأقدار أن تخوض المحكمة الدستورية العليا معارك لم تسعَ إلى نزال فيها مع أحد سوى أنها كانت تقوم بأداء رسالتها المقدسة، واصفا ما يحدث داخل الجمعية التأسيسية بشأن المحكمة الدستورية بأنه عدوان على المحكمة وقضاتها وإهانة لهم.
وأضاف سامى أنه منذ تشكيل الجمعية التأسيسية بدأ تشغيل قاعدة إطلاق قذائف إخبارية تجاه المحكمة، وبات واضحا أن هناك اتجاها عدائيا لتقويض وهدم المحكمة، وبدا أن هناك اتفاقا مؤثَّما حاكه البعض بليل من أجل تصفية لحسابات قديمة تحركها الأهواء والمصالح الخاصة.
وأشار سامى إلى أن قضاة المحكمة لا يدافعون عن أشخاص وإنما هم حريصون على الدفاع عن المحكمة والشعب من أجل حماية حقوقه وحرياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.