وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية في مستهل زيارته لنيويورك    وزير البترول يستعرض فى مقال ب"معلومات الوزراء" استراتيجيات التحول الطاقى    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات فى باكستان إلى 279 قتيلا و676 مصابا    البنك الأهلي يبدأ استعداداته الخميس المقبل لمواجهة غزل المحلة فى الدوري    المصري: ما حدث خلال المباراة الودية يسيء للترجي    مراسل "القاهرة الإخبارية" من معبر رفح: كل عبوة مساعدات بها احتياجات 10 أيام    لبنان يودع عبقرى الموسيقى والسياسة.. جنازة زياد الرحبانى اليوم فى بكفيا    الصحة تنصح المواطنين بالإكثار من شرب الماء لتجنب المخاطر الصحية لارتفاع الحرارة    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كلية الآثار 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 28 يوليو    مواعيد مباريات المقاولون العرب في الدوري الممتاز موسم 2025-2026    أخبار مصر: حقيقة وفاة الدكتور مجدي يعقوب، حريق يلتهم فيلا رجل أعمال شهير، عودة التيار الكهربائي للجيزة، حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    الهلال الأحمر المصرى يعلن انطلاق قافلة زاد العزة لليوم الثانى إلى غزة.. فيديو    أخبار متوقعة لليوم الإثنين 28 يوليو 2025    ستارمر يعتزم إثارة وقف إطلاق النار في غزة والرسوم على الصلب مع ترامب    الإطار التنسيقي الشيعي يدين هجوم الحشد الشعبي على مبنى حكومي ببغداد    حادث قطار في ألمانيا: 3 قتلى و34 مصابا إثر خروج عربات عن المسار وسط عاصفة    محافظة الجيزة تعلن الانتهاء من أعمال إصلاح كابل الجهد العالي (66 ك.ف) بجزيرة الذهب    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025 - 2026 «أيام الدراسة والإجازات»    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    الاتحاد الأوروبي يقر تيسيرات جديدة على صادرات البطاطس المصرية    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    تجاوزات في ودية المصري والترجي.. ومحمد موسى: البعثة بخير    «اقعد على الدكة احتياطي؟».. رد حاسم من حسين الشحات    وزير خارجية أمريكا: سنسهل محادثات السلام بين كمبوديا وتايلاند    "حماة الوطن" يحشد لدعم مرشحيه في "الشيوخ" بسوهاج (فيديو وصور)    استمرار الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 28 يوليو    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    بالصور.. اصطدام قطار بجرار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالبحيرة    طعنة غدر.. حبس عاطلين بتهمة الاعتداء على صديقهما بالقليوبية    وزير التعليم: مناهج اللغة العربية الجديدة تدمج القيم الأخلاقية وتراعي الفروق الفردية    محافظ القليوبية يجري جولة مفاجئة بمدينة الخانكة ويوجّه بتطوير شارع الجمهورية    "لو عايز تغير مسارك المهني".. تفاصيل دراسة التمريض المكثف بتنسيق الجامعات 2025    هدي المفتي تكشف علاقتها ب ويجز لأول مرة: "مش مقربين"    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    فرنسا: إسرائيل تسعى لاستعادة الأسرى لكن حماس تقتل مزيدًا من جنودها    بعد تهشم إصبعه.. جراحة معقدة تنقذ يد مصاب بمستشفى ههيا في الشرقية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالقاهرة.. درجة القبول والشروط لطلاب الانتظام والخدمات    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    منها «الاتجار في المخدرات».. ما هي اتهامات «أيمن صبري» بعد وفاته داخل محبسه ب بلقاس في الدقهلية؟    عودة التيار الكهربائي للجيزة بعد انقطاع 26 ساعة.. والوزير يطلق خطة طوارئ لفحص الشبكة    كريم رمزي: جلسة مرتقبة بين محمد يوسف ونجم الأهلي لمناقشة تجديد عقده    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الدستورية العليا».. تاريخ من الصدام
«الرفاعى» و«مكى» طالبا بتحويلها إلى دائرة تابعة لمحكمة النقض فى مؤتمر العدالة الأول
نشر في الوطن يوم 20 - 10 - 2012

عادت المحكمة الدستورية العليا إلى بؤرة الضوء مؤخراً بعدما أعلنت رفضها التعديلات الخاصة بنصوصها فى مسودة الدستور الجديد، ليكون صدامها هذه المرة هو الرابع لها خلال هذا العام مع جهات ومؤسسات حاولت الاعتداء عليها.
البداية كانت بمحاولة مجلس الشعب المنتخب بعد الثورة إجراء تعديلات على قانون المحكمة الدستورية، ولكن تم سحبه بعد غضبة قضاة المحكمة، حيث كان يقضى القانون بعزل الأعضاء الحاليين وإعادة تشكيل المحكمة وإلغاء رقابتها على القوانين التى يوافق عليها مجلس الشعب بأغلبية معينة، ومنح السلطة التشريعية حق وقف تنفيذ أى حكم تصدره المحكمة الدستورية العليا يترتب عليه حل مجلس الشعب.
فى الرابع عشر من يونيو أصدرت المحكمة حكمها بحل مجلس الشعب، وبعدها بأيام رفض رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى أداء اليمين الدستورية بعد فوزه أمام المحكمة، لرفضه الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكرى وما تضمنه من تقييد لصلاحياته كرئيس للجمهورية، خاصة فيما يتعلق بسلطة التشريع التى استأثر بها المجلس العسكرى لنفسه.
لم يصمت قضاة المحكمة تجاه هذا العدوان عليها، وأصروا على أن يؤدى الرئيس اليمين الدستورية أمامهم تنفيذا واحتراما للشرعية الدستورية والقانونية، وإلا فقد شرعيته كرئيس للبلاد، وانتصر قضاة المحكمة وحلف الرئيس أمامهم اليمين، لكن ظلت تلك الواقعة بمثابة غصة فى حلقه، فضلا عن أن المحكمة أصبحت عدوا وهدفا لأعضاء مجلسى الشعب والشورى يحاولون الانتقام منها.
بعد حلف اليمين بأسبوع واحد، أصدر الدكتور محمد مرسى قرارا بعودة البرلمان للانعقاد، وهو ما اعتبرته المحكمة تحديا لأحكامها ولدولة القانون.. دافعت المحكمة عن نفسها من خلال حكم آخر بإلغاء قرار الرئيس بعد قبولها لطعن تقدم به جورج إسحاق ضد قرار الرئيس، وصفته المحكمة بأنه منازعة فى تنفيذ حكمها، فقضت بالاستمرار فى تنفيذ حكمها السابق بحل البرلمان.
كانت المحاولة الأخيرة للاعتداء على المحكمة من قبَل الجمعية التأسيسية للدستور التى وضعت نصوصا تتعلق بالمحكمة من شأنها المساس باستقلالها والنيل منها، وهو ما دعا الجمعية العمومية لقضاة المحكمة الدستورية العليا إلى الانعقاد بشكل طارئ، معلنة رفضها جميع النصوص التى تضمنتها مسودة الدستور التى وضعتها الجمعية التأسيسية، وقررت الجمعية الانعقاد الدائم لحين العدول عن تلك النصوص التى تمثل سلبا لاختصاصات المحكمة واعتداء عليها.
ما حدث خلال هذا العام مع المحكمة الدستورية العليا ليس أولى محاولات هدمها، ففى مؤتمر العدالة الأول عام 1986، طالب قضاة تيار الاستقلال وعلى رأسهم الراحل المستشار يحيى الرفاعى ووزير العدل الحالى أحمد مكى بإلغاء المحكمة الدستورية العليا، وجعلها دائرة تابعة لمحكمة النقض.
فشل المؤتمر فى تحقيق ما أوصى به، وربما هذا ما دفع المستشار أحمد مكى الآن إلى إعادة تنفيذها بعد أن أصبح عضوا فى السلطة، وطرح داخل الجمعية التأسيسية فكرة توحيد القضاء لكن تم رفضها.
ليست هذه محاولة الاعتداء الوحيدة على المحكمة، لكن هناك حالات برزت خلال العشر سنوات الأخيرة، عندما بدأ الرئيس السابق حسنى مبارك فى مخالفة الأعراف القضائية وتعيين رئيس للمحكمة من خارجها دون الالتزام بمعيار الأقدمية، فى محاولة منه للسيطرة على المحكمة، لكنه فشل، وتصدت المحكمة للعديد من القضايا التى قضت فيها على غير هوى الرئيس، التزاما منها بالقانون والدستور.
ناضل قضاة المحكمة من أجل تعديل قانونها وجعل تعيين رئيسها وأعضائها من خلال الجمعية العمومية للمحكمة، وأن قرار الرئيس ما هو إلا مجرد تصديق على ما تقره الجمعية العمومية، وبالفعل تحقق ذلك على يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أصدر مرسوما بقانون لتعديل قانون المحكمة ملبيا لمطلب طالما سعى إليه قضاتها.
فى 1969 قرر رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبدالناصر إصدار قانون «المحكمة العليا». كانت تلك أول تجربة لإنشاء محكمة دستورية متخصصة يناط بها دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين. وقد باشرت المحكمة مهمتها مدة تقترب من العشر سنوات حتى أنشأ السادات «المحكمة الدستورية العليا» فى 1979.
ولا يمكن فهم قرار عبدالناصر هذا دون ربطه بسياقه السياسى الأوسع، حيث تزامن اعتزام «الرئيس» إنشاء محكمة دستورية مع أكبر صدام شهدته مصر فى تاريخها بين السلطتين القضائية والتنفيذية فيما عرف ب«مذبحة القضاة» (1969)، التى انتهت وقائعها إلى عزل أكثر من مائتى قاضٍ من بينهم رئيس محكمة النقض.
ويرى أستاذ العلوم السياسية فى جامعة جورج واشنطن «ناثان براون»، فى كتاب له عن القضاء المصرى، أن جذور الصراع بين ناصر والقضاة تعود إلى منتصف ستينيات القرن العشرين، حين بدأت جماعة من الشخصيات القانونية والسياسية المحسوبة على النظام تدعو إلى إجراء تغييرات فى الثقافة القانونية لمواكبة التحول ناحية بناء المجتمع الاشتراكى.
وبحسب براون، فإن معظم هذه الدعوات طالبت بتغيير على مستويين؛ المستوى الأول هو إعادة النظر فى التشريعات السابقة على 1952 التى طالب أشخاص مثل القانونى البارز «جمال العطيفى» بمراجعتها من حيث إنها كانت «نتاجاً لعصر رأسمالى ومن شأنها أن تقوض فرص التحول الاشتراكى».
أما المستوى الثانى، فقد تركز على المطالبة بتغيير «النظام القضائى»، وهو ما تبدى فى الدعوة التى صاغها أمين عام الاتحاد الاشتراكى «على صبرى» فى سلسلة من المقالات عن «كيفية إدارة هذا التحول فى النظام القضائى نحو نظام أكثر اتساقاً، وانطلاقاً من الأيديولوجية الاشتراكية».
وتسارعت الأحداث فى هذا الاتجاه بعد هزيمة 1967 التى أضعفت النظام وخصمت كثيراً من شرعيته، إذ بدأ عبدالناصر يشعر بالحاجة إلى بسط سيطرته على السلطة القضائية، خاصة مع رفض أغلبية القضاة لمقترحات تغيير النظام القضائى التى طرحها عدد من رموز الفكر الناصرى.
وهكذا جاء إنشاء «المحكمة العليا» فى سياق إعادة هيكلة شاملة للنظام القضائى، تهدف إلى بسط النظام سيطرته على القضاة، فمن ناحية أولى كان مطلوباً من «المحكمة» إعادة تفسير القوانين القديمة بحيث تساير متطلبات المجتمع الجديد، وهو بالضبط ما نصت عليه المذكرة الإيضاحية لإنشائها، حيث قالت: «أصبح واضحاً فى كثير من الحالات أن أحكام القضاء ليست قادرة على أن تساير مسيرة التطور التى حدثت فى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.وهذا نتيجة لقصور فى التشريعات أو نتيجة لأن التفسيرات غير مناسبة للعلاقات الجديدة. ومن واجب القضاة أن يقوموا بالتفسير والتطبيق بما يضفى الفاعلية على النصوص الهامدة.. وهكذا فإن مهمة المحكمة الجديدة هى تطوير فقه اشتراكى جديد وضمان التفسير الملزم للنصوص القانونية».
ومن ناحية ثانية، فإن إنشاء محكمة دستورية كان منتظراً منه أن يضفى جانباً دستورياً «يساعد السلطة القائمة فى أخذ قراراتها دون الحديث عن عدم شرعية قانونية»، وذلك بعد أن ألقت «مذبحة القضاة» ظلالا كثيفة من الشك على استقلال القضاء ونزاهته وبعده عن تأثيرات السلطة التنفيذية.
تراجع نظام السادات بداية من 1971 عن الكثير من قرارات «مذبحة القضاة» واتخذ عدداً من التدابير لإلغاء آثارها، ثم تم إقرار دستور 1971 الذى جاء فيه فصل كامل عن «المحكمة الدستورية العليا»، ورغم ذلك تأخر إنشاء المحكمة 8 سنوات كاملة، فلماذا؟
يعود التأخر فى صدور التشريع الخاص بإنشاء «الدستورية العليا» إلى توجس المجتمع القضائى تجاه المحكمة، يقول براون: «توجس القضاة من أن النص الدستورى الذى يتطلب أن تكون المحكمة جهازاً قضائياً مستقلا قد لا يحظى إلا باحترام جزئى، فتكون المحكمة مستقلة عن غيرها من أجهزة القضاء، ولكن أبعد ما تكون عن الاستقلال عن السلطة التنفيذية.هذه الشكوك كانت لها أساسها القوى بسبب دور مؤسسة الرئاسة القوى فى تعيينات المحكمة العليا والمدة القصيرة لشغل مناصب القضاة فى هذه المحكمة (ثلاث سنوات)».
لكن الحقيقة أن التشريع الخاص بالمحكمة جاء موفراً درجة من التوازن فى علاقة تلك الأخيرة بالسلطة التنفيذية، فرغم أن قرارات تعيين رئيس المحكمة وعضويتها تصدر بشكل رئاسى، فإن الجمعية العمومية للمحكمة هى التى تقدم الترشيحات لرئيس الجمهورية عبر مجلس القضاء الأعلى، مع الاتفاق عرفياً أن يكون اختيار رئيس المحكمة بالأقدمية. ورغم أن الأمور لم تخرج عن هذا الاتفاق سوى مرتين فقط -فى حالتى المستشارين فتحى نجيب وممدوح مرعى- فإنه يظل مجرد اتفاق عرفى غير مكتوب، وتبقى سلطة رئيس الجمهورية فى تعيين أفراد المحكمة مطلقة.
وعلى الجانب الآخر، خسر المجتمع القضائى كثيراً بانفصال المحكمة التام عن باقى الجسد القضائى، فميزانية المحكمة والسند التشريعى والدعم الإدارى لها أمور منفصلة تماماً عن القضاء العادى، مما يثير القلق تجاه مدى ارتباطها بالدولة وبباقى مؤسسات السلطة القضائية، ولهذه الأسباب، وأسباب أخرى، جاءت توصيات «مؤتمر العدالة الأول» بإلغاء المحكمة.
لعبت المحكمة الدستورية منذ إنشائها فى أواخر سبعينيات القرن العشرين وحتى اليوم أدواراً مهمة فى تثبيت شرعية التحولات السياسية والاقتصادية التى شهدتها مصر فى ذلك الحين.
ورغم أن إنشاء المحكمة تأخر عن قرارات السادات الاستراتيجية الأكثر أهمية -الانفتاح والتوجه ناحية الغرب والسلام مع إسرائيل- فإنها لعبت فى السنوات التى تلت إنشاءها دوراً ملحوظاً فى تقنين آثار تلك التغييرات بتفسير الدستور تفسيراً مرناً ليتوافق مع نظام سياسى واقتصادى واجتماعى غير ذلك الذى كتب الدستور فى ظله.
فعلى المستوى السياسى، كان الدستور قد أُقر فى ظل نظام الحزب الواحد، ليأتى السادات فيعلن المنابر ثم الأحزاب فى 1975-1976. ولذا، ففى سنوات الثمانينيات والتسعينيات لعبت «الدستورية» دوراً فى تحديد نظام الانتخابات الذى يتوافق مع روح الدستور، وذلك حين قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات بالقائمة وقررت أن النظام الفردى هو الذى يحقق مبدأ المساواة بين المواطنين الذى يعد ركناً ركيناً فى الدستور.
فى ظل النظام الحالى وتوجه الجمعية التأسيسية نحو إجراء تعديلات على الرضا الدستورى للمحكمة، يرى المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه لا يمكن النظر إلى الأزمة الحالية بين المحكمة الدستورية العليا والجمعية التأسيسية للدستور بشكل منفصل عما جرى من أحداث عقب صدور حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، فمنذ ذلك الوقت بدأ الهجوم على المحكمة الدستورية العليا يتخذ أشكالا متعددة، وتم وصفها بأنها محكمة سياسية، إلى أن جاءت نصوص مسودة الدستور لتكشف عن النوايا الحقيقية لدى الجماعة الحاكمة «جماعة الإخوان المسلمين»، التى تريد أن تسيطر على المحكمة، بأن جعلت قرار تعيين رئيسها وأعضائها فى يد رئيس الجمهورية، وجعل رقابتها على القوانين رقابة سابقة بدلا من الرقابة اللاحقة، على الرغم من أن عيوب القوانين لا تتضح إلا بعد تطبيقها.
وأكد الجمل أن التعديلات المقترحة على قانون المحكمة تهدف إلى «أخونة المحكمة الدستورية»، وهى جزء من مخطط لأخونة الدولة.
من جانبه أكد المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أن القضاء المصرى يواجه محنة حقيقية قاسية، فقد شاءت الأقدار أن تخوض المحكمة الدستورية العليا معارك لم تسعَ إلى نزال فيها مع أحد سوى أنها كانت تقوم بأداء رسالتها المقدسة، واصفا ما يحدث داخل الجمعية التأسيسية بشأن المحكمة الدستورية بأنه عدوان على المحكمة وقضاتها وإهانة لهم.
وأضاف سامى أنه منذ تشكيل الجمعية التأسيسية بدأ تشغيل قاعدة إطلاق قذائف إخبارية تجاه المحكمة، وبات واضحا أن هناك اتجاها عدائيا لتقويض وهدم المحكمة، وبدا أن هناك اتفاقا مؤثَّما حاكه البعض بليل من أجل تصفية لحسابات قديمة تحركها الأهواء والمصالح الخاصة.
وأشار سامى إلى أن قضاة المحكمة لا يدافعون عن أشخاص وإنما هم حريصون على الدفاع عن المحكمة والشعب من أجل حماية حقوقه وحرياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.