شهد قطاع غزة تطورًا لافتًا بعد إعلان إسرائيل مقتل ياسر أبو شباب، قائد جماعة «القوات الشعبية» المسلحة، والمعروف بلقب "بابلو إسكوبار غزة" بسبب نشاطه الإجرامي المتعلق بالسطو على المساعدات الإنسانية وإعادة بيعها في السوق السوداء. ورغم الإعلان الإسرائيلي، لا تزال الروايات متضاربة حول الجهة التي نفذت عملية الاغتيال، ما يعكس مدى تعقّد المشهد الأمني داخل القطاع.
خلفية عن أبو شباب والجماعة المسلحة ولد ياسر أبو شباب في 19 ديسمبر 1993 وينتمي إلى قبيلة الترابين في رفح. سُجن عام 2015 على خلفية اتهامات بتجارة وتعاطي المخدرات، وحُكم عليه بالسجن 25 عامًا. لكن خلال الحرب على غزة، عاد اسمه للظهور حين قاد جماعة مسلحة تصفها مصادر فلسطينية بأنها مرتبطة بتنظيم داعش، بينما تشير تقارير إسرائيلية إلى أنها كانت تعمل بتسهيلات مباشرة من الجيش الإسرائيلي جنوب شرق رفح. نطاق عمل الجماعة التمركز قرب معبر كرم أبو سالم. السطو على شاحنات الإغاثة. إطلاق النار على المدنيين لمنعهم من الوصول للمساعدات. إعادة بيع المساعدات في السوق السوداء. استقطاب عناصر جديدة مقابل الأموال والسلاح. بسبب هذه الممارسات، لقبه السكان والنقاد ب "بابلو إسكوبار غزة".
تفاصيل روايات مقتل أبو شباب تعددت الروايات الإسرائيلية حول مقتله: القناة 14 الإسرائيلية: أعلنت مقتله بشكل مباشر. إذاعة الجيش الإسرائيلي: قالت إن الاغتيال نفّذه «مجهولون». مصادر عسكرية إسرائيلية: رجّحت تصفيته على يد أحد أفراد مجموعته. كما قالت مصادر إسرائيلية إن حادثة الاغتيال ستدفع القيادة العسكرية لفتح تحقيق حول كيفية "اختراق عناصر حماس للخط الأصفر" — وهي المنطقة العازلة التي تفرضها القوات الإسرائيلية داخل القطاع — وتنفيذ العملية.
التقديرات المحتملة لجهة الاغتيال السيناريو الأول: تصفية داخلية تضارب المصالح داخل الجماعة، والصراع على النفوذ والمال، قد يكونان سببًا رئيسيًا، خصوصًا أن أبو شباب كان يمتلك موارد مالية ضخمة من تجارة المساعدات. السيناريو الثاني: عملية نفذتها حماس من المحتمل أن تكون حركة حماس وراء العملية، في إطار سعيها لاستعادة السيطرة على مناطق نفوذ الجماعات المسلحة المناهضة لها. السيناريو الثالث: عملية بتخطيط إسرائيلي تتردد تسريبات حول احتمال أن تكون تصفية مقصودة بعد انتهاء دور الجماعة، خصوصًا مع تزايد الانتقادات الداخلية في إسرائيل حول الانفلات الأمني في مناطق انتشار قواتها جنوب القطاع.
لماذا يعد مقتله حدثًا مهمًا؟ لأنه يقود أكبر شبكة إجرامية تورطت في تعطيل دخول المساعدات الغذائية للمدنيين في غزة. لأن جماعته أصبحت تشكل إزعاجًا للمستوطنين والقوات الإسرائيلية بسبب توسعها غير المنضبط. لأنه يعكس صراع القوى داخل قطاع غزة، بين الاحتلال، الجماعات الخارجة عن السيطرة، والفصائل الفلسطينية. تداعيات على الوضع الداخلي في غزة احتمال تفكك جماعته ودخول عناصرها في صراعات جانبية. تحسن جزئي في تدفق الإغاثة إذا نجحت الفصائل في تفكيك ما تبقى من شبكته. تصاعد المواجهات بين الجماعات المسلحة في حال حدوث فراغ قيادي. مقتل أبو شباب قد يشكل نقطة تحول في طبيعة الفوضى الأمنية جنوب القطاع، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام أسئلة أكبر حول مستقبل الجماعات المسلحة التي ظهرت خلال الحرب. في النهاية مقتل ياسر أبو شباب ليس مجرد تصفية لشخصية مثيرة للجدل، بل هو مؤشر على تغيرات متسارعة في المشهد الأمني داخل غزة، وعلى صراعات نفوذ معقدة بين فصائل محلية وقوى خارجية. ويبقى السؤال: هل سيؤدي غيابه إلى انحسار الفوضى، أم إلى ظهور قيادات جديدة أكثر خطورة؟