هذا هو أفضل وصف يمكن أن نصف به ما فعلته وتفعله جماعة الإخوان المسلمين من أحداث ووقائع سجلها لهم المشهد السياسى فى الآونة الأخيرة ، فهناك من القائمين على أمر الجماعة من يعتقد أن كل ما يقوم به من أفعال وأراء أنها حتماً ستصب فى صالح الجماعة ولا يدرك من يفعل ذلك أنه بمثل هذه التصرفات يسئ للجماعة وتاريخها قبل أن يسيئ لنفسه ، ولكن هذا هو حال أبناء الجماعة فهم لا يعنيهم مصلحة الوطن أوالمواطن فهم يؤمنون أن مصلحة الجماعة تعلوا فوق أى شيئ حتى ولو كان هذا الشيئ هو مصلحة الوطن ، فالجماعة تعنى لهم الوطن ، والوطن يعنى الجماعة وفقاً لمبدأئهم وما يؤمنون به وإن كانوا يظهرون عكس ذلك . وأبلغ دليل على ذلك حينما دفعت الجماعة ببعض من أبنائها كمستشارين للدكتور محمد مرسى أحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم بدون النظر لكفائتهم وعلمهم وخبرتهم العملية والسياسية ، فالولاء والإخلاص للجماعة هو معيار الإختيار الأول لديهم وبعد ذلك تأتى المعايير الأخرى فى إختياراتهم ، لذا فإن ما حدث يوم الجمعة الماضى كان هو النتيجة الطبيعية والمتوقعة لهذا النهج الذى عفا عليه الزمن وهذا ما حذرت منه مراراً وتكراراً من قبل ولكن كالعادة لا حياة لمن تنادى . لقد تسبب هؤلاء المستشارين الذين دفعت بهم الجماعة حول الرئيس فى إحراجه مرتين وهو ما لا يليق مع مكانة رئيس الجمهورية ففى المرة الأولى أشاروا عليه بإصدار قرار يقضى بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم القانون وبحكم المحكمة الدستورية العليا ، والمرة الثانية حينما أشاروا عليه أيضاً بنقل السيد المستشار النائب العام من منصبه إلى منصب سفير مصر فى الفاتيكان . وأود أن أسأل ذلك الذى يشير على الرئيس ... وأقول له من أين تأتى بمثل هذه الإفتاءات التى لا تمت للقانون أو الدستور أو حتى للسياسة بأى صلة ؟؟!! إن تلك الإختيارات إن دلت على شيئ فإنما تدل فى ظاهر الأمر على مدى ضعف الكفاءة العلمية وقلة الخبرة السياسية وإن كان هذا الأمر ليبعث على الدهشة والحيرة فى آن واحد وله أكثر من مدلول ، فكيف تدفع قيادات الجماعة بمسئولين يفتقدوا أقل قدر من الخبرة العلمية والسياسية فى الوقت الذى تسعى فيه لإحكام قبضتها على مقاليد السلطة فى البلاد أم أن هناك شيئ آخر تدبره الجماعة وهو ما يحملنا إلى السؤال الآتى : - هل صحيحاً أن الأخطاء التى وقع هؤلاء المستشارين ناتجة عن ضعف الكفاءة العلمية والخبرة السياسية أم أن الجماعة بدأت تخرج من وراء حجاب الديموقراطية لتكشّر عن أنيابها ولم يعد يعنيها توكيد سيادة القانون أم أن الجماعة تتعمد إحراج الرئيس لغرض ما فى نفسها ؟؟؟ !!! ولتسمح لى عزيزى القارئ أن نحلل معاً كل إحتمال من هذه الإحتمالات الثلاثة : الإحتمال الأول :- وهو ضعف الإمكانات العلمية والسياسية لمن ترشحهم الجماعة لتولى مقاليد الحكم فى البلاد وإن كنت أستبعد مثل هذا الإحتمال فالجماعة لاتفتقد الكفاءات العلمية بين أبنائها بل على العكس فغالبية أبنائها من ذوى الدرجات العلمية المرموقة ، أما عن الخبرة السياسية فلا يوجد فصيل مارس العمل السياسى مثلهم فهم يمارسون ذلك العمل لقرابة التسعين عاماً ، لذا فلا أعتقد أن ذلك هو الإحتمال الصحيح . الإحتمال الثانى :- أن الجماعة بدأت تخرج من خلف حجاب الديموقراطية لتكشّر عن أنيابها لتضرب بالقانون عرض الحائط وأعتقد أن ذلك هو الإحتمال الأقرب إلى الصواب ، وذلك لأسباب عِدة : - تحقق حلم الوصول إلى السلطة بصورة لم يكن حتى يتخيلها أكثرهم تفاؤلاً ، وحينما تقع السلطة فجأة فى يد من يحلم بها بعد طول صبر وأمل تراه يستخدم تلك السلطة أسوأ إستخدام ظناً منه أنه قد أصبح فوق الجميع وهو ما بدا واضحاً فى تصريحات وأفعال غالبية قيادات الجماعة . - هيمنة أبناء الجماعة على مفاصل الدولة ( رئاسة الجمهورية – مجلس الوزراء – مجلس الشورى – اللجنة التأسيسية للدستور – مجلس الشعب سابقاً – المحافظين ) جعلهم يشعرون أنهم يملكون أقدارهم فلم يعد يعنيهم تطبيق القانون من قريب أو من بعيد إلا فيما يخدم مصالحهم . - ضعف التيارات السياسية المواجهة لجماعة الإخوان المسلمين وذلك نظراً لإنغماسهم فى العمل السياسى والشعبى لسنين عِدة وهو ما لم يتوافر لكثير من الفصائل السياسية نظراً لحداثة نشأتها . - إمتلاك الجماعة لقوة إقتصادية وإعلامية لا يستهان بهما وهو أيضاً ما لا يتوافر لبقية التيارات السياسية الأخرى . لكل هذه الأسباب بدأت الجماعة تخرج من خلف الحجاب الذى طالما إستترت وراءه فهى لم تعد فى حاجة إليه إلا قبل أى إنتخابات فقط ، وهذا ما يجعل ذلك الإحتمال هو الأقرب للصواب . الإحتمال الثالث :- تعّمد إحراج الرئيس وهو إحتمال بعيد إلى حد ما وإن كان وارد الحدوث ، ومدعاة ذلك أن الجماعة تود أن تضع الرئيس تحت ضغط دائم بحيث يظل فى إحتياج لها حتى تدعمه ولا يستطيع أن يتخلص من تبعيته للجماعة ولا أن يخرج من تحت عبائتها ولقد أخلصت النصحية للسيد الرئيس فى مقالات كثيرة مضت بأن يحل نفسه من بيعته التى بايعها للمرشد الذى حله منها المرشد نفسه ، ولكن الرئيس لم يستجب لذلك حتى الآن . فأى إحتمال ترجحه عزيزى القارئ من بين هذه الإحتمالات ؟؟؟ أرجو إرسال رأيك عزيزى القارئ على بريدى الإليكترونى فرأيك هو غاية إهتمامى . { للثورة أعين تراقب وضمائر تحاسب } محمد نور الدين محمود [email protected]