سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقارير عن انشقاق إخواني وفصل أبو الفتوح من مكتب الإرشاد .. وتشبيه صحف المعارضة بطفل قليل الأدب .. واتهام الحكومة باحتقار المصريين بالخارج بحرمانهم من التصويت.. واقتراح باستنساخ "بولحية مصري" لمنافسة مبارك في الانتخابات
الخلافات والانشقاقات داخل جماعة الإخوان المسلمين ، كانت هي الحدث الأبرز في صحف القاهرة اليوم ، حيث أوردت تقارير حول انقسام خطير في صفوف الجماعة ، تم خلاله منح جميع صلاحيات المرشد العام للجماعة مهدي عاكف لنائبه الأول الدكتور محمد حبيب ، إضافة للإطاحة بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من عضوية مكتب الإرشاد وتصعيد قيادي آخر مكانه . ومن المفارقة ، أن صحف اليوم تضمنت أيضا مقالا ل " أبو الفتوح " حذر فيه من أن التاريخ سوف يحاسب القوى السياسية ، بما فيها الإخوان ، بقسوة عن تهاونهم وتراخيهم في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ مصر . وفي سياق آخر ، حملت صحف اليوم انتقادات عنيفة للحكومة وقانون انتخابات الرئاسة لحرمانه المصريين في الخارج من حق التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، واعتبرت ذلك بمثابة احتقار وإهانة لهم ، كما تم طرح اقتراح باستنساخ التجربة التونسية ، والبحث عن مرشح " تفصيل " لمنافسة الرئيس مبارك في الانتخابات المقبلة ، وذلك لزوم تحسين صورة النظام أمام العالم الخارجي . وننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " نهضة مصر " المستقلة ، التي واصلت انفرادها بأخبار الانشقاقات والخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين ، حيث تحدثت الصحيفة اليوم عن انقسام خطير في الإخوان ، وقالت " فيما ينذر بمرحلة خطيرة تواجهها جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة المقبلة ، عملت " نهضة مصر " أن الجماعة باتت على أعتاب أزمة عنيفة بسبب اجتماع سري عقده عدد من قيادات مكتب إرشاد الجماعة في غياب المرشد العام اتخذوا خلاله عددا من القرارات المفاجئة التي قد تهدد استقرار الجماعة ، على رأسها منح نائب المرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب جميع صلاحيات المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف ولكن دون سحبها من مرشد الجماعة ، ليصبح الموقف وكأن الجماعة تدار عبر مرشدين " . وأضافت الصحيفة " وحسب مصادر قريبة من الإحداث فان القرار جاء بسبب بعض التصريحات التي أطلقها عاكف خلال الفترة الماضية ولم تكن مرضية وأثارت أزمة داخل الجماعة وخارجها في وقت بدا أن هناك محاولات للدفع بالدكتور حبيب للاضطلاع بالقرارات المهمة وتمثيل الجماعة في جميع المحافل والتعبير عن وجهة نظرها رسميا . وأضافت المصادر أن هناك قرارا آخر بعزل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من موقعه كعضو مكتب إرشاد بسبب تزايد الخلافات بينه وبين المجموعة المسيطرة على المكتب ، خاصة مع اعتراض الدكتور أبو الفتوح على الكثير من قرارات الجماعة الأخيرة واتجاهه لإصدار بيانات خاصة تعبر عن موقفه بعيدا عن موقف الإخوان . وأوضحت الصحيفة " أن الاجتماع لم يكتف بعزل أبو الفتوح ولكن اتخذ قرارا آخر بتصعيد قيادي آخر بالجماعة وهو فرج النجار لعضوية مكتب الإرشاد بدلا من أبو الفتوح ، ودللت المصادر على ذلك بنشر تصريحات النجار بشكل ملفت على موقع إخوان أون لاين الناطق باسم الإخوان ، ورفع اسم أبو الفتوح من قائمة أعضاء المكتب . ورغم عدم وجود تأكيدات حول مضمون الخبر ، إلا أن الفقرة الأخيرة من مقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، والذي نشرته صحيفة " الدستور " المستقلة اليوم ، تبدو بالغة الدلالة ، وتؤشر لخلافات حادة داخل الجماعة ، لكن لا يمكن التأكيد على وصول الأمر لحد الانشقاقات ، وقال عبد الفتوح " وأخشى ما أخشاه أن يأتي يوم تتم محاسبة تاريخية قاسية لكل القوى الوطنية والسياسية بما فيها الإخوان المسلمين على تهاونهم في حق وطنهم وأمتهم حين لا يستوجب الأمر أبدا تهاونا أو تراخيا ( وإلى الله نشكو أن في النفس حاجات تمر بها الأيام وهي كما هي ) " . وهنا انتهى كلام أبو الفتوح ، لكن يا ترى ماذا يقصد بتلك الجملة الأخيرة ، علم ذلك عند الله وعند أبو الفتوح نفسه . ونبقى مع الإخوان ، وأحد رموز جيل الوسط ، الذي تتردد شائعات أنه أيضا أحد المغضوب عليهم من الحرس التقليدي للجماعة ، كما هو الحال مع أبو الفتوح ، ونقصد الدكتور عصام العريان ، الذي تساءلت صحيفة "الدستور" اليوم في خبث قائلة : لماذا يتحول عصام العريان دائما إلى معتقل كلما حدثت أزمة بين النظام وجماعة الإخوان ؟ . وأجابت الصحيفة بنفسها عن هذا التساؤل ، قائلة " في مصر من الصعب جدا أن تجد واحد أهلاوي بيحب لاعب زملكاوي ونفس الأمر في السياسة ، فالجمهور اليساري لا يدوب في غرام شخصية إسلامية والعكس صحيح . وفي مصر أيضا صعب جدا أن يحصل أحد العاملين بالسياسة أو العمل لعام على حب وثقة الناس وقليل من الناس فعلوا ذلك ومن ضمنهم الدكتور عصام العريان نجم الشباك الإخواني الآن ، فالراجل يتمتع بشعبية كبيرة وثقة أكبر داخل الشارع المصري على مختلف مستوياته وفي نفس الوقت يلقى قبولا إلى حد ما من كافة التيارات السياسية المختلفة وحتى بالنسبة للنظام فعصام العريان في المقدمة ، فهو العنصر الإخواني البارز الموجود في السجن الآن المهدد بان يكون في المعتقل في أي وقت وهو أيضا الوحيد الذي أثار اعتقاله " شنة ورنة " بين صفوف الإخوان والأوساط الشعبية فرغم أن الأيام السابقة لاعتقاله شهدت اعتقالات عديدة لأعضاء الجماعة إلا أنها لم تأخذ الضجة التي حصلت عليها حركة الاعتقالات التي كان فيها الدكتور عصام " . وحاولت الصحيفة تفسير ذلك ، موضحة " أن تحليل فكر طغيان وظهور شخص عصام العريان قد لا تكون مسألة صعبة إذا قلنا من البداية انه يمتلك عوامل سحرية كثيرة أهلته لتلك المكانة ،فهو يملك " الدال " التي تزين أسمه ولا أحد ينكر سحر كلمة الدكتور داخل المجتمع المصري فهي تفرض على الناس احتراما مسبقا للشخصية قبل معرفتها ، أيضا لا تنس أن عصام العريان كان اصغر عضو بمجلس الشعب عام 1987 ، ومازال حتى الآن يمثل جيل الشباب داخل الجماعة ويعقد عليها الكثير من شباب الإخوان آمالا كبري في مستقبل الجماعة ومستقبلهم معها . أيضا هو ضيف دائم للمعتقلات منذ عام 1981 ومعاداة الحكومة في بلدنا والحديث معها بأسلوب التحدي كما فعل العريان على قناة الجزيرة في اليوم السابق لاعتقاله سبب كاف لان يضعه على أول طريق النجومية ، الحركة الأخيرة التي قام بها عصام العريان وطرح من خلالها نفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية حركة كافية لان تجعله بطلا شعبيا مظلوما خاصة بعد اعتقاله وتحوله إلى نموذج التحدي الذي يبحث عنه المصريون ليجسد أحلامهم في مواجهة الرئيس " " . ومضت الصحيفة في استعراض أسباب شعبية العريان ، قائلة " وهو أيضا يجيد التسويق لنفسه إعلاميا ، ففي اغلب حواراته يتحدث مستخدما الأرقام والنقاط التي تمنح حواره مزيدا من الجدية والوقار والمصداقية . صراحة الدكتور العريان يمكن اعتبرها أيضا عاملا مهما جدا لاهتمام الناس ، فهو في معظم أحاديثه يؤكد أنه حريص على أن يكون العمل الإخواني صريحا وعلنيا كما انه لا ينكر أن الإخوان يبحثون عن الحكم والسلطة وهذه القضية بالذات مصدر قلق بالنسبة للناس لان أغلب قيادات الإخوان يتعاملون معها بمنطق اللف والدوران . كل هذه الاراء والتوجهات بجانب هدوئه وتقبله للنقد عوامل ساهمت في تحويل هذا الرجل الخارج عن دائرة الحكم الإخواني إلى وجه دائما في الصورة يحتل الكادر الواضح للإخوان ويرى فيه الناس فكرا معتدلا قادرا على إصلاح حال تلك الجماعة التي يخشى الناس غموضها " . نترك الإخوان بمشاكلهم وانشقاقاتهم وحتى نجومهم ، وننتقل إلى صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، حيث اعتبر سليمان جودة أن النظام المصري بات بحاجة إلى " بوشيحة مصري " ، ولتوضيح مقصده ، قال جودة " واضح أننا نواجه مشكلة عويصة ، في توفير مرشح يخوض انتخابات الرئاسة أمام مبارك ، ويبدو أن هذا الصنف من المرشحين شاحح ونادر جدا في السوق ، ولا يزال كل واحد يفكر بجدية في ترشيح نفسه ، يتقدم خطوة ويتأخر خطوتين والبعض يصف منافسة مبارك بأنها عملية انتحارية وأنه لا يوجد عاقل واحد يفعلها ، ولا يزال البعض الأخر يأخذها بقدر من الاستخفاف والسخرية ، لا يجوز ، إلى الدرجة التي أعلن فيها أحدهم ترشيح زوجته لمنافسة الرئيس مبارك ، بل أن الوزير " رايس" نفسها أعلنت ، عقب انتهاء زياراتها للقاهرة ،أن بلادها تعرف أنه من الصعب العثور على مرشح بديل ينافس مبارك " . وأضاف جودة " وإذا كان الأمر كذلك ، فاعتقد أن التجربة التونسية يمكن أن تسعفنا وان تنقذنا ، ففي تونس كانت عندهم مشكلة مماثلة ، في انتخابات الرئاسة التي جرت العام الماضي واكتشف الرئيس زين العابدين بن على أنه سوف ينافس نفسه ، وأن هذا الشكل سوف يكون سيئا داخليا وخارجيا ، وأنه لا بد من ديكور يضعه مخرج محترف ، فلجأ حزب التجمع الدستوري الحاكم إلى الاتفاق مع محمد بوشيحة على أن يرشح نفسه أمام الرئيس ، وبدأت وسائل الإعلام هناك ، تصدق نفسها ، و" تأخذ الحكاية جد " وراحت تهاجم بوشيحة باعتباره مرشحا منافسا حقيقيا وانه يسعى إلى تحقيق فكرة تداول السلطة ، ويريد أن يكون رئيسا ، مع أن الحكاية كلها كانت معروفة البداية والنهاية . أما الطريف في الموضوع كله ، فهو أن أبو شيحة نفسه أراد إلا يخدع الناخبين وخدها من قصيرها وجاب من الآخر ، وبدا ينبه المواطنين إلى ألا يقعوا في الفخ وطلب منهم ألا يصدقوا أنفسهم أو يعتقدوا أنه مرشح حقيقي يمكن أن يحصل على 20 أو 40 في المائة من الأصوات مثلا ، بل أنه كشف الأوراق جميعها ونصح الناخبين بان ينتخبوا الرئيس زين العابدين لأنه هو نفسه سوف ينتخبه ، وحصل زين العابدين على 96.4 في المائة من أصوات الناخبين مقابل 3.8 في المائة لبوشيحة .. فأين محمد أبو شيحة المصري لكي يسترنا أمام العالم ؟ " . ونبقى مع انتخابات الرئاسة ، لكن هذه المرة مع مآزق الناخبين وليس ندرة المرشحين ، حيث اعتبر إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة " الدستور" المستقلة " ، أن " لحم أكتاف مصر وحكومة مصر وحكامها من خير العاملين المصريين في الخارج الذين وصل عددهن إلى مليوني مصري ، هجرة مؤقتة ، ومصريو مصر في الخارج هم من أهم مصادر العملة الصعبة والدولار للحكومة من خلال تحويلاتهم التي تصل إلى حوالي ثلاثة مليارات دولار أي قرابة 18 مليار جنيه ، طبقا لمركز معلومات مجلس الوزراء ، أي أنها حصيلة تنافس الصادرات المصرية الكسيحة وجملة دخل قناة السويس أو حتى دخل السياحة ،فإذا بهذه الحكومة البغيضة وخدم الفراعين وسادتهم الفراعنة يعاقبون المصريين المغتربين على نعمتهم وفضلهم على هذه الحكومة وذلك الحكم ، ويضعون موادا تحظر وتمنع تصويت المصريين في الخارج في انتخابات الرئاسة ، لا توجد دولة في العالم تعامل مواطنيها بهذه الدرجة من الإهانة والمهانة مثل مصر ، كأنه من جينات أي حاكم مصري أن يفكر ويقول ويتصرف على طريقة إن انتم إلا عبيد احساناتنا " . وأضاف عيسى أن " الذي يتابع القانون حقير السمعة الأخير أو ما يسمى رسميا بقانون انتخابات رئيس الجمهورية ، يكتشف مسخرة مأساة تعامل الحكم مع المواطنين المصريين المقيمين والمهاجرين في الخارج ، ففي كل بلدان العالم من حق المواطن المغترب عن وطنه أن يدلي بصوته الانتخابي في بلد الاغتراب أو في الهجرة ما دام يحمل جنسية هذا الوطن الأم لكن مصر وطن أم قويق ، فهي تلفظ أبناءها المقيمين في الخارج والمغتربين والمهاجرين وتمنعهم من التصويت والمشاركة السياسية والانتخابية " . وانتقل عيسى لتتبع أسباب ذلك ، قائلا " وتبدو الأسباب واضحة تماما : أولا : التصويت في انتخابات الرئاسة في الخارج خصوصا في الدول الأوروبية والأمريكية وغير العربية ستكون إجراءات التزوير فيها صعبة للغاية ، لا أقول إنها مستحيلة على حكومة مصرية دينها الحقيقي هو التزوير لكن المسألة ستكون صعبة ومرهقة وفي حاجة لخيال جديد ومختلف . ثانيا : إدلاء المصريين بأصواتهم خارج مصر سيسمح برقابة دولية فعلية وحقيقية على إجراءات التصويت وربما الفرز مما يجعل التزوير معرضا للجرسة والفضيحة خصوصا مع استطلاعات رأي من الممكن أن تجري أمام مراكز الاقتراع فتحرج النظام عندما يزور النتيجة على هوى الحكومة كما أن المصريين في الخارج مدربون على الديمقراطية الغربية ويعيشونها مما قد يحرج النظام ويجيبه الأرض . ثالثا : المصريون المقيمون في الدول العربية ورغم أنهم لا يعرفون شيئا عن الانتخابات في تلك الدول واغلبها مستبد وديكتاتوري إلا أنهم ناقمون وغاضبون من الحكومات المصرية عموما ، فهي من وجهة نظرهم حكومات جباية وضرائب ورسوم وكل ما تريده وتفعله قسرا وغصبا هو استنزاف المصريين في الخليج والسعودية من أول تصاريح العمل وانتهاء بالجمارك وخلافه دون الحصول على أي خدمات حقيقية في المقابل ، ثم أن المصريين في الخليج والسعودية يعانون الأمرين من السفارات المصرية وقناصلها مما قد يجعل جزءا من رغبتهم في معارضة الحكم وعدم انتخاب مرشح الحكومة هو النكاية في السفارة والسفر " . ولكن عيسى رأى أن " التخوف الذي يصل لحد الهلع والفزع من أقباط المهجر هو الذي جعل الحكومة ترفض إدلاء المصريين في الخارج بأصواتهم في الانتخابات القادمة تحديدا ، فهم يرتجفون من أقباط المهجر ونشاطهم ويهاجمونهم بشكل سافر وسافل في كل تصريحاتهم أو من خلال الكتبة والسياسيين الفسدة الذين يعملون عند أو مع النظام ، حتى أن المواطن المصري العادي صارت لديه صورة سيئة عن أقباط المهجر وأصبح العقل المصري المسلم تحديدا يراهم عملاء وخونة بينما يقع القبطي في اضطراب بين مشاعره المتضامنة مع أبناء دينه وبين غيرته على بلده واعتزازه بوطنه " . هذا الملف الشائك الذي فتحه إبراهيم عيسى ، دفع سيد على بصحيفة " الأهرام " الحكومية ، للتأكيد على أن مصر الآن في مرحلة مراجعة لملفات تم إغلاقها لسنوات طويلة ، وقال سيد " الآن ومصر في ساعات المراجعة لقضايا لم تكن تقبل المراجعة, وجدال حول كل شيء, بدا الأمر يفتضح ، لنكتشف عدم وجود مشروع واقعي للتعامل مع المستقبل, ومع الملفات المرجأة وهي كثيرة مثل التعامل مع الإسلاميين وملف العلاقات مع أمريكا, وملف الإصلاح السياسي . ومصر في ساعة المراجعة ليس هناك أكثر إلحاحا اليوم من تجاوز اشتباك الأيدي وصراخ الصحف وفوضي الحركات في الشوارع والسلالم, أن نبدد هذه الحيرة ونعترف بأن كثيرا مما ارتأينا وارتدينا كان خطأ, وحان الوقت لإصلاحه.. بشرط أن ننظر إلي عقارب الثواني التي لن تتوقف حتى نبدأ في المراجعة والإصلاح.. نحن في حاجة إلي جيل ثالث من السياسيين والمفكرين يرفعون الالتباس ويزيلون الحيرة والقلق, ويفتحون الآفاق أمام مستقبل لا يكون التاريخ فيه عبئا والحاضر مترددا مرتبكا بطيئا, في حاجة لنراجع ما حدث ليس لتصفية الحسابات أو الانتصار لحزب أو جماعة تلوي عنق المستقبل لإنصاف ما مضي " . وأضاف على " نحن في حاجة لمراجعات وإعادة النظر عما جري خلال نصف القرن الماضي لننظف الجروح المفتوحة التي تقيحت, ولن يتم ذلك إلا بجيل جديد غير مكبل بآثام الماضي, لأن المشهد الراهن يبدو عبثيا فمن يتصدرون ساحة التصويب اليوم من أجل الإصلاح هم من صنعوا أو ساهموا في الأخطاء والخطايا " . ونبقى في صحيفة الأهرام ، وأيضا مع الملفات التي باتت في حاجة لإعادة مراجعة ، قال أحمد عبد المعطي حجازي " نحن في حاجة للإصلاح السياسي, وحاجتنا لإصلاح الاقتصاد, والتعليم, والإعلام, والثقافة ليست أقل, لأنها بطبيعتها مجالات متداخلة, فالذي يزيف الانتخابات يزيف العملة, ولأن الذين أفسدوا السياسة طوال الأعوام الخمسين الماضية أفسدوا معها كل شيء! . ولقد خطونا في طريق الإصلاح السياسي خطوة ينبغي أن نواصلها من ناحية, وأن نعممها من ناحية أخري, ليكون الإصلاح شاملا, وليتاح للجسد المريض أن يتلقى العلاج الذي يمكنه من مقاومة الداء والتغلب عليه. وأضاف " يوم الاثنين الأسبق عقد المجلس الأعلى للثقافة اجتماعه السادس والثلاثين, فتمثل لنا هذا الخطر الداهم, وألحت علينا الحاجة للإصلاح الشامل. وهل نستطيع أن نطمئن علي مستقبلنا إذا كنا مضطرين لحجب نصف الجوائز المرصودة لتشجيع الموهوبين من الشباب في الأدب, والفن, والعلم, والقانون؟ خمس عشرة جائزة من نحو ثلاثين اضطرت لجان التحكيم لحجبها, لأن الأعمال المرشحة للفوز بها أضعف من أن تجاز.(..) هل أصبحنا عاجزين حقا عن أن نجد في هذه الملايين من الشباب من يستحق جائزة متواضعة في مسرح الطفل, أو في عمارة المكتبات, أو في نقد الرواية؟ بل إن الجائزة التشجيعية حجبت هذا العام حتى في الشريعة الإسلامية التي أصبح فيها كل المصريين أئمة حتى الأميون! . لكن هذه النتائج التي تثير شعورنا بالفجيعة لا ينبغي أن تثير دهشتنا, وإلا فماذا نتوقع من مدارسنا وجامعاتنا الآن؟ . لقد هبط مستوي التعليم وأصبح عاجزا عن تربية المصريين وتعليمهم. فالطالب المصري يجتاز الامتحان النهائي دون أن يتعلم لغته القومية, ودون أن يعرف تاريخ بلاده, ودون أن يتلقى من المعلومات والمعارف والخبرات ما يساعده علي الاتصال بالعصر, واختيار طريقه وبناء عشه فيه. وما يقال عن التعليم في المدارس يقال عن التعليم في الجامعة. الجامعة المصرية لم تعد مؤسسة للبحث والاكتشاف والتفكير العقلاني الحر والاتصال بالثقافات المتقدمة. ولقد فقدت الجامعة مستواها العلمي, وابتذلت دورها في الحياة العامة, وتخلت عن تقاليدها كحصن للعقل, ومنبر للحقيقة, ومنارة للتقدم. وفاقد الشيء لا يعطيه, ونحن إذن مضطرون لحجب الجوائز المخصصة للشباب.. فهل كان حظ الجوائز المخصصة للكبار أفضل؟ " . واعتبر حجازي أنه " من الغريب أن يتساهل المجلس الأعلى للثقافة في منح الجوائز الكبيرة, بينما يتشدد في منح الجوائز التشجيعية. لكن تفسير هذا التناقض ممكن. المرشحون للجوائز التشجيعية هم في غالب الأحيان شباب مبتدئون لا نفوذ لهم ولا قدرة علي أن يكونوا مصدر ترغيب أو ترهيب. لا يستطيعون أن يقتسموا مع أحد غنيمة, أو يلوحوا له بمكافأة, أو يشنوا عليه الحملات الصحفية. والعكس في المرشحين لجائزة التفوق, وجائزة الدولة التقديرية, وجائزة مبارك. هؤلاء في الغالب أدباء وفنانون معروفون, وأطباء ومهندسون أثرياء, وأساتذة جامعات, وصحفيون مقربون, ومسئولون كبار لا يتورع بعضهم عن استغلال مكانه في الضغط علي الهيئات التي يحق لها الترشيح, وعلي أعضاء المجلس الأعلى للثقافة الذين يشترط القانون حصول المرشح الفائز علي ثلثي أصواتهم " . ونترك الإصلاح وأنصاره ، وننزل قليلا إلى ارض الواقع ، بل وربما إلى أدنى من ذلك بكثير ، حيث شنت صحيفة الجمهورية الحكومية هجوما على صحف المعارضة على طريقة " أنت معنا ولا مع العدو ؟ " ، واعتبر خالد إمام أن " صحف المعارضة رفعت هذه الأيام شعار "تقطيع الملابس".. وهو بلا شك سلاح العاجز في مواجهة إنجازات ضخمة لا تجدي معها أسلحة فاسدة. أرادتها تلك الصحف حرباً شعواء تمارس فيها كل صنوف الخروج عن أصول اللعبة.. وتستخدم كافة أشكال وأنواع الأسلحة المعترف بها والمحرمة.. وهي لا تدري أن تلك الأسلحة سوف ترتد إلي نحورها هي وتقضي عليها حتماً.. وأول وأهم ميدان ستخسره هو الجماهير. أمس الأول.. التقيت بالصدفة مع لاعب كرة قديم.. وعندما علم أنني في "الجمهورية".. بادرني قائلا: أنا آسف إذا قلت لك إنني لم أكن احترم الصحف القومية مثلما احترمها الآن.. فقد كنت من قراء صحف المعارضة أولاً.. وقد تابعت أحداث قلعة الكبش في جميع الصحف فوجدت أن ما كتبته صحف المعارضة لا يمت للحقيقة بأية صلة خاصة إنني من مواليد المنطقة ومازلت أعيش فيها وكنت في قلب الأحداث..أضاف: لقد كتبتم الحقيقة المجردة بعيداً عن التزويق والتزييف والخداع.. بلا مصلحة خاصة أو حزبية ضيقة.. أو دفاع عن الحكومة.. وأشهد أن ما كتبتوه هو عين الحقيقة ". ورأى إمام " أن الشارع المصري ليس به صحف معارضة أو مستقلة إلا ما ندر.. بل لدينا شتامون وسبابون من الحواري والأزقة.. أمامهم قاموس الشتائم.. وكل يوم يفتحونه علي صفحة.. ويبدأون في "رص" ما فيه علي طريقة "فرش الملاية" دونما أية اعتبارات لميثاق شرف صحفي يجعل هناك سقفاً للخصومات وإيمانا بحق القارئ في أن يعلم الحقيقة المجردة. لكن.. ماذا نقول في أحزاب هشة تدافع عن ضعفها باللطم والصراخ والشتائم والسباب وتزييف الحقائق حتى ترتدي ثوب البطولة المفقود ؟ الغريب.. أن هؤلاء ينفون في بجاحة وجود ديمقراطية في مصر !!.بالله عليكم.. لو لم يكن هناك ديمقراطية.. هل كنتم ستقولون ما تقولونه ؟.. هل كان يجرؤ أحد منكم كائنا من كان أن يهاجم رموز الدولة بهذا الشكل.. بل هل كنتم قد ظهرتم للوجود ؟ . لقد أسأتم أبلغ إساءة للديمقراطية بانفلاتكم اللامحدود.. وها هي الجماهير تلفظكم بقرف. نحن لا نريد معارضة "مسيسة" أبداً.. فقط نريد الحقائق.. نريد حواراً راقياً ينتسب إلي مصر التي تريدون هدمها بناءها. الفارس النبيل عندما لا يجد في نفسه القدرة ولا الشجاعة علي مواجهة الخصم القوي.. يلقي بسيفه وينسحب في هدوء.. لا أن يهيل عليه التراب ويكيل له السباب.. وإلا تحول إلي طفل قليل الأدب . نحن أمام قضية خطيرة تحتاج إلي وقفة متأنية.. لأن أمثال هؤلاء يفرغون الدولة من أحد جناحيها "المعارضة الحقيقية".. فالنتائج ستكون وخيمة بكل المقاييس.. وسوف يدفعون الثمن غالياً " . هذا الأسلوب في الخلاف كما تطرحه صحيفة الجمهورية ، الذي يضرب في الصميم ما تطالب به الصحيفة ، يؤكد صحة ما ذهب إليه القس إكرام لمعي في صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حينما شدد على أن " التغيير يجب أن يهدف إلي اكتشاف القوي الحقيقية علي أرض مصر وإشراكها في صنع القرار: علي مر الخمسين عاما الأخيرة كانت هناك دائما قوة واحدة تملك زمام الأمور وتنفي القوي الأخرى, وعلينا أن ندرك أن هذا الأسلوب استبعد أناسا يتمتعون بالكفاءة والأمانة بينما سيطر الفاسدون والمفسدون كما هو واضح من قضايا البنوك, وأعضاء القروض والمخدرات ومجلس الشعب, والعمارات المنهارة, وانهيار التعليم والرياضة.. إلخ. وقد جاء الوقت لاكتشاف قوي حقيقية أمينة تتميز بالكفاءة ولا يتم هذا إلا بفتح الأبواب والشبابيك وأن يسود الإحساس بالأمان للتعبير عن الرأي, وقد بدأ هذا الأمر في التصريح بالمظاهرات لكن المظاهرات لا ترفع إلا الشعارات, إلا أن القوي الحقيقية لا تخرج في مظاهرات لكنها تحتاج إلي جو صحي للخروج والتعبير عن ذاتها لأجل رؤية مستقبلية لمصر, وسوف نري وجوها شابة. رؤية غير تقليدية تصب في صالح مستقبل مصر, أما حجة عدم وجود الوجوه الشابة, فهذا حق يراد به باطل, فصحيح أنه في الفترة الماضية لم يكن هناك ما يسمي بتدريب الكوادر السياسية الجديدة وكان الجو العام لا يسمح بذلك, ولكن الحقيقة أنه يوجد في مصر من يستطيع أن يحمل المسئولية بجدارة إذا طلبنا أن يتقدم من يتقدم برؤى مستقبلية لأجل مصر وسوف نكتشف الكثيرين الذين يحملون هم الوطن ولديهم القدرة علي التفكير والتخطيط في مواجهة المستقبل القريب والبعيد لبلدنا مصر, فقط علينا أن نشعرهم بالحرية ونعضدهم بقوة " . ونختتم جولة اليوم من صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث تساءل يحيي حسن عمر بغضب ، " أيهما أقدر علي حفظ سيادة البلاد، نظام يأتي عقب انتخابات مشهود لها بالنزاهة بشهادة دولية، فهو يستند إلي الحق والعدل وإرادة الشعب، فليس لأحد عليه مطعن، هل يستوي هذا مع نظام يأتي بالتزوير والبلطجة، فهو "مكسور العين" أمام الخارج، مكروه في الداخل، مطعون في شرعيته هنا وهناك، فهو لا يقوي علي الحفاظ علي استقلال قراره وسيادة بلاده، لأن من كان بيته من الزجاج، لا يستطيع قذف قوي الهيمنة بالطوب. لو أن الحكومة عندنا واثقة من نزاهة الانتخابات لطالبت هي بالرقابة الدولية لتكون شهادة لها في مواجهة دعاوى المعارضة في الداخل وقوي الضغط في الخارج، مثلما فعل "شافيز" في »فنزويلا« عندما كان هناك رقابة دولية علي رأسها »كارتر« رئيس أمريكا الأسبق، الذي أعلن أن الاستفتاء علي استمرار رئاسة الرجل تم بنزاهة، فلم تستطع الولاياتالمتحدة أن تنطق بكلمة، وهي التي كانت تتمني شهادة بعكس ذلك كي تدمر شافيز تماما، لكن الشهادة الدولية أخرستها وانتصر حكم شافيز. الحق واضح كالنهار، وتصديق وعود الحكومة بانتخابات نزيهة هي الغفلة بعينها، والحل هي الرقابة الدولية بالصفات التي ذكرناها هي أبدا ليست انتقاصا من السيادة، بل هي دعامة لتقوية السيادة واثبات الشرعية وردع للأعداء، كما تقول الحكمة الشعبية التي بدأت بها وأختم بها »امش عدل.. يحتار عدوك فيك " .