بشرتنا الصحف بعودة الهارب «رامي لكح» وبشرتنا بأنه ببساطة وبسهولة جداً قام بسداد مليار ونصف المليار جنيه مصري كان قد هرب من سدادها إلي البنوك المصرية وتبقي بعد هذه البشري عدة استفهامات أهمها السؤال الذي سأله لي عم «شحاتة الميكانيكي»: هو المليار شكله إييييه؟! والأكيد أن المليار أكثر من النصف مليار وأن الأستاذ «رامي لكح» أخذ المليار... وأخذ النصف مليار في حقيبة سفره وهو خارج. ومع ذلك ها هو «رامي لكح» يعود إلي مصر ببساطة... ويسدد المليارات التي هرب من سدادها طوال الأعوام الماضية... وحينما يعود «رامي لكح»... ويسدد ملياراً ونصف المليار... فأكيد قد أتاه كارت دعوة ليأخذ عشرين ملياراً أخري من شعب مصر الحنون الطيب... والذي كتبت حكومته في مدخل مطار القاهرة الدولي عبارة «ادخلوها بسلام آمنين»... وكتبت أيضاً عبارة أخري في قاعة كبار الزوار... لكي يقرأها الهاربون من مصر وهي عبارة «اخرجوا منها أيضاً بسلام آمنين»... وحينما يصافحهم المسئول الكبير عند باب الطائرة يقول لهم «علي موبايلات بقي»، فلم يحدث أن حاولت حكومة مصر أن تقبض علي «رامي لكح» ولا علي «هدي عبدالمنعم»... ولا علي «ممدوح إسماعيل» ولا علي أي هارب بفلوسنا... ولماذا تحاول الحكومة القبض علي أي منهم... وهي التي أخرجتهم من أرض مصر ومن قاعة كبار الزوار... وإن عجبت فنحن البلد الوحيد في العالم الذي قام النائب العام فيه بالتصريح لمتهمة تمثل أمام المحكمة وتحاكم في قضية جنائية... فيسمح لها النائب العام... بنفسه... وبإذن منه... بالسفر إلي خارج البلاد، فإذا ما صعد القاضي علي منصة القضاء وقال للحاجب نادي علي المتهمة: «هدي عبدالمنعم» فيقول الحاجب: سافرت يا فندم... ولا ننتظر من القاضي إلا أن يسأل الحاجب في هدوء قائلاً «هي ما قالتش حتيجي إمتي علشان نحاكمها» وتنفرد مصر بهذه المهازل... ذلك أن المتهم أمام محكمة الجنايات يتم حبسه والإفراج عنه والتصريح بسفره وتحديد إقامته بإذن من القاضي الذي ينظر موضوع الجناية... لكن «هدي عبدالمنعم» سافرت بمزاجها باعتبار أنها في وكالة وبدون بواب وعادت بمزاجها وبعد أن اتصل بها السيد مدير عام قسم الفساد وبعد أن سقطت جميع الأحكام والقضايا الجنائية والأحكام الصادرة ضدها وضاعت حقوق مصر وشعب مصر... وطبعاً ستكتب الحكومة في الميزانية أمام الملايين التي أخذتها «هدي عبدالمنعم» ولن تعود إلي الخزينة عبارة قالها الفنان «يحيي شاهين» في أحد الأفلام العربية: «بضاعة أتلفها الهوي»، ونفس الأمر سيتم مع «ممدوح بك إسماعيل» الذي قتل ألفًا وثلاثمائة مواطن مصري... وخرج خروج كبار الشخصيات وطبعاً لن يعود إلا بعد أن يرسل له مدير عام قسم الفساد بأن الحكم الجنائي سقط «يا دوحة» وتعالي نكمل المشوار وننحاز للطبقة الكادحة أما «رامي لكح» فهو لذيذ جداً... ذلك أنه سافر في عز الظهر وبجواز سفر ذي لون خاص وظل يعقد الندوات واللقاءات التليفزيونية ويؤكد فيها أن مصر هي المديونة لسيادته... ثم فجأة أرسل له السيد مدير عام قسم الفساد ليأتي إلي مصر ويسدد مستحقات الشعب وذلك طبعاً لأن «الهبرة» الكبري في انتظاره، وطبعاً سوف نشاهد «رامي لكح» وهو يغني لمصر... ويقبل أرض المطار وهناك من سينتظره ومعه بصلتان لزوم الدموع أمام الكاميرا ثم تستضيفه المذيعة إياها لتسأله عن أيام العذاب - يا عيني - التي مرت عليه وهو علي شواطئ فرنسا، وهكذا يتم لم شمل الأسرة في مصر الطيبة التي ستقوم بإعطاء رامي لكح بدلاً من المليار ونصف المليار الذي سدده فسوف تعطيه مصر الوفية خمسين ملياراً... والصحف الحكومية بدأت تقوم باللازم... وتمهد الطريق أمام عودة رامي لكح... وإن الراجل قد التزم بسداد ما عليه... وسوف يعود إلي مصر قريباً... إنما لن تجد من يقول لك لماذا سيعود رامي لكح إلي مصر بعد هذه الفترة من «الزوغان» الاتفاقي...؟! وهذا السؤال يجيب عنه صديقي العالم ببواطن الأمور... فيقول لك إنه أكيد قد تم عقد صفقة وافق عليها السيد مدير عام قسم الفساد الاقتصادي وذلك بعد موافقة رئيس مجلس الإدارة للمؤسسة العامة لإدارة شئون الفساد.. وهذه الصفقة تمت تحت شعار «يا ناس يافل... الخير للكل»... ولكي تتم الصفقة التي ربما هي شراء «موبينيل» مثلاً أو شراء بقية أرض مصر لابد أن يتم سداد جزء من ديون البنوك بعد تسويتها وخصم المطلوب منها... والعمولات والتمغات والذي منه... ثم يتم الإعلان أمام الجماهير أن «رامي لكح» سدد ملياراً ونصف المليار مع أن المبلغ المسدد لن يكون «عُشر» هذا المبلغ... وحتي ينسي الناس أن «رامي لكح» بقدرة قادر كان يقوم بكل عمليات ومقاولات وزارة الصحة ليس لأنه بيعرف «يدي حقن» ولكن لأنه رجل مبروك... وإيده طايلة وفيها الشفاء... فإن الحدوتة تبدأ من جديد... ولكن في وزارة أخري غير وزارة الصحة... وبهذه المناسبة يروي أنه قد تم عمل كمين لابن رجل أعمال كان قد سرق تليفزيونًا أربعين بوصة من الحكومة... فلما ظهر له الكمين ليلاً وهو يدخل قصره المنيف... قام بالشخط في الشاويش وتوبيخه ثم سأله عن سبب وجوده في هذا الوقت المتأخر... فأجابه الشاويش وهو يرتعد.... «سيادتك نسيت تسرق الريموت والباشا باعته لسيادتك». وعجبي