سؤال الساعة! ننتخب مين؟ طبعا السأل منتظر أجابة شافية وافية فى كلمتين! واذا ذكرت له اسم واحد او اكثر من المرشحين ممكن السؤال التالى يكون "مين دا، او مين دى؟". على اعتبار ان السأل منتظر ان يسمع تاريخ المرشح او المرشحه. ثم اذا كان المرشح بدون تاريخ يذكر فى العمل السياسي (كما هو الحال فى اغلب الشباب وبعض الرجال والسيدات والشيوخ) ستجد اجابة فورية بصيغة جملة استنكارية "معندوش خبرة" او "مين دا"؟ السؤال مشروع بالطبع و"اللى يسأل ما يتهش"... الرد على هذا السؤال بطريقة شافية ووافية يجب ان يبنى على شيئان. الأول مؤهلات وصفات المرشح او المرشحه والثانى مقارنة المرشح او المرشحه بالمنافسين. هذه العملية ليست سلسة امام كل الناس وتحتاج الى بعض الجهد. لذلك من المفترض ان يقوم المحللون السياسيون بهذه المهمة (تطوعا وتجردا) امام وسائل الأعلام المختلفة من اجل "اعلام" الناس بعد عملية بحث عن مميزات وعيوب كل مرشح والمركز المتوقع له امام منافسيه. الأمر يكون اسهل نوعا ما اذا كان المرشح له خلفية حزبية معروفة حتى وان كان حزبه اسس بعد الثورة. على الأقل، تستطيع ان تفهم الى اي تيار سياسي ينتمى المرشح وما هي الخطوط العريضة لفكره السياسي حتى لو اختلف موقف المرشح فى بعض التفاصيل عن تياره الرئيسي الذى ينتمى اليه. اما فى حالة المستقلين فالجهد المطلوب اكبر لأن المرشح (ان لم يكن شخصية معروفة) سيكون فكره غير معروف للناس وبحاجة الى وقت لكى يعرفه الناس ويقيموا شخصيته ومدى ملائمته للمقعد الذى يريد ان يترشح اليه ويحوز على ثقة الناس. اهم سؤال لكى نعرف من نختار، ان نعرف ما هو المطلوب من الشخص الذى سنختاره (كل وقت وله أذان)! عندما كانت السياسة فى مصر تمشي بتوجيهات السيد الرئيس (ظاهريا و الحقيقة انه ينفذ توجيهات اسياده) وتنفيذ السادة الوزراء (السكرتارية) كان اختيار النواب لمجلسي الشعب والشورى مبنى على اساس "نائب الخدمات". المجلس لم يكن يمارس دوره الطبيعي وانما دور آخر شاذ. كان اسمه مجلس الشعب والثانى اسمه الشورى، ولم يكن لأى منهما من اسمه نصيب! الحقيقة كانوا مجالس محلية على مستوى الجمهورية. نائب مجلس الشعب فى ظل نظام سلطوى هو نائب خدمات. يحتال امام صاحب الأمر من اجل بعض الفتات الذى يعود به الى أهالى دائرته (هذا ان كان عائد للدائرة). الأغلب فى مثل تلك الظروف ان تجد النائب يخدم عائلته او شبكة المصالح المستفيدة منه وبالتالى يعود عليهم النفع وحدهم. اما باقى اهل الدائرة او اهل الصنعة التى احتشدت وصوتت للنائب فلا يعود عليها النفع الا فى موسم الأنتخابات فى شكل كيلو زيت او حتة لحمة او شوية سكر على شوية رز. نائب الأمة لا يكون هكذا وانما هو من ينوب عن الأمة لمحاسبة الحكومة عن مسؤوليتها وبرامج التنمية التى يجب ان تصل الى كل شبر على ارض الوطن. اذا لم يفعل نائب الأمة هذه المهمة فأن وجوده فى المجلس لا قيمة له. اعرف ان هذا الكلام بديهي ومحفوظ عن ظهر قلب ومع هذا لا ينفذ منذ قيام المجالس النيابية فى مصر سنة 1866. نائب الأمة ومجلس الأمة (الشعب والشورى) من المفترض ان يرسموا السياسات التى تسير عليها الحكومة وليس السيد الرئيس. فى امريكا مثلا، الرئيس الأميركي لا يصنع السياسات ولكن يعرض سياسته على الكونجرس وهو الذى يوافق او يرفض سياسة الرئيس. لا يستطيع رئيس امريكي ان يعلن الحرب الا بموافقة الكونجرس! لا يستطيع الرئيس ان ينهى تحالف او يسقط معاهدة او يبرم اتفاق الا بموافقة الكونجرس! اما عندنا فنائب الخدمات الهمام سمح للرئيس بأن يوقع كامب ديفد بدون ان تعرض عليه! لم يسعى خلف اموال المصريين فى العرق والكويت (بعد حرب الخليج) لأن الريس عايز كدا، ولم يسأل عن اموال التأمينات التى "اكلتها" وزارة المالية لأن المصلحة عايزة كدا. ولم يكشف عن اتفاقية الغاز الطبيعي المشينة لأسرائيل بل تقريبا عاقب احد نوابه (حمدين صباحى) الذى تقدم بأستجواب وكشف الأمر برمته. المجلس رضى ان يكون رد وزير البترول (السابق) بدون اى مستند او بدون ابراز عقد البيع لأسرائيل لمعرفة سعر البيع! رضى المجلس ان تمر اتفاقية الكويز (المناطق الصناعية المؤهل مع امريكا واسرائيل) بدون ان تعرض على المجلس وسكت المجلس عن شرب المصريين مياه المجارى ولم يحرك ساكنا بل رضى ان يسرق نوابه المصريين تحت بند العلاج فى الخارج (لا عجب ان ابتهج المصريون عندما امسكت النار فى مجلس الشورى فى 19 اغسطس 2008 والتهمته).. رضى المجلس بكل هذا الهراء فقط لأنه كان كباقى اجهزة الدولة. هى مؤسسات تحمل اسم مثل مجلس الشعب ولكنه ليس مجلس شعب. هيا مؤسسة تسمى الرقابة الأدارية ولكنها ليست رقابة ادارية. هي مؤسسة اسمها الجهاز المركزى للمحاسبات ولكنها ليست جهاز مركزى للمحاسبات. نحن امام مؤسسات نصيبها من اسمها هو الأسم فقط. ام فعلها فهو ببساطة ديكور لزوم شكل العملية الديمقراطية وعلى رأى مجدى الجلاد و "كأن" عندنا ديمقراطية. الآن نحن على اعتاب انتخابات تشريعية جديدة، هى الأولى بعد ثورة يناير العظيمة. الآن جأت ساعة مهمة فى التجربة المصرية المعاصرة. لا اظن انها ستكون فارقة بل على العكس، اظن انها ستكون عابرة فى تاريخ الثورة. فلا الأحزاب استطاعت ان تملى الفراغ وهرول رجالها خارج القوائم الى مقاعد الفردى، ولا الأفراد استطاعوا ان يعرفوا الناس بأنفسهم لأن الوقت غير كافى وداوئر مقسمه بحيث يصوت لك الألاف ومع هذا تحصد مقاعد قليلة بينما تحصد شبكات المصالح مئات الأصوات وتحصد مقاعد تقترب من عدد مقاعد القوى الحائزة على التصويت الشعبي. كيف تختار نائبك فى وسط هذه "العك"؟ يجب ان تبحث عن تاريخه وغير مهم لو كسب او خسر. يجب ان تضعه فى الميزان امام منافسيه وليس المهم ان كان يمتلك خبرة او لا يمتلك خبرة! مثلا كان عندنا 88 نائب فى البرلمان المصرى من جماعة الأخوان المسلمين فى مجلس 2005-2010، فماذا فعلوا؟ هل تحسنت مصر بسبب مشاركتهم النيابية ام تدهورت حتى وصلت الى ثورة؟ هل قادوا هم الثورة ام استفادوا منها؟ وهل الآن اصبحت الديمقراطية حلال والأنتخابات مشروعة بعد ان كان السلفيون يحرمونها بل ويحرمون الخروج على الحاكم اثناء الثورة؟ اختار الشباب من الأخوان والسلفيون والليبراليون والقوميون والمستقلون واى فصيل مشارك فى العملية الأنتخابية. لا تختار الشيوخ فلن يقدموا لك ولا لدستورك المرتقب ولا لهيئة تشكيل الدستور اى شيئ. اختار الشباب فهم اقدر واصدق وانقى واكثر قربا واكثر تعبيرا عن الشعب. ثم اذا احترت فيمن تختار من الشباب! ادخل على النت واكتب اسمائهم او اسماء شهرتهم. لا تكتفى بما تسمع عنهم ولكن أقراء لهم واسمع افكارهم. اذا احترت بين عدد من المرشحين الشباب فعليك اولا ان تهنئ نفسك لأن كل شاب يريد ان يكون نائب عن الأمة ولم يتلوث بالقدر الكافى ليصبح نائب خدمى.. تذكر دائما ان نائب الأمة مهمته مراقبة الحكومة حتى تعطيك حقك ومهمته ايضا ان يرسم السياسات التى تسير عليها الحكومة لكى تصبح التنمية حق مشرو والأتفاقات والسياسات لا تبرم الا بسماع رأيك فيها. وانا كانت الخبرة تنقصه فتذكر ان خبرته الصغيرة اهدته الى ان النظام فى مصر لا يصلح معه اصلاح وان الوقت هو وقت الثورة فأثمرت خبرة الشباب المحدودة هدية 25 يناير الى مصر فى حين اهدت مشورة اهل الخبر "كل العك اللى احنا فيه" منذ الأستفتاء....