للفترة من الثاني عشر حتى السادس عشر من شهر أكتوبر الجاري يفتح معرض فرانكفورت الدولي للكتاب أبوابه لصناع الكتاب من مؤلفين وناشرين وموزعين وصحافيين وقراء كأكبر تظاهرة للكتاب في العالم. ويجري إطلاق العديد من المؤلفات الجديدة التي يحرص كتّابها على توقيعها في هذا المعرض لتحظى بلفت أكثر الناشرين بلغات عدة والالتقاء بالنقاد والقرّاء ضمن حفلات التوقيع، التي ساهمت في تسويق عدد من المؤلفين للغات أخرى. وتشهد بعض أجنحة المعرض وصالاته الخاصة، كما في كل عام، إقامة العديد من الندوات وحلقات النقاش بعدة لغات يشارك فيها نقاد ومفكرون وكتاب وأدباء بينهم فائزون بجازة نوبل للاداب، يتحدثون في مختلف مجالات المعرفة. ومن المتوقع أن يضم المعرض نحو 7300 عارض يمثلون الاف دور النشر من مئة دولة. وتتوقع ادارة المعرض أن يصل عدد الزوار الى نحو ربع مليون زائر بينهم القراء الذين ستفتتح أبواب المعرض لهم في اليومين الأخيرين، فيما سيغطي المعرض عشرة آلاف صحافي من مختلف دول العالم. وما يميّز معرض فرانكفورت للكتاب كونه ملتقى وسوقا لأبرز مروّجي الكتاب الورقي والرقمي حول العالم هو أنه يشهد كل عام صفقات ضخمة لبيع وشراء منتجات وحقوق طباعة ونشر وعقود شراكة أو تبادل حقوق ملكية فكرية وحقوق نشر للمنتجات المعرفية ورقيا او رقمياً. ولدور النشر العربية حضور سنوي في هذا المعرض تكّلل بتخصيص عام 2004 للادب العربي كضيف شرف، وفق ما درج عليه المعرض، ومن المتوقع مشاركة دور نشر عربية من دول بينها مصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان والسعودية وقطر والبحرين والسودان وعمان والمغرب والاردن والعراق. كما يتوقع أيضاً أن يكون للربيع العربي حضور في المعرض من خلال الندوات الهامشية في أجنحة الدول العربية. وأعلنت هيئة أبو ظبي للثقافة عن ندوة موسعة حول جائزة الشيخ زايد للكتاب، وللادب تحديداً، تشارك فيها أسماء مميزة من لائحة الفائزين بالجائزة في الدورات الماضية، منهم الروائي الليبي إبراهيم الكوني الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع الآداب 2008 والقاص الإماراتي ناصر الظاهري، وسيدير الحوار هارتموت فاندريتش، المترجم الألماني المعروف. هذا العام يستضيف المعرض الأدب الايسلندي حيث ستجلب هذه الدولة الصغيرة أكبر عدد من كتابها ومفكريها مستغلين هذه الفرصة للتعريف بنتاجهم. ولجلب أكبر عدد من المرتادين للمعرض، رفعت إدارته من بين شعاراتها شعار "قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت". لرفع نسبة المبيعات وكسب أرباح تكاليف الدخول خاصة في اليومين الأخيرين اللذين تفتح فيهما أبواب المعرض لجميع الزوار بأسعار غير رمزية. وللكتاب الرقمي حضوره بل وتحديه للكتاب الورقي حيث يتزايد عدد أجنحة الكتاب الرقمي في معارض الكتاب العالمية. ومن المتوقع أن تطرح شركة أمازون نتاجاتها الجديدة في الكتاب الالكتروني بعد أن دخلت شركات أخرى كبيرة مثل سوني وغوغل متحديةً لها في تسويق الكتب وتقديم آخر مقتنيات المعرفة الالكترونية مع 95 شركة من 21 بلداً يعرضون أحدث التطبيقات الرقمية في صناعة الكتاب وتسويقه، حيث الكتاب يعتبر سلعة تدرّ الأرباح لمزوّدي التكنولوجيا. ويُفترض أن تنال المعروضات الالكترونية وصفقات كبيرة اهتمام زوار المعرض كما في كل مكان تطل منه بصناديق غواتيها مختلفة الاحجام والالوان. وسيكون للأطفال موعد مع الكتاب الالكتروني الخاص بهم، وللموسيقى حضور في معرض فرانكفورت من خلال آخر منتجاتها ووسائل استخدامها. وللاكاديميين ومؤلفي كتب الطبخ والاقتصاديين حصتهم بأجنحة خاصة تتفنن في لفت أنظار الزوار، خاصة المهتمين بكتب الادب والفلسفة التي قدمت ألمانيا فيها أهم النتاجات عالمياً. وكما في كل دورة من هذا المعرض، الذي بلغ هذا العام الدورة الثالثة والستين، يتفنن الناشرون بطرق عرض الكتب والدعاية لها سواء بلوحات ضخمة للكتب الجديدة أو لمؤلفيها أو ابتكار وسائل لايخلو بعضها من الطرافة في العرض. فالكتاب يخضع كما بقية السلع للترويج بمختلف الطرق لغرض تسويقه. وقد وصلت هذه الطرق الترويجية لبعض الناشرين العرب الذين خرج عدد منهم عن طرق العرض التقليدية الملتزمة بالرفوف الرتيبة. ولعل هذه الدورة من معرض فرانكفورت تحرّض الناشرين العرب على نزع ثياب الرتابة في التسويق ل"خير جليس في الزمان" كما هتف يوماً أحمد بن الحسين المتنبي.